أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - صوت ممداني يهزّ جدران واشنطن وتل أبيب














المزيد.....

صوت ممداني يهزّ جدران واشنطن وتل أبيب


أحمد سليمان العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 19:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فوز تاريخي يُعيد رسم وعي نيويورك ويُغيّر وجه السياسة الأمريكية تجاه فلسطين
دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري
بينما كانت أنظار العالم تتجه نحو الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كانت نيويورك هذه المرة تعدّ لثورة صامتة من نوع مختلف. ففي مدينة ظلت لقرون معقلاً للتبادل التجاري والثقافي، ها هي اليوم تشهد تحولاً في البنية السياسية العميقة.
إن فوز زهران ممداني بمنصب العمدة هو إعادة تشكيل للخريطة السياسية في إحدى أهم مدن العالم.
لكن هذا التحول لم يأتِ من فراغ؛ فقد تراكم الغضب الشعبي خلال السنوات الأخيرة من سياسات إدارة ترامب التي عمّقت الانقسامات، وروّجت لخطابات عنصرية متطرّفة ضد المهاجرين والمسلمين والسود. ومع تصاعد تلك السياسات، بدأ وعيٌ جديد يتكوّن في المدن الكبرى، خاصة نيويورك، التي لطالما كانت مرآة التنوع الإنساني.
وفي الوقت ذاته، كان العالم يشهد انكشافاً غير مسبوق لـ حقيقة الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما جعل السردية الفلسطينية تخرج من الهامش إلى مركز النقاش العالمي، مؤثّرة في ضمير الناخبين الأميركيين.
كان المشهد مميزاً ذلك المساء، حين وقف ممداني أمام أنصاره في قاعة مليئة بالبشر على اختلاف أعراقهم ومُعتقدهم. لم تكن تلك لحظة احتفال تقليدي، بل كانت تتويجاً لرحلة تحدّي استمرت سنوات، واجه خلالها ممداني أعتى الحملات التشويهية التي قدّمها تحالف غير مسبوق جمع بين أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واللوبي الصهيوني والحكومة الإسرائيلية.
الحقيقة في مواجهة المال والنفوذ
لقد شهدت الحملة الانتخابية هجوماً شرساً تم تمويله بملايين الدولارات من أجل تشويه صورة ممداني، فقط لأنه تجرّأ وتبنّى السردية الفلسطينية، ورفض الاستمرار في تزوير الحقائق التي تروّجها الإدارة الأمريكية الشريكة للحكومة الإسرائيلية.
لقد حاولوا تحويل دعمه للقضية الفلسطينية إلى تهمة، لكن ناخبي نيويورك اختاروا سماع الصوت الآخر، الصوت الذي يقول الحقيقة التي يرفض الكثيرون رؤيتها.
ولم يكن ذلك بمعزل عن تأثير المشهد العالمي، فصور الدمار في غزّة، والمجازر التي ما زال الجيش الإسرائيلي يرتكبها، والاحتجاجات التي عمّت الجامعات الأمريكية في الماضي القريب، كلها ساهمت في إعادة تشكيل الوعي العام في العالم. وفي مواجهة إرث الخطاب الترامبي المتطرّف، وجد الناخبون في ممداني ضالتهم للإنسانية والعدالة، لا سيما تجاه الفلسطينيين.
صراع بين سرديتين
ما يجعل هذه القصة أكثر إثارة هو أنها لم تكن مجرّد صراع بين مرشحين، بل كانت معركة بين سرديتين؛ من ناحية، السردية التقليدية التي ظلت مهيمنة لعقود، تقول إن نيويورك مدينة لا يمكن قيادتها إلا بمنطق القوة والمال والولاءات التقليدية واللوبيات الصهيونية، ومن ناحية أخرى، سردية جديدة تطرح نفسها بقوة، تقول إن السياسة يمكن أن تُبنى على أسس العدالة الاجتماعية والتضامن الإنساني والمواقف المبدئية والحقيقة الصّمّاء.
لقد أدرك الناخب في نيويورك أن الصمت أمام العنصرية، سواء كانت محلية أو دولية، لم يعد ممكناً، فكما رفض إرث ترامب وخطابه الإقصائي، رفض أيضاً التواطؤ السياسي والإعلامي مع آلة الحرب الإسرائيلية. وهكذا التقت القضيتان: رفض العنصرية الداخلية ونصرة الحق الفلسطيني في وعي الناخب الأمريكي، لتشكلا القاعدة التي حملت ممداني إلى منصب عمدة نيويورك.
لعل أكثر ما يلفت النظر في هذه القصة هو توقيت حدوثها، ففي وقت تشهد فيه الولايات المتحدة انقساماً سياسياً حاداً، وتتصاعد فيه خطابات الكراهية والعنصرية، تخرج نيويورك بصوت مختلف؛ صوت يقول إن التعايش ممكن، وإن التنوع مصدر قوة، وإن القيم الإنسانية المشتركة يمكن أن تجمع ما تفرّقه السياسة وأن القضية الفلسطينية وصلت من شدة القتل بين الفلسطينيين إلى الشعوب العالمية وإلى أزقّة المدن لتُحدد من يدخل أروقة القرار السياسي في نيويورك.
بداية فصل جديد نحو الشرق الأوسط
القصة الكبرى هنا لا تتمثّل في حصول مسلم على منصب مهم، بل في تحوّل مجتمعي أعمق؛ إنها قصة مدينة تعيد اكتشاف هويتها، قصة جيل جديد يرفض أن يكون سجين الخيارات السلطوية بالتلقين، قصة مجتمع قرر أن يكون صوت الضمير الإنساني في زمن الصمت.
لكن هذا الانقلاب لا تقف عند حدود المدينة التي تنام، فالتاريخ السياسي للشرق الأوسط كما العالم كلّه، والقضية الفلسطينية تحديداً، أثبتا أن التغيير الحقيقي لا يأتي من التضحية الفلسطينية النضالية وحدها، فالولايات المتحدة هي البلد الذي يمسك بمفاتيح القرار الدولي، وما حدث في نيويورك اليوم ليس مجرّد فوز انتخابي محلي، بل بداية تغيّر القناعات في البنية العميقة للوعي الأمريكي تجاه فلسطين.
لقد أدت اعتصامات الطلاب في الجامعات الأمريكية، واحتجاجاتهم ضد تمويل آلة الحرب الإسرائيلية، إلى إعادة صياغة الخطاب العالمي حول العدالة والاحتلال والحرية. هذه الحركة الشبابية كانت المرآة التي عكست روح التغيير التي حملها ممداني في حملته الانتخابية، وربطت بين الضمير الأمريكي والحق الفلسطيني.
ومن هنا، فإن فوز زهران ممداني لا يمثّل فقط انتصاراً لنيويورك كمدينة متعددة الثقافات، بل هو أيضاً إشارة سياسية كبرى إلى أن طريق التغيير في الشرق الأوسط يبدأ من الداخل الأمريكي نفسه، فإذا تغيّر وعي المواطن الأمريكي ومعه القرار السياسي، وتبدّل اتجاه المدينة التي تتبنى الخريطة السياسة الدولية بما فيها مصير فلسطين، ستبدأ بالتحرّك نحو تعميق الحقيقة وإنهاء تسويق الولايات المتحدة لدور الاحتلال بالضحية.
[email protected]



#أحمد_سليمان_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حكم الانتداب إلى وصاية ترامب
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزّة
- خرق السيادة واستهداف القيادة
- أنس الشريف: من ارتقاء مُعلّق إلى شهيد مُحقق
- الضفة: من وهم ديني إلى تصويت الكنيست
- السويداء ضمن الخرائط الإسرائيلية الجديدة
- القرآن في الأدب الغربي ومشروع القرآن الأوروبي
- قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
- النكبة ليست ذكرى بل واقع فلسطيني
- قمم عربية تحت عباءة ترامب
- ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة
- ترامب: أحبه ويُحبني وتُحب مصالحه تحالفي
- حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا
- التماسك السوري يفشل المخطاطات الإسرائيلية
- الديمقراطية الألمانية تُجهِض الديمقراطية
- ترامب يُهدد القضية الفلسطينية ويُوسّع الهيمنة الإسرائيلية
- ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات
- إسرائيل ودورها كمُستعمر في الشرق الأوسط
- حُرّيّة أحمد حسن الزُعبي ضرورة أردنية
- الحُرّيّة لأحمد حسن الزُعبي


المزيد.....




- فرنسا تقلد يسرا وسام -جوقة الشرف- من رتبة فارس
- انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الج ...
- الانتخابات العراقية.. لماذا أثار تصريح إيراني كل هذا الجدل؟ ...
- -أجب عن الأسئلة الموجهة إليك دون أي تعليق-.. القاضي يلجم غضب ...
- العاصفة الاستوائية -فونغ وونغ- تقترب من تايوان مصحوبة برياح ...
- -لن نتخلى عن سلاحنا-.. حزب الله يلوّح بـ-وضع حد- لإسرائيل
- من التطوع إلى الإلزام .. نقاش ساخن حول مستقبل الجيش الألماني ...
- بسبب لامين يامال .. عودة الجدل بين برشلونة والاتحاد الإسباني ...
- العراق.. ماذا عن نسبة الإقبال والمشاركة في الانتخابات التشري ...
- خالد حسين من دير البلح يحول ركام الحرب إلى أعمال فنية تروي م ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - صوت ممداني يهزّ جدران واشنطن وتل أبيب