أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - من حكم الانتداب إلى وصاية ترامب














المزيد.....

من حكم الانتداب إلى وصاية ترامب


أحمد سليمان العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 19:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسم الله الرحمن الرحيم
دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري
في مأساة تختزل دموية الحرب الإسرائيلية في غزّة، شهدت واشنطن في 29 سبتمبر/أيلول 2025 لقاءً مصيرياً، جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أُعلن عن خطة السلام المكونة من 21 نقطة؛ دخلت حيّز التنفيذ 10 اكتوبر/تشرين الأول. هذا الإعلان يشكّل محاولة جذرية لإعادة صياغة المشهد السياسي في غّزة تحت غطاء أمريكي، في وقت يعتري الخطة غموض بنودها والضمانات المفقودة المرتبطة بتنفيذها.
عودة الاستعمار بأقنعة جديدة
تكشف الخطة عن تشكيل «مجلس السلام» الذي يقوده دونالد ترامب ويضم شخصيات دولية أبرزها «توني بلير»، وهو اختيار يحمل دلالات عميقة، فبلير هو تجسيد حي لمشاريع التدخّل الغربي الدموي في الشرق الأوسط؛ من العراق إلى فلسطين.
اختيار «بلير» يشير إلى نية إحياء نموذج الوصاية الاستعمارية ويلغي الإرادة الفلسطينية.
قرار ترامب بتعيين الأخير لإدارة قطاع غزّة يمثّل انتهاكاً صارخاً للشرعية الدولية، فهو قرار أحادي لم يُعرض على مجلس الأمن ولم ينل موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا النموذج يُذكّر بنظام الانتداب إبّان الحقبة الاستعمارية. والأخطر أن الإدارة التكنوقراطية التي سيرأسها «بلير» تمثّل التتويج للاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى فصل القطاع عن الضفة الغربية، مما يُقوّض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلّة.
هذا النهج يعيد إنتاج نفس العقلية الاستعمارية التي اعتبرت الشعوب غير قادرة على إدارة شؤونها.
الوساطة الدولية
رغم أهمية الوساطة القطرية - المصرية - التركية، إلّا أنها تبقى محكومة بمعادلات الهيمنة الأمريكية، التي تتحرّك في فضاء تضبعه الحسابات الأمريكية-الإسرائيلية، وتغيير نقاط خطة ترامب إسرائيليا بعد يوم واحد بموافقة ترامب، دون الرجوع إلى الشركاء العرب والمسلمين، فضلا عن شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحد 19 اكتوبر/تشرين الأول، غارات جوية مكثّفة على مناطق متفرّقة من القطاع، في أكبر خرق للإتفاق، والذي شكّل إخفاقا وتهميشا للجهود الدبلوماسية للدول المشاركة.
وقد كشفت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية حقيقة خطة ترامب، ووصفتها بـ «الساذجة والخبيثة، وفيها دجل صريح»، مؤكّدة أن الضغط الأمريكي على نتنياهو «هراء» لإيهام الدول العربية بتوازن المقترح الأمريكي.
ويكشف تحليلٌ أعمق عن وجود هيئة إسرائيلية سرية تُدعى «مكتب إدارة ما بعد الحرب»، تعمل على إعداد بنود الخطة، مما يؤكّد أن ما يُسوَّق له «مبادرة سلام أمريكية» هي في الواقع مخطط إسرائيلي يُقدَّم بغلاف أمريكي.
الردود والتفاعلات
في قراءة للمشهد الدبلوماسي المصاحب للإعلان، يُلاحظ أن ترحيب الدول العربية والإسلامية التي حضرت «خطة ترامب»، الذي يعكس تحولاً في الاستراتيجية الدبلوماسية العربية والإسلامية.
لكن هذا الترحيب لا يخلو من مفارقات، خاصة عندما يقترن بتصريح نتنياهو الذي يحاول تصوير الأمر كأن «العالم العربي والإسلامي يضغط على حماس لقبول الشروط الإسرائيلية». هذه القراءة التبسيطية تخفي تعقيدات الموقف الإقليمي وتنوع التوجهات بين الدول العربية. وهنا تبرز مخاوف جدية من أن تكون هذه الخطة فخاً يستهدف إنهاء القضية الفلسطينية، حيث تفتقر إلى أي ضمانات حقيقية تمنع إسرائيل من استئناف حرب الإبادة الجماعية بعد أن استعادت أسراها وتقريباً جميع الجثامين.
كما أن دخول القوة المسماة بـ «قوة الاستقرار الدولية» إلى غزّة والتي تقود تشكيلها الولايات المتحدة، ستكون أداة غير رسمية بيد الحكومة الإسرائيلية. وتضم القوة نحو 200 عنصراً أمريكياً، بمشاركة ضباط من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ودعم من دول عربية مثل مصر وقطر والإمارات وتركيا، كما تجري مناقشات لانضمام باكستان وإندونيسيا وأستراليا وكندا وماليزيا.
معالم البديل المقبول
في تحليل البديل الحقيقي، نجد أن أي حل دائم يجب أن ينطلق من معادلة مختلفة تماماً، حيث تكون السيادة الفلسطينية هي الأساس لا الهدف. فالمشكلة الجوهرية في كل الخطط أنها تتعامل مع الحقوق الفلسطينية كتنازلات يمكن منحها أو منعها، وليس كأسس غير قابلة للتصرّف.
لا يمكن اختزال الإبادة الجماعية بالقطاع في معاناة إنسانية تتطلّب إغاثة عاجلة، فذلك يشكّل تغييباً متعمداً للسبب الجذري للعدوان الإسرائيلي، كما أن أي تسوية دائمة يجب أن تقوم على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع ضمانات دولية حقيقية لتنفيذها.
سلام على وقع القذائف
في الختام، تظهر الخطة الجديدة كمحاولة لفرض واقع جديد عبر دبلوماسية القوى، متجاهلة الدرس الأساسي من تاريخ الاحتلال: أن السلام الحقيقي لا يُفرض من الخارج، ولا يمكن أن يبنى على أنقاض العدالة.
إن السلام الحقيقي ينبع من إرادة الشعوب واحترام حقوقها، وليس بالأسلحة الفتاكة؛ تُدار من قاعات المؤتمرات الفاخرة. والمفارقة المأساوية التي تجسّد جوهر الأزمة تكمن في أن مؤتمر السلام الذي انعقد في واشنطن، وبعده في شرم الشيخ، كانت خلاله الطائرات الحربية الإسرائيلية تواصل قصفها على غزّة.
ويكفي للتعبير عن فداحة الكارثة أن إسرائيل، وإن فشلت في تحقيق التطهير العرقي الكامل لغزّة، فإنها دمرتها تدميراً شاملاً، وكان ينبغي أن تُجبر على دفع تعويضات عن الدمار اللإإنساني الذي تسببت فيه، بدلاً من الدول النفطية العربية التي اقترحها ترامب.
إن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق والبقاء، وبرغم كل المعاناة أثبت عبر التاريخ أنه قادر للذود عن نفسه رغم إعراض العالم عنه، وأن إرادة الحياة لديه ستبقى هي الأقوى من كل محاولات الإخضاع والإقصاء.
[email protected]



#أحمد_سليمان_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزّة
- خرق السيادة واستهداف القيادة
- أنس الشريف: من ارتقاء مُعلّق إلى شهيد مُحقق
- الضفة: من وهم ديني إلى تصويت الكنيست
- السويداء ضمن الخرائط الإسرائيلية الجديدة
- القرآن في الأدب الغربي ومشروع القرآن الأوروبي
- قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
- النكبة ليست ذكرى بل واقع فلسطيني
- قمم عربية تحت عباءة ترامب
- ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة
- ترامب: أحبه ويُحبني وتُحب مصالحه تحالفي
- حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا
- التماسك السوري يفشل المخطاطات الإسرائيلية
- الديمقراطية الألمانية تُجهِض الديمقراطية
- ترامب يُهدد القضية الفلسطينية ويُوسّع الهيمنة الإسرائيلية
- ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات
- إسرائيل ودورها كمُستعمر في الشرق الأوسط
- حُرّيّة أحمد حسن الزُعبي ضرورة أردنية
- الحُرّيّة لأحمد حسن الزُعبي
- الأردن بين مشروع العطارات والإحتلالات


المزيد.....




- نتنياهو يعطي الضوء الأخضر لشن ضربات جوية على غزة.. إليكم ما ...
- احتفال ديوالي في سلطنة عمان يثير جدلاً واسعا والمفتي يعلق
- السودان: ماهي تداعيات سيطرة الدعم السريع على الفاشر؟
- بين الضغوط الخارجية وحسابات الداخل.. إعلان أبو مازن الدستوري ...
- صفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الج ...
- زحمة موفدين في بيروت: مصر تعرض المساعدة لتثبيت الاستقرار فهل ...
- بتهمة الانتماء لحماس.. انتقادات حادة تطال القناة العامة الأل ...
- DW تتحقق - هل ستلغى أسواق عيد الميلاد في ألمانيا؟
- نتنياهو يتهم حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار ويأمر بشن -غارا ...
- عمليات بحث عن رفات رهائن إسرائيليين  في غزة


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - من حكم الانتداب إلى وصاية ترامب