فريدة لقشيشي
الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 00:19
المحور:
الادب والفن
في مساءٍ لا لون له، مساءٍ كُوِّن من رماد الوقت، هبطت الغيومُ كراهباتٍ أنهكتهنّ صلاةُ العصور، فأسدلت على الدنيا ستارًا من خفوتٍ يوشك أن يبكي. وحين ضاق الهواءُ بعصافيره، خفتَت الأجنحة في أقفاصها، كأنها أدركت أنّ الكون نسي نبضه.
في تلك اللحظة، تراجع كل ما كان صلبًا؛ اندحر كما يندحر ضريحٌ فقد نقشه، وتاه في غبار القرون. ثم جاءت ريحٌ بيدٍ لا تُرى، تصفع الوجوه بشيء من الخجل… خجل من يقينٍ وُلِد قديمًا ومات ولم يُدفَن بعد.
تلك الريح، حين اشتدّت، أدخلت الوجود في خلوةٍ مُرتعشة، خلوةٍ يتهجّى فيها القلب أسماءه الأولى. اهتزّت الأرض تحتها، وكأنها تستيقظ على بكاءٍ مكتوم، فاقتُلِعت الذكريات من جذور الفقيد اقتلاعًا، وارتفع الماضي كغيمةٍ تُساق إلى مجهولها.
وبدا المشهد كلّه كتعويذةٍ انقطعت عنها الرحمة؛ سحرٌ صيغ من جمر الغضب، يبتلع ما تبقّى من ضوء. ثم تدافعت الأشياء—الأحلام، الندم، صوت الريح، طهر الغيوم—لتنحدر في ثقبٍ أسود، ثقبٍ يشبه موتًا بلا جسد، حتى انقطع الهواء عن نفسه… وبقي العالم معلّقًا بين نفسين، لا يعرف أيّهما الأخير.
...
فريدة
#فريدة_لقشيشي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟