أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سامي محمود أبو عون - النفس حافية الأفق_ قراءة نفدية














المزيد.....

النفس حافية الأفق_ قراءة نفدية


سامي محمود أبو عون

الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 19:03
المحور: مقابلات و حوارات
    


"النفس حافية الأفق" هو رحلة داخلية، لا تُروى بلسان راوٍ تقليديّ، بل تنبض كأنها انبثاق من قلب متأملٍ يسير حافيًا في صحراء الوعي. يبدأ الشاعر من نقطة الخنق، من ضيق النفس وهي "درة الشمس تشع مخنوقة الدفء"، فيفضح اختناق النور داخل الكيان الإنساني.
النفس هنا ليست مجرد ذات، بل كائن كونيّ تائه بين الشمس والظل، بين حرارة الكشف وبرد الجهل. إنها كأنها تسير في أفق من رماد، تبحث عن دفئها المفقود.

حين يقول" هي سجينة الصحو"، يفاجئنا بعكس المألوف، فالصحو الذي يُفترض أن يكون انعتاقاً، يتحوّل إلى سجن كأن الإدراك الحسيّ الذي يظنه الإنسان خلاصاً هو في الحقيقة قيد يمنعه من الولوج إلى عمق المعنى. النفس لا تكتشف ذاتها في وضوح النهار، بل في "عتمة الأين"، حيث تتجرد من حدود الزمان والمكان. إنها لا تعرف وجهتها، لكنها تعرف أن السير قدرها، وأن الريح، والملح، والشمس، كلها رموز لمقاومتها المستمرة ضد الجمود.

في لحظة انعطاف، تهدأ الريح الداخلية. “حينها، رست صاحبة الكشف وسيدة الحالة"، كأن النفس بلغت مقاماً من السكون العارف، مقام من يتذوق طعم الحقيقة لا بعقله، بل بحواسه الباطنة. تشتم عصارة الوقت، وترتشف من ماء الشمس الحكمة، فيتحول الزمن إلى مشروبٍ شفاف تتذوقه الروح. هذه النفس، وقد خبرت التجربة، تصير" "صوف العارف" الذي ينسج الأحسن ليقيه تقلبات المواقيت.
في هذا النسيج، يختلط التراب بالضوء، والمعرفة بالظن، والحضور بالغياب.

يتحدث الشاعر إلى العارف، يخاطبه كما يخاطب نفسه وقد بلغت النضج. "ما أجمل المعرفة في طريق الارتياح" يقول، وكأن المعرفة لم تعد وجعاً، بل استراحة بعد تعب طويل. الاطمئنان يصبح فعلاً معرفياً، لا خمولاً، والاتساع ميزاناً للنظر لا للفراغ. في هذا المقطع تتبدى حالة التصالح بين الداخل والخارج، حيث الحقيقة لم تعد معركة، بل مشطاً يمر على "خصل الحقيقة بنبوءة الأحوال".

ثم يأتي الانقلاب: العمى الذي كان نقيض المعرفة، يصبح طريقها." العمى ذرف قطرات التباشير"؛ ما كان ظلمة يفيض نوراً، وما كان عجزاً يتحول إلى خلق جديد. العمى هنا ليس فقدان البصر، بل إغلاق عيون الجسد لفتح عيون الروح. من قطراته تنبع الفكرة، الصوت، الإشارة، ويصبح كل ما كان نفياً للحياة دلالةً عليها.

يمتد النص كحركة من الغياب إلى التجلّي. فكل سطرٍ فيه خطوةٌ في درب الكشف، وكل صورةٍ نافذةٌ تُفتح على باطنٍ أعمق. تتهادى اللغة بين الصلصال والنون، بين الماء والنار، كأنها تُعيد خلق العالم بلغة رمزية خالصة. النفس في النهاية لا تصل إلى يقينٍ كامل، بل إلى نوع من السلام الواعي بالتيه. تبحث "حافية الرأس، حافية الأفق"، بلا يقينٍ سوى رغبتها في" النحن"، في الجمع، في وحدة الكلّ.

إنها رحلة العارف في مرايا ذاته، حيث تتجلى الحقيقة كضوءٍ منبعث من عمىٍ قديم، وحيث تمشي النفس على الأفق، لا لتملكه، بل لتتطهر في اتساعه.
النصّ يشتغل على ثيمة النفس بوصفها كياناً معرفيّاً وروحيّاً في حالة سفر داخليّ دائم بين الكشف والعمى، بين النور والعتمة، بين المعرفة والحيرة.
العنوان "النفس حافية الأفق" يحمل بذرة الدلالة المركزية: وهي "النفس" التي تُعتبر الذات في بعدها الداخلي، الروحاني.

بقلم الشاعر والروائي الفلسطيني هشام الجدبة.



#سامي_محمود_أبو_عون (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفس حافية الأفق
- المحجوب في تصوف الآخر
- حوار مع الشاعرة المبدعة كفاح الغصين
- من منبر العلم والمعرفة جامعة الأقصى تبادر بتكريم الكاتب المب ...
- المشهد الثقافي في غزة
- قراءة نقدية
- هدموا الحدود والسياج وحدوا الجغرافيا
- أبو حميدة : الجامعات خيمة الاحتماء من الجهل والتضليل
- ويطهو الفكرة بريشة المماهاة حتى تصبح النتيجة لوحة ذات قيمة ف ...
- قراءة في الادب الفلسطيني الحديث
- حقيقة الحلم والموت
- عندما توازى الكلمة الطلقة
- أبو حميدة : الجامعات الفلسطينية خيمة الاحتماء من الجهل والتض ...


المزيد.....




- بمنتدى الدوحة.. تصريحات جديدة لوزير خارجية مصر حول معبر رفح ...
- قطر ومصر والنرويج يحذرون من خطر يواجه وقف إطلاق النار في غزة ...
- بقيمة 90 مليون دولار.. صفقة أميركية محتملة لتزويد لبنان بمرك ...
- -معاناتنا تتفاقم- ـ نازحون منسيون في المخيمات بعد عام على سق ...
- سوق الوهم.. -استغراب- يفضح معايير جمال متغيرة لا تعرف الثبات ...
- اجتماع أميركي سوري بشأن السويداء في عَمان
- حادث مروّع ليلة عيد الشكر.. شاهد سيارة مسرعة تقتحم مقهى شهير ...
- الكويت.. فيديو ضبط كميات ضخمة من المخدرات والداخلية تكشف تفا ...
- دعوات في منتدى الدوحة لتسريع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إط ...
- قبل المحادثات بين كييف وواشنطن.. روسيا تشن هجومًا واسع النطا ...


المزيد.....

- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول كتابه: ال ... / رزكار عقراوي
- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سامي محمود أبو عون - النفس حافية الأفق_ قراءة نفدية