أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض محمد سعيد - قراءة التاريخ















المزيد.....

قراءة التاريخ


رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)


الحوار المتمدن-العدد: 8539 - 2025 / 11 / 27 - 09:24
المحور: المجتمع المدني
    


ضرورته، منهجيته، وجدواه في بناء المجتمعات
يعتبر التاريخ سجلّ الوقائع التي يعيشها افراد المجتمعات الإنسانية ويتضمن الاحداث التي عاشها او تعايشها الشعوب وفق احداث واقعية ، وهذه الاحداث اما ان قام بها افراد الشعب او حدثت نتيجة مؤثرات او كوارث طبيعية وليس بالضرورة ان تكون الاحداث محزنة اومؤلمة او مفرحة ، و بالتالي فهي تعكس تحولات المجتمعات وتطور الحضارات، وهو أكثر من مجرد أحداث متتابعة أو تواريخ محفوظة فالتاريخ مادة أساسية لفهم السلوك البشري الانساني في العالم .وغالبا ما تطرح الاسئلة التالية :
لماذا نقرأ التاريخ؟
كيف نقرأ التاريخ ؟
هل استفادت الشعوب من دروس التاريخ ؟
هذه من اهم وأبرز التساؤلات التي تشغل المهتمين بالفكر والمعرفة. وعلوم المجتمع و الفلسفة ولنحاول في هذا المقال الصغير الإجابة عن هذه الأسئلة عبر رؤية نقدية تُبرز أهمية التاريخ ودوره في تشكيل الوعي الإنساني.
أولًا: لماذا نقرأ التاريخ؟
1. من اجل فهم الحاضر من خلال الماضي:
لا يمكن تفسير تعقيدات الواقع السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي دون الرجوع إلى جذورها التاريخية. فالأزمات والحروب والتحالفات والتغيرات غالبًا ما تكون امتدادًا لمسارات بدأت منذ قرون. فهل استفادت الشعوب من احداث الماضي ، هل اتعظت الشعوب من تجارب سابقيها ام اعادت اخطاء الماضي دون بصيرة و تفكير ؟
2. اكتساب الخبرة دون تكرار الخسائر:
قراءة التاريخ تمنح الإنسان خبرات الآخرين او السابقين ، فكما جاء في الفقرة السابقة على الشعوب ان تتعظ من اخطاء الماضي فتتجنّب الوقوع في الأخطاء ذاتها. فكما يقول ابن خلدون: "المغلوب مولعٌ بالاقتداء بالغالب"، ومعرفة مسارات الازدهار والانحدار تساعد الأمم على اتخاذ القرار الصحيح فهل هذا ما يحصل الان ؟.
3. تعزيز الهوية والانتماء:
التاريخ يشكّل أحد أهم عناصر بناء الهوية الوطنية والثقافية والقومية لتتكون الأمم . فعند معرفة الجذور، يصبح الانتماء أكثر وعيًا وعمقً ، ويبعث الفرد على الرؤيا بفخر و اعتزاز لما حققه اسلافه من انجازات على طريق البناء الحضاري والحرص على المحافظة عليه و تطويره ، فهل هذا ما حصل مع الجيل الجديد ام ان الجيل الجديد تعلقت عيونه و اهتماماته بشعوب اخرى بعيده عن واقعه ويحاول ان يتبعها و يقلدها او ان يكون تابع لها وذليل.
4. تحفيز التفكير النقدي:
نظريا ... يفترض ان قراءة التاريخ و الأحداث وتحليلها تبني عقلًا ناقدًا قادرًا على التحليل و فهم الدوافع والنتائج ،ليستنبط منها دروس و عبر تمنح الشعوب قوة قادرة على تجاوز المصائب و العلل و الاخطاء لمواجهة ما يضعف الامة و يقلق امنها و امانها . وان لا يكون التاريخ نصوص سردية ويكون القاريء مجرد متلقٍ للمعلومات.
ثانيًا: هل نقرأ التاريخ بشكل صحيح؟
هنا يبرز جدل واسع ، فقراءة التاريخ ليست دائمًا قراءة واعية، إذ تشوبها عدة إشكاليات:
1. القراءة الانتقائية:
كثير من الناس يقرأون ما يوافق معتقداتهم أو تصوراتهم المسبقة، فيتجاهلون الجوانب التي قد تُظهر زوايا مختلفة للحقيقة. وهنا تكمن المصيبة ، فقراءة من هذا النوع بقود الى التزوير و تلفيق المبررات لدعم المعتقدات التي تناسب اهدافهم التي غالبا ما تستغل من الاعداء ليتم تحوير الحقائق و تزويرها لتظهر بالشكل الذي يحقق اهداف المعتدي ومؤكد يكون القصد اضعاف الامة و بث الخدر فيها و زرع اللامبالاة و قتل الروح الوطنية .
2. الاعتماد على السرد لا التحليل:
تُدرّس الأحداث التاريخية غالبًا على شكل تسلسل زمني جاف، دون تحليل الأسباب والنتائج، او بعد تحوير و تزييف الاحداث مما يفقد التاريخ فائدته الحقيقية.
3. التحيزات الأيديولوجية والسياسية:
كثير من الروايات التاريخية كُتبت من زاوية المنتصرين أو أصحاب السلطة، مما يجعل القراءة النقدية ضرورة ملحة لا يمكن التغاضي عنها ، وهنا على الاغلب يأتي دور الوعي و الثقافة و الدافع و الحرص الوطني لحماية المجتمع و الشعب والامة .من خبث المزورين و الدسائس المغرضة .
4. إغفال تعدد المصادر:
القراءة الصحيحة تتطلب مقارنة المصادر والروايات المختلفة، بدلاً من الاعتماد على مصدر واحد قد لا يعكس الحقيقة كاملة مع مراعاة الانتباه الى ان هناك زرع لمصادر ملفقة باتقان ومعادية تتغلغل للمراوغة و التضليل .
إذن، قراءة التاريخ بشكل صحيح ليست مهمة سهلة، لكنها ممكنة عندما يقرأ بعين واعية تمتلك البصيرة و القدرة على التمييز وفرز الخبث والسموم عن الواقع والحقيقة ، ولديهم عقول نقدية ويأخذون المعلومات من مصادر متنوعة بهدف الفرز والفهم و التمييز لا التمرير والنقل والتبرير.
ثالثًا: هل استفادت الشعوب والمجتمعات من تجارب السابقين؟
الإجابة ليست مطلقة؛ فهناك أمم تعلمت واتعظت ، وأخرى أعادت تكرار الأخطاء وكأن بصيرتها اصيبت بالعمى فلم تتعظ من مصائب وكوارث الشعوب التي سبقتها ، فهناك :
1. أمم استفادت من التاريخ:
o أوروبا بعد الحربين العالميتين بنت مشروع الاتحاد الأوروبي لتجنب الصراعات المتكررة.
o اليابان استلهمت نهضتها الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية من تجربة الساموراي في الانضباط والعمل.
o كثير من الدول أسست نظمًا ديمقراطية بعد دراسة نتائج الاستبداد والديكتاتوريات.
2. أمم كررت أخطاء الماضي:
o استمرار النزاعات الطائفية والعرقية في العديد من المناطق دليل على عدم الاستفادة من دروس التاريخ التي تثبت أن الانقسام يؤدي دائمًا إلى الضعف.
o بعض الدول أعادت إنتاج أنماط الفساد الاقتصادي والسياسي رغم أن تاريخها يوضح عواقب ذلك.
ولا نريد الخوض في هذا الجانب لاننا جميعا نعرف الاخطاء التي وقعت بها امتنا ورغم ذلك فالشعوب غير مستعدين لتصحيح المسيرة حبا او خوفا او لارضاء جهات خارجية متنفذة سلبت منا السيادة برضى فئة كبيرة من الشعب.
3. المفارقة التاريخية:
المعرفة التاريخية وحدها لا تكفي، فالمجتمعات تحتاج إلى إرادة سياسية وثقافية لتطبيق ما يتم استنباطه من التاريخ من دروس وعبر لتجنب و تلافي الاخطاء ونزع الافكار المسمومة والخزعبلات التي زرعت لاضعاف الامة و فرض الجهل و التخلف عليها . لكن يبقى التاريخ شاهد على نجاح او فشل الامم في تجاوز المحن والكوارث و مواجهة الاعداء برفض ما يسبب الفشل و ما يبقي الجهل ويمنع الابداع و التطور الحضاري . اذ يجب تحويل تجارب التاريخ إلى سياسات وقيم نستنبط منها منهجية الاصلاح و التغيير. . واخيرا فأن قراءة التاريخ ضرورة لفهم الحاضر واستشراف المستقبل. لكن القراءة الصحيحة تتطلب منهجية نقدية وتعدّد مصادر، لا الاعتماد على روايات جاهزة أو منحازة. كما أن استفادة الشعوب من التاريخ ليست حتمية فهي مرتبطة بقدرتها على التحول المعرفي إلى وعي، والوعي إلى فعل . فالتاريخ ليس مجرد ذكريات، بل هو مشروع بناء مستمر للحضارة الإنسانية، وكل جيل مطالب بأن يُنصت إليه بعين العقل لا بعين النقل .



#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)       Riyadh_M._S.#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطني الصغير
- السيد (ذ.ص) ذكاء صناعي
- يختار من يختاره
- الذباب الالكتروني
- حرب و حرب
- غاب نجم زياد الرحباني
- الريادة العراقية في تعريب الحوسبة خلال الثمانينات
- السياسة في المرأة
- الخيبة
- مدلولات التجاهل السياسي
- جحا في عصر الحرية
- الاهم ما في الحياة
- الإنسان بين الخلق والفوضى ، هل خرج آدم عن المخطط؟
- اليوم ليس كباقي الايام
- مناهج الترفيه السعودية ، ليس هكذا تورد الأبل
- أيران ، غارة ودية
- التفاؤل و السياسة
- تحيا الحكومة
- مليشيا عراقية في اليمن
- هل العراق بلد ثيوقراطي


المزيد.....




- الاحتلال يعزز قواته بطوباس وينفذ حملات دهم واعتقال بقلقيلية ...
- الاحتلال يعزز قواته بطوباس وينفذ حملات دهم واعتقال بقلقيلية ...
- رؤيا ترصد تفاصيل عملية -الحجارة الخمسة-.. إجلاء منازل واعتقا ...
- الأمم المتحدة: الجفاف يعرّض ملايين الصوماليين للجوع والنزوح ...
- الأمم المتحدة: الجفاف يعرّض ملايين الصوماليين للجوع والنزوح ...
- تقرير عبري: إسرائيل تجوّع الأسرى الفلسطينيين بسجونها
- 3 شهداء وعشرات المصابين والمعتقلين بعملية طوباس شمالي الضفة ...
- 3 شهداء وعشرات المصابين والمعتقلين بعملية طوباس شمالي الضفة ...
- الأمم المتحدة: نقص التمويل يعرقل حمايتنا للمدنيين بالسودان
- أبو هولي يطالب السويد بعودة تمويلها للأونروا واستعادة دورها ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض محمد سعيد - قراءة التاريخ