أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان كريم - دیمقراطیة قاتلة و أخری جسر للنهوض















المزيد.....

دیمقراطیة قاتلة و أخری جسر للنهوض


عدنان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دیمقراطیة قاتلة و أخری جسر للنهوض
عدنان کریم

لم تتمخض الإنتخابات التي جرت الاسبوع الماضي في العراق عن تغییر یذکر في المشهد السیاسي في البلاد. فحیتان المال وأساطین المذاهب و الطوائف و القومیات بأحزابها و میلیشیاتها خرجوا من صنادیق الإقتراع مزهوین ومنتصرین متصدین للمشهد السیاسي لأربعة سنوات مقبلة. کما إنه لیس هناك شك في إنها لن تتمخض عن خطوة ملموسة في مسار بناء دولة القانون وحکم المؤسسات بحیث ترسي الأسس اللازمة لتخطي النظام الطائفي و المحاصصاتي الذي ینیخ بکلکله لیس علی الحیاة السیاسیة بمعناها التقلیدي فقط بل علی سائر مناحي الحیاة في العراق منذ ٢٠٠٣.
والمشکلة لاتکمن برأيي في الإنتخابات بذاتها، رغم ما یعتور مجمل النظام الإنتخابي من خلل بنیوي من حیث ترکیبة المفوضیة االعراقیة " المستقلة " للإنتخابات و قانون الأحزاب و قانون الإنتخابات ، بل بمجمل البیئة والحاضنة الإجتماعیة و الثقافیة و السیاسیة المولدة للحیاة السیاسیة في البلاد و الممتدة منذ ٢٠٠٣ لیومنا هذا.
فالإنتخابات و البرلمان و التعددیة السیاسیة والحزبیة و الإنفتاح السیاسي في البلاد و حریة المعتقد و سن الدستور الدائم و الإقرار بالفیدرالیة و قیام إقلیم کردستان هي کلها من جهة من جملة الأهداف و التطلعات السلیمة التي کان یرنو إلیها الشعب العراقي بل و ضحی بخیرة أبنائه و بناته خلال عقود زمن الفاشیة البعثیة في بلادنا من أجل الظفر بها، و من جهة أخری هي موصلات وآلیات لقیام منظومة راقیة من دیمقراطیة تشارکیة و إن کانت نیابیة کمقدمة تتکامل مع أضلاعها الأخری مثل العدالة الإجتماعیة و المساواة و حکم القانون و السیادة الکاملة و التنمیة الإقتصادیة التي تکفل درجة لابأس بها من رفاه المواطن.
إن محتوی الدیمقراطیة تتجلی قبل کل عناصرها و مکوناتها الأخری و تقاس بما توفرها من آلیات و مساحات تؤهل المواطن ککتلة وازنة و فاعل أساسي للإنخراط الجاد و الواعي في مجمل العملیة السیاسیة و عملیة إتخاذ القرار ورسم سیاسة البلاد و مستقبله. إن تلك الدینامیة السیاسیة هي ما تفتقده الحیاة السیاسیة في العراق بسبب تسلط المنظومة السیاسیة الراهنة قبل کل شيء آخر و هو أس بلاء السیاسة في عراق ما بعد سقوط بعث صدام و رهطه.
إن عملیة الإختزال الجوفاء للدیمقراطیة بکل غناها و مضمونها في إنتخابات و فق خطوط تقاسم مذهبیة و إثنیة و طائفیة و مناطقیة، تلعب فیها زمرة من الأحزاب السیاسیة المسیطرة علی المال العام و ثروة البلاد دور وکلاء لدعاوی بنو مذاهبهم و مناطقهم و قومیاتهم کما تجلی بأسطع صورها في الإنتخابات التي جرت في الأسبوع الماضي، لا تثمر سوی تقزیم الدیمقراطیة مفهوما و ممارسة و تهمیش صورة المواطن و دوره عن طریق جعله رعیة ورقما في سجل المذهب و الطائفة و القومیة تحت یافطة الدیمقراطیة و غیرها من الإدعاءات الباطلة.
لم یتواجه المواطن العراقي في هذه الإنتخابات کما في سابقاتها مع کتل و تیارات وخیارات ( إلا نادرا ) تفتح ثغرة لا غیر في جدار نظام المحاصصة الطائفیة و العرقیة و المناطقیة و المذهبیة. إننا لم نکن أمام مروحة من المشاریع التي تخطو الخطوة الأولی فقط و لیس تعد بالإنجاز التام للسیادة المثلومة للبلاد أمام التدخل الخارجي و إعادة القرار للمواطن و تحقیق تنمیة إقتصادیة و بشریة تنهي الفقر و البطالة بین شباب العراق و إعلاء شأن الفرد کلاعب أساسي في القرار السیاسي و بناء الدولة المدنیة و ...، الخ. خیارات تشي بالعدول عن مسار لم یجلب سوی الإیغال في مزید من تکریس التنابذ المذهبي و العرقي.
إنها من نمط ( الدیمقراطیات القاتلة ) بکل ما تحملها الکلمة من معان.
" دیمقراطیة " یستحیل فیها المواطن رقما في ورقة إقتراع کل ٤ سنوات یوضع جبرا أمام سلة و قائمة من القوی و في ظل جو دعائي ممول بالمال السیاسي و دعم خارجي یملأ الدنیا زعیقا و خطابات عن الأخطار الوهمیة و المصطنعة المحدقة بالطائفة الشیعیة أو السنیة أو بالکرد إن لم یشارکوا في کرنفال الإنتخاب و دعم إبن القومیة و المذهب و الطائفة.
و السؤال هنا هو: هل من الممکن تعدیل مسار الأمور و جعل الإنتخابات الخطوة الأولی الفاعلة نحو الدیمقراطیة الحقة؟
برأيي المتواضع نعم ولکن ضمن جملة من الشروط و الأولویات.
فتعدیل مسار العملیة و الحیاة السیاسیة في العراق یمر علی المدی الطویل عبر تجذیر رؤیة نقدیة شاملة و بنیویة للعملیة السیاسیة و بنیانها الفکري و الثقافي التي أعقب إحتلال العراق و القضاء علی النظام البعثي و کذلك السعي الدؤوب و العملي لجعله جزءا من الوعي الجمعي لأکثریة العراقیین و خاصة الجیل الناهض منهم. ولا یتم إنجاز ذلك إلا بدفعها لنهایاتها بإنبثاق مشروع و طني عراقي تعددي دیمقراطي مدني یتبنی دولة المواطنة الدیمقراطیة کإستراتیجیة و نظاما فیدرالیا تنهي منظومة تقاسم السلطة بین الأحزابالقومیة الکردیة و السلطة المرکزیة و تسویقها و کأنها حل للقصیة الکردیة و ترك ااشعب الکردي تحت رحمة منظومة حزبیة مناطقیة تحکم بالمیلیشیات و الفساد و المواطن یتصور جوعا ولا یحق رفع صوته إحتجاجا.
کما لابد من التأکید بأن الدیمقراطیة لیست آلة سحریة بل هي آلیة للمشارکة السیاسیة الشعبیة و تابعة لمسارات الصراع المجتمعي. من الصعب الحکم بصورة مجردة علی الدیمقراطیة وکأنها کل شامل و ذو صیغة واحدة لا تتجزأ إذ لیس هنالك دیمقراطیة جوفاء أو فعالة بذاتها. کما إنها بذاتها لا تمنح الشعوب و المواطن مفتاح الرفاه و الحریة و النظام المنشود ، بل توفر الحلبة التي تجري فیها الصراع وفق قوانین خاصة بها، صراع الجماعات و الطبقات و التیارات الفکریة و السیاسیة و الحزبیة حیث تعتمد عمقها و مضامینها و سلاستها بالحضور الفاعل لأطراف الصراع المجتمعي. فالدیمقراطیة التشارکیة ذو البعد الإجتماعي المتخم بقسط وافر من العدالة الإجتماعیة و قوانین تؤمن درجة راقیة من دور الفرد في القرار السیاسي، أو نقیضه من دیمقراطیات شکلیة باهتة تلعب فیها الأولیغارشیات المالیة و سیاسيي الصالونات أو المرتهنین للقرار الخارجي لبني الطائفة أو المذهب أو القومیة، لیستا جبرا تاریخیا و قدرا لشعوب دون غیرها بل حصیلة لأنماط من الوعي الفکري و السیاسي و رهانات مختلفة و شد و جذب بین مختلف التیارات السیاسیة و القوی الإجتماعیة العابرة للطوائف و الأثنیات.
وأما علی المدی العاجل فإن العملیة السیاسیة في العراق و من ضمنها الإنتخابات لمجلس النواب بوسعها أن توفر هامشا من المناورة و فسحة للفعل السیاسي یمکن توظیفها لنهوض العملیة السیاسیة و دفعها نحو تعدیل جذري للمسار الأعوج للحیاة السیاسیة و المشارکة الشعبیة. إلا إن إختزال العمل السیاسي بکل ترتباته و تشعباته و غناه الإجتماعي في الإنتخابات و حصره في قاعات البرلمان لهو المصیدة التي لابدیل من تجاوزها.
إن رفد العمل البرلماني بالحضور الشعبي الفاعل والواعي في مسرح الحیاة السیاسیة و العمل النخبوي الفکري لفك تعقیدات المشهد السیاسي في البلاد و بناء خطاب وطني عراقي عابر للوثنیات العرقیة و المذهبیة و المناطقیة و رسم صورة واضحة لعراق دیموقراطي فیدرالي، بوسعها أن تمنح زخما جدیدا للعمل السیاسي شرط تنشیط الکتلة الأکبر و هي کتلة الشعب صاحبة الکلمة العلیا و کفاعل قوي في المسرح السیاسي، هو الإطار السلیم کي نرنو لعراق شامخ قوي و مزدهر.
تشرین الثاني ٢٠٠٢٥



#عدنان_كريم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوریا: حرب أهلیة أم تکالب علی السلطة بمظلة ...
- البرابرة قادمون!!
- ایران في ظل الإنتفاضة: إلی أین؟
- العراق: هل یخرج المارد الشعبي من قمقمه؟
- الغرب والإسلام السیاسي: تعایش أم تعارض؟
- التنین و الکاوبوي. التنافس الصیني - الأمری ...
- المرجع الشیعي و النظام السیاسي القائم في العراق: ...
- جبار مصطفی : سیزیف المارکسیة المعاصر ...
- عدنان کریم - کاتب و ناشط سیاسي من اقليم كردستان ...
- الإستفتاء في اقلیم کردستان : ماذا وراء الأکمة ؟
- سعدي يوسف اسير عقدة العروبة !
- سقوط الإخوان في إمتحان الديمقراطية!!!!
- حرکة التغییر في کردستان العراق : خلفیتها و ...
- حرکة التغییر فی کردستان العراق : خلفی ...
- بيان من المركز الثقافي الكردي-استراليا بصدد خطبة تاج الدين ا ...


المزيد.....




- هل اتخذ ترامب قرارًا بشن هجوم بري على فنزويلا؟ مسؤولان يكشفا ...
- السعودية.. اصطدام شاحنة وقود بحافلة معتمرين من الهند قرب الم ...
- تعليق على رد تيتان: يجب أن ينعكس سعي تيتان نحو التحسّن في اح ...
- كونغو الديمقراطية.. لحظة انهيار جسر في منجم نحاس وكوبالت وسق ...
- الزواج.. عريس جزائري يترك قاعات الأفراح ويختار مشاركة فرحته ...
- جون برينان.. كيف تندّر المصريون على تصريح مدير الـ-سي آي إيه ...
- كيف تتوزع القوة البحرية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا؟ ...
- بن سلمان في البيت الأبيض بعد 7 سنوات من مقتل خاشقجي.. ما الذ ...
- صفقة رافال التاريخية: 100 مقاتلة فرنسية تدعم أوكرانيا في موا ...
- منتجع تزلج فرنسي يبدأ مبكرا صنع الثلج الاصطناعي استعدادا للش ...


المزيد.....

- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان كريم - دیمقراطیة قاتلة و أخری جسر للنهوض