أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان كريم - البرابرة قادمون!!















المزيد.....

البرابرة قادمون!!


عدنان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 7471 - 2022 / 12 / 23 - 10:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" المجتمع الکردستاني بین فکي کماشة الحزب الکردي و موجة الأسلمة "
عدنان کریم

أعلنت وسائل الأعلام في اقلیم کردستان وعلی لسان بافل الطالباني سکرتیر الاتحاد الوطني الکردستاني قرارا ب(إغلاق سائر المحلات و الاماکن المنافیة للدین و تعالیمه وللتقالید السامیة للمجتمع الکردي) کما نقلته حرفیا مواقع ( ڕوداو ) و ( پۆلیتیك پریس ) و غیرها من المواقع الاعلامیة. ولم یستطرد تلك المواقع لبیان تفاصیل الخبر کي یتسنی للمرء ما المقصود تحدیدا بمنافاتها للدین و التقالید السامیة للمجتمع الکردي و غیرها من التساٶلات الکثیرة التي أثارها التصریح المذکور.
بدءا لابد من التذکیر لمن لیس له إطلاع کاف علی مجریات الحیاة الإجتماعیة في اقلیم کردستان و بکلا ادارتیه، السلیمانیة و اربیل، بأن قطاع السیاحة بملاهیها و فنادقها و أغلب مرافقها مملوکة بشکل شبه حصري للعناصر القیادیة في الحزبین أو شرکائهم في الشأن التجاري أو ممن یحابون قیادات الحزبین و بموافقتهم. وهناك الکثیر من التحقیقات و التقاریر الإعلامیة التي تثبت إحتکار تجارة الجنس و علب اللیل و نوادي القمار بکل مراحلها من قبل هٶلاء حصرا.
کما لا یخفی علی المطلع و الضلیع بالملف السیاسي في الاقلیم تلك المساعي الحثیثة التي یبذلها الحزبین المتقاسمین للنفوذ و السلطة في الاقلیم، من اجل لوي أضلع البعض من جهة و ذر الرماد في عیون مواطني الاقلیم الناقمین علی سیاسات الفساد الممنهج و الإفقار و التهمیش و إتساع الهوة الطبقیة في صفوفهم التي تمارسها و تتفن في التباري والمنافسة فیها کلا الحزبین.
إلا إن لإشکالیات الملف الکردي في الإقلیم جوانب و مکونات أخری لا تقل أهمیة سواء بالسلب أو الإیجاب.
لم یکن المجتمع الکردي بمنأی عن تداعیات ظهور الحرکات الإسلامیة و تفاعلاتها في العقود الثلاثة الماضیة وإن کانت مسارات و أشکال ظهورها و تفاعلاتها تختلف عن المجتمعات الأخری في المنطقة تبعا لخائص و إشکالات المجتمع هناك. کما ینبغي أن لا ننسی تداعیات وآثار عقود من سیاسات القهر و الإبادة الجماعیة و حملات الکیمیاوي التي مارسه النظام البعثي و ما ولده من ندوب غائرة في جسد المجتمع الکردي و إنکسارات هائلة في نفسیة الانسان الکردي و فکره.
لقد إنقضی الزمن الذي کان الحس والزهو القومي وزوائده السیاسیة والفکریة هو المد الشعبي السائد و الغالب بین الکرد وکان بوسعها لعب دور لحمة جامعة سیاسیا و ثقافیا لا یبقي سوی هامش صغیر للهویة الاسلامیة تارکا لها أبواب العبادة بوصفها ممارسة إجتماعیة لاشأن لها یذکر و لا زوائد و مکملات سیاسیة لها و لا طموح لها إذ لم تتجاوز دورها عتبة المسجد و طقوس إجتماعیة یمکنها التعایش مع الجمیع مهما کان مشاربهم و أهوائهم.
إلا إن سلسلة التخلخلات والهزات العنیفة التي جرت في التسعینات ومابعدها والمنعطفات الحادة التي شهدها العراق وتحول کردستان إلی مختبر کبیر لتجریب تلکم المشاریع الاقلیمیة و الدولیة، أحدثت تحولات بنیویة و قلبت المعادلات السیاسیة و الثقافیة و إصطفافات القوی السیاسیة و المجتمعیة رأسا علی عقب.
ففیما یخص الأحزاب الکردیة التي طالما تغنت بالحلم القومي و بنی المواطن الکردي علی خطابها الشعبوي المفعم بالتفاٶل، آمالا کبار صح علیها المثل المشهور: تمخض الجبل فولد فأرا!!.
فنزعة التسلط و التوق للسلطة و مغانمها والصراع المستدیم و الدموي الشرس و نهبهم الأخضر و الیابس و رهاناتهم علی قتلة أخوتهم علی بعد أمتار داخل ایران و ترکیا بل و حتی التعاون العسکري مع البعث کما جری من قبل الدیمقراطي الکردستاني في قتاله مع غریمە في ٣١ آب ١٩٩٦و...،إلخ، جعل من الخطاب الکردي بوقا مشروخا و صرخة في واد بحیث بات المواطن الکردي الآن ، عموما، یشمئز خاصة من الخطاب القومي للحزبین الحاکمین.
إلا إن ذلك لم یمر دون تداعیات حادة من حیث النتائج و التبعات.
لقد تمکنت القوئ الإسلامیة في الاقلیم و بدعم خارجي مکشوف قطریا و ترکیا و دون بذل جهد جهید من إستغلال تراخي التوجه القومي لدی المواطن الکردي لتعبئته و جذبه نحو خطابه الدیني الذي یٶازره في ذلك شیوعه في کل دول و مجتمعات المنطقة حیث باتت کردستان جزیرة محاصرة بین دول و أنظمة و مجتمعات تحکمها أو تملك فیها الإسلام السیاسي نفوذا کبیرا کایران و ترکیا و العراق و سوریا. کما لعب الفقر المنتشر بشدة في صفوف المجتمع الکردستاني و تراجع الخدمات العامة والأزمات الحادة الناجمة عن سلطة الحزبین و عسکرة الحیاة الاجتماعیة، في جعل خاصرة المجتمع الکردستاني رخوا من الناحیة الإجتماعیة و الثقافیة و بدون درع فکري، إقتصادي، سیاسي، اجتماعي و ثقافي یقیه من شر البعبع الإسلامي الذي یحاکي مخیلته لیل نهار بوسائل متعددة کمنابر المساجد و الفضائیات المختلفة و الأئمة و حتی حصص الدروس في مختلف المراحل الدراسیة.
کل ذلك علاوة علی ما وفرته القوی الحاکمة من وسائل و إمکانات دعم و مٶازرة للقوی الإسلامیة لکي تواصل نهشها لعقول و مخیلة المواطن الکردي.
کانت القوی الحاکمة ولازالت تتغذی من وهم مفاده بأن القوی الإسلامیة لن تتجاوز في طموحاتها عتبة الشأن الثقافي و الدیني و الاجتماعي و لن تجرٶ بمس أسس السلطة السیاسیة بوصفها من حصة المکون القومي وإن تنازل عن فتات وزارات و مناصب علیا منها للقوی الإسلامیة لکن تجارب السادات مع الاسلامیین و تجربة السلطة في الجزائر أثبتت خطل القراءة تلك. إن " العقد المقدس " بین الپارتي و الإتحاد الوطني مع الجماعة الاسلامیة و الوحدة الاسلامیة و الحرکة الاسلامیة بتسلیم الإسلامیین مفاتیح المجتمع و مصائره مقابل ترك قیادة السلطة للحزبین تتخلخل یوما إثر آخر بسبب تزاید طموح الطرف الإسلامي و شعورهم بإنهم هم من یتحلون بمیزة القیادة السیاسیة في الإقلیم نظرا لمتانة و قوة التیار الإسلامي في أوساط المجتمع الکردي بخلاف القوتین الحاکمتین.
کما لا یسعنا أن ننسی الدور الخطیر الذي یمارسه قوی تحتل مکانة المعارضة حینا و تشارك السلطة تحت قیادة الحزبین تارة أخری مثل حرکة التغییر أو الجیل الجدید. فبینما تسعی حرکة الجیل الجدید کتیار شعبوي یمیني من أجل إمتصاص النقمة الشعبیة بوجه الأحزاب الحاکمة و برامجها و خاصة من خلال خطابها المناهض للفساد و المجرد من کل بعد و مضمون سیاسي و إجتماعي جاد، تبذل المستحیل من أجل إسلمة الشارع الکردي و إنتزاع رایة و سلاح الخطاب الإسلامي من القوی الإسلامیة التقلیدیة لإستغلالها في هوسها وتوقها للسلطة. أما فیما یخص حرکة التغییر فإنها تری في المد الإسلامي المتنامي بوصفها ظاهرة عادیة و جزء من الثقافة الشعبیة وقاعدة جیدة یمکن توظیفه في الخطاب و المشروع السیاسیین الکردیین.
کل ذلك تلعب مجتمعة دورا هائلا في إنتاج نمط متمیز من الثقافة و الفکر الإسلامیین تنتشر کالنار في الهشیم في المجتمع الکردستاني بدون رادع أو بدیل أو مشروع یضع کل من الدین والسیاسة في خانتیهما و موضعیهما الطبیعیین. وإذا أخذنا بنظر الإعتبار الهشاشة الفکریة و الضحالة الثقافیة للمجتمع الکردستاني و غیاب مشروع واقعي للعدالة الإجتماعیة و الحداثة و بناء المجتمع المدني و خاصة في مرحلة البرزخ و العبور من تشظي و تذرر الوعي القومي و التوجه نحو منقذ و خشبة خلاص جدیدة و بدیلة، نعي حینذاك الأبعاد الکاملة و مغزی المنافسة الشرسة لأسلمة الفضاء الإجتماعي و الثقافي سواء بین القوتین الحاکمتین أو بینهم و بین القوی الإسلامیة أو من قبل القوی التي تتخذ من الفکر الإسلامي وسیلة تجنید و تجییش سیاسیین.
وتتخذ موجة الأسلمة السیاسیة في کردستان خصائص متمیزة. فطابعها الشرس و القتالي و العدواني و نموها في مجتمع لم تشهد في تاریخها الحداثة بمحتواها الاجتماعي و الاقتصادي و خاصة بعمقها الفکري و الثقافي، مجتمع کانت مرتعا لأشرس النزاعات و الدکتاتوریات و الإبادة الجماعیة و العنف المستشري، کلها تنعکس علی خصائص الوافد الجدید و توقه السریع للهیمنة و القضاء علی کل ما یعرقل مشروعه و نزعته الإقصائیة و التکفیریة الجامحة. کل ذلك و السلطة الحاکمة تستمیت في غیها و وهمها و حماقتها بأنها ستکون المستفید الأول من المزید من أسلمة الحیاة غیر آبهة بالتداعیات الخطیرة لنهجها و تنافس أطرافها فیما بینها من أجل فعل المزید منها کما یتبین من القرارات الأخیرة لسکرتیر الاتحاد الوطني الکردستاني.
و ما یزید الوضع وخامة هو شبه غیاب للقوی العلمانیة و المدنیة و عدم سموه فوق المواقف و التمظهرات الخجولة و البروز کقوة لها مشروعها التحرري الهادف و الرادع لموجة الأسلمة القادمة بجنوح.
و لا یستقیم کل ذلك دون تجسیدها ضمن مشروع وطني تحرري تبین زیف خطاب الإسلام السیاسي مثلما تمر عبر تصفیة الوهم الشعبي الباحث عن منقذه في أحضان وحوش کاسرة نال بني جلدته الکثیرمن ویلاتها و بنماذجها المتعددة من قتل و إبادة و إعدامات و قهر في سوریا و إیران و ترکیا.
ففي زمن تلتحم جهود الکرد في ایران لتحمل مشعل الثورة و قیادتها علی إحدی قلاع الإسلام السیاسي ألا و هو نظام الجمهوریة الإسلامیة في ایران، نری إنتعاشة مرعبة للتیار الإسلامي في کردستان العراق مستغلة سعي المواطن الکردي للتوق من المشروع القومي المدمر والذي هیأ بفشله المریع الأرضیة لتطل الحرکات الإسلامیة فیها بوصفها القوة الناجیة.
دیسمبر 2022



#عدنان_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ایران في ظل الإنتفاضة: إلی أین؟
- العراق: هل یخرج المارد الشعبي من قمقمه؟
- الغرب والإسلام السیاسي: تعایش أم تعارض؟
- التنین و الکاوبوي. التنافس الصیني - الأمری ...
- المرجع الشیعي و النظام السیاسي القائم في العراق: ...
- جبار مصطفی : سیزیف المارکسیة المعاصر ...
- عدنان کریم - کاتب و ناشط سیاسي من اقليم كردستان ...
- الإستفتاء في اقلیم کردستان : ماذا وراء الأکمة ؟
- سعدي يوسف اسير عقدة العروبة !
- سقوط الإخوان في إمتحان الديمقراطية!!!!
- حرکة التغییر في کردستان العراق : خلفیتها و ...
- حرکة التغییر فی کردستان العراق : خلفی ...
- بيان من المركز الثقافي الكردي-استراليا بصدد خطبة تاج الدين ا ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان كريم - البرابرة قادمون!!