علي ابوحبله
الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 14:59
المحور:
القضية الفلسطينية
بقلم: المحامي علي أبو حبلة –
في مدنٍ لها تاريخٌ من الصمود كبصمةٍ لا تُمحى، يبقى الوفاء جزءًا من الهوية. وطولكرم، التي وقفت في وجه الاحتلال بصبر مجتمعها وتماسك نسيجه، لم تكن يومًا مدينة قليلة العطاء. غير أنّ مشهد التكريم فيها يبدو أحيانًا منقوصًا؛ يُسجِّل أسماءً في الواجهة ويغفل أسماءً صنعت أثرًا أعمق وأكثر رسوخًا.
لقد شهدت طولكرم على مدى سنوات طويلة مبادرات فردية وجماعية قدّمت للمدينة ما لا تستطيع مؤسسات كثيرة أن تقدّمه في سنوات. رجالٌ دعموا مشاريع تنموية، وبنوا مدارس وجوامع، وأسهموا في تطوير الجامعات، وأطلقوا مبادرات اجتماعية أساسية شكّلت سياجًا لحياة الناس واستقرارهم.
هؤلاء أدّوا واجبهم بصمت، ورأوا في خدمة المدينة مسؤولية لا تنتظر لفتة، ولا تحتاج إلى منصة.
ومع ذلك، جاءت موجات التكريم في بعض المحطات منحازة لما هو ظاهر، لا لما هو راسخ؛ فتقدّم من حضر في المشهد العام، بينما تراجع ذكر من أسهموا فعلاً في بناء بنية المدينة وتعزيز قدرتها على الصمود.
هذا التجاهل لا ينقص من أحد، لكنه يُفقد المجتمع فرصة الاعتراف الشامل بالفضل، ويُلقي بظلاله على روح المبادرة التي يحتاجها الناس اليوم أكثر من أي وقت مضى.
ليس المطلوب أن يُستبدَل تكريمٌ بآخر، ولا أن نتجاهل من يستحق التقدير بالفعل. بل إنّ الهدف أعمق من ذلك:
أن تتسع دائرة الاعتراف بالفضل، وأن تعود ذاكرة المؤسسات والفعاليات لتسجّل – بإنصاف – كل من ترك بصمة حقيقية في مسيرة المدينة.
فالتكريم ليس احتفالًا عابرًا؛ إنه رسالة سياسية واجتماعية تُعيد ترتيب القيم وتربط الحاضر بجذوره.
وحين يُنصف المجتمع رجاله، تُفتح أبواب العطاء أكثر، وتتجدد طاقة المبادرة، ويشعر الأبناء بأنّ مدينتهم لا تنسى من يخدمها.
طولكرم اليوم أحوج ما تكون إلى هذا النوع من الإنصاف:
إنصاف يعيد الاعتبار إلى أصحاب الأثر، ويصون الذاكرة الجماعية، ويؤكد أنّ العطاء صفة تظل أعلى من كل الأضواء… وأن المدينة التي تُنصف أبناءها، تستطيع أن تبني مستقبلًا أقوى للجميع.
#علي_ابوحبله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟