أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - غزة بين -الفوضى المُدارة- وحرب التفكيك














المزيد.....

غزة بين -الفوضى المُدارة- وحرب التفكيك


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 11:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


تجاوزت الحرب على غزة حدود العدوان العسكري التقليدي لتصبح مشروعاً استخباراتياً واستراتيجياً يهدف إلى تفكيك المجتمع المدني الفلسطيني من الداخل. فبعد فشل الاحتلال في تحقيق الحسم العسكري المباشر، لجأت إسرائيل إلى ما يُعرف بـ«الفوضى المُدارة» و«الحرب الرمادية» و«الهندسة الاجتماعية»، مستهدفة النسيج الأهلي، ومواءمة أدواتها مع أجندة السيطرة غير المباشرة على القطاع.
الاستراتيجية الإسرائيلية: من الاحتلال المباشر إلى التفكيك الاجتماعي
أدرك الاحتلال أن تفكيك المجتمع أكثر فاعلية من تدمير المباني والمرافق. فاستهدف البلديات، والمؤسسات العامة، والنقابات، وعمّق الانقسامات العائلية والقبلية، بينما استغل التجويع والحصار لإضعاف الروح الجماعية. وقد اعتمدت أجهزة الاحتلال سياسة إدارة عدم الاستقرار، أي إبقاء غزة في حالة فوضى محكومة تمنع الانهيار الكامل لكنها تحول دون استقرار طويل الأمد، وهو ما مكّنها من تحويل الاقتصاد والمساعدات الإنسانية إلى أدوات للضغط وخلق شبكة ولاءات مرتبطة بالاحتلال.
على المستوى الميداني، ظهرت ميليشيات وعصابات محلية مرتبطة بالاحتلال، مثل عصابة ياسر أبو شباب في رفح وميليشيا حسام الأسطل، التي أُعلنت «القوة الضاربة ضد الإرهاب» تحت إشراف إسرائيل. وقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً: «نفعّل عشائر في غزة ضد حماس… ما الخطأ في ذلك؟»، في اعتراف صريح باستخدام الاحتلال لوكلاء محليين لتعزيز الفوضى وإضعاف المقاومة.
صمود المجتمع الغزي: مواجهة التفكيك بالوعي والتنظيم الأهلي
رغم تعمّد الاحتلال تفكيك النسيج الاجتماعي، أظهر المجتمع الغزي قدرة استثنائية على المناعة المجتمعية وإعادة التنظيم. فقد أعادت المقاومة خلال فترات الهدنة، مثل يناير 2025، ترتيب صفوفها وتفكيك العصابات والعملاء، بينما برزت لجان ومبادرات أهلية لتنظيم المساعدات ودعم الأسر المتضررة، ما أعاد بعض الاستقرار إلى الحياة اليومية. هذا الصمود أثبت أن الوعي الجمعي للمجتمع الفلسطيني أقوى من الفوضى المصطنعة.
البعد القانوني الدولي: جريمة ممنهجة ضد المدنيين
تشكل سياسة الاحتلال في غزة انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. فالمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر العقوبات الجماعية، فيما تُلزم المادة 55 القوة المحتلة بتأمين الإمدادات الأساسية للسكان المدنيين. كما يُعد استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين جريمة حرب بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2417 (2018). وبذلك، فإن الاحتلال لا يدير أزمة إنسانية فحسب، بل يمارس إستراتيجية ممنهجة لتفكيك المجتمع المدني عبر وسائل اقتصادية واجتماعية وأمنية.
تحوّل العقيدة الأمنية الإسرائيلية واستراتيجية الاحتلال غير المرئي
تكشف هذه السياسات عن تحول في العقيدة الأمنية الإسرائيلية من الاحتلال المباشر إلى احتلال غير مرئي يقوم على إدارة الفوضى واستغلال وكلاء محليين، مع إبقاء غزة في حالة ضعف دائم لتبرير الحصار والعدوان أمام الرأي العام الدولي. هذا التوجه يوضح أن الحرب ضد غزة لم تعد مقتصرة على الأهداف العسكرية، بل امتدت لتشمل استهداف المجتمع المدني والنسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
النتائج الاستراتيجية: وعي الغزيين أقوى من الفوضى المُدارة
رغم حجم الفوضى، فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه. فقد أظهرت التجربة أن كل محاولة لتفكيك المجتمع واجهتها مبادرات الأهالي ولجان المقاومة المدنية، التي أعادت بناء الروابط الاجتماعية وأمنت استمرار دعم الأسر المتضررة. ويشير ذلك إلى أن الصراع في غزة هو صراع مزدوج بين مشروع الاحتلال لتفكيك المجتمع ومشروع وطني فلسطيني للمقاومة والصمود، حيث ينتصر الوعي والإرادة على الأساليب النفسية والاجتماعية للتدمير.
خلاصة التحليل
غزة اليوم تقدم نموذجاً للقدرة على مواجهة الفوضى المُدارة باستخدام الوعي الجمعي والتنظيم الأهلي والمقاومة المدنية، مؤكدة أن القوة المادية لا تكفي لتحقيق الانتصار الاستراتيجي ضد مجتمع يتمتع بإرادة صلبة ومقاومة شعبية. ويبين هذا التحليل أن الاحتلال الإسرائيلي مهما استعمل من أساليب الحرب النفسية والاجتماعية، سيظل عاجزاً عن كسر إرادة شعب اختار من الصمود مشروع حياة ومن الفقر مدرسة مقاومة.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكك إسرائيل من الداخل: تحذيرات النخب الإسرائيلية وقلق الحلف ...
- ترامب ومجلة تايم: ثلاث عشرة نقطة تكشف ملامح الاستراتيجية الأ ...
- ملحق مسودة قرار مجلس الأمن: وصاية أمريكية على غزة وتأبيد الم ...
- من الصف الأول بدأت الحكاية
- أهالي مخيم نور شمس بين التهجير القسري واستراتيجية الاحتلال: ...
- “زلزال في إسرائيل بعد فوز زوهريان ممداني: تحوّل في المزاج ال ...
- فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك: تحوّل سياسي يعيد تشكي ...
- النزوح القسري وانهيار مفهوم المواطنة: قراءة قانونية وإنسانية ...
- صباح الخير يا عرب... متى تستفيقون من نومكم؟
- فضيحة يافات تومر–يروشلمي: أزمة أخلاقية وقانونية تهز الجيش ال ...
- الفاسدون لا يبنون وطنًا... إنما يبنون لذواتهم
- رواية: ظلال خلف الجدار
- آية أبو نصر... صوت غزة الذي دوّى تحت الركام ولم يُسمع: حين ي ...
- بن غفير وسومتريتش يرسيان -شريعة الغاب-
- زهران ممداني يتحدى إمبراطورية المال والإيباك في نيويورك: معر ...
- 📘 سندات الدين الحكومية الفلسطينية: دراسة اقتصادية وق ...
- غزة بين الأمن والسياسة والتحديات الإقليمية
- -غزة الجديدة-: مشروع تفكيك جغرافي وإعادة هندسة سياسية بإدارة ...
- سموتريتش يهاجم السعودية مجددًا
- غزة بعد وقف النار: الفوضى المستمرة وسلطة الاحتلال


المزيد.....




- السودان- مفوض أممي: الفاشر تشهد فظائع مروعة والأطفال يموتون ...
- الكنيست يقر القراءة الأولى لمشروع قانون يُجيز إغلاق وسائل ال ...
- إسبانيا: تعرّض ضابطيْ شرطة لضربٍ وحشي أدّى لكسرٍ في الأسنان ...
- تقرير أممي: 70 ألف شخص نزحوا يوميا العقد الماضي بسبب الكوارث ...
- أمنستي تدعو نيجيريا لتبرئة 9 نشطاء أعدمتهم قبل 30 عاما
- سوريا توقع إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدو ...
- أول تصريح لترامب عن أحمد الشرع بعد لقاء البيت الأبيض
- من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية ...
- -نعمل مع تل أبيب على التفاهم مع دمشق-.. ترامب: نريد سوريا نا ...
- لقاء تاريخي بواشنطن .. ترامب يستقبل الشرع وسط تحولات سياسية ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - غزة بين -الفوضى المُدارة- وحرب التفكيك