أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى جمال علي - العراق 2025: الوجوه التي لا تستحي البلاد التي تُعيد انتخاب جلّاديها ثم تشكو من الجرح














المزيد.....

العراق 2025: الوجوه التي لا تستحي البلاد التي تُعيد انتخاب جلّاديها ثم تشكو من الجرح


مصطفى جمال علي

الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل دورة انتخابية في العراق تشبه حفلة تنكرية كبيرة: تتبدل البدلات، تتغيّر الألوان، وتُرفع شعارات جديدة، لكن الممثلين أنفسهم.
العراقيون لا يصوّتون لمستقبلٍ مختلف، بل يُجددون البيعة لماضٍ يرفض أن يُدفن.
محمد شياع السوداني، نوري المالكي، محمد الحلبوسي، وقيس الخزعلي — أربعة أسماء تُمثّل ذاكرة الفشل الجماعي، تعود اليوم أكثر لمعانًا بفضل غبار النسيان الشعبي، لا بفضل أي إنجازٍ يُذكر.



السوداني: مهندس التجميل لا الإعمار

محمد شياع السوداني لم يبنِ عراقًا جديدًا، بل رمّم واجهة الخراب القديمة ووضع عليها صورته.
يتحدث عن “الإعمار والتنمية” بينما البلاد تُدار بعقلية الموظف لا برؤية القائد.
الطرقات نفسها، الجسور نفسها، والبطالة ذاتها، فقط الطلاء تغيّر.
الرجل الذي جاء نتيجة صراع بين “الإطار التنسيقي” و”التيار الصدري” اكتشف أن أسهل طريق للبقاء هو أن يُرضي الجميع… ولو على حساب الوطن.
السوداني لا يحكم، بل يُدير موسم العلاقات العامة للنظام القديم بملصقات جديدة.



المالكي: شبح الخراب الذي يبتسم بثقة المنتصر

ثماني سنوات من الانهيار الأمني والفساد وسقوط الموصل لم تكفِ لإزاحة نوري المالكي.
كأنّ الرجل يمتلك حصانة من الذاكرة الوطنية نفسها.
كلما تعمق الفشل، يخرج بابتسامة واثقة كمن يقول: “لن تسقطوني لأنكم لا تملكون بديلًا.”
المالكي هو المرآة المظلمة للعراق الحديث: رجلٌ فشل في الحكم لكنه نجح في جعل فشله نظامًا سياسيًا دائمًا.
يعود في كل مرة بثقة المجرّب، مدعومًا بشبكة فساد تتغذى من ضعف الدولة وتُعيد إنتاجها.



الحلبوسي: مقاول النفوذ في جمهورية الصفقات

من مقاولٍ بسيط إلى زعيمٍ سُنيٍّ يتحدث باسم “الاستقرار” بينما يبيع الاستقرار في السوق السوداء.
محمد الحلبوسي هو النموذج الصارخ لطبقة سياسية تفهم الدولة كعقد مقاولة لا كمسؤولية.
فضائح الفساد؟ التزوير؟ الإقالة؟ كلها لا تعني شيئًا في عراقٍ يقيس النفوذ بعدد الولائم والعشائر لا بعدد الإنجازات.
الحلبوسي لم يسقط لأنه يعرف القاعدة الذهبية في هذا البلد:
من يملك المال والعشيرة، لا يحتاج إلى ضمير.



الخزعلي: الميليشيا التي لبست ربطة عنق

قيس الخزعلي هو التجسيد الحي لتحوّل السلاح إلى سياسة، والعنف إلى شرعية.
من زعيم ميليشيا يُتهم بقتل العراقيين، إلى “مشرّع” يتحدث عن الإصلاح.
الخزعلي لم يترك البندقية، بل وضعها على الطاولة بجانب دفتر القوانين.
في عراق اليوم، يمكن للقاتل أن يصبح نائبًا، وللمليشياوي أن يصبح رجل دولة، ما دام يملك القدرة على إخافة خصومه أكثر من إقناعهم.
“المقاومة” التي كانت شعارًا ضد الاحتلال أصبحت شعارًا ضد التغيير.



ديمقراطية الفساد: أصوات تُشترى بالنسيان

السؤال الذي يطارد كل عراقي: لماذا نعيد انتخاب من نعرف فسادهم؟
الجواب ليس لغزًا: لأن الناخب نفسه تَكيّف مع الفساد كما يتكيف الجسد مع السمّ بجرعات صغيرة.
في العراق، لا يُنتخب السياسي لأنه الأفضل، بل لأنه الأقوى في شبكته، والأكرم في عطاياه، والأكثر نفوذًا في حلّ “المعاملات”.
الانتخابات ليست معركة وعي، بل موسم غنائم.
صندوق الاقتراع تحوّل إلى صندوق بريد بين زعماء الطوائف، لا بين المواطن والدولة.



السلطة التي لا تموت… والشعب الذي لا يتعلم

في كل دورة انتخابية، يقول العراقيون: “لن ننتخب الوجوه القديمة.”
ثم يفعلون العكس تمامًا.
السوداني يبتسم أمام مشاريع مكرّرة،
المالكي يلوّح كمنتصرٍ خرج من الهزيمة،
الحلبوسي يفاوض على حصة في كل صفقة،
والخزعلي يهمس من خلف الستار:

“من يملك السلاح لا يخسر الانتخابات.”

العراق اليوم لا يعيش أزمة حكم فحسب، بل أزمة ذاكرة.
لقد تحوّل التغيير إلى تجميلٍ للفشل، والمعارضة إلى مقاعد انتظار، والانتخابات إلى مسرحية وطنية مكرّرة.
في بلاد الرافدين، يُغسل الفساد بالماء المقدّس للخطاب الديني، وتُباع الوطنية في مزاد المناصب.



الخاتمة: وطن يُجمّل موته

العراق لم يفشل لأن ساسته فاسدون فحسب، بل لأن شعبه قبل أن يُدار كقطيعٍ بين طوائف.
كل دورة انتخابية ليست وعدًا بالتغيير، بل تأكيدًا أن المنظومة باقية، وأن الشعب لا يزال يوقّع عقد عبوديته بيده.
لقد تحوّل العراق إلى مختبرٍ مثالي لكيفية بقاء الأنظمة الفاشلة على قيد الحياة:
بالخوف، والطائفة، والذاكرة القصيرة.

فهل سيأتي يومٌ يدرك فيه العراقيون أن الوجوه التي لا تستحي، لا يمكن أن تبني



#مصطفى_جمال_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين فهمت لندن ما لم تفهمه بغداد بعد!
- الـ جنة كرهان وجودي: بين فلسفة العبث، الإلحاد، والإنسانية
- التطرف الديني: عندما تصبح الأساطير تهديداً للحريات
- “لحم الخنزير المحرّم: طقوس غامضة وأساطير وصراعات سرية تُعيد ...
- رحلة البسطامي: من ظاهر الحج إلى أعماق العرفان
- “الكائنات الفضائية، الأطباق الطائرة، والمحاكاة: هل نعيش في و ...
- -لعنة الطفل: أنياب في قلب الظلام-
- كيف تعرقل الدول الإسلامية حقوق المثليين في العصر الحديث
- زواج القاصرات في القانون العراقي: خرق لحقوق المرأة بتشجيع من ...
- -العنصرية: الحصن الأخير لحماية الهوية الغربية من تهديد الثقا ...
- اللغة: بين بناء الهوية وتفكيك الإنسانية - رحلة في أعماق التأ ...
- الانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم في العراق: تطورات الاضطهاد ا ...


المزيد.....




- افتتاح منتزه -بيست لاند- الترفيهي في السعودية
- ميشيل يوه تلفت الأنظار بإطلالة -مستقبلية- في سنغافورة
- رغم تدمير معظم مستشفيات غزة.. إسرائيل تخطط لترحيل مرضى فلسطي ...
- الإمارات تعلن نتائج تحقيقات بقضية محاولة -تمرير عتاد عسكري- ...
- نائب رئيس -المؤتمر-: التاريخ يبرر -مخاوف التطرف- في السودان ...
- إحباط محاولة اغتيال مسؤول روسي رفيع في مقبرة.. أجهزة الأمن ا ...
- اقتحم السجادة الحمراء.. معجب يندفع فجأة نحو أريانا غراندي وس ...
- كيت بلانشيت تدعم الموضة المستدامة بإطلالة -ريش نباتي- في ميو ...
- سامي حمدي الصحفي البريطاني الذي احتجزته دائرة الهجرة بأمريكا ...
- ليس عملاً سهلاً… لماذا قد يرغب أي شخص في أن يصبح المدير العا ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى جمال علي - العراق 2025: الوجوه التي لا تستحي البلاد التي تُعيد انتخاب جلّاديها ثم تشكو من الجرح