أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبدالحميد برتو - مع الشاعر سمير الصميدعي















المزيد.....

مع الشاعر سمير الصميدعي


عبدالحميد برتو
باحث

(Abdul Hamid Barto)


الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 22:48
المحور: قضايا ثقافية
    


نشر الصديق العزيز الروائي إبراهيم أحمد تحليلاً نقديًا جميلًا، حول ديوان "طريق العمر" للشاعر سمير الصميدعي. أثارت المادة ذكريات وخواطر لا علاقة لها لا بالديوان ولا بالمادة النقدية. حاولت التعليق حول تلك التداعيات. فوجدت أن المادة قد اتسعت وتجاوزت حدود التعقبات على مثل هذه المواد. قررت نشرها كمادة قائمة بذاتها وإشعار صفحة العزيز إبراهم بذلك. لعلها تكون فرصة لتصل إنطباعاتي الى الأستاذ الصميدعي.

عزيزي ابراهيم وقفت طويلاً عند مساهمتكَ الجميلة هذه، حول ديوان "طريق العمر" للشاعر سمير الصميدعي. لا لتقويم قراءتكَ للديوان أو الجهد الإبداعي ذاته، لأني لم أطلع عليه. لكن توقفت عند نقطة، ربما مازالت غير محسومة، عند المفكرين والنقاد، تدور حول العلاقة بين المبدع وإبداعاته. لكن أسمح لنفسي بالتأكيد على وجود علاقة حاسمة بين كل فنان وفنه. ربما كانت الدعوة إلى النظر للعمل الإبداع بمعزل عن خالقه، تتمحور صوب هدف المحافظة على الموضوعية عند التقويم. لاحظت الإشادة بالديوان من قبل المعلقين على مقالتكَ الجميلةِ. هذا شجعني على أن أقول بضع كلمات عن علاقة الشاعر بمؤسسات النشر والأعمال الإبداعية.

تعرف أني أسست "دار صحارى للصحافة والنشر" في العاصمة المجرية ـ بودابست. كان للدار مساهمات مهمة، منها: طبع عشرات الكتب في مختلف حقول المعرفة والإبداع، نشر مطبوع يومي غطى جميع الجوانب السياسية والاجتماعة حول الإنتقال من الإشتراكية إلى إقتصاد السوق في شرق أوروبا، نشرة اقتصادية أسبوعية تخصصت بالجوانب الإقتصادية وأخيراً أحاديث إذاعية غطت تكاليف المعيشة العائلية لربع قرن، حيث استمرت بعد إغلاق الدار وانتقالي إلى براغ.

ما كان للدار أن تعمل لولا الدعم المادي الحقيقي من شاعرنا العظيم محمد مهدي الجواهري. وفي وقت لاحق من الأستاذ سمير الصميدعي. أعدت للجواهري كامل استثماره في الدار. وفي وقت لاحق عبر دفعات بسيطة تشكل حوالي نصف مساهمة الأستاذ الصميدعي تقريبًا. تشرفت الدار بنشر عملين جميلين رائعين لكَ عزيزي ابراهيم: صفارات الإنذار 1991 و بعد مجيء الطير 1994. وكذلك طبعت مواد فنية للأستاذ الصميدعي.

واجه عمل الدار في فترات لاحقة صعوبات جمة أربكت الإستمرارية، من بينها: ارتفاع أسعار الورق مما حرمنا من القدرة التنافسية، صرامتنا في التعامل مع الإعلانات وعدم تقبل أي دعم. قررت في أيلول 1995 غلق الدار والانتقال الى براغ. عملي الإذاعي أستمر ضامنًا تكاليف معيشة مقبولة. ولكنها دون إمكانية دفع ما بقي من مساهمة الأستاذ الصميدعي في عمل الدار.

تحملت الجهد الصعب من أجل ألّا أذهب لاجئاً، هذا على الرغم من عدم وجود عائق مبدئي، سوى ما يمكن أن أطلق عليه روح البدوى عندي بكل ما لها وما عليها. ثم جاء الاحتلال 2003 الغادر. ترفعت عن العودة، و ما تحمله من حل لمتاعب الحياة، بحكم تحصيلي الدراسي وقدرتي على العمل وما إلى ذلك. مواجهة الاحتلال ومواجهة خدمه من بعده، ظلت هي الروح التي أجد فيها نفسي ومبادئي وتكويني.

انقطعت صلتنا المشتركة الصميدعي وأنا. لا أعرف السبب هل ضاعت العناوين بيننا. أتابع سيرته عبر الإعلام العام في كل ما هو ممكن كمهتم. هو تولى وزارة الداخلية وأنا ورفاقي نخطط للانتقال الى الوطن لغسل عار الاحتلال. لكن في المحصلة تلقينا نصائح صادقة بأن لا مكان لنا في الظروف القائمة بالبلاد. جاءت النصائح من جانب رفاق نثق بهم. لعب التدين السياسي دوراً مشينًا بما ينافس الإحتلال نفسه. كان الوضع يدعو إلى الانكفاء وطنيًا وعالميًا. بدأ ذلك الحال خطواته الأولى المعلنة منذ حادثة جدار برلين. تتابعت التطورات السلبية في حفر أثرها عميقًا في الوعي السكاني.

خرجت من هذه المعركة المديدة بأقل الأضرار الممكنة. قال لي صديق أثق به: لا تستمر بهذا التزمت. لم أنزعج من هذا الوصف، بل شكرت الحياة على تزمتي هذا. تبقى طموحاتي الثورية كبيرة. لا على الظواهر القائمة التي تشي بغير ما أذهب إليه، وإنما على قراءتي لما يعتمل داخل الحياة نفسها. وكما يقول المثل: أول الرقص حنجلة.

يمكن القول إن محصلة عمل الدار التي بنيتها في بودابست مشرفة. كانت هناك مساهمات رائعة خدمت المعرفة، الشعر والمعلوماتية. شارك فيها إلى جانب مديرها الفني الأستاذ إنتشال التميمي الأخوة والأخوات المترجمين والطباعين والموزعين، العراقيين منهم والعرب.

خرجت من هذه المعركة (معركة بناء دار النشر) التي إعتبرها معركة من أجل الحياة أو لمواجهتها، بأقل الفرص الممكنة والكثير من المصاعب المحتملة. مع فوائد لا تحصى للفكر الذي يقف وراء تأسيسها. نقطة الضعف الوحيدة أن تلك التجربة لم تغطي كامل مساهمة الأخ الصميدعي. أعرف أن ما تبقى لديه عندي، قد لا يغطي سفرة واحدة. لكنه حق يجب أن يُسدد. هو قد يعتبر أني تجاهلت حقه. أو يعرف أني لا أقوى حاليًا على التَسديد. أذكر له حادثة واحدة معبرة عن الواقع. في جلسة عائلية، كنا نتداول فيها تجربتنا في بودابست. تفاجئت أن إبن الذي كان في حينها طفلاً، قال: سوف أعيد للأستاذ سمير حقه في أول عمل تجاري أنجح فيه. هذا مؤشر على أرق المسؤولية، أي أن القصة على بساطتها حاضرة حتى في ذهن الابن.

لا أعلم إذا شَهَرَّ الأستاذ الصميدعي بتجربتنا المشتركة أم لا. ولا أعرف ما هي انطباعاته عن فترات صعبة مررت بها. لكن أجد من الواجب عليّ أن أقول بعض إنطباعاتي عنه. لمست منه سمات أخلاقية رفيعة وذوق فني دقيق وحساس. يملك حساً تجارياً أنا لا أمتلكه. يحسب خططه بمهارة. اكتشافي اليوم أنه شاعر أيضاً. أعطى كل الانطباعات السابقة والحالية أبعادًا جديدة أكثر أهمية وأرفع تقديرًا. كما لا يفوتني أن أقول بأن الأبعاد بكل أنواعها عند الشعراء ليست بالثبات الذي نجده في الحياة الاعتيادية.

هنا لا أدخل أيةَ أبعاد سياسية في التقويم. كلنّا كنّا في المعارضة. لكن تفاوتت حجوم التضحيات ودرجات صدقها وصلابتها. أقول لكَ عزيزي سمير: صبرت عليّ فأصبر قليلًا بعد. لم يكن ارتياحي وانطباعاتي الطيبة منصبة عليكَ وحدكَ، بل على أخيكَ أيضاً، وكذلك على صديقكَ الأستاذ الشواف. هذا يعني أن الدائرة المحيطة بكَ طيبة. تعلمت من والدي عبارة كان يرددها كثيرًا، تقول: "الشجرة الطيبة لا تحمل إلا ثمارًا طيبة".

أشكرك عزيزي إبراهيم لأن رسالتك النقدية الخصبة والجميلة حول الديوان، اتاحت لي فرصة أو حركت الحالة الداخلية في نفسي، لقول هذه الكلمات. أتمنى أن تصل هذه التداعيات إلى الأستاذ الصميدعي.



#عبدالحميد_برتو (هاشتاغ)       Abdul_Hamid_Barto#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث المتواصل طريق خيرالله سعيد
- التاريخ حجر الزاوية
- حين أبحر جمال العتابي
- رواية -كدمات اليمام- (3 والأخيرة)
- رواية -كدمات اليمام- (2)
- رواية -كدمات اليمام- (1)
- في عالم الذكاء الإصطناعي
- أوامر ترامب العجولة
- إهانة التضحية
- يحيى علوان رحل مسالماً
- حميد الحريزي يرسم واحةَ الهذيان
- جولة مع الروائي راسم الحديثي
- الشاعر والمناضل مخلص خليل
- حين يَتولى مُنصفون مهماتٍ
- باب المنفى
- لحظة مجيدة في نضال الشعب الفلسطيني
- لماذا يحمل الطلبة الراية الأعلى؟
- أمينة الرحال بطلة من بلادي
- الترقب السياسي السلبي
- الذكرى الخامسة لرحيل مناضل


المزيد.....




- -خلقت ثروة طائلة-.. ترامب يعدد فوائد الرسوم الجمركية على زيا ...
- بوتين يقول إنه غير مستعجل وزيلينسكي يوضح -الخطوط الحمراء-
- أوغندا تضيع فوزا ثمينا بعد هدر ضربة جزاء وتكتفي بالتعادل 1-1 ...
- الاتحاد الأوروبي يحث على احترام -وحدة وسيادة- الصومال إثر اع ...
- شاهد.. انتشال جثمان طفل غرق في بئر بعد محاولات لإنقاذه بغزة ...
- ما مصلحة إسرائيل من الاعتراف بأرض الصومال؟
- ما تداعيات الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بـ-جمهورية أرض الصومال ...
- مخيمات النزوح في السودان.. ولادة بلا تجهيزات وتعليم بلا أدوا ...
- رئيس وزراء الصومال: إسرائيل تسعى لموطئ قدم بالقرن الأفريقي
- البرهان: لن نقبل هدنة ما دام الدعم السريع في شبر واحد من الس ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبدالحميد برتو - مع الشاعر سمير الصميدعي