كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)
الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 17:06
المحور:
المجتمع المدني
في 11/ 11/ 2025 يشهد العراق إنتخاب أعضاء مجلس النواب للدورة النيابية السادسة.ويشهد ظاهرة إنفاق باذخ بالمليارات على الحملات الإنتخابية لمرشحي الأحزاب السياسية المهيمنة على سدة الحكم وحرسها القديم. بينما ماتزال غالبية الناخبين لليوم لم تحسم قرارها: المشاركة أو عدم المشاركة في الإنتخابات ، وإذا شاركت فلمن تصوت..
القرار بالنسبة للموالين لأحزاب الطغمة الحاكمة والمنتفعين من " بركاتها"، مُتخذ ومعروف منذ فترة طويلة، لكونها رفعتهم من شحاذين وحفاة الى الثراء الفاحش بأموال الدولة..
لكنه غير معروف بالنسبة لغالبية الشعب العراقي المتضررة من هيمنة أحزاب الفساد والمحاصصة الطائفية والإثنية وتقاسم المغانم، التي أفقرتها وأذلتها وأرجعت العراق قرناً كاملآ الى الزراء..
ولا نعلم الى متى تبقى هذه الملايين مترددة، ولم تراجع مواقفها السابقة تجاه المنظومة السلطوية، التي أنتجتها الدورات النيابية الخمسة المنصرمة، والتي وصفت الأخيرة المنتهية، بأنها "أسوأ دورة إنتخابية"، ووصف مجلس النواب بأنه " أكبر مجموعة لصوص ".
المطلوب من ملايين العراقيين والعراقيات الإختيار بين 4 مواقف:
- الأول، وهو سلبي: مقاطعة المشاركة بالإنتخابات،مع ان المقاطعة السابقة بلغت 80 % من الناخبين، لكنها لم تردع الفاسدين، وإستمرت هيمنتهم على مقاليد السلطة، ولم تتحسن أوضاع غير الموالين للسلطة.
- الثاني، وهو سلبي أيضاً: مواصلة اللاأبالية و" ما عليه "!!، والذي أوحى بأن أصحابه راضين بحالتهم وحالة أسرهم المزرية والمهينة، ولا يريدون لها الحياة الكريمة والمستقبل الأفضل.وهؤلاء غشمة وسذج.
- الثالث، وهو مشين: بيع الأصوات للفاسدين، لقاء مبلغ بخس. فساهم من قام بذلك، بوعي أو بدون وعي، بتحويل أصوات عائلته الإنتخابية سلعةٍ تُباع وتُشترى، ووسيلةٍ مهينة، ويكون قد استبدل الفساد الإداري بفسادٍ شعبيٍّ مقنّع، ساهم بتعزيز مواقع الفاسدين..
في هذا المضمار، لنيلسون مانديلا- السياسي والثوري المخضرم الجنوب أفريقي الراحل- قول مأثور: "الفساد لا يُفرِغ جيوب المواطنين فقط، بل يسرق الإيمان بالغد ويقتل أحلام الناس بالعدالة والكرامة ".
وإعتبر الصحفي والروائي البريطاني جورج أورويل: " ان الشعب الذي ينتخب الفاسدين والإنتهازيين واللصوص والمحتالين والخونة، لا يعتبر ضحية، بل هو شعب متواطئ وشريك في الجريمة "..
وأوضح السياسي العراقي جورج منصور: " إن الشعب الذي يختار الفاسدين، أو يتغاضى عنهم، أو يبرر لهم باسم العشيرة أو المذهب أو المصلحة الشخصية، إنما يوقّع بيده على استمرار الخراب. فالسياسي الفاسد لا يأتي من فراغ، بل يصعد على أكتاف أصواتٍ منقوصة الشرعية، ووعودٍ زائفة اشتراها بثمنٍ بخس من وعيٍ مغيّب أو جوعٍ مزمن"..
أمام ملايين العراقيين، المتضررين من موبقات المنظومة السلطوية الفاسدة، فرصة أخيرة، ليتخذوا الموقف الإيجابي والصحيح- الرابع، وهو المشاركة الواسعة في الإنتخابات، والتحلي بجرأة وشجاعة ومسؤولية العراقيين الأصلاء،الذين لم يسكتوا على ضيم، ولم يفرطوا بحقوقهم المشروعة، ولم يستطع مستبد وجائر أن يستغفلهم.. المطلوب منهم،حرصاً على مستقبل أُطفالهم،رفض التصويت لمرشحي الحرس القديم للمنظومة السلطوية الفاسدة. وبذلك يحاسبون ويعاقبون من خدعهم وكذب عليهم طيلة عقدين من الزمن، وأوصلهم الى حالة المعاناة المريرة من الفقر والعوز والحرمان والمرض والقلق المستديم والإهمال والإذلال، وقتل طموحاتهم المشروعة.
على جميع المتضررين من منظومة الفساد ان يعلوا صوتهم بوجه الطغمة الحاكمة:
كفى خداع !..كفى إستغفال !.. كفى كذباً ووعوداً معسولة !.. ولن نثق بمن أوصلنا الى أتعس الأحوال الأقتصادية والإجتماعية والصحية والتربوية والثقافية، غير ناسين بأنهم جاءوا بالأساس:" لتفليش البلد، لا لإعماره "(المشهداني)، و"أخذنا السلطة ولن نعطيها" (المالكي)، و"لا تضيعوها !"(الحكيم)، وغيرها من "خطاب مرتزقة جعلوا الدين وسيلة للحصول على المغانم وفتح أبواب السلطة لهم بما فيها من إمتيازات ومنافع" (نغم أزهار)، مواصلين ما قاموا ويقومون به من شحن طائفي وتعصب مذهبي وقومي، وتشتيت لوحدة المجتمع العراقي، والتباهي بكل وقاحة وخسة ودناءة بولائهم لغير العراق..
أقولها بكل صراحة للمترددين بحسم موقفهم من الطغمة الحاكمة الفاسدة،التي إستغفلتكم وخدعتكم وأذلتكم 22 عاماً لن تحقق لكم ولأطفالكم أي مشروع،ولن تقوم بأي إعمار وتنمية، وحتى أبسط إنسان يعرف ان خزينة الدولة مصفرة، ومديونية بأكثر من 130 مليار دولار خارجية و 80 مليون دولار داخلية، نتيجة نهب وإهدار الآف المليارات من أموال الدولة-أموال الشعب..
وكلكم شهود كيف أصبح الفاسدون ملياردية على حساب الغالبية العظمى من الشعب، وتحويل العراق الغني بثرواته الى دولة تستجدي المعونات،بينما عائداتها من النفط وحده تصل الى 115 مليار دولار سنوياً. ويمتلك العراق ثروة من الغاز والكبريت وبقية المعادن.
واليوم يعيش أكثر من ربع العراقيين تحت خط الفقر، و 7 ملايين في العشوائيات وبيوت صفيح.وثمة 5 ملايين إمرأة أرملة و6 ملايين يتيماً و6 ملايين نازحاً و5 ملايين مهاجراً مغترباً.وتقف السلطة منذ عقدين متفرجة أمام تفاقم محنتهم ومعاناتهم.
ويعاني أكثر من ثلث مجموع أطفال العراق من سوء التغذية. ويموت منهم عشرات الآلاف. وكأنه لم يكفيهم السرطان والتشوهات الخلقية والعلل العضال الأخرى غير القابلة للعلاج.وتكذب وزارة الصحة بكل وقاحة بأن معدلات الأصابة بهذه الأمراض الخطيرة هي ضمن "الحدود الطبيعية" و" أفضل من الدول الأوربية" (كذا !!!)، للتغطية على ما فعلته مافياتها من خراب ودمار في المؤسسات الصحية، وأوصلت الوضع الصحي الى مستوى الإنحطاط، بعد ان كان العراق يتمتع بأفضل رعاية صحية في الشرق الأوسط.
ويطول الحديث عن البطالة، التي تجاوزت معدلاتها الـ 40 في المئة،وبلغت وسط العراقيات 69 %، بينما كان العراق يمتلك 67 ألف مصنعاً ومعملآ وملايين الدونمات من الأراضي الصالحة للزراعية والمزارع والحقول، التي دمروها عن بكرة أبيها، ليحلوا محلها قطاعهم الخاص..
وبينما يبحث عشرات الآلاف من العراقيين والعراقييات عن ما يسد رمق جوع أطفالهم في المزابل والنفايات، إنظروا كم من الرواتب الشهرية يستلمها جلاوزة المنظومة السلطوية الفاسدة :
يستلم 56 شخصاً 13 راتباً شهرياً لكل واحد منهم،
و187 شخصاً 12 راتباً،
و316 شخصاً 11 راتباً،
و 715 شخصاً 10 رواتب،
و1207 شخصاً 9 رواتب،
و2287 شخصاً 8 رواتب،
و3651 شخصاً 7 رواتب لكل واحد منهم.
وفيما تعجز الحكومة عن دفع رواتب المتقاعدين والموظفين العراقيين لأشهر عديدة، ناهيكم عن مساعدة العوائل الفقيرة والكسبة اليوميين وذوي الإعاقات الجسدية المستديمة، والتخفيف من معاناتهم، تدفع السلطة المليارات شهرياً للرفحاويين المزورين، الذين ضاعفوا عددهم من قرابة 5 اَلاف الى أكثر من 120 ألف، والراتب الواحد 15-20 مليون دبنار شهرياً.
وعدا هذا تدفع مليارات الدنانير شهؤياً لأكثر من 200 ألف من الفضائيين التابعين للأحزاب المتنفذة.
وبينما يتقاضى غالبية المتقاعدين 400 ألف – مليون دينار شهرياً، بعد خدمة لا تقل عن 30 سنة، تمنح الحكومة النائب راتب تقاعدي بالملايين، و100 مليون لنهاية خدمته، عدا ما تنفقه على إمتيازاته وحمايته.
ولعلكم علمتم بان رئيس حكومة القتلة السفاح عبد المهدي، المسؤول عن مجازر تشرين، إستلم 3 مليارات و200 مليون دينار عراقي نهاية خدمة كريس وزراء. وكان يستلم قبل ان يصير رئيس وزراء راتباً مليون دولار شهرياً- أعلنها بنفسه في برنامج تلفزيوني موجود على الإنترنيت.
ويطول الحديث عن نفقات السلطة، ومنها مئات اَلاف المليارات (ترليونات) كرواتب ومخصصات وإمتيازات للرئاسات الثلاث، وللوزراء والوكلاء وذوي الدرجات الخاصة،والحمايات، ولم يقدموا خدمة واحدة للشعب والوطن..
ودات الشيء ينطبق على مجلس النواب يكلف الدولة اَلاف المليارات، تعادل ميزانيات عدة دول نامية، ولم يقدم خدمة واحدة لصالح الشعب.ومن "منجزاته":
* عدم إقرار قانون الخدمة المدنية، ولا سلم الرواتب، وتم دفعهما الى الدورة القادمة.
* زيادة الضرائب.وزيادة الاجور في المستشفيات: الباص من 5 اَلاف الى 15 ألف دينار.وزيارة المريض بـ 7 اَلاف دينار،وفحص الدم للزواج من 25 الف دينار الى 75 الف دينار. وزيادة اجور اعتراضات الطلبة ،وعدم تسليم الطالب الجامعي النتيجة الا بعد دفع مبلغ 66 الف دينار..
وفيما يستغل رئيس الحكومة أموال الدولة للترويج لحملته الإنتخابية، ويكذب على العراقيين بـ" مشاريعه" لـ"البناء" و"الأعمار" و"التنمية"، مع أنه صفر خزينة الدولة،وترك العراق مديونا باَلاف المليارات.وقبل هذا إعتدى على صندوق الضمانات الإجتماعية، الذي لم يجرأ على ذلك حتى الطاغية صدام.
أما اَن الأوان لتدركوا يا غالبية العراقيين البالغين،ان بإمكانكم أن تقلبوا الطاولة على رؤوس الفاسدين، وتغيروا الأوضاع الراهنة، بأرادتكم الحرة وبموقفكم الموحد،النابع منضمير حي وشعور عال بالمسؤولية الوطنية.. عبر المشاركة الواسعة بالإنتخابات القادمة، وإنتخاب مرشحي قوائم جديدة، معروفين ومشهود لهم بالكفاءة والحرص والنزاهة وأصحاب الأيادي البيضاء والنظيفة، تستطيعون إحداث التغيير الشامل للعملية السياسية الفاشلة، وللحالة الأقتصادية- الإجتماعية المزرية.
مصير الغاتلبية العظمى من العراقيين والعراقييات، ومصير عوائلهم وأطفالهم ومستقبل بلدهم، متوقف على ان يهبوا جميعا وينتخبوا المرشحين المخلصين لشعبهم ووطنهم، الذين لديهم برامج مدروسة وقابلة للتحقيق، ةتهدف بالأساس الى :
- التغيير الجذري الذي يُنهي منظومة المحاصصة الطائفية والإثنية،
- مكافجة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، وإسترجاع المليارات المنهوبة،
- بناء اقتصاد وطني منتج لصالح الشعب والوطن،من خلال إعادة الحياة للصناعة والزراعة والتجارة والسياحة،والقضاء على البطالة ومعالجة بقية المشاكل الأفقتصادية-الإجتماعية الساخنة،
- إعادة توزيع الثروة لتحقيق قدر مناسب من العدالة الاجتماعية،
- وبالتالي بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الإجتماعية، دولة المؤسسات وسيادة القانون على الجميع دون إستثناء..
مثل هؤلاء المرشحين الكفوئين والنزيهين تجدونهم في القوائم الجديدة التالية: " تحالف البديل"، "التحالف المدني الديمقراطي"، و"تحالف الفاو زاخو"..
وإعلموا يا عراقيين ان بقاء الطغمة الحاكمة الفاسدة لأربع سنوات أخرى جاثمة على صدوركم لن يجلب لكم سوى المزيد من الكوارث والفواجع والمعاناة، والدليل ان أحد المعممين من أبواق السلطة دعا بكل وقاحة الى "إنتخاب السيء كي لا يأتي الأسوأ منه ". وهو إقرار واضح وصريح بأنهم سيئون، وسيبقون الحال على ما هو عليه دون أي تغيير..ويؤكد د.علي القيسي: " قلبت صفحات التاريخ حتى آخر سطر.. نبشت في عصور الانحطاط، فترات الاحتلال، مراحل الذل.رأيت من باع، من خان، من ركع! لكني لم أقرأ يوماً عن جماعة تشبه هؤلاء!..تركيبة فريدة من الذل الطوعي والانتماء القهري! كائنات تتغذى على انبطاحها وتتلذذ بخضوعها.. نمط بشري ملوث وصنف نادر ومزيج حصري من العمالة والانتماء المريض وازدراء الذات! بلا خجل بلا قناع بلا مراوغة.. وبالعلن! .. مخلوقات هجينة، أنصاف بشر..! نصفهم حقد ونصفهم خرافة وكلهم انفصال عن الوطن! " ..
القرار الأخير لكم، وقد أعذر من أنذر !
* أكاديمي عراقي متقاعد
#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)
Al-muqdadi_Kadhim#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟