كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)
الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 14:02
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
فضيحة مدوية
كشفت الحرب الدائرة على إيران عن فضيحة شنيعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية،عرتها أمام الرأي العام العالمي، حصلت حينما كانت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية قد أبلغتها، ضمن المراسلات الدورية بينهما، بأنها وصلت في تخصيب اليورانيوم لنسبة 60 %،وأكدت لها مجدداً بان ليست لدى إيران نية لإنتاج أسلحة نووية "..
ما الذي فعلته الوكالة الدولية ؟
قامت الوكالة بنشر السر، أولآ،ومن ثم أعلنت، في مطلع حزيران الجاري، زاعمة بان": "إيران تخصب يورانيوم بكميات قريبة من انتاج قنبلة نووية ". وهو ما أعطى المبرر لإسرائيل لتوجيه ضربة إستباقية مباغتة لأيران، بدعم أمريكي مكشوف، في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة مع إيران مفاوضات، بوساطة عُمان، بشأن البرنامج النووي الإيراني، للوصول لأتفاق مرضي للطرفين.
الهجوم الواسع الذي شنته إسرائيل على إيران، دون سابق إنذار، شمل قصف منشآت نووية، وقواعد صواريخ، ومؤسسات حكومية مدنية، ومراكز قيادة.وإغتالت خلاله قادة عسكريين، وعلماء نوويين،وقتلت بالقصف العشوائي المئات من المواطنين الأبرياء، مقترفة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بذريعة "حقها في الدفاع عن النفس" و" حقها في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، لكونه يهدد إسرائيل"، وهو البرنامج، الذي أكدت الوكالة الدولية، قبل ذلك، وأكثر من مرة، بأنه للأغراض السلمية. وعدا هذا، يوجد خبراؤها في منشاَته، وتعمل فيها كاميرات المراقبة وأجهزة الرصد ليل نهار..
مخطط مُعد مسبقاً
إستكمالآ لبيان الوكالة الدولية المذكور، قدم مديرها العام رافائيل غروسي تقريراً الى مجلس المحافظين. وأثناء مناقشته قُدِمَ مشروع قرار" يُدينُ فيه مجلس المحافظين عدم امتثال إيران لالتزاماتها النووية"،أعدته لندن وباريس وبرلين وواشنطن. ومع أنه جوبه بانتقادات شديدة، ورفضه العديد من أعضاء المجلس، إلا أنه مُررَ بتأييد 19 دولة من أصل 35 دولة.علماً بان الصين وروسيا وبوركينا فاسو صوتت برفض النص، فيما امتنعت 11 دولة عن التصويت.ولم تتمكن باراغواي وفنزويلا من المشاركة في التصويت لعدم سدادهما الإسهامات المالية.
أثار القرار ردود فعل غاضبة من عدة دول، وإعتبرته طهران بانه "قرار معادي ومعد سلفاً" ويشكل "موقفاً سياسياً ".ووصفه فريدون عباسي، الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بأنه " موقف سياسي منحاز للأجندة الغربية "، وقال بيان مشترك لوزارة الخارجية وهيئة الطاقة الذرية الأيرانية:"القرار يكشف الطبيعة المسيسة للوكالة ، ويشي بان سياسة التعاون المفتوح لأيران مع الوكالة الدولية أتت بنتائج عكسية، بسبب النهج السياسي المتبع"..
وتواصل إسرائيل منذ قرابة الإسبوعين هجماتها الصاروخية في عمق إيران. وترد عليها إيران بالمثل. فتعرضت إيران والكيان الصهيوني الى دمار وخراب واسعين، الى جانب الخسائر البشرية. وأصبح وشيكاً خطر حصول كارثة نووية تهدد كافة دول الجوار.
للتغطية على تقريرها المشين وتداعياته، حذر المدير العام للوكالة الدولية من " أن تصاعد الاشتباك العسكري بين إسرائيل وإيران يُسبب خسائر بشرية، ويزيد من خطر تسرب إشعاع نووي ذي عواقب وخيمة "، وأن "هذا التوتر يُؤخر التوصل إلى حل دبلوماسي طويل الأمد لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية" !!..ولم ينتقد، ناهيكم عن إدانة، الهجوم الإسرائيلي، ولم يتطرق لقتل العلماء النوويين والمدنيين الأبرياء.
مهزلة المهازل
أليست هي مهزلة المهازل( أم هي أحد منجزات النظام العالمي ذي القطب الواحد الراهن) ان يقوم كيان مارق ( الربية إسرائيل) بدور "الشرطي الدولي"، ويشن الحروب على الدول الأخرى في الشرق الأوسط، للقضاء على برامجها النووية السلمية، بذريعة "الدفاع عن النفس"، وإسرائيل تمتلك ما بين 80 و 400 رأساً حربياً نووياً، دون موافقة دولية، ولا ضمانات، ولا تسمح بالرصد والتحقق، إذ لا تعترف بالأتفاقية الدولية لحظر إنتشار الأسلحة النووية.
والمهزلة الأخرى(أو المنجز الأخر) ان أحداً، حتى الإدارة الأمريكية، لا يتجرأ إيقاف الحكومة الصهيونية الفاشية عند حدها، ومحاسبتها. لا بل ما ترتكبه من إبادة جماعية يومية، في غزة، وجرائم حرب دولية، وجرائم ضد الإنسانية، في إيران، حضيت وتحضى بدعم غير محدود، وبكل الوسائل، من قبل أمريكا وحلف الناتو والإتحاد الأوربي وحكوماتها " الديمقراطية" و" الإنسانية" جداً..
تصفية العلماء النوويين
تصفية العلماء النووين الأيرانيين قضية خطيرة أخرى متورطة فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضحتها إيران، ونشرت وسائل الإعلام، قبل أيام قلائل، معلومات وافية عن الفضيحة بالإستناد لتقرير نشره موقع " سوهو الصيني". نوجز أبرز ما جاء فيه:
على مدى سنوات، نفذت إسرائيل سلسلة من العمليات السرية لاغتيال علماء نوويين إيرانيين بارزين، مما شكل عائقا كبيرا أمام تقدم طهران في مجال التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.
بدأت موجة الاغتيالات منذ عام 2007، عندما أُغتيل البرفسور أردشير حسين بور، أحد أبرز علماء إيران النوويين.وفي عام 2010 أُغتيل الخبير البارز في الفيزياء الجزيئية البرفسور مسعود علي محمدي أمام منزله.وفي 29/11/ 2010، تعرض الفيزيائي النووي البروفسور فريدن عباسي، لمحاولة إغتيال في طهران، نجا منها بإعجوبة. وفي نفس اليوم تم إغتيال المهندس النووي مجيد شهرياري.وفيما بعد تم إغتيال مصطفى أحمدي روشن، المسؤول عن الإشراف على منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، هو وأسرته بقنبلة أُلقيت على منزله.وفي 27/11/2020 أُغتيل البرفسور محسن فخري زاده- نائب وزير الدفاع، ورئيس العلماء النوويين، في بلدة أبوساد، البعيدة عن طهران 70 كيلومتراً.
تنفيذ بدقة متناهية
الملاحظ تميز سلسلة الإغتيالات بالدقة المتناهية، حيث كان المهاجمون على علم بتحركات العلماء، ويختارون اللحظة المثالية لتنفيذ إغتيالهم. وبدى الأمر كما لو أن عينا خفية كانت تراقب العلماء عن كثب، وهو ما أثار تساؤلات ملحة حول مصادر المعلومات الاستخباراتية التي سهلت هذه العمليات الدقيقة. وتوجهت أصابع الإتهام الى الموساد الإسرائيلي الخبير عالمياً بهذه الجرائم.
وبعد تحقيقات شاقة استمرت 18 عاما، حصلت إنفراجة مكنت إيران من كشف النقاب عن الجهة التي تقف وراءها، حيث نجحت الإستخبارات الأيرانية في حزيران 2025، من خلال عملية مخططة بعناية فائقة، في اختراق نظام المعلومات السرية الإسرائيلي، فتحت الباب أمام كشف أسرار عمليات استهداف العلماء النوويين الإيرانيين.إذ كشفت آلاف الوثائق، التي وقعت بأييدي أجهزة الاستخبارات الإيرانية، تفاصيل كاملة عن تلك العمليات،والمنفذين له، بالأضافة لمعلومات عن المنشآت النووية الإسرائيلية، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا، وقدراتها الدفاعية..أعلنت ذلك إيران في 7/ 6/ 2025. وعلقت إسرائيل بان " الوثائق قديمة، وكل ما تضمنته تغير"...
وفيما كان الأيرانيون ينتظرون ردع عملاء الموساد في داخل إيران، وجهت إسرائيل ضربة مباغتة لأيران، فجر 13/6/2025، إغتالت خلالها عدد غير قليل من أبرز العلماء النوويين والقادة العسكريين، ضمن عدوان بدأته بدعم أميركي، بهجوم واسع على منشآت نووية وقواعد صواريخ.
سر صادم
كشفت الوثائق سراً صادماً وهو إنخراط مفتشين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنشطة تجسس لصالح إسرائيل، أثناء فترة وجودهم في إيران كمفتشين، أو كزائرون للمنشاَت النووية الأيرانية، تحت ستار الرقابة النووية والتعاون الدولي،وتحركهم بحرية تامة فيها، والإلتقاء بعلمائها، ناقلين الى أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية، سراً، مراسلات طهران الحكومية، الموجهة للوكالة الدولية، ومعلومات حساسة، تشمل مواقع وهياكل المنشاَت النووية، وهويات العلماء النوويين، ومناصبهم، وعناوين إقامتهم، وجداول تحركاتهم اليومية، فسهلت تصفيتهم من قبل الموساد الإسرائيلي.
صدمة كبرى
نعم،صدمة كبرى لأيران،التي لم تتخيل ان مفتشي وكالة دولية كبيرة، تابعة للأمم المتحدة، تثق بها، وتحترم قراراتها،وتستقبل فرقها وأعضاءها بحفاوة وكرم وحسن نية، وتتعاون معهم، الخ، ان يكونوا إداة لخدمة إسرائيل ومشاريعها الإجرامية.
بالمقابل، كان ينبغي ان يهز مثل هذا الحدث الرهيب أركان منظمة الأمم المتحدة، وان يعقد مجلس الأمن جلسة خاصة لإدانة هذا الفعل الشنيع، وتحاسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية عليه وعلى فقدانها لثقة الأعضاء.. إلا أن ذلك لم يحصل، ولن يحصل بتأثير الإدارة الأمريكية ، التي تواصل دعمها المطلق، وتشارك بكل صلافة وإستهتار بجرائم الحكومة الصهيونية الفاشية اليومية في غزة ولبنان وسوريا وإيران، المنتهكة بوحشية للقانون الدولي ولحقوق الإنسان وللسلم والأمن الدوليين.
*أكاديمي عراقي متقاعد
#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)
Al-muqdadi_Kadhim#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟