|
|
الحزب الشيوعي العمالي ... وماذا بعد؟
قاسم علي فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 16:34
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
"وانا في النهاية واقع بين امرين: فتارة رحالة قديم يواجه مشهدا عجيبا، يند كله او جله عن فهمه، ان لم يوح له بالسخرية والتقزز، وهو الأسوأ. وتارة أخرى، رحالة عصري يجري وراء اثار واقع اندثر. فأنا في الحالتين خاسر"... كلود ليفي شتراوس... مداريات حزينة.
اتخذ الحزب الشيوعي العمالي في الآونة الأخيرة خطوتان اعتبرهما على حد تعبير قادة الحزب بأنهما "تكتيكان"، هذان ال "تكتيكان" يعدان خروجا على مألوف سياسة الحزب، فقد كانا ضمن الخطوط الحمر لمجرد التفكير بهما، لكن كما يقولون عن هذه السياسات الجديدة بأنها "مصدر للتفاؤل"، ولا نعلم هل بات الفكر السياسي الماركسي يقاس بمعادلة "تشاؤم-تفاؤل"! على العموم فأن الحديث يطول حول تلك السياسات، لكن لندع التاريخ يتحدث في البدء عن "التكتيك" الأول، والذي هو التحالف او التقارب مع الحزب الشيوعي العراقي.
في 29-10-2025
نشر السيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ومن على صفحته الشخصية، نشر بلاغا صحفيا مشتركا عن اللقاء الذي جرى بين وفدين من الحزبين الشيوعي العراقي والشيوعي العمالي العراقي، تناول اللقاء حسب ما هو مذكور في البلاغ الأوضاع السياسية وتفاقم الازمات المعيشية واستمرار الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية وهيمنة قوى المحاصصة الطائفية والاثنية على مفاصل الدولة، واكد الطرفان على ان التغيير الحقيقي لا يتحقق الا من خلال بناء حركة سياسية جماهيرية واسعة تتبنى مشروع العدالة الاجتماعية والعلمانية والمساواة.
في 24-9-2003
نشر الحزب الشيوعي العراقي لقاءَ صحفيا في مجلة الوسط البحرينية لسكرتيره السيد حميد مجيد موسى، لمناسبة مرور 69 عاما على تأسيس الحزب؛ السيد حميد مجيد موسى أجاب على سؤال الصحفية في ذلك اللقاء:
"خرج إلى السطح في السنوات الاخيرة حزب شيوعي يدعى "الحزب الشيوعي العمالي" ما مدى ارتباط حزبكم به، وهل خرج هذا الحزب من "رحم" حزبكم؟
"ليس لهذا الحزب اية علاقة بالحزب الشيوعي العراقي، لا فكريا ولا عضويا، وقد شكل هذا الحزب بعد الثورة الإيرانية من قبل الإيرانيين الذين كانوا لاجئين في العراق، وكانوا يخططون للجوء عند نظام صدام، وشكلوا تنظيما اسمه "النهج الشيوعي"، وبعد انتفاضة ابريل/نيسان حولوا "النهج الشيوعي" الايراني إلى فرع عراقي تحت تسمية الحزب "الشيوعي العمالي العراقي"، لكنهم لم يرتبطوا بالماركسية لا فكريا ولا تاريخيا".
في 27-9-2003
نشر السيد سمير عادل "عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي آنذاك"، نشر مقالا انتقد فيه ادعاءات السيد حميد مجيد موسى قائلا:
"ويستمر السيد موسى ليقول بأن الحزب الشيوعي العمالي العراقي ليس بماركسي. واني متفق مع هذا العبقري والمنظر الجديد للماركسية. اذ ماركسية حميد مجيد وحزبه الشيوعي، الجلوس في مجلس الحكم في حصة الشيعة، وتأييد الحرب الامريكية –البريطانية الوحشية التي ارتكبت ضد جماهير العراق وتأييد الاحتلال والحصار الاقتصادي من قبل، والتملق للاسلام السياسي والتلوين بلونه، وليس هذا وقت فصل الدين عن الدولة، وان العراق مجتمع سلامي ولا يجوز المساواة الكاملة بين المرأة والرجل. ولا يجوز للعمال رسم الدور السياسي للمجتمع، وليس هذا وقت ضمان البطالة، ويجب خصخصة المصانع والمعامل...الخ. هذه هي ماركسية حميد مجيد موسى. والحزب الشيوعي العمالي العراقي براء من هذه الماركسية. ولو كان ماركس على قيد الحياة لقاضى حميد مجيد موسى على هذه الماركسية في المحكمة ولطلب ان يغير اسم حزبه الى "الحزب الديمقراطي الاسلامي" بعد دفع تعويضات مناسبة لما اقترفه من تشويه بحق ماركس والماركسية". هذه الاقتباسات تخص فقط لقاء الحزبين الذي من المفترض ان لا يلتقيان ابدا، فكل حزب هو في واد حرفيا؛ لكن لنسأل مهندسي هذا "التكتيك" من قادة الحزب الشيوعي العمالي: ترى ما هي التغيرات التي طرأت على سياسة او منهج الحزب الشيوعي العراقي جعلت قادة الحزب الشيوعي العمالي يغيرون نظرتهم او رؤيتهم عن الحزب الشيوعي العراقي؟ فلم يفصح أحد من الشيوعي العمالي سواء ببيان او بلاغ او لقاء او مقال عن أوجه التقارب او عن التغيرات التي لمسها قادة الحزب الشيوعي العمالي؛ فإلى الان باقية نظرة قادة وكوادر الصف الأول من الحزب الشيوعي العراقي للحزب الشيوعي العمالي، بل لنقل لكل القوى الشيوعية الموجودة في العراق؛ انه ينظر الى نفسه ك "أب" كبير في السن -90 سنة-، ويجب ان لا يخرج من تحت عباءته أي أولاد، وإذا صادف ان خرج احدهم وادعى الشيوعية-فهي حكر عليه-؛ "بملاحظة ان الحزب الشيوعي العمالي لم يخرج من رحم الحزب الشيوعي العراقي، هذه حقيقة مؤكدة"، نقول اذا صار هناك حزب شيوعي فأنه يقابل بسيل من الاتهامات و"الاستصغارات" و "الاهانات" التي لا تنتهي، نقرأ ذلك في الكثير من مقالاتهم ونشراتهم، هذا فقط من الجانب الاجتماعي؛ ام الجانب السياسي والفكري، فالحزب الشيوعي العراقي متمسك بشكل ثابت على سياساته التي ذكرها سمير عادل في عام 2003، هي هي باقية لم تتغير، ولا نعتقد انها ستتغير، لأنها ضمن بنية تفكير ومنهج الحزب ذاته.
لو ان السيد حميد مجيد موسى قدم اعتذارا للحزب الشيوعي العمالي عن تلك الاتهامات والادعاءات، والتي عرضت نشطاء الحزب في ذلك الوقت للخطر؛ فالحزب الشيوعي العراقي كان يوزع البيانات-خصوصا في شارع المتنبي حيث يتم توزيع جريدة الى الامام- يوزع البيانات التي تتبرأ من الحزب الشيوعي العمالي، بل وتصل الاتهامات الى اعتبار الشيوعي العمالي حزب صهيوني-ماسوني-إيراني؛ لو انهم قدموا اعتذارا ما عند ذاك نستطيع القول من حق الحزب الشيوعي العمالي التقارب مع الشيوعي العراقي؛ لو ان 1% من سياسات ومنهج الحزب الشيوعي العراقي تغير لقلنا من حق الشيوعي العمالي التقارب. القضية لا تتعلق ب"تصلب المواقف"، وأيضا لا تتعلق ب "الطهارة الايدولوجية"، ولا تتعلق ب "نقاء صوفي"، ولا ب"العفة الايدولوجية" –هذه مصطلحات تحريفية يراد منها تبرير المنهج-، المشكلة تكمن في منهج تفكير سياسي يذهب بالحزب الشيوعي العمالي الى غياهب المجهول، سياسات غير مدروسة بشكل دقيق، فالحزب الشيوعي العراقي هو اليوم يقف على مفترق طرق او في لحظة فاصلة، الكثير من كوادره تنتظر ما سيحققه-يجنيه- الحزب من الانتخابات، كونها غير راضية تماما عن السياسات السابقة، على مدى العقدين الماضيين، لكن قيادة الحزب تراهن على التغيير من الداخل، والجميع يعلم ان هذا "هٌراء". فإذا لم يحقق ما يطمحون له، وهم يرون أنفسهم "كبارا" داخل المجتمع، فان هناك تداعيات خطرة الى حد ما على الحزب، اذن لماذا هذا التقارب؟ ثم ان الشيوعي العراقي تحالف هذه المرة مع قوى ليبرالية صرف، ووضع قيادة التحالف بيد شخص ليبرالي-امريكي خالص؛ هذا الشخص لا يخجل ابدا من ليبراليته السخيفة والقذرة، هو الشخص الوحيد من العملية السياسية الذي حضر حفل تنصيب ترامب، هو اليوم يقود التحالف الانتخابي، هو رقم واحد في القائمة، والسيد رائد فهمي رقم 2، هل يعقل ذلك؟ انها "فنتازيا" الشيوعي العراقي، ثم بعد كل ذلك يتقارب الشيوعي العمالي! لا ندعي معرفتنا الكاملة بمنهج التفكير السياسي داخل الشيوعي العمالي، لكنه حتما يشير تبني سياسات تشبه الى حد كبير منهجية الشيوعي العراقي؛ وهذا ان حصل فأنه سيشكل عزلة اجتماعية وطبقية تامة، مثلما يحصل للشيوعي العراقي اليوم.
يتبع لطفاً....
#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستشراق في عقل الماركسي
-
تساؤلات حول مقال الصديق عمر الخطاط
-
أعياد دينية وأحزاب يسارية
-
السُّفسطائي
-
نقد منصور حكمت والأحزاب اليسارية وعي متأخر أم تصفية حساب؟ ال
...
-
نقد منصور حكمت والأحزاب اليسارية وعي متأخر أم تصفية حساب؟
-
رشيد غويلب والتجمع المدني الوطني العراقي
-
سلوى زكو والخجل من المصارحة - عن انقلاب الثامن من شباط
-
مثقفو السلطة والطائفة.... مؤيد ال صوينت نموذجا
-
مجرد ذكريات
-
النقابات العمالية و(الأوبلوموفية)
-
(المرأة والحرب)
-
بين جوليان أسانج واليكسي نافالني
-
دروس في الاخلاق الليبرالية.. مقتل طفلين
-
تساؤلات حول بعثة وفد المثقفين الى تونس
-
حول ذكرى التاسع من نيسان
-
عشرون عاما من البؤس - قطار الديموقراطية الأمريكي
-
ستون عاما من الاجرام الثامن من شباط وقطار الليبرالية الامريك
...
-
التمايز في اللغة او رسم الحدود بين المذكر والمؤنث
-
(الڨيروس الليبرالي)
المزيد.....
-
وزير خارجية عُمان: إسرائيل هي المصدر الرئيسي لغياب الأمن بال
...
-
المتحف المصري الكبير... صرح ثقافي يروي تاريخ الحضارة الفرعون
...
-
فرنسا: القضاء سيدرس طلب إخلاء سبيل ساركوزي في نوفمبر
-
ترامب يبدي استعداده للإبقاء على تمويل برنامج الإعانات الغذائ
...
-
أرقام جديدة عن ضحايا الإبادة والمصابين بالأمراض المزمنة في غ
...
-
ظروف صعبة لنازحي الفاشر والدعم السريع تخطط للانسحاب من المدي
...
-
بولس: خطاب العاهل المغربي كان حكيما لجهة مد اليد إلى الجزائر
...
-
توم براك: على لبنان التقدم بسرعة بشأن حصر سلاح حزب الله
-
غارات على غزة بعد إعلان إسرائيل تسلّمها جثثا لا تعود لرهائن
...
-
افتتاح المتحف الكبير.. بداية حقبة جديدة في السياحة المصرية
المزيد.....
-
نعوم تشومسكي حول الاتحاد السوفيتي والاشتراكية: صراع الحقيقة
...
/ أحمد الجوهري
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
المزيد.....
|