أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - الصورة والمحتوى في الادراك















المزيد.....

الصورة والمحتوى في الادراك


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 08:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمهيد:
من الثابت ان كانط عمد في كتابه الذائع الصيت (نقد العقل المحض) إثبات امكانية الادراك العقلي المنطقي المحض لاشكال موجودات العالم الخارجي الذي يحتوينا بمعزل عن محتوى تلك الاشياء المادي. بالتعبير المباشر المختصر امكانية العقل ادراك شكل الشيء كفراغ مكاني مجردا عن محتواه المادي لدى كانط. كما حاول اثبات ادراك الفراغ المكاني بدلالة الحدس المنطقي وليس بدلالة المادة هي محتوى ملء الفراغ.
ونسب كانط لجهده الفلسفي بالكتاب انه انهى والى الابد كل نظريات الميتافيزيقا الفلسفية بالتفكير. فالى اي حد نجح كانط في تحقيق مسعاه في تحليله ونقده العقل مجردا ماديا كعقل محض من زاوية تناوله بالمنهج المنطقي؟ كتاب كانط (نقد العقل المحض) يقال انه استغرق الفيلسوف بتاليفه عشرين سنة !!. وانا هنا اناقش بعض القضايا بضوء كتاب المفكر صادق جلال العظم (دراسات في الفلسفة الغربية المعاصرة ) في عرضه آراء كانط في كتابه المذكور. والشيء الملاحظ ان المفكر الماركسي جلال العظم لم يقم بنقد الميتافيزيقا التي احتواها كتاب كانط بل اكتفى بعرضها مع تعليق هامشي توضيحي في بعض الاحيان.
شكل المادة والمحتوى
ورد على لسان المفكر صادق العظم ان كانط وجد " اسبقية المكان على الحس هي اسبقية منطقية لا زمنية ونقول انها صورة قبلية بهذا المعنى المنطقي" 1 .من المهم التاكيد ان العبارة هي صدى لما جاء به كانط ولا يمثل بالضرورة الاقتباسية قناعة المفكر صادق العظم بها. بدورنا نحاول توضيح العبارة من منطلق غير ميتافيزيقي ولا علمي تجريبي بل من منطلق فلسفي منهجي مادي .
اولا: اسبقية المكان على الحس ليست صيغة منطقية حدسية ادراكية بمستطاعها تجريد المكان في محدوديته كشكل الفراغ الاحتوائي للمادة. كما لا يقر كانط أن الفراغ المكاني يشترط ادراكه بدلالة احتوائه المادة.
ثانيا: اسبقية المكان لازمانية تكرار لنفس الخطا الوارد في الفقرة الاولى.فمثلما الادراك المكاني لا يدرك في شكله التجريدي فراغا منزوعا منه المادة فهو ايضا لا يدرك بغير ملازمة الزمان لذلك المكان المعني المحدود. لا توجد هناك اسبقية مادية ولا اسبقية منطقية حدسية في عزل تواشج الادراك زمكانيا ولا اسبقية لاحدهما على الاخر.كما ومن المحال ان تقودنا تصوراتنا المنطقية الحدسية الى اننا نستطيع ادراك شكل المادة كفراغ منزوعا عن محتواه المادي. المادة متعين انطولوجي بابعاد ثلاثية يدرك بدلالة إشغاله فراغا بمكان. والفراغ حيّز إحتوائي لا يدرك بغير دلالة الاشياء التي يحتويها. الفراغ حيّز مكاني يحتوي المادة صورة ومحتوى.
ثالثا: وكما لا نستطيع ادراك المكان كوعاء فارغ او شكل بدون محتوى مادي يشغله , كذا نفس الحال لا يمكننا ادراك المكان كفراغ احتوائي للمادة بدون ملازمة زمنية له. وحين نقول منطقيا اسبقية المكان الموجودية لا زمنية فهي خطأ بسبب ان الحس الادراكي لا يشتغل بإنفصال المكان عن الزمان. الزمان ملازمة ماهية غير مدركة الا بدلالة المكان المحدود بابعاده الثلاثية. علينا التفريق ان الزمان هو وعاء احتوائي في تعيينه المكان, وليس المكان وعاءا احتوائيا لمحاولة تحديد الزمن.
هنا يمكننا ان نقول المكان زمان ثابت بدلالة زمانيته الماهوية والزمان ماهية نسبية متغيرة غير ثابتة تلاحق وتلازم متغيرات المكان باستقلالية ماهوية عنه. ماهية الزمان بخلاف ماهية المكان هي وسيلة ادراك واستدلال معرفي. لكن ماهية الزمن ليست موضوعا يدركه العقل مجردا من محتواه.
رابعا: الصورة القبلية عن الشيء في المنطق التجريدي لا يلغي حقيقة عدم حصول تطابق التصورات العقلية القبلية عن الشيء مع حقيقة وجوده المادي. وهذه المفارقة المتفاوتة ما بين حقيقة تصوراتنا القاصرة عن الالمام الحقيقي بواقعية محاولتنا تطبيق التوافق بين الموجود الشيئي وبين التصور القبلي عنه. ونتيجة هذا التفاوت الادراكي للموجود مع التصورات القبلية العاجزة الالمام به إحتوائيا يرتب قصور عدم امكانية ادراك الشيء على حقيقته لا في الحس ولا في تعبير اللغة عنه.
وبدوره ينقد المفكرجلال العظم كانط الى " ان كانط ازاح عنصر الحس من الحدس الحسي وبهذا يكون فرض دونما مبرر ان ما سيبقى لديه هما المكان والزمان, او الصورة المحضة للحدس الخارجي" 2 . أي اراد المفكر العظم القول ان كانط ترك لنا ثنائية المكان والزمان كشكل مدرك خال من أي محتوى مادي وهذا ينفي قدرة العقل الادراكية السليمة في تفكيك وحدة الشكل المادي عن محتواه المادي. وادراكهما منعزلين غير مترابطي الدلالة أحدهما في تعالقه بالاخر.
إن الحدس المنطقي الذي يعتمده كانط منهجيا يمكنه به تجريد (المادة) من حقيقتها الموضوعية في الواقع, وكذا يمكنه ان يفعل مع تفكيك متلازمة ثنائية المكان – الزمان المشروطة بمحكومية الادراك من عدمه. كما لا يمكننا في حال تفكيك المادة عن احتواء( الزمان والمكان) لها ليصبحا قالبي احتواء لفراغ افتراضي غير مملوء بالمادة لاكاملا ولا جزئيا ما يتوفر للزمان والمكان إطارا لفراغ له معنى ادراكي حدسي..اختيار كانط عنونة كتابه بالعقل المحض ليحرر جميع افكاره الفلسفية التي يحكمها منطق العقل الطبيعي من اي التزام واقعي موضوعي.
الخبرة الحسّية القبلية لادراك الاشياء كشكل ومحتوى, كمكان وزمان, من خلال ادراكنا لعلاقاتها البينية فيما بينها لا يمكنها ان تكون خبرة صحيحة في تغييب الوحدة الكلية الثلاثية لموضوع الادراك التي تجمع " المادة, المكان, الزمان " وفق المنهج المنطقي التجريدي, لكنما يبقى العجز الادراكي الحسي القبلي او البعدي لا فرق قاصرا في امكانية تجريد ثنائية وحدة المكان – الزمان من محتواهما المادي. وهو مصداق مقولة كانط الزمان والمكان قالبي ادراك للاشياء لكنهما ليسا موضوعا لادراك العقل. هنا كانط جعل من العقل وسيلة ادراك ميتافيزيقية فقط متحررا من كل رابطة تدخله العالم الخارجي وطبيعة الحياة.
الزمان لا يمنح العقل إدراكا حقيقيا لفراغ مكاني خال من المادة. وثنائية المكان – الزمان حدس منطقي ناقص لا يشتغل ادراكيا على صعيد الواقع الموضوعي في حال تجريدهما من محتواهما المادي. وشكل اي شيء يمكن ادراكه تصورا تجريديا يفقد خاصيته الادراكية الحية الحقيقية كموضوع لتفكير العقل في تغييب محتواه المادي. العقل لا يدرك الفراغ المكاني بغير دلالة مادية تحدد ابعاده.
الحدس المحض وحقيقة الزمان والمكان
في هامش كتاب المفكر العظم صفحة 54 ورد التعقيب المنسوب توضيحا لكانط " ان الحدس المنطقي المحض او القبلي يمثلان صورة الحدس الخارجي بحسب كانط ما يطلق عليه تشكل نظام العلاقات بين الظواهر. وحين نجرد هذه العلاقات من المحسوسات, فانها بعد ذلك تكون محتوى الحدس المحض.
لذلك نعتبر المكان صورة الظواهر ومحتوى الحدس المحض في آن واحد. وبعد تجريد العلاقات من جميع المحسوسات يبقى لدينا الشروط الضرورية العامة لوجود الخبرة الحسية وهي تشكل صورة الحدس الحسي ومحتوى الحدس المحض ايضا. تعقيبنا على هذا الاقتباس نوجزه بالتالي:
- لم يوضح لنا المفكر جلال العظم كيف يكون الجمع بين الحدس المحض على انه المرادف المتناوب المطابق للحدس القبلي الناتج عن خبرة مكتنزة زمانيا. اولا نجد الحدس المحض انما هو افتراض يقيني قاطع ميتافيزيقي. بينما الحدس القبلي العقلي هو تراكم خبرة مكتسبة عن المدركات من الاشياء وهي ليست معرفة قطعية بل نسبية متغيرة. لذا فان الحدس المحض يقوم على منطق تجريدي لا يشترط ان يكون مرادفا تطابقيا لمنطق الخبرة القبلية التجريبية.
- حسب الاقتباس بدلا من احتواء المكان للمادة, تكون العلاقات الخارجية بين الاشياء هي (المادة) موضوعة الحدس المنطقي المحض. ليس من الاهمية القول ان المادة محدود متعين بابعاد مكانية, ولا يمكن ان تكون وسيلتنا في ادراك المادة هي العلاقات الخارجية التي تربط الاشياء ببعضها التي هي علاقات متغيرة من السيرورة الدائمية غير الثابتة.
- اذا كانت العلاقات الخارجية بين الاشياء هي موضوع الحدس المحض المادي عند كانط, وحين نجرد هذه المحسوسات فهي تصبح بعدها محتوى الحدس المحض وتعتبر المكان صورة ظواهر الاشياء ومحتوى حدسها المحض. فنحن بهذه التوصيفات ندور بحلقة مفرغة حول تحديد علاقة ادراكنا (للمكان والفراغ) حدسيا باستبعاد موضوعة المادة. بغير محدودية المكان لا يمكننا ادراك الفراغ تاطيرا يحتوي المادة.
ما هو الادراك؟
كان بيركلي اثار اشكالية حول الإدراك؟ بيركلي على العكس من ديكارت وجون لوك اللذين يعتبرهما خاطئين في إعتبارهما الفكرة ألمجردة عن الموضوع في حقيقته ألواقعية مختلفين, وأثارا إشكالا مهمّا, هو كيف يمكن للأفكار أن تتطابق بصورة صحيحة مع وجود موضوعات العالم الخارجي التي هي ليست أفكارا بل مدركات مادية مستقلة؟ وقد إتخذ بيركلي منهما موقفا مضادا سمّي بالواحدية الأبستمولوجية وليس الثنائية الأبستمولوجية التي قالا بها كلا من ديكارت ولوك, التي مفادها أننا لا ندرك الموضوع ألواقعي بالفعل بل ندرك صورة ذلك الواقع خارجيا بصفاته فقط.
كما وجد ديكارت وجون لوك أن بيركلي كان مخطئا في إعتباره الموضوع فكرة ذهنية في حين أن الموضوع الواقعي المدرك هو فكرة مادية ليست ذهنية بمعنى الذهن يخلق وجودها الواقعي بالفكركما يذهب بيركلي, يعني أن الموضوع ليس ذهنيا على الأطلاق كون الذهن هو وظيفة مجردة محايدة يدخل فيها الموضوع الواقعي ويخرج منها كما هو دون أن يتغّير ألمدرك الذي يمّر فيه على الإطلاق.
اسبقية المكان ام اسبقية الزمان
في مقارنة بسيطة مع ما مر ذكره حول ديكارت وبيركلي وجون لوك ندرك ان الادراك المحض للعقل عند كانط ينسف كل النظريات الفلسفية في فهم آلية الادراك ومعرفة ما هو موضوع الادراك. لنتتبع بعض السمات الادراكية لدى كانط :
- يطلق كانط ان المكان شرط لازم لوجود الظواهر التي يمكن حدسها ادراكيا باحساسات تجريدية منطقية تنوب عن ادراك الشيء في حقيقته. على اعتبار ان العلاقات الخارجية الدالة عل الشيء ليست هي الشيء في حقيقته.
- بمعنى كانط يبني تجريد الادراك للعلاقات على تجريد سابق عليه في لا اهمية ادراك الشيء كمحتوى مادي. الاشكالية ليست في استحالة ادراك العلاقات الخارجية للشيء في معزل عن ادراك الشيء ذاته, وانما الاهم من ذلك هل بمستطاع الادراك السليم العزل بين الشيء المادي كمحتوى وبين صفاته الخارجية؟
- يؤكد المفكر جلال العظم ( اسبقية المكان اي صورة الشيء بتعبيركانط لها الاسبقية على الحس, وهذه الاسبقية ليست " زمنية " ) 3
الشطر الاول من العبارة في اسبقية المكان على الحس عبارة سليمة من حيث تراتيبية عملية الادراك الحقيقية وليس وفق النظرية المنطقية الميتافيزيقية كما يعتمدها كانط. اما ان لا تكون هذه الاسبقية زمنية فهنا نقف امام خطأ نوضحه.
الزمان ماهية وجودية تلازم وتداخل جميع مدركات العقل من الاشياء, والزمان وسيلة ادراك كل موجود مكاني بالوجود والعالم, والزمان كوني واحد الماهية او الجوهر غير المدرك للعقل, فالزمان وسيلة العقل بالادراك لكنه ليس موضوعا لادراك العقل.
يوجد راي فلسفي متعالق بهذا المعنى يذهب ان المكان هو من يضطلع بمهمة ترتيب مكوناته بدلالة الزمن وليس بوسيلة الزمن, فالزمن ياخذ نظامه التعالقي مع الاشياء أي أن المكان ينظم الزمن ولا ينظم الزمن المكان.
هذه النظرة الفلسفية تلاقي قبولها بضوء:
اولا الزمن ماهية ازلية مطلقة تمتلك خصائص لا يدركها العقل البشري كاملة. والزمن صنو الطبيعة في وجودها وفي ادراكها المعرفي.
ثانيا الزمان جوهر لا تستحدثه المادة ولا يوجده المكان بل هو سابق على الطبيعة ثابتا في احتوائه لها بجميع تغيراتها في ملازمته لكل شيء فيها.
ثالثا ان يكون المكان لازمنيا في اسبقيته الموجودية فهذا الخطأ لا يمنح المكان اسبقية غير مشروطة بزمن ما من شانه التعارض المتقاطع مع آلية الادراك الحقيقي السليم. من حيث الادراك ثنائية مكانية زمانية لا انفصال بينهما. فانت لكي تدرك مكانا تحتاج زمنا يلازمه , ولكي تدرك زمانا لا بد من حركة جسم ترافقه وتداخله ايضا. سبق لي وقلت ماهية الزمان جوهر استقلالي لا يدركه العقل ولا يتداخل بغيره ماهويا ولا حتى صفات خارجية.
رابعا لا يمكن تمرير خطأ (اسبقية المكان لازمانية) في تمرير(الصورة لشيء هي قبلية بالمعنى المنطقي) نستوحي من هذه المفارقات في تقاطع كل ما يعجز المنطق تسويقه نرمي عرضه على الحدس.
ما معنى الصورة القبلية؟ هي كل شيء مستقر بالذهن والذاكرة نتيجة تجربة معرفية وخبرة عن ذلك الشيء التي تحتويه الصورة ولا تنوب عنه. الصورة القبلية هي اكتساب معرفي سابق على الحضور المتعيّن إدراكه من الاشياء.
انت لكي تدرك شيئا ادراكا حقيقيا قصديا معرفيا يتوجب عليك امتلاك (اوليات) معرفية مختزنة بالذاكرة عن ذلك الشيء. فانت لو وضع امامك شيء لم تره بحياتك ولم تسمع عنه شيئا ولا قرات عنه فانك ستصاب حتما بالعجز في معرفة ما هو ذلك الشيء وما هي خصائصه الاستعمالية وغيرذلك. اما لو سئلت عن صورة شجرة مثلا فسوف تكون اجابتك التعريف به بديهية لما تختزنه من معارف مخزنة بذاكرتك عن الاشجار.
الاصل والصورة
يشير كانط لبديهة الى ان كل الادراكات المكانية هي صورة ذاتية ينفصل فيها المحتوى عن الشكل او الاطار الاحتوائي الذي يطلق عليه كانط العلاقات الخارجية التي يدركها الحس المنطقي كمحتوى. لكن المسالة الجديرة بالاهتمام وردت على لسان المفكر جلال العظم هو كيف اجاز كانط لنفسه مثل هذا الفصل ؟
"اعتبر كانط المكان قبلي بالنسبة للحس وذلك بعد ان فصل فصلا جذريا بين الصورة والمحتوى وبعد تعريفه "المحتوى" على انه الحس" 4 صحيح ان كل ادراك هو تجريد ذهني لصورة شيء مادي, عليه يكون محتوى الشيء هو الحس تعبير مقبول الى حد ما. والفصل بين المحتوى وصورته الشكلية رغم الاعتسافية التي لا معنى لها, يسوغها المفكر جلال العظم بتحفظ لكنه مقبول تعليلا. فهو يرى بهذا الفصل يكون تمريره بمشروطية احتمالين يدرجهما :
1.ان تكون هذه العلاقة ضرورية بحيث تنطبق صورة المكان بطبيعتها ملازمة لهذا المحتوى, وان يكون المحتوى بطبيعته لا يتلائم ولا يتناسب الا مع هذه الصورة عندها تكون علاقتهما المتبادلة ضرورية.5
2. ان تكون العلاقة بين الصورة والمحتوى عرضية بحيث يكون التطابق والتلاؤم بينهما عائدا (للصدفة ) لا لضرورة منطقية او فلسفية . 6
كل متعين مكاني تحتويه مادة محتوى وشكل متناسبين بالضروة الوجودية الطبيعية. ومن البديهي ان لايكون شكل محتوى مادي او مكاني معين لا يصلح لمحتوى اخر مغاير لطبيعته المتلائمة الانسجامية بين محتوى وشكل في موجود لم يولد مدركا طبيعيا بل يحاول الادراك تصنيعه.
وما معنى ان تكون العلاقة بين الصورة والمحتوى لا تسوغها ضرورة منطقية ولا فلسفية بل يتوجب ان تكون محض صدفة؟ هل يتوجب علينا اخضاع كل التناغم الطبيعي في الانسجام بين الصورة والمحتوى في الظواهر والامكنة والاشياء في وجودها لمجرد تسويغ حالة من الاعتساف الفلسفي الذي يجعل من ادراك الصورة مغنيا لنا عن ادراك محتواها.
لقد سبق لديكارت وجون لوك فيما عرف بمبدأ تسميته بالثنائية الابستمولوجية بالفلسفة باكثر خلاصة منطقية بعيدا عن منهج المنطق المحض عند كانط مفاده أن ادراك صورة الشيء هو ادراك ضمني لمحتوى الشيء ووجوده كاملا. وليس من الادراك الحقيقي المقبول فصل محتوى صورة الشيء عن صفاتها المدركة الخارجية. وكان اعتراض بيركلي عليهما ليس بالدعوة لانفصال الصورة عن الاصل المحتوى, بل قال ان الادراك الكلي للشيء لا يمنع البحث عما وراء هذا الادراك الاولي المبدئي القاصر.الطريف ان هذا التحليل لبيركلي المثالي حد العظم اعتمدته الماركسية المادية.

الهوامش:
1. صادق جلال العظم /دراسات في الفلسفة الغربية المعاصرة /ص 53
2. نفسه ص 54
3. نفسه ص 55
4. نفسه ص 55
5. نفسه ص 56



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدل والزمان
- المتناهي والمطلق في المجانسة النوعية
- مجتزءات فلسفية 3
- التاريخ لا يتطور ذاتيا
- الجدل والوجود غير الموجود
- الادراك تعبير لغوي
- هارتيمان والتفكير المادي
- الفلسفة الواقعية المحدثة
- الفلسفة والرياضيات
- هيجل وكروتشة
- الفلسفة والحياة
- فلسفة الوعي القصدي
- خرافة جدل العقل
- جورج مور والادراك
- شذرات فلسفية نقدية 5
- شذرات فلسفية نقدية 4
- مجتزءات فلسفية 2
- إجتزاءات فلسفية
- شذرة فلسفية نقدية
- مبحث الابستمولوجيا


المزيد.....




- تصريح جديد لترامب حيال جدل ترشحه لولاية رئاسية ثالثة.. ماذا ...
- فيديو إسرائيلي مزعوم يُظهر حماس وهي -تُفبرك- عملية العثور عل ...
- مباشر: مقتل 50 فلسطينيا على الأقل بينهم 22 طفلا في غارات إس ...
- ترامب: التعديل الدستوري لا يسمح لي الترشح لولاية رئاسية ثالث ...
- باكستان تعلن فشل محادثات السلام مع أفغانستان
- 63 شهيدا بينهم 24 طفلا في قصف إسرائيلي على منازل وخيام بغزة ...
- عبد الله حمود.. أول عمدة مسلم لمدينة ديربورن بولاية ميشيغان ...
- طوفان أرهورمان الرئيس السادس لقبرص التركية
- كاثرين كونولي.. رئيسة أيرلندا المدافعة عن فلسطين
- 63 قتيلا منذ استئناف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة


المزيد.....

- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - الصورة والمحتوى في الادراك