أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - عناصر منفصمة...14














المزيد.....

عناصر منفصمة...14


محمد الإحسايني

الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 09:44
المحور: الادب والفن
    


دم مغدور مع إهراقات دم البابلية

سرح عبد الحميد بأفكاره في أجواء الحان رفقة ولد بريك، واستقر رأيه على أن يقيما وليمة ثانية تحضرها سعاد، لكن في قصر بين البحرين. مازالت دانتيلا العروس قابعة هناك في الخزانة تنتظر. وتساءل:"لماذا قتلوا ستيتو؟". القضاء كله بأجهزته اللصيقة والموازية يشتغل دون جدوى: لا أثر للجاني، ولا جواب مقنعا عند الأطباء أيضاً !
وبينما كان مستغرقاً في تأملاته، كان ولد بريك بدوره شارد الذهن، لا مناص له أن يحتفل مع حميد بانتصاره على خصمه السائق. وكان قد زف إليه الخبر حديثاً:
- هل تعلم أن السائق خسر قضية الشرف الوهمي"؟
غبطه ولد بريك:
- إذن، أنت، تعود إلى الباشوية !
صمت حميد لحظة، ثم استأنف:
- لا أدري، هل يكون لحكم المحكمة أثر رجعي على قرار المجلس التأديبي؟...
مازال إذن، يطمح إلى الباشوية، لا حباً فيها بالذات، بل للحصول على انتصار معنوي يعيد لوجهه نضارته، خاصة بعد أن اكتشف أصل العائلة.
كل شيء هادئ في الشارع. الحركة في أخذ ورد في الحان، على قدم وساق، جو يوحي بشيء من الغموض، ولد بريك هو أيضا شرب أكثر من المعتاد.
جانيت لا تستطيع أن تلبي طلبات مشيكة المتوالية، الذي ما فتئ يتبعها أنى حلت كالقدر. لقد انحسرت عنها آيات الشباب. تأملت وجهها بسرعة في المرآة: شتان ما بين وجهها ووجه العهد الماضي.شيء بديهي !
كلما وضعت كأس كونياك، أمام الدربالي، إلا وحاولت أن تبتعد عن الماضي، بيد أن ارتكازها بشكل مخيف انصب على ماضيها مع الدربالي.
كان حميد يحادث الراضي عن الحفل الذي سيقيمه بمناسبة نجاح محاميه ضد ادعاء سائقه السابق. لم ينس أن يحدثه بإعجاب عن موهبة سعاد حديثاً لم ير فيه أي ضرر بالنسبة لشابين متحررين في فترة الخطوبة، ومتفتحين على عوالم جديدة. وبادله الراضي نفس الاغتباط:
- لا تهم سلسلة الزمن ولا الحقب الماضية بالنسبة للعزيمة. الذي يهم الآن بالذات.
وكانت سعاد بدورها قد حدثت الراضي عن قصر بين البحرين متمنية أن يصاحبها لزيارة عبد الحميد هناك في ملتقى البحرين، كما يحلو لهذا الأخير أن يصفه. فكلما رآه عبد الحميد مصحوباً بسعاد، يبادره:
- زارتنا البركة. عاش من شافك !
حقاً كان كريماً كرماً من نوع آخر بالرغم مما يقال عن ماضيه. الباحث عن حميد، يجده في الحان: حد فاصل بين الحذر والنخوة والشهامة.
بين آونة وأخرى، يتكئ على الحاجز الخشبي قاب قوسين من الانهيار إلى الأرض، ثم يتمالك نفسه فيستقيم ليستغرق في تأملاته.
استفاق مشيكة من تأملاته هو الآخر على طلقات نارية اخترقت جمجمة عبد الحميد، وهشمت زجاجات من الخمرة الفاخرة، سقط بعد ذلك، تواً يتخبط في بركة من الدماء. اجتمعت عليه الحانة، تلمسه ولد بريك، فوجده هامداً لا يتحرك.
بقايا إهراقات دم البابلية تحت إسقاط ضوء خافت، تمتزج بدم السي حميد وبالنشارة الدقيقة المنثورة على أرضية الحان.
صرخت جانيت لأول مرة بدارجة مغربية "بوه ! بوه ! "، مولولة تندب حظها.
هم مشيكة أن يغادر الحانة، لكنه سمع جانيت تأمر عبد الله :
- دع حثالات الأسماك مع النشارة في مكانها، وأغلق أبواب الحان.
ران على المكان صمت مرعب، وهدأت قرقعة الكؤوس.تأملت جانيت عبد الحميد المسجى على أرضية الحان، والذي غطاه عبد الله بتابليته.
وجاء رجال الشرطة بعد حوالي نصف ساعة، ومعهم النيابة العامة. اقتحموا الحانة، أفرزوا روادها جانباً ومعهم جانيت، فابتدأوا باستجواب صاحبة الحان:
- كيف حدث هذا؟
- الرصاصات جاءت من الشارع وأخذت تريهم زجاج الواجهة المحطم إلى الداخل.
شرعوا يقيسون الأبعاد. سوف يتوصلون بعد التشريح إلى المسافة الحقيقية التي أطلقت منها الرصاصات، وحتى العلو الذي أطلقت منه، ونوعها وحجمها...استجوبوا الشهود المتجمعين خارج الحان، ثم تحولوا إلى الشهود بداخله:
الراضي: سيدة ملثمة نزلت من سيارة كانت متوقفة، انفتح باب السيارة الأمامي الأيمن أثناء نزولها، ثم أطلقت عدة طلقات نارية من مسدس، فرجعت حيناً إلى السيارة لينطلق بها سائق ماهر، فيدخلا في زقاقات متفرعة من هذا الشارع، وليغيبا عن الأنظار.
- ألم يتحدث القتيل عن شيء ما، يساعد على اكتشاف أثر هذه الجريمة؟
حرك الراضي رأسه:
- لا ...
ثم تراجع:
- مهلاً، أقام حفلاً هنا بمناسبة كسب محاميه لقضيته ضد سائقه السابق.
ملاحظات الجمهور خارج الحان وداخله، تقترب مما قال الراضي.أما الشاهد الثالث، فبدون تعليق على شهادته.
بهيج وبقية رواد الحان: سمعوا طلقات دون تحديد مصدرها. سجلت المحاضر ضد مجهولين، ريثما يتم البحث، ثم جاءت سيارة الإسعاف لتحمل جثة حميد إلى المشرحة.
وبسرعة، جاءت الأوامر من عامل المدينة بإغلاق الحان، وترك كل شيء مكانه بعد التحريات وحضور رجال من النيابة العامة.
ابتلعت الشوارع مشيكة. في حين أحس ولد بريك أن قدميه لا تقويان على حمله: لم يدر أنه وصل إلى كشك كبور.
الكشك كان مقفلا. انحرف يسارا. الدموع تترقرق من عينيه ثم دخل العمارة التي تقطنها سعاد.



#محمد_الإحسايني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناصر منفصمة...13
- عناصر منفصمة...12
- نصف كرة في خصلة شعر
- خمرة العشاق
- عناصر منفصمة..11
- الإنسان والبحر
- عناصر منفصمة...10
- عناصر منفصمة...9
- عناصر منفصمة...8
- عناصر منفصمة...7
- عناصر منفصمة...5
- عناصر منفصمة...4
- عناصر منفصمة...3
- عناصر منفصمة...2
- عناصر منفصمة
- مفاكه
- إحساس
- الأرامل
- كل واحد وخرافته
- شارل بودلير...العامّة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - عناصر منفصمة...14