أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفاء الصافي - من تُفتح الجنة أبوابها؟














المزيد.....

من تُفتح الجنة أبوابها؟


صفاء الصافي
باحث وكاتب في التاريخ الإسلامي


الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 09:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لمن تُفتح الجنة أبوابها؟
يجلس المسلم اليوم في سيارته، أو في السوق، أو في المسجد، أو في غرفته، ممسكًا بهاتفٍ صنعه الغرب، متصلًا بالإنترنت الذي أنتجه الغرب، ويتنقّل بين منصات التواصل الاجتماعي التي أنشأها الغرب أيضًا.
ومن خلف الشاشة، يبدأ في نشر آرائه الدينية، يشرح ويعلّق ويجادل، ثم يختم كلامه بتكفير الآخرين، وكأنه وحده من يملك الحقيقة المطلقة، وهو وحده من يسير على طريق الله.
وهكذا تحوّلت السوشيال ميديا إلى ميدانٍ جديد للجدال العقائدي، يتصارع فيه المسلمون على من له الحق في الجنة، فيقول أحدهم: نحن أهل الجنة، فيردّ الآخر: بل نحن من يدخلها.
وتتصاعد التعليقات حتى تنحدر إلى السباب والطعن في الأعراض، وكأن هؤلاء لم يجمعهم دين واحد ولا نبي واحد، ولا كلمة توحيد واحدة..
وكان الله فوضه بالحكم على الناس وفي هذا الشان قال أبو حامد الغزالي في كتابه "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة"، قال إن الحكم على مصير الناس في الآخرة ليس من شأن البشر، بل هو إلى الله وحده، وإن من الخطأ أن يُكفّر المسلمُ غيره بسبب الخلاف في الفروع أو التأويل.
​كلنا بشر، نُخطئ ونُصيب. ليس من حقك أن تحكم عليّ بالنار لمجرد اختلافي معك في المذهب أو العقيدة أو الدين، فربما يكون الحق معي أكثر منك.
يقول جلال الدين الرومي "لا تقل هذا مؤمن وذاك كافر، فربّما كان عند الله من تزدريه أنت أقرب إليه منك."
​إنَّ العقيدة والمذهب والدين، على الرغم من عمق تأثيرها في حياة الأفراد، ليست سوى منظومة من المكتسبات الفطرية أو البيئية التي يستمدها الإنسان في المقام الأول من محيطه الأولي؛ أي البيت الذي يترعرع فيه والأسرة التي ينشأ في كنفها. هذه المعتقدات، في جوهرها، تُمثّل علاقة فردية وشخصية خالصة بين الإنسان وخالقه، وهي صلة مباشرة لا تحتاج إلى وسيط أو وصي بشري. بالتالي، فإنَّ هذه المفاهيم الدينية والاجتماعية هي شأن خاص جدًا يجب أن يبقى محصورًا في إطار هذه العلاقة الروحية، ولا ينبغي أبدًا أن تتحول إلى أداة للحكم أو الفصل أو التدخل في علاقة إنسان بغيره من البشر.
ومن هنا نقول: ليس من حقّ أيّ إنسان أن يُقصي الآخرين أو يُبعدهم عن أبواب الجنة، فالجنة ليست ملكًا لك ولا لطائفتك حتى تُدخل فيها من تشاء وتُقصي من تشاء.
إنّ كل حديثٍ تتداوله الطوائف عن أن الجنة خُصّت بها دون غيرها، ما هو إلا هواء في شبكة، فهل لدى أحدٍ منهم تفويضٌ من الله بذلك؟
وفي هذا السياق، يقول المفكر علي شريعتي: "كل طائفة ترى أنها الناجية الوحيدة، وتنسى أن الله لم يوكّل أحدًا ليمنح صكوك الغفران."
ان الله، لم يجعل مفاتيح الجنة بيد أحد، ولم يمنح أي جماعة حقّ الوصاية على رحمته. فكم من إنسانٍ بسيطٍ لا يعرف دقائق الفقه، ولا يجيد لغة الجدل، ولكنه أقرب إلى الله من آلاف المتكلمين، لأنه عرفه بقلبٍ خاشع، وصدقٍ في النية، وصفاءٍ في السريرة.

الجنة ليست بطاقة عضوية تمنحها جماعةٌ لمؤيديها، ولا شهادة انتماء تُعلق على صدور الناس، بل هي ثمرة الإيمان الصادق والعمل الصالح والرحمة بالخلق. إنّ الله الذي وسعت رحمته كل شيء، لا تضيق جنته بمؤمنٍ صادقٍ من أي مذهبٍ كان.
ولعلّ أبلغ ما يذكّرنا بحدودنا كبشرٍ أمام رحمة الله قول النبي «لن يُدخل أحدًا عملُه الجنة.»
قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟
قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته.»
فإذا كان رسول الرحمة نفسه لا يدخل الجنة إلا برحمة الله، فكيف يتجرأ أحدنا أن يحكم على مصير غيره، أو يُقسّم الجنة والنار بين العباد؟
فلنترك لله أمر عباده، ولنشغل أنفسنا بما يُصلح نفوسنا قبل أن نحاكم إيمان غيرنا. ولنعلم أن الله لا ينظر إلى الطوائف ولا إلى الأسماء، بل إلى القلوب التي أخلصت له.
فمن أراد الجنة، فليفتح بابها بعمله، لا بلسانه، وبمحبته، لا بجداله



#صفاء_الصافي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رزية الخميس: نكبة إسلامية أم دهاء سياسي؟
- المرأة والسلطة: جدل لا ينتهي بين الدين والسياسة
- الغنائم ودورها في انتشار الإسلام
- الخلافة وصراع السلطة .
- العقل الطائفي : الفايروس التاريخي للأمة
- التاريخ بين سيف السلطان وقلم المؤرخ: النسائي والحلاج أنموذجا ...
- إسكاتولوجيا المبشَّرين بالجنة
- من غرائب الموروث الاسلامي
- التاريخ الاسلامي كتب باقلام السلطة .
- قراءة نقدية في وهم القداسة
- من هو على حق ؟
- صراع التاريخ يدخل السوشيال ميديا
- عجيب امركم
- رجل الدسومة
- سيفا مسلول ام سيفا رهقا


المزيد.....




- كنائس الموصل التاريخية تُفتح من جديد بعد ترميمها من دمار تنظ ...
- بسجن إسرائيلي.. إطلاق رصاص مطاطي على أسير فلسطيني طالب بمعال ...
- كيف استغل الإخوان مظلة الحريات لـ-التسلل الناعم- في أوروبا؟ ...
- خطيب الأقصى يدعو الفلسطينيين للرباط والدفاع عن المسجد
- قائد الثورة الاسلامية مخاطبا ترامب: استمر في أحلامك!
- من المشرق إلى المغرب.. حكايات الآثار الإسلامية
- 493 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- كيف سيتعامل الحزب المسيحي الديمقراطي مع حزب البديل؟
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من شرطة الاحتل ...
- آلاف اليهود المتشددين يتظاهرون في نيويورك ضد تعديل محتمل لقو ...


المزيد.....

- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفاء الصافي - من تُفتح الجنة أبوابها؟