أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صفاء الصافي - التاريخ الاسلامي كتب باقلام السلطة .














المزيد.....

التاريخ الاسلامي كتب باقلام السلطة .


صفاء الصافي
باحث وكاتب في التاريخ الإسلامي


الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 06:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بقراءتك للتاريخ الإسلامي بعين الباحث العلمي ستجد نفسك أمام سجلٍّ حافل بعلامات الاستفهام والتناقضات، إذ سرعان ما يتضح أن هذا التاريخ دوّن بأقلام ارتبطت بالسلطة السياسية الحاكمة، وصيغ وفق مقاسات الخلفاء الأمويين والعباسيين. وهذا أمر يمكن عده طبيعيًا إلى حد ما، فالقوة والثروة كانتا بيد السلطة، ومن يملكهما يملك بالضرورة أدوات الكتابة والتوثيق ونشر الرواية الرسمية.
التاريخ الإسلامي لم يُكتب محايدا كما قد نتصور، بل كان في كثير من الأحيان وسيلة لتثبيت شرعية الحكّام. كل خليفة أو دولة أرادت أن تقدم نفسها كامتداد طبيعي للخلافة الراشدة أو لرسالة الإسلام، فعملت على صياغة التاريخ بما يخدم صورتها ويجعلها تبدو الأحق بالسلطة.
المؤرخون الذين عاشوا في كنف البلاط كانوا يبرزون إنجازات الحاكم، ويتغاضون عن أخطائه. بل أكثر من ذلك، كان التاريخ يستخدم للتخلص من الخصوم، فتصوير أي معارضة على أنها "فتنة" أو "خروج على الجماعة" جعل الخلافات السياسية تبدو وكأنها تمرد غير مشروع.

في العهد الأموي مثلاً، صُوِّرت الفتنة الكبرى بطريقة تبرر موقف معاوية وتضعف مكانة علي بن أبي طالب، بينما العباسيون قلبوا الصورة فشوّهوا الأمويين وأبرزوا أنفسهم كأهل البيت الشرعيين
.
لهذا فالتاريخ الذي وصلنا ليس كذبا محضاً، لكنه أيضا ليس الحقيقة كاملة. هو أقرب لعدسة ملوّنة تصوّر الأحداث بما يناسب أصحاب السلطة. ومن هنا تأتي ضرورة أن نقرأ التاريخ من أكثر من مصدر، ونقارن بين الروايات المختلفة حتى نقترب من الصورة الحقيقية.
إن إدراكنا لهذه الحقيقة لا يعني الطعن في حضارتنا أو إنكار أمجادها، بل يساعدنا على أن نعيد قراءة الماضي بوعي نقدي، ونفصل بين ما هو حدث تاريخي وما هو توظيف سياسي.
وقد قال ابن خلدون (ت 808 هـ) عن المؤرخين: " كثيراً ما وقع للمُؤرِّخين والمُفَسِّرين وأئمَّةِ النَّقْلِ من المَغَالِطِ في الحكايات والوقائع؛ لاعتمادِهِمْ فيها على مُجَرَّد النَّقلِ غَثَّاً أوْ سمِيناً، ... لم يَعرِضُوهَا على أُصُولِهَا ولا قاسُوها بأشباهها، ولا سبَرُوها بمِعْيَارِ الحِكمَةِ، والوقوفِ عَلى طبائِعِ الكائنات، وتحكيمِ النَّظَرِ والبَصِيْرَةِ في الأخبار؛ فضلُّوا عن الحق، وتاهُوا في بَيْدَاءِ الوَهْمِ والغَلَطِ"، أي ان المؤرخين إذا اعتمدوا فيها على مجرد النقل ولم تُعرض على الأصول وقواعد العادة فربما وقع فيها الغلط والتحريف.
كما قال لمسعودي (ت 346هـ) "كثير من الناس لا يكتبون إلا ما يوافق أهواء الملوك، أو ما يجلب لهم الزلفى عندهم" ،وفي السياق ذاته قال الجاحظ: (ت 255هـ) "الملوك قد يستصلِحون الأخبار ويضعونها مواضعها ليبقى ذكرهم حسنًا على مرّ الزمان"، اما المؤرخ عبد الله العروي فيقول: "التاريخ الرسمي هو خطاب الدولة عن نفسها، أما التاريخ الحقيقي فينبغي أن يُقرأ من خلال تناقضات هذا الخطاب وصمته" ويضيف عن ذلك طه حسين فيقول: "كثير من التاريخ الإسلامي لا يُمكن الاطمئنان إليه، لأنه صِيغ ليخدم اتجاهات سياسية أو مذهبية."
فهذه الأقوال تُظهر أن المؤرخين الكبار أنفسهم كانوا واعين بأن التاريخ ليس حياديا دائما، بل يُصاغ حسب مصالح من يملك القلم أو من يمول الكاتب، أي السلطة أو المعارضة.
لذى نحن اليوم نعتز بتاريخنا، حيث يمثل إنجازات السابقون التي لم تشوبها أي شائبة بل نعتبرها هي الوسيلة الوحيدة التي من خلالها نكسب المجد متجاهلين النظر إلى الجانب الآخر من التاريخ .



#صفاء_الصافي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في وهم القداسة
- من هو على حق ؟
- صراع التاريخ يدخل السوشيال ميديا
- عجيب امركم
- رجل الدسومة
- سيفا مسلول ام سيفا رهقا


المزيد.....




- -ستعيشان حبًا عظيمًا-..بريطاني وأمريكية يجمعهما القدر على طا ...
- روسيا تعلن السيطرة على قريتين في دونيتسك.. وزخم الوساطة يترا ...
- نهاية الحرائق المدمرة في إسبانيا -أصبحت وشيكة-
- معاريف: نتنياهو مُصر على المضي في العملية العسكرية
- تأجيل الانتخابات البرلمانية في 3 محافظات سورية
- وزير الخارجية النرويجي: الوضع بغزة كارثة من صنع الإنسان
- ناج من الهولوكوست: وسائل الإعلام الغربية شريكة في إبادة غزة ...
- -تأثير أحمر الشفاه-.. لماذا لا نتخلى عن الرفاهية رغم ضيق الح ...
- شريكة جيفري إبستين عن ترامب: لم أر أي شيء غير لائق منه.. وكا ...
- كارثة جوية كادت تقع.. كاميرا توثّق انكسار جناح طائرة دلتا


المزيد.....

- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صفاء الصافي - التاريخ الاسلامي كتب باقلام السلطة .