أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفاء الصافي - العقل الطائفي : الفايروس التاريخي للأمة














المزيد.....

العقل الطائفي : الفايروس التاريخي للأمة


صفاء الصافي
باحث وكاتب في التاريخ الإسلامي


الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 07:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القل الطائفي معضلة مزمنة لا حل لها، فهو أشبه بفايروسٍ تاريخي يتسلّل عبر العصور ويعيد إنتاج نفسه مهما تغيّرت النظم والأفكار. ولا نظام قادر على اقتلاعه، لأنه لا يقوم على قناعة فكرية يمكن مراجعتها أو نقاشها، بل على ترسّبات فطرية وموروثات مغلقة يتشبّث بها صاحبها كأنها قدر لا فكاك منه. وحين يواجه فكرة مغايرة، لا يبحث في منطقها ولا يمتحن صدقها، بل يرفضها بعناد ويقاومها بكل وسيلة. وإذا قُدِّمت له الحجج العقلية والدلائل الفكرية، قابلها بخرافات وأساطير ضاربة الجذور في حضارات بابلية أو يونانية أو هندوسية، يكسوها بلباس القداسة ليجعلها حصناً يحتمي به من أي نقد أو مساءلة.
وقد وصف المفكر جورج طرابيشي (1939–2016م) في كتابه هرطقات هذه الظاهرة بدقة حين قال: "إن العقل الطائفي هو عقل أسطوري، يرفض التفكير النقدي، ويعيد إنتاج خرافاته جيلاً بعد جيل، مانعاً أي إمكانية لنهضة عقلية حقيقية."
وللأسف، لا يزال العقل الإسلامي في كثير من تجلياته أسيراً لهذه الذهنية، يسير على سجية الأجداد، رافضاً أي وسيلة إيضاحية من الوسائل الفكرية العلمية الرصينة، بل يرى في الطائفية هويته العقائدية والسياسية، لا هويته الدينية. فجوهر الدين الحق هو التمسك بمبادئ السماء وقيم العدل والوحدة. وقد عبّر عن ذلك المفكر محمد عمارة (1931–2020م) في كتابه الإسلام والمذاهب الفكرية المعاصرة بقوله: "الطائفية هي مرض سياسي بامتياز، يتغذى على جهل العامة وصراع النخب، ولا علاقة له بجوهر الدين الذي جاء لتوحيد الناس على كلمة سواء."

إن مشكلة المسلمين الكبرى أنهم تفرّقوا إلى فرق وشيع نتيجة الصراع على الحكم السياسي أكثر من كونها نتيجة لاختلاف ديني جوهري. فبعد وفاة النبي ﷺ ظهر الخلاف حول من له الحق في الحكم، لا حول أصل الدين، إذ الدين واحد، والقرآن واحد، والنبي واحد. لكن النزاع السياسي غلّف نفسه بلبوس ديني فتحوّل إلى مذاهب وعصبيات. وهذا ما حذّر منه الإمام الشاطبي (ت 790هـ) في كتابه الاعتصام بقوله: "التفرق والاختلاف المذموم إنما ينشأ من اتباع الهوى، ومن تقديم الرأي على الدليل، ومن التعصب للمذاهب والرجال."
وقد تغذى الفكر الطائفي على العصبية والقبلية والمذهبية كما اصبح سلعة مربحتا في دكاكين الفقهاء فكل فقيه يعرض مالدية تحتى مسمى العلم الذي قال عنه
ابن خلدون (1332–1406م)، "التعصب للمذاهب إنما وقع بين المتأخرين من أهل الفقه، لما صارت عصبية المذاهب تقوم مقام عصبية القبائل، فتعصّب كل فريق لإمامهم ومنع تقليد غيره، فحُجبوا عن الاستفادة، وضاعت ثمرات العلم."
الطائفية إذن ليست قدراً إلهياً ولا جزءاً من جوهر الدين، بل صناعة بشرية غذّاها الصراع على السلطة وأحياها التعصب



#صفاء_الصافي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ بين سيف السلطان وقلم المؤرخ: النسائي والحلاج أنموذجا ...
- إسكاتولوجيا المبشَّرين بالجنة
- من غرائب الموروث الاسلامي
- التاريخ الاسلامي كتب باقلام السلطة .
- قراءة نقدية في وهم القداسة
- من هو على حق ؟
- صراع التاريخ يدخل السوشيال ميديا
- عجيب امركم
- رجل الدسومة
- سيفا مسلول ام سيفا رهقا


المزيد.....




- البلاد العربية والإسلامية على مفترق طرق بعد كسر نتنياهو الجر ...
- للرد على هجوم إسرائيل.. قمة عربية إسلامية في الدوحة
- السودان.. ترحيب برؤية الرباعية و-الإخوان- يحاولون إجهاضها
- السفير حسام زكي: الاتجاه العام بالقمة العربية الإسلامية يميل ...
- قادة عرب يصلون إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية الإسلامي ...
- رسالة الإخوان لقمة الدوحة.. ستة إجراءات لمواجهة الاحتلال وحم ...
- تركيا: يجب على الدول العربية والإسلامية مواجهة مخططات التوسع ...
- اجتماع وزاري مغلق تمهيدا للقمة العربية الإسلامية الطارئة في ...
- تحركات مصرية قبيل القمة العربية الإسلامية الطارئة بشأن -هجوم ...
- تفاصيل مسودة البيان الختامي للقمة العربية - الإسلامية الاستث ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفاء الصافي - العقل الطائفي : الفايروس التاريخي للأمة