أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏المقاومة بالموسيقا: دروس من التاريخ – من الصرخة إلى اللحن، من الوجع إلى الأمل















المزيد.....

‏المقاومة بالموسيقا: دروس من التاريخ – من الصرخة إلى اللحن، من الوجع إلى الأمل


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 12:58
المحور: قضايا ثقافية
    



‏---

‏الشكر والتقدير

‏إلى كل من جعل من الفن وسيلة للحياة، لا للهروب منها.
‏إلى الموسيقيين الذين غنّوا للحرية وهم يواجهون الموت، وإلى أولئك الذين آمنوا أن لحنًا صادقًا يمكن أن يكون أبلغ من ألف خطاب سياسي.


‏---

‏الملخص

‏تتناول هذه الدراسة مفهوم المقاومة بالموسيقا بوصفها شكلاً من أشكال المقاومة الثقافية والفكرية، إذ لا تقتصر المقاومة على البندقية أو الكلمة السياسية، بل تمتد إلى الأنغام التي توحّد، وتذكّر، وتواجه محاولات الطمس والهيمنة.
‏من خلال تحليل تجارب موسيقية في التاريخ الإنساني – من أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى العالم العربي – تسعى الدراسة لاستخلاص دروس من التاريخ حول دور الموسيقا في مواجهة القهر، رفض الطائفية، التمسك بالأمل، وصياغة حلم الغد الأفضل.


‏---

‏المقدمة

‏حين يعجز الناس عن الكلام، تغني الشعوب.
‏فالموسيقا، في جوهرها، فعل مقاومة لا يقل شأنًا عن الثورة ذاتها. إنها اللغة التي تفلت من الرقابة، وتخترق الجدران، وتُبقي على الذاكرة حيّة في زمن النسيان.
‏الموسيقا لا تقاتل بالسلاح، بل تزرع في الإنسان شعورًا بالكرامة يجعله ينهض من جديد.
‏وفي عالمنا العربي، حيث الصراعات الطائفية والسياسية أنهكت النفوس، تصبح الأغنية صوتًا للوحدة ورفضًا للاستسلام ودعوة إلى الغد الأفضل.


‏---

‏الفصل الأول: الإطار النظري للموسيقا كمقاومة

‏المقاومة الثقافية هي القدرة على مواجهة الاحتلال الفكري والسياسي عبر أدوات غير عنيفة: الفن، الأدب، اللغة، والموسيقا.
‏تُعرّف الموسيقا في هذا السياق بأنها "ذاكرة شعبية" تحفظ ما لا تسجّله الوثائق الرسمية.
‏حين تُغنّي الشعوب آلامها، فإنها تعيد تعريف ذاتها وتمنح صوتًا لمن لا صوت لهم.

‏الموسيقا تعمل على مستويين:

‏1. نفسي – عاطفي: فهي تخلق التماسك الداخلي وتعزّز روح الانتماء.


‏2. اجتماعي – سياسي: إذ تحفّز العمل الجماعي وتمنح المقاومة رموزها وإيقاعها الجمعي.




‏---

‏الفصل الثاني: دروس من التاريخ العالمي

‏في أفريقيا وأمريكا، كانت الأغاني وسيلة لتبادل الرسائل بين العبيد وتنظيم الهروب من المزارع. أصبحت الإيقاعات وسيلة للثورة على العبودية.

‏في أمريكا اللاتينية، تحولت موسيقا فيكتور خارا وميرسيدس سوسا إلى صرخة ضد الديكتاتوريات، فدفع خارا حياته ثمنًا لصوته.

‏في أوروبا، كانت أغنية Bella Ciao رمزًا للمقاومة الإيطالية ضد الفاشية، وتحولت إلى ترنيمة عالمية للحرية.

‏في القرن العشرين، غنّى بوب ديلان ضد الحرب في فيتنام، وبوب مارلي ضد العنصرية، وجون لينون من أجل السلام.


‏تلك الأغاني لم تكن "تسلية"، بل بيانات سياسية بألحان خالدة.


‏---

‏الفصل الثالث: الموسيقا في العالم العربي – من التحرر إلى الوعي

‏الموسيقا العربية لطالما كانت مرآة للتحولات الاجتماعية والسياسية.
‏من أغنيات أم كلثوم في النضال الوطني إلى صوت عبد الحليم في ثورة يوليو، كانت الأغنية أداة تعبئة عاطفية للشعوب.
‏وفي مرحلة لاحقة، ظهر جيل جديد جعل من الموسيقا وسيلة للمساءلة السياسية:
‏مارسيل خليفة حمل قصائد درويش، زياد الرحباني سخِر من الطائفية والفساد، وسميح شقير جعل من العود سلاحًا في وجه الاستبداد.

‏في الانتفاضة الفلسطينية، لعبت الأناشيد دورًا هائلًا في تثبيت الهوية. كانت الأغنية سلاحًا شعبيًا يوحّد المخيمات ويمنح الناس إحساسًا بالقوة رغم الضعف.


‏---

‏الفصل الرابع: الموسيقا في سورية ولبنان وفلسطين

‏في سورية، واجه الفنانون خيارين: الصمت أو التعبير الصادق.
‏فكانت أغاني سميح شقير وأكرم زويتر وفرق شبابية حديثة تعبيرًا عن رفض الحرب والطائفية، وعن التمسك بالإنسان السوري كقيمة فوق كل الانقسامات.

‏في لبنان، غنّت فيروز للقدس، ثم غنّى زياد الرحباني ضد الحرب الأهلية بذكاء ساخر، رافضًا أن تُختزل الهوية اللبنانية في طائفة أو مذهب.

‏أما فلسطين، فكانت الأغنية سلاحًا في كل المراحل: من موطني وجفرا إلى أغاني الانتفاضة مثل منتصب القامة أمشي. الأغنية الفلسطينية تحولت من نشيد وطني إلى رمز إنساني عالمي للمقاومة.


‏---

‏الفصل الخامس: الموسيقا ضد الطائفية

‏حين يتقاتل الناس باسم الطائفة، تأتي الموسيقا لتذكّرهم بأنهم بشر قبل أي انتماء.
‏الفن الحقيقي لا ينتمي لطائفة، بل للإنسان.
‏الأغاني التي تغنّي للحب والسلام والوطن المشترك تمثل مقاومة رمزية ضد الخطاب الطائفي الذي يُقسّم الناس.

‏من أعمال زياد الرحباني إلى مشاريع موسيقية سورية ولبنانية حديثة، هناك محاولات لخلق موسيقا تتحدث بلسان الإنسان الموحَّد لا المذهبي المنغلق.


‏---

‏الفصل السادس: الموسيقا رفضٌ للاستسلام

‏في كل حرب، هناك من ينهار وهناك من يغني.
‏الموسيقا تمنح الإنسان القدرة على الوقوف حين ينهار العالم من حوله.
‏في الحروب الحديثة، وخصوصًا في سورية وفلسطين، كانت الأغنية طريقة لرفض الاستسلام للحزن.
‏هي تذكير بأن الهزيمة ليست قدرًا، وأن الكلمة المنغّمة يمكن أن تُعيد بناء ما دمّرته الحرب.


‏---

‏الفصل السابع: الموسيقا للغد الأفضل

‏الغناء ليس فقط عن الماضي، بل أيضًا عن الغد.
‏حين نعلّم أطفالنا الموسيقا، فإننا نزرع فيهم ذوقًا وحسًا بالحرية والإنسانية.
‏الفن يمكن أن يكون وسيلة لبناء وعي جديد يقوم على التسامح والمواطنة بدلاً من العنف والانقسام.

‏الموسيقا مدرسة في الجمال، لكنها أيضًا تدريب على الأمل.
‏إنها تقول لنا: يمكن للعالم أن يكون أجمل، فقط إذا غنّينا له بدل أن نحرقه.


‏---

‏الخاتمة

‏تُظهر تجارب التاريخ أن الموسيقا كانت دائمًا جزءًا من نضال الإنسان ضد الظلم.
‏هي الذاكرة التي لا يمكن محوها، والصوت الذي يخرج من بين الركام ليعلن أن الروح لم تمت.
‏لقد قاومت الشعوب بالموسيقا لأن اللحن لا يُعتقل، ولأن الأغنية قادرة على جمع ما فرّقته السياسة.
‏الموسيقا هي الوجه النبيل للمقاومة، لأنها تقاتل بالحب لا بالكراهية، وبالوعي لا بالعنف.


‏---

‏المراجع

‏مراجع عربية

‏1. عبد الفتاح، محمد. الأغنية العربية والهوية الوطنية. القاهرة: دار الشروق، 2010.


‏2. خليفة، مارسيل. الموسيقا والحرية. بيروت: دار الآداب، 2015.


‏3. درويش، محمود. ذاكرة للنسيان. بيروت: رياض الريّس، 1986.


‏4. شقير، سميح. الفن في زمن القهر. دمشق: دار الينابيع، 2009.



‏مراجع أجنبية

‏1. Eyerman, Ron & Jamison, Andrew. Music and Social Movements: Mobilizing Traditions in the Twentieth Century. Cambridge University Press, 1998.


‏2. Peddie, Ian. The Resisting Muse: Popular Music and Social Protest. Ashgate, 2006.


‏3. Denisoff, R. Serge. Sing a Song of Social Significance. Bowling Green State University, 1983.


‏4. Street, John. Music and Politics. Polity Press, 2012.


‏---

‏عن الباحث

‏محمد يوسف
‏كاتب ومترجم وباحث سوري يهتم بالعلاقة بين الفن والفكر والمجتمع، وبقضايا الهوية والمقاومة الثقافية في العالم العربي.
‏يرى أن الموسيقا ليست ترفًا، بل أداة مقاومة فكرية تحفظ ذاكرة الإنسان وتبني وعيه من جديد.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏فاوست في السياسة الدولية الحديثة: مفاهيم الصراع، القوة، وال ...
- ‏الفزعة عند العرب: دراسة تحليلية تاريخية-اجتماعية-سياسية
- ‏الفيزياء الكمية في السياسة الدولية: تأثير العلوم الحديثة عل ...
- تأثير فورر (Barnum / Forer Effect) ودوره في الحرب النفسية ال ...
- ‏المقاومة بالموسيقا: دروس من التاريخ
- ‏الناس الجوف: قراءة نقدية موثقة في الفراغ الوجودي من ت. س. إ ...
- ‏هل ستحل الدولة الدينية محل الدولة القومية في القرن الحادي و ...
- ‏مستقبل البشرية في عصر أنسنة الآلات
- ‏الدولة الدينية والدولة القومية
- الفكر الجهادي: فكر توسّعي عابر للحدود المكانية والزمانية
- التطرف في الأديان التوحيدية: اليهودية والمسيحية والإسلام
- خطف الأطفال: وصمة عار في جبين الإنسانية
- ‏الفلسفة والتكنولوجيا الحديثة: بين الوعود الإنسانية والمخاطر ...
- ‏تأثير فورر (Barnum Effect) وعلاقته بالإيمان بالأبراج الفلكي ...
- التناسخ: عرض لفلسفات الشعوب والأديان
- أين تذهب الروح بعد الوفاة
- ‏الخلود: ما له وما عليه
- رؤية لمستقبل الحياة
- ليليث في أساطير اليونان والرومان ووادي الرافدين والديانات ال ...
- بين خيبات الحياة ونور القلب


المزيد.....




- تحليل.. باستخدام المعادن النادرة والدبلوماسية البارعة والكثي ...
- كلب يشعل حريقًا في منزل مالكه.. كاميرا مراقبة ترصد مشهدًا صا ...
- ترامب يسعى للاستفادة من زخم اتفاق غزة.. كيف؟
- بعد انهيار الهدنة.. الدوحة تستضيف محادثات بين كابول وإسلام آ ...
- حملة -نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية-: موقفنا من تعديلات ...
- اتهامات بوجود -أثار تعذيب- على جثامين فلسطينيين سلمتها إسرائ ...
- هل يتعلم الجنين اللغات الأجنبية وهو في رحم أمه؟
- بعد تدهور سمعته.. الأمير البريطاني أندرو يتخلى عن لقبه الملك ...
- بين الفَوضى الخَلّاقة والتَّدمير الخَلّاق
- وكالة التصنيف الائتماني -ستاندرد آند بورز- تخفض تصنيف فرنسا ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏المقاومة بالموسيقا: دروس من التاريخ – من الصرخة إلى اللحن، من الوجع إلى الأمل