حسام أبو النصر
الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 16:51
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
أعلنت المكتبة الوطنية عن نتائج فوز الباحثين والتي جائت صادمة من حيث تشكيل اللجنة ومن حيث النتائج، فكما هو معروف لا يتم الاعلان عن أسماء اللجنة إلا بعد النتائج وهذا ما قد يكون أخر تدارك الأمر في بدايته، المهم من بين ٤١ بحث نجحت أربع أبحاث، والأصل طبعاً حسب الاعلان أن ينجح ٣ أبحاث المهم وضعوا الثالث مكرر، بدأت أول اشكالية في أن الاعلان جاء فيه المطلوب ١٥ ألف كلمة، وفعلاً أنا من الناس التي بدأت بالعمل على ذلك كون الموضوع عن غزة وفي مجال التخصص، وبعد أن قطعت شوطاً فيه، تم تعديل الإعلان بأنه أصبح ٨٠٠٠ كلمة وهذا ينسف جزء كبير من تخطيط البحث بحيث يجب اعادة صياغته ليتماشى مع عدد الكلمات المسموح وقد أرسلت لي المكتبة الوطنية رسالة تطلب رسمياً الالتزام بــــ ٨٠٠٠ كلمة فقط، المهم كان الهدف حسب ما طُلب مني من المكتبة أن أشارك رغم عدم اقتناعي بجدوى مثل هذه المشاركات ولا إقتناعي بأن يقيْمني أحد من اللجان المعينة تعيين، لكني تقدمت لها، بتشجيع عدة أطراف، المهم، أعلن أخيراً فوز البحث الأول وهو يناقش الحرف التي عادت للظهور خلال حرب الابادة على غزة، واتضح أن ما وصل له الباحث أن مهنة سياقة العربة التي يجرها حمار هي من ضمن هذه المهن التي تسمى العربجي وهذا موجود في إعلان الجائزة، مع أن العربجي لا تعد حرفة فلسطينية فهي كانت موجودة في أغلب الدول العربية وفلسطين ليس لها خصوصية في ذلك مطلقاً، الأهم أننا تركنا أهم الحرف في فلسطين، من صناعة فسيفساء، وصناعة فخار، وصناعة الخشب وصناعة الصدف، والأثواب المطرزة، والخ، لينجح بحث عن العربجي وهذا بحد ذاته يفتح الباب على مصرعيه لمناقشة كيفية اختيار الأبحاث الفائزة، أي النوع وليس فقط المنهج العلمي، هل يتوافق معنا وطنياً، هل يضيف لمكتبتنا الوطنية، هل حرفة العربجي اذا اعتبرناها حرفة ستضيف للواحة الثقافية، وهذا ذكرني بمؤتمر حضرته في جامعة بيرزيت بالتعاون مع مؤسسة الدراسات عن الاحتلال البريطاني لفلسطين، وفي أحد الجلسات تفاجئت أن أحد الأبحاث يتحدث عن أكبر مستشفى مجانين في الشرق الأوسط كان في فلسطين، وبحث آخر يتحدث عن ان أحد الرعاة اكتشف علاج عبر بعر الحمير (براز الحمير) المهم فقمت بمداخلة خاصة أن بعض الباحثين أجانب، وكنت صارماً، بأن فلسطين ليست مرتعاً للمجانين لينظر لها بهذه الزاوية وكأن الاحتلال جاء فلسطين ليجد فيها مجانين، والثانية أن فلسطين فيها كثير من الأطباء على مستوى العالم ولم آتي لأسمع عن بعر الحمير هذا تسخيف للبحث العلمي بل وللتطور الفلسطيني آنذاك، وأن هذه النظرة نفسها التي يريد الاستشراق أن يرسخها عن فلسطين كونها منطقة رجعية، قاحلة، بدائية، وغيرها من الأوصاف السلبية التحقيرية، طبعاً هذا أثار حفيظة الموجودين في القاعة وعلى الفيديو كونفرنس، المهم فوز بحث العربجي أعاد هذا المفهوم، المهم كانت لدي ملاحظات على جائزة المكتبة، منذ فترة شهرين، ورغم ذلك رأيت أن أتروى حتى تعلن النتائج ونتبين الحقائق كي لا نظلم في حكمنا، واليوم مع اعلان اللجنة النتائج تبين لنا الحقائق التالية:
١ اثنين من أعضاء اللجنة لا يحملون درجة الدكتوراة واعتقد في جائزة تتبع للمكتبة الوطنية وتابعة للدولة يجب على الأقل درجة بروفيسور من يقرر في مصير الأبحاث وعموماً نقبل بالدكتوراة، والأهم أن ٣ على الأقل من الفائزين يحملون درجة الدكتوراه فكيف يقيمهم لجنة فيها ماجستير!! فهل يجوز مثلاً ان يُدَرس برنامج الدكتوراه من معهم ماجستير!!
٢ أربعة ممن كانوا أعضاء اللجنة هم يعملون لصالح مراكز أبحاث خارجية، وهذا يؤكد أن الاختيار وفق أبحاث موجهة وقد يكون اختيارها موجه ولن أقول أكثر من ذلك.
٣ تبين أن إثنين من أعضاء اللجنة هم من جامعة بيرزيت، فيما أربعة من الذين حصلوا على المركز الثاني والثالث هم أيضاً من جامعة بيرزيت قسم الهندسة، ما هذه الصدفة! وهذا يضع اللجنة في خلل المصداقية.
٤ لوحظ أن هناك إسم كُرر مرتين في الجائزة وأعتقد أنه من غير المنطقي أن يستبعد ٣٠ بحثاً ويفوز أحدهم مرتين حتى لو كان انشتاين، وأصلا كيف يجوز أن يقدم في بحثين في جائزة دولة وحسب الجوائز الدولية لا يجوز أن تشارك في نفس البحث في جائزتين، فماذا عن مشاركة نفس الباحث في جائزة واحدة.
٥ عندما أرسلت الملاحظات للعدد من الباحثين تطابقت مع خمسة من باحثي غزة، تتضمن ملاحظتين مكررتين لكل الباحثين وهي أن البحث جاء سردياً، وأن البحث ناقص، أما عن الملاحظة الأولى فقد جاء في إعلان الجائزة أن الهدف هو توثيق التدمير الثقافي في غزة، وكلمة توثيق تعني أن منهج البحث المستخدم الأصل أن يكون وصفي تحليلي تاريخي، أما من فازو يحمل منهجهم ماذا! التجريبي او استنباطي مثلا!! إضافة أن إعلان المسابقة جاء ليؤكد أن الهدف رفع الوعي بالآثار والتراث والثقافة وغيره، طب رفع الوعي يتطلب منهج تطبيقي!!! أم وصفي تحليلي، أي أن هذا ما طلب منا والنتائج جائت عكسه، وهذا يدل أنه كان هناك إشكالية ولغط وخلط لدى اللجنة حول صفة البحث بحد ذاته، خاصة أن الجائزة تقع ضمن العلوم الانسانية، في حين أربعة من الفائزين من خارج العلوم الانسانية.
أما الملاحظة الثانية من اللجنة أن الأبحاث ناقصة، فالكمال لله وحده وهذا علو من اللجنة ويدل على نقص في دراية التحكيم، لأن لا بحث في العالم يأتي كامل وإلا لما جاء علماء ليكملوا مسيرة علماء.
٦ أن أربعة من الفائزين هم تخصصهم هندسة معمارية وليس لهم علاقة بالتاريخ والأثار والتراث، وهذا يؤكد الخلط بين عنوان الجائزة ومضمون الفائزين.
الملاحظة الأهم أن جائزة تحمل اسم غزة ولم يفز من ٦ اسماء سوى باحث ليس مقيم في غزة، وهذا يضع علامة استفهام، ويؤكد أن حتى البعد الانساني والتوزيع الجغرافي للجائزة غير مشمول، وغير منطقي وغير وغير، ومن غير المعقول أن جائزة تحمل اسم غزة، لم يفز من ستة إلا واحد وليس مقيم في غزة، وأدقق على جملة ليس مقيم في غزة لأن الأولوية كانت لباحثي غزة، ولا أعتقد أن غزة خالية من الباحثين النوعيين، وقد أرسلت هذه الملاحظات إلى المكتبة الوطنية على أمل الأخذ بها، لكن دون جدوى وطلبت منهم إلغاء اعلان النتائج وتشكيل لجنة محايدة لاعادة النظر بكل ما سبق، والتأكد منه مما يعني أن النتائج ستكون مختلفة.
ثانياً، إعادة النظر في تشكيل اللجنة العلمية للجائزة بما يتماشى مع المعايير الدولية علما أن اللجنة السابقة أيضاً لم تحمل معايير علمية.
ثالثاً، الأخذ بعين الاعتبار التوزيع الجغرافي للجائزة ولا أعتقد أن غزة لا يوجد فيها باحثين أكفاء، ولا أعتقد أن غزة لم تعد أدرى بشعابها
رابعاً، إلغاء نتائج هذا العام بما تحمله من مدخلات غير صحيحة أدت لمخرجات غير صحيحة
خامساً، عدم الأخذ بكل الملاحظات السابقة يضرب مصداقية الجائزة والمكتبة الوطنية بإعتبارها القائمة عليها.
أخيراً فإن الهدف الرئيس هو مشاركة أكبر كم من الباحثين والحصول على أبحاث ترفع من شأن الوعي والمكتبة والثقافة الفلسطينية، ولكن هذه الملاحظات الجوهرية تؤكد عزوف الباحثين عن التقديم لجوائز بعد الآن، ويضرب المصداقية.
وهذا يحيلني إلى انتقاد سابق للكاتبين، حسن خضر ومهند عبد الحميد عن ألية اختيار اللجان في الجوائز وقد اعترضوا على تكريم ٤٠ مؤرخ لافتقاد معايير اختيار اللجنة واختيار المؤرخين رغم الموضوع لا يوجد به جائزة، فيما غاب صوتهم عندما تعلق الأمر بجائزة المكتبة الوطنية أو جوائز أخرى في انتقائية واضحة وفاضحة، وها قد قدمنا ملاحظات علمية على ألية إختيار لجنة أحدها متخصص لغة انجليزية وليس له علاقة بتخصص عنوان الجائزة، فالأصل أن أغلب اللجنة يجيدون اللغة الانجليزية بما أنهم حملة درجات علمية عليا، فلماذا يكون هناك تخصص لغة انجليزية إذن!!، والصدفة الأخرى انه فاز البحث الثالث مكرر باللغة الانجليزية، أيضاً صدفة!!، وهذا المقال يفند اشكالية البحث العلمي وما وصلنا له.
#حسام_أبو_النصر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟