أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسام أبو النصر - حوراني وذاكرة الثورة الفلسطينية















المزيد.....



حوراني وذاكرة الثورة الفلسطينية


حسام أبو النصر

الحوار المتمدن-العدد: 7582 - 2023 / 4 / 15 - 22:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد ارتبط اسم فيصل حوراني بمركز الأبحاث في أواخر السبعينات القرن الماضي، وكان ذلك من حسن حظ المركز (عنوانه، بناية الدكتور راجي نصر، شارع كولومباني المتفرع من شارع السادات ، راس بيروت) ، حيث كان أهم شاهد على حادثة النهب والاجتياح، بعد أن انتقل في العام 1979م، من دمشق إلى بيروت ليعمل في مركز الأبحاث وهناك تسلّم رئاسة قسمين فيه: الدراسات الفلسطينيّة والدراسات الدوليّة، ثمّ أُضيفت إلى مسؤوليّته سكرتير تحرير شهرية المركز "شؤون فلسطينيّة"، وبعدها مدير التحرير.
كل ذلك جاء بعد انفصاله عن حزب البعث في سوريا وهو شاب، حيث عاش ونشأ ودرس في دمشق، وكان يسارياً ماركسياً والتحق في بداياته بحزب البعث العربي الاشتراكي لفترة قصيرة وكانت تجربته الأهم عمله في "جريدة البعث"، وفي إذاعة دمشق، محللًا ومعلقًا سياسيًا لسنوات طويلة، بعدها تم فصله وتلقفته المؤسسات السورية الثقافية ووزارة الثقافة في عهد الوزيرة نجاح العطار التي كانت راعية لليساريين مع رئيس "المؤسسة العامة للكتاب والترجمة" أنطوان مقدسي،
مما أتاح له نشر كتبه ومقالاته الأولى قبل أن ينتقل إلى لبنان عام 1979 ويعمل في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في "مركز الأبحاث الفلسطيني" وفي "الإعلام الموحّد الفلسطيني" الذي كان يرأسه عبدالله الحوراني آنذاك.
*حوراني شاهد على عدوان المركز 1982:
عايش حوراني الحصار الذي استمرّ قرابة ثمانين يوماً، وقد بقي مركز الأبحاث قائماً بعمله بالمقدار الذي تتيحه ظروف هذا الحصار، حتى ايلول 1982م، ليحاصر الجيش الإسرائيليّ المنطقة، وجرت المفاوضات المعروفة، وكانت شائكة حيث استخدم فيها عرفات قدراته المشهود له بها على المناورة، وقد حصلت القيادة الفلسطينيّة على ضمانات دوليّة بأن لا يتعرّض المدنيّون الفلسطينيّون ومؤسّساتهم لأيّ سوء من قبل جيش الغزو الإسرائيلي، ولقد كان فيصل حوراني، بصحبة القائد الفلسطينيّ المرحوم صلاح خلف "أبو إياد" حين تلقّى مكالمة هاتفية من أمين الجميّل، وقد أسمع "أبو إياد"، حوراني ما قاله الجميّل، حيث كرّر تعهده حين صار الرئيس اللبنانيّ بحماية مركز الأبحاث والمؤسسات الأخرى، لكن حوراني وقتها أخذ بالضمانات الدوليّة، خصوصاً التي قدّمتها إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ريغان عبر مبعوثه الشخصيّ فيليب حبيب (لبنانيّ الأصل)، والذي أدار المفاوضات، وأظهر، أنّه إسرائيليّ أكثر من الإسرائيليّين عدوانيّة، لكن لم يأخذ حوراني الضمانات اللبنانيّة على محمل الجد ولم يعوّل عليها، وبعد ذلك، لم تُقمْ إسرائيل وزناً لتعهّداتها الدوليّة، وما أن أُخرج المقاتلون الفلسطينيّون من عاصمة لبنان، حتّى اجتاحت إسرائيل غرب بيروت. وحين بدأ جيش إسرائيل اجتياحه الأوّل لعاصمة دولة عربيّة، ودخل بيروت الغربية في 15/9/1982م، كان حوراني وزملاءه في المركز، إبّان انهماكهم في العمل الذي بدأوه قبل أيّام لتهيئة المركز لأداء المطلوب منه في الظروف المستجدّة، وحين تأكّد لهم أن جيش الاجتياح بلغ مستديرة الكولا، وتوجّه نحو كورنيش المزرعة في طريقه إلى منطقتهم، قدّروا أن أمامه ما لن يزيد كثيراً عن ساعة واحدة ليبلغ مبنى مركزهم، فإنصرفوا إلى إخلاء ما يمكن إخلاؤه من موجودات المركز ممّا قد يؤدي وقوعه في أيدي العدوّ إلى أضرار شخصيّة بالعاملين، وحين عرفوا أن المجتاحين المتّجهين نحو رأس بيروت قد بلغو منطقة الروشة، صدرت التعليمات للعاملين كلّهم بالتفرّق فرادى أو في جماعات صغيرة والبحث عن مخابئ تؤويهم، وحوراني في بحثه المتلهّف عن مخبأ، وضعت الصدفُ أمامه سيّدة لبنانية تنتمي لأسرة مسيحيّة، وهي من معارفه الموثوقين، فتوفّر له مخبأ غير بعيد عن المركز، وتولّى أعضاء الأسرة تأمين اتصالاته بكلّ من إحتاج الاتصال به، فقضى فترة الاختباء في مأمن دون أن يتعرّض للعزلة.
وقتها، وقعت مجزرة صبرا وشاتيلا. وقد بلغ الحوراني عبر اتصالاته وهو في المخبأ أن جنرال المجازر الإسرائيليّ أرييل شارون، في هذه الاثناء ظن الجنود الاسرائيليون عند وصولهم أن بناية المركز مفخخة، بسبب فراغها من أي موظف، كل ذلك حدث بعد إخراج المقاتلين الفلسطينيين من المنطقة، فقاموا بعملية تمشيط في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني قامت وحدة بمهاجمة مبنى المركز واقتحامه، وشرعت الوحدة الإسرائيلية الغازية بعملية نهب محتوياته، وفي الوقت نفسه قامت وحدة الاستخبارات الإسرائيلية أثناء وجودها في بيروت بملاحقة المسؤولين عن المركز، فإقتحمت عدداً من البيوت التي تفترض وجودهم فيها، وإذا كانت عملية المطاردة قد فشلت، فإن عملية التخريب قد نجحت في تحقيق أهدافها الإجرامية إلى حد بعيد.
وقد أُبلغ حوراني من قبل صحافيّة أميركيّة مستعربة كانت تتردّد على المركز وتستفيد من الخدمات التي يوفّرها، وعقدت صداقات وطيدة مع عدد من العاملين فيه، ومن ضمنهم حوراني، فأبلغته أنّها، وهي تقطن في شقّة السطح في عمارة تطلّ على بناية المركز، عدّت خمسة وثلاثين شاحنة عسكرية متهيّئة لنقل ما ينقله إليها جنود إسرائيل من موجودات المركز، في ما بدا لها أنّها عملية نهب شاملة، وقد اتفق حوراني معها على أن تُجري هي مقابلة مع قائد الوحدة العسكريّة الإسرائيليّة التي تقوم بنهب المركز الفلسطينيّ؛ فإستهواها ذلك، وانسحب الإسرائيليون مخلفين وراءهم خراب شبه كامل في مركز الأبحاث كم وثقه حوراني.
*حوراني شاهد على عدوان المركز 1983م:
بعد عام من نهب المركز، بقي حوراني وزملاءه في المركز في حالة انهماك في روتين العمل إلا أن ثمة هاجس وخوف مرتقب يسيطر على الأجواء, فالكل كان على علم عبر وسائط مختلفة "صديقة وغير صديقة" بالتهديدات التي طالتهم وطالت مديرهم شخصياً صبري جريس, ورغم شعور الاطمئنان الذي يوحيه منظر رجال الدرك اللبناني إلا أن الاعتداء على مركز الأبحاث، لم يتأخّر طويلاً.
ويذكر خلال اضطرابات لبنان، وقبل الاجتياح، بذل حوراني، مدير تحرير شؤون فلسطينية، جهوداً استثنائية على رغم خطورة الوضع، لإصدار المجلة في موعدها، ومعه أحمد شاهين، وهو كاتب وصحافي ومعارض سوري وجد في م.ت.ف بيته المعنوي، وكان مشرفاً على نشرة رصد إذاعة إسرائيل.
كان الجميع يعملون كخلية نحل استثنائية، وكان الهم الوطني هو الهم الطاغي، وما صدر من أعداد “شؤون فلسطينية” في الفترة الواقعة ما بين نهب محتويات المركز، وتاريخ نسفه كان بمثابة بيان أكاديمي ذي طابع كفاحي ووطني من الطراز الأول.
تمكن المركز من إصدار ثلاثة أعداد من “شؤون فلسطينية” في بيروت، وهي الأعداد: 128-129- (130-133). لكن شعور العاملين في المركز، وعلى رغم الحماس والالتزام الواضح، كان أن ثمة عدواناً قادماً على المركز والعاملين فيه، لا محالة، إلى أن وقع الانفجار المروع، وقد انتظم صدور مجلة شؤون فلسطينية منذ آذار 1971 حتى حادث التفجير الذي تعرّض له المركز في الخامس من شباط (فبراير) 1983، فمع اقتراب نهاية الدوام الرسمي في ذلك التاريخ، بات الجميع متعجلاً لإنهاء العمل والتخلص من حالة القلق بمغادرة المبنى، ذلك أن المدير العام جريس كان شديد الحرص على الالتزام بالدوام وساعاته، وهي من الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً، في تمامها وكمالها. ويبدو أن من راقب المركز وخطط لتدميره واغتيال من فيه أخذ هذه الحقيقة في عين الاعتبار، وجعل الدقيقة الثامنة والخمسين بعد الواحدة، توقيتاً لانفجار سيارة ملغومة، حيث دوّى انفجار سيارة محمّلة, (حسب التقارير الأمنية اللبنانية) بحوالي 30 كغ من مادة الهوكسيجين شديدة الانفجار- ما يعادل 250 كغ من الديناميت-وما هي إلا دقائق حتى تحول المبنى إلى ساحة حرب حقيقية واستشهد وأصيب عدد كبير من كوادر المركز.
*حوراني إلى نيقوسيا:
وقعت التطوّرات التي أفضت إلى إلغاء وجود مركز الأبحاث في بيروت بعد التفجيره بيروت، صدر قرار رسمي لبناني يقضي بإغلاق المركز نهائياً، وأضحى جميع العاملين فيه عرضة للاعتقال والملاحقة والتحقيق. من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، اعتُقل خلالها فيصل حوراني مدير تحرير "شؤون فلسطينية"، من قبل سلطات لبنان الجديدة، وبعد التحقيق معه في مبنى الأمن العامّ اللبنانيّ، صدر القرارُ بإبعاده عن لبنان، واقتاده رجلاً أمن ألقياه في طائرة مغادرة إلى قبرص وهو مقيّد اليدين، وبعد أيّام، اعتقل صبري جريس، وتم التحقيق معه، وتم إبعاده إلى دمشق، بالرغم من الحصانة الدبلوماسيّة التي يتمتّع بها، ثم إلى قبرص حيث كان حوراني في انتظاره، كما اعتقل أحمد شاهين، وتم إبعاده أيضاً إلى قبرص, وتعرّض آخرون من العاملين في المركز إلى الاعتقال أو الإبعاد، ولم يبق من مركز الأبحاث ما يُعتدّ به، وكان كل ذلك بمثابة الإعلان عن طيّ صفحة مركز الأبحاث الفلسطيني الذي انطلق في بيروت, وجرتْ محاولات شارك فيها قادة كثيرون لإقناع سلطات أيّ دولة عربيّة من الدول المحيطة بإسرائيل بأن تأذن بأن يعاد تأسيس المركز في عاصمة هذه الدولة أو تلك، وذاك دون طائل، لذلك كان توجّه، جريس وحوراني ومن انضمّ إليهم ممن أبُعدوا عن لبنان، إلى إعادة تأسيس المركز في نيقوسيا، ومنهم محمود النجار، ومحمد عبد الرحمن، خليل السعدي، طلعت موسى، وقد غادر اغلبهم إلى صنعاء، ثم بعدها إلى قبرص، ليعمل جزء منهم في المركز هناك، وكان من ضمن الفريق آنذاك أيضاً: حمدان بدر، مكرم يونس، هاني عبد الله، علي عبد الله، وسلوى خوري، وكيتي الفار، رغم أن القائد أبو عمار بعد حرب 1982- 1983م، وخلال إجتماعه بشفيق الوزان رئيس وزراء لبنان آنذاك، قد طلب أن يُسمح لموظفي مركز الأبحاث المنتهية اقاماتهم في لبنان بالمغادرة على أن يعودوا بعد ثلاثة شهور، وتجدد إقاماتهم، ولكن للأسف، لم يعد أحد من موظفي المركز بعدها بسبب عدم إلتزام الوزان بذلك. وما نُقل إلى قبرص يعد شيء بسيط مما تبقى من مركز الأبحاث في بيروت، منها مجلة شؤون فلسطينية، لتصبح نيقوسيا مقراً لها، وبإنتقال المركز دخل دورة الاحتضار وبقي بقوة الاستمرار، ولولا إخلاص قلة قليلة من الباحثين منهم حوراني لجاز لنا أن نسدل الستار على المركز منذ خروجه من بيروت.
وتوقفت شؤون فلسطينية عن الصدور بعد حادث التفجير، استأنفت صدورها بإنتظام من جديد، في أكتوبر 1984 ، وهذه المرة من مقر المركز في نيقوسيا من خلال مدير تحريرها حوراني.
ورغم عمل حوراني في مركز الأبحاث فقد توالت مقالاته في أسبوعية فلسطين الثورة التي كانت تصدر في نيقوسيا وكان رئيس تحريرها الفعلي (مدير التحرير) حسن البطل وهو صديق قديم تجمعه علاقة نسب بحوراني، وبالرغم من تعففه فإن حسن لم يردعه عن أي مغالاة فقد كان غيظه من حصار طرابلس شديداً مثل غيظ حوراني وربما اشد منه، مما جعله مستهدفاً، حيث زاره في عمله في مركز الأبحاث مسؤول المحطة الأمنية الفلسطينية في قبرص (اسمه الرمزي عادل) وابلغه أن عرفات شخصياً اتصل به من تونس وامره بأن يتدبر أمر نقل حوراني إلى شقة سرية في أثينا ثم أضاف عادل أنه دبر شقة في عاصمة اليونان، والسبب ان هناك معلومات موثوقة من دمشق أظهرت أن دورية مخابرات قد تلقت أمراً بإغتياله في قبرص وان هذه الدورية على وشك المغادرة إلى الجزيرة، ولم يستجيب حوراني للأمر.
وقد شارك حوراني زميله صلاح عبد الله في قسم اليوميات، حيث يعد صلاح ما يستقى من الصحف التي تصدر في إسرائيل باللغة العبرية، ويعد هو ما يستقيه من ثلاث صحف فلسطينية تصدر بالعربية أو أربع صحف، ويستخلص الوقائع من مصادر كثيرة أوجبت كثرتها أن يضم قسم اليوميات عدداً كبيراً من الباحثين يشاركون في اعدادهم، وكانوا ينشر ما يعده هؤلاء في مجلدين سنويين كبيرين يصدر كل منها كل ستة أشهر، أما في قبرص حيث شحت المصادر والميزانيات فصار عليهم الاثنين (حوراني، وعبد الله) أن يعدا ما يمكن نشره في شهرية المركز في ثلاث صفحات أو أربع على الأكثر كل شهر أو كل شهرين . ولأن الضارة قد تصير نافعة (بعد خلافه مع جريس) فصار ينجز عمله اليومي في ساعة واحدة ويشغل بقية وقت العمل في استكمال كتابين له شرع في تأليفهما منذ كان في بيروت، فنشر احداهما عند مغادرته، ونشر الثاني بعدها في قبرص، وهما من أفضل كتبه الأكاديمية وهما جذور الرفض الفلسطيني 1918-1948والعمل العربي المشترك وإسرائيل ورفض والقبول 1944 – 1948 "
*حوراني شاهد على صفقة التبادل ومصير الأرشيف:
بعد عملية النورس قامت في القيادة العامة الجبهة الشعبية بإتمام الصفقة، وتحركت ثلاث طائرات فرنسية ومحملة بـ 113 صندوق، كل صندوق بسعة سيارة، وصلت الطائرات الفرنسية من نوع جامبو إلى مطار الجزائر العاصمة يوم 23 نوفمبر1983م وكان في استقبال الصناديق عيسى الحفيظ، ومنذر الدجاني، ودينا عبد الحميد، وصلاح خلف، ومحمود أبو النصر ممثل م.ت.ف في مطار الجزائر، ومندوبة من الصليب الأحمر (رموند دوفي) ومعها (ستوكلين) (التي استلمت منه ملف الشرق الاوسط فيما بعد)، وقد صاحبت الطائرة من تل أبيب إلى القاهرة إلى الجزائر، ليصل مائة وثلاثة عشر صندوقاً خشبياً، بعد ان استجابت إسرائيل لمطالب م.ت.ف الخاصة بعملية تبادل الأسرى، بواسطة الصليب الأحمر، وكانت محتويات مركز الأبحاث مطلباً رئيسياً من المطالب الفلسطينية تم ترحيل الصناديق إلى معسكر الخروبة في الجزائر.
وقد أرخ حوراني لذلك من خلال نشر القصّة الكاملة لنهب مركز الأبحاث الفلسطيني ببيروت، حيث عني بأن يستفهم عمّا خزّنه في هذا الارشيف قادةٌ عرفهم وعرف ما فعلوه، وأورد اسمين، هما ياسر عرفات وخالد الحسن "أبو سعيد"، وقد علم أنّ ما خزّناه آل بعد رحيلهما إلى أيدٍ أمينة. بينما يمكن أن يَعُدّه بعضهم سرّياً، وُجد في أرشيف مركز الأبحاث أشرطة، قليلة جداً، سَجّل عليها أصحابها شهاداتهم عن مهام قاموا بها، ثمّ لم يحن وقت الافصاح عن تفاصيلها. وهناك مثلاً واحداً عن الأشرطة التي سجّلها حوراني للدكتور المرحوم عصام سرطاوي عن مساعيه مع قادة الإشتراكية الدوليّة، وفي المقدّمة، ممّا اشتهر أمره، لقاءاته مع رئيس حكومة النمسا اليهودي برونو كرايسكي، ومسجّلو هذه الأشرطة كانوا يطلبون عدم وضعها لاطّلاع الجمهور إلا بعد انقضاء عدد قليل أو كثير من السنين أو حتّى بعد رحيلهم، فمثل هذه الأشرطة كانت قليلة العدد، كانت توضع في خزانةٍ حديديّةٍ يملك مفتاحها المدير العامّ للمركز وحده وهي موجوده في حجرة مكتبه.
حيث كانت القيادة قد أجرت الاتصالات اللازمة مع الدول الصديقة، وبالذات الاتحاد السوفياتي، فبدأ دبلوماسيّو هذه الدول في إخلاء كلّ ما هو ثمين ماديّاً أو معنويّاً من بيروت إلى البقاع. وهكذا، خرجت من بيروت، وذكر هنا حوراني جهود دبلوماسيّ سوفياتيّ صديقه، خدم في أكثر من بلد عربي واحد، وانتهى به الأمر إلى أن صار المستشار الثقافيّ في السفارة السوفياتيّة في بيروت والمدير الاقليميّ لمكاتب وكالة أنباء نوفوستي في عدد من الدول العربيّة، السوفياتيّ محبّ الفلسطينيّين المستعرب (ألكساندر سميرنوف)، فقد ألف أن يقود بنفسه سيّارةً تحمل أثمن ما تملكه م.ت.ف. لتنقله إلى البقاع، أو حتى إلى دمشق، متسلّحاً بحصانته الدبلوماسيّة وفارضاً حتّى على زعران حواجز المتعاونين مع إسرائيل، وليس على الإسرائيليّين وحدهم، أن يحترموا حصانة ممثّل الدولة العظمى. وما فعله سميرنوف فعله دبلوماسيّون آخرون من زملائه السوفيات ومن رفاقه البلغار على وجه الخصوص، ومن غيرهم.
واتصلت السفارة الفرنسيّة بالقيادة الفلسطينيّة، حين تقرّر خروج المقاتلين الفلسطينيّين من بيروت. وعرضت السفارة على القيادة أن تنقل المؤسّسات الثقافيّة الفلسطينيّة أيّ موادّ من طبيعة ثقافيّة إلى مبنى السفارة في رأس بيروت، وتعهّدت أن توصل فرنسا هذه المواد إلى أيّ عناوين خارج لبنان يطلبُ أصحاب الموادّ إيصالها إليها. وكُلّف حوراني من قبل القيادة بأن يبلغ هذا العرض الفرنسيّ إلى مؤسّساتنا المعنيّة به. فاتصل بهم، وتأكّد من المسؤولين الذين اتصل بهم في كل مؤسّسة أنّهم يعرفون عنوان السفارة الفرنسيّة ويملكون الوسائل اللازمة لنقل كنوزهم الثقافيّة إليها. أمّا على صعيد الواقع، فإنّ حزماً قليلة العدد وصلت إلى السفارة، وكان منها حزمتان لهما أهمّيّة خاصّة: حزمةُ أشرطة أرسلتها إذاعة فلسطين في بيروت، ما زالت الإذاعة التي انتقلت إلى الوطن بعد أوسلو تستخدمها إلى اليوم، وحزمةٌ أخرى فيها ثروةٌ من الصور التي التقطها مصوّرو الوكالة الفلسطينيّة للأنباء ”وفا"، وعرف حوراني بعد إخراجه من بيروت أن صديقه المرحوم مصطفى أبو علي، رئيس قسم السينما في م.ت.ف، قد أفلح في نقل جانبٍ لا بأس به من كنوز قسمه. وحين سأله عن وسيلته، كادت الدموع تفرّ من عينيه: "لم أفلح في نقل كلّ شيء"، فإحترم حوراني حزنه الموجع، ولم يكرّر سؤاله.
*حوراني يغادر مركز الأبحاث:
اشتدت الخصومة السياسية مع المدير العام لمركز الأبحاث بعد أن انتقل المركز من بيروت، بعد انعقاد الدورة السابعة عشرة من دورات المجلس الوطني الفلسطيني عام 1984 ، وقد حضرها حوراني ليكون صوت المقاطعين من الفصائل.
وبعد عودته إلى مقر عمله في قبرص نشر له حسن البطل مدير تحرير أسبوعية الثورة الفسطينية، اربع مقالات عبر فيها عن بعض الملاحظات السلبية على دورة عمان، بعدها ما لبث مدير العام جريس أن ارسل لحوراني ( الذي كان موعود أن يصبح رئيساً للتحرير بدلاً من مدير التحرير)، مقالاً كتبه بعنوان عشرون سنة من الكفاح المسلح نحو نظام فلسطيني جديد، وذلك لينشره في مجلة المركز الشهرية وبعد اطلاع حوراني على المقال نصحه بأن لا ينشر هذا المقال، لأنه قد يضطر للرد عليه.
وبعد مماحكات بيروقراطية نشر جريس مقاله في العدد المزدوج من شؤون فلسطينية ذي رقمين 142 و143 يناير وفبراير 1985، فقام حوراني بالرد عليه وتفنيد المغالطات، فأصدر جريس بصفته المدير العام أمراً إداريا إلى رئيس شعبة الطباعة (محمود الخطيب) يطالبه بأن يسحب رده من المطبعة ويمنعهم من طبعه اذا أرسله لهم مرة أخرى، إزاء هذا السلوك قدم حوراني استقالته الفورية من منصب مدير التحرير، ونشر المقال في أسبوعية الحرية الناطقة باسم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي انتقلت أيضاً إلى قبرص بواسطة داوود تلحمي، وكان عنوان المقال : قراءة لمقالة صبري جريس ومرض الطفولة اليميني.
كان سميح شبيب ليس فقط زميلاً لحوراني بل صديقاً وهو العارف بأحواله كلها بما فيها حالته الصحية، حيث أنه فقد الإبصار بواحدة من عينه أثناء الحرب التي أبعدته عن مسقط رأسه، وفقده السمع بواحدة من أذنيه في حرب أخرى من الحروب التي لحقته في المنفى، فصار لا يرى محدّثه إن جلس على يساره ولا يسمعه إن جلس على يمينه، إضافة إلى داء احتله ولا شفاء له في ظهره، واحتلّ داء آخر لا شفاء له صدره"، إلا أن كل ذلك لم يثنيه عن العطاء مما جعله مميزاً عن غيره، في تحمله وجلده وصبره، لذلك عز على شبيب ان يعمل حوراني في حجرة يضر جوها بصحته فدعاه إلى استخدام حجرته أثناء العمل.
فتلك الفترة كان حوراني مضطر إلى البقاء في مركز الأبحاث من الثامنة صباحاً إلى الثانية والنصف بعد الظهر، فيجيىء إلى المنزل على عجل قرابة الثالثة بعد الظهر ويأكل على عجل ما كانت تعده زوجته ثم يغفو لبضع دقائق ويتوجه بعدها إلى مكتبه في أسبوعية الحرية وقد تعاون مع جميل هلال وزكريا محمد في تأسيس مجلة فصلية سموها (قضايا فكرية) فزادت اشغاله ولم يعد قادراً على أن يرجع إلى منزله إلا قرابة منتصف الليل فلا يبقى لديه من أيام الاسبوع إلا الأحد ليخصصه لحياته العائلية.
وكان جريس قد أصدر قرار بوقف حوراني عن العمل، وقد قرأ عرفات القرار بإمعان ثم حول الرسالة فيصل وما فيها إلى أبي جهاد، وحينها قال:" أن فيصل ينشر ما يكتبه ضد الثورة معولاً على حمايتي له. ولن يفهم (جريس) أني لن افرط بوجود فيصل بداخل ساحتنا، اتصلت مرة قبل هذه المرة بصبري ولن أكرر الاتصال به (أبو جهاد) فإتصل به أنت ليفهم أننا جميعنا في قيادة الثورة لو لم نحظ بناقد مثل فيصل منزه عن أي غرض شخصي ولا ينشر انتقادته للثورة الا في منابر فلسطينية لتوجب ان نخترع ناقداً مثله". وقد طلب عرفات من أبو جهاد للتدخل وإلغاء القرار.
كان عرفات يحب فيصل، لدرجة أنه في احدى الجلسات اعتبره يمثل فصيل لوحده وجعله يحضر اجتماع الأمناء العامين، وبقيت الخصومة مع المدير العام حتى نهاية العام 1988، كانت معاناة حوراني في المركز قد بلغت حدا لم يعد في مقدوره احتماله، فنبتت في ذهنه فكرة أن يستقيل، ومع بداية العام 1989 استقر رأيه على مطالبة عرفات بأن يفرغه للكتابة وخلال دعوة حوراني لحضور الاجتماع نصف السنوي للمجلس الوطني الأعلى للتربية والثقافة والعلوم في القاهرة، فاتح عرفات بحاجته للتفرغ للكتابة، فوافق مع الترحيب وقال لحوراني: "تحقيق طلبك بحاجة الى إجراءات إدارية، تعال الي في تونس وخير البر عاجله"
رغم أنه لم يكن في أنظمة م ت ف أي بند يجيز تفريغ أي كاتب للكتابة وحدها لكن ياسر عرفات ابتكر طريقة تفرغ فيصل بطريقة لا تخالف أنظمة م.ت.ف، فسماه عرفات (مستخدماً صلاحياته)، مسؤول الاعلام الفلسطيني في اوربا وحدد مدينة فيينا مقراً له تماماً كما طلب من رئيس دائرة الإعلام ياسر عبد ربه أن يمهر هذا القرار بتوقيعه هو الآخر عليه فوقع على القرار دون أي تردد، وقد التقى بعد سنوات طويلة حوراني مع جريس في بيت صديق مشترك وتعانقا، لأن حوراني كان يعتبر مهنة الكتابة تشبه إلى حد بعيد مهنة الرهبة وان التسامح وقبول الرأي الآخر دون امتعاض، هما موجهاً للسلوك في المهنتين.
*حوراني وما بعد مركز الأبحاث:
بعد أن استقال حوراني من المركز الأبحاث تفرّغ كليّاً للكتابة، وفقد الصلة المباشرة بالمركز، لكنه لم يفقد الاهتمام بمعرفة مصير المكتبة والأرشيف المستعادين. وقد اتصل بمقرّ المركز في رام الله، بعد أن شكل إعادةً متواضعة لتأسيسه، عن أمور يحتاج لتذكّرها من أجل مقابلة، فعرف شبيب أنه بصدد تقديم القصّة الكاملة لحكاية نهب مركز الأبحاث، وقدّم د. شبيب له بشرى لم يتوقّعها أنه جَمّعت السلطات الجزائرية ما وقعت عليه من حاويات مركز الأبحاث، وتفحّصتها وأرسلت قائمة مفصّلة بما تضمّه، وأظهر استعراض القائمة أنّ الحاويات ضمّت فعلاً جزءاً كبيراً من المكتبة والأرشيف الذين نُهبا في العام 1982، ووعدت سلطات الجزائر بأن تشحن هذا الكنز، الذي يضمّ سبعين حاوية من الحاويات المائة والأربع عشرة، وتوصله إلى المركز في رام الله. واعتبر حوراني أنه لم يتلقى نبأ عامّاً واحداً خلال السنوات العشرين الأخيرة فأسعده، بمقدار ما أسعده هذا النبأ.
وبعد استقالة حوراني حذف اسمه من هيئة التحرير، فإستنتج اصحابه في اليومية البيروتية أنه فقد منصبه فإتصلوا به مستفهمين فأكد لهم بالطبع أنه استقال فنشروا النبأ، وفي نهاية مسار شاق استقال حوراني من مركز الأبحاث وتفرغ للكتابة والاقامة في فيينا حيث تعرف على زوجته باولا في اليوم التالي ليوم وصوله عاصمة النمسا وأعتقد أن جريس كان له الفضل لأنه دفعه للاستقالة!. وبقي حوراني يتقاضى راتبه الشهري طيلة السنوات الممتدة من منتصف العام 1985 إلى المنتصف العام 1989 محسوماً منه عشرة بالمائة.
ببليوغرافيا حوراني في مجلة شؤون فلسطينية:
كتب فيصل حوراني أهم المقالات في شؤون فلسطينية على مدار سنوات منذ التحاقه بها عام 1979 حيث سجل أول مقاله له فيها بعنوان، أبعد من الصمود العدد 96، ص 3، في نوفمبر 1979 وكان صبري جريس المدير العام، ومحمود درويش رئيس تحرير المجلة، فيما المقال الثاني كان بعنوان: الميثاق الوطني وموقعه في سياق الفكر السياسي الفلسطيني ص 9، العدد 97 ديسمير 1979 بعدها جاء مقال المقاومة الفلسطينية ضمن ( شهريات) ص 164 العدد 98 في يناير 1980 وقد ظهر خلال هذا العدد سكرتير تحرير المجلة. وفي العدد 99 كتب منظمة التحرير الفلسطينية والاتجاه نحو التسوية في العام 1980 ، ص 33، وبعدها جاء حوار له مع الدكتور ابراهيم أبو لغد حول الجامعة الفلسطينية المفتوحة ص 31 ، العدد 101 نيسان 1980، ثم جاء مقال ايران في المجابهة مع الامبريالية الأمريكية ص 3 ، العدد 102 في أيار 1980، واستمر في العدد 103 حزيران 1980 سكرتيرا للتحرير، مع جريس ودرويش، ثم جاء مقاله الرفض العربي الرسمي لإسرائيل 1942-1950 ، وذلك في العدد 107 في أكتوبر 1980 ص 71 ، ثم مقال عبد الكريم الكرمي أبو سلمى حضور يمتد فينا وبنا ، العدد 108، في نوفمبر 1980، وبعدها كتب نطفىء شمعة لتوقد شمعتان، العدد 111 في شباط 1981 ص 3، وفي العدد 112 نشر في صفحة الردود ( 130) مراجعة أبو عيطة له مناقشة اتهامات الموجهة لفهمي السلفيتي في آذار 1981 ومن باب الشفافية في نفس صفحة الردود ( 135) نشر رد حسن عصفور على فيصل حوراني ( الموقف من زمرة السلفيتي قضية وطنية، في العدد 113 نيسان 1981، ولكن في العدد 115 حجب اسم فيصل حوراني عن سكرتير التحرير في الصفحة الأولى ، لكنه استمر في النشر فجاء مقال نعيم خضر الذي استحوذ على السر الفلسطيني ص 3 في العدد 116 تموز 1981، ثم انقطع فترة عن الكتابة في المجلة فيما كان عمله مستمرا في المركز، حتى العدد 125 نيسان 1982 ظهر عز الدين مناصرة سكرتيرا للتحرير، فيما كان بلال الحسن رئيس التحرير وصبري جريس المدير العام . ثم عاد وكتب في العدد 127 حزيران 1982 مقال الطبقي والقومي والتوازن بينهما، ص 171 ، وبعده مقال حرب الوجود والدفاع عن الوجود في ص 14 العدد 128 عام 1982 ، وبعدها انقطع نشر المجلة لمدة ثلاثة شهور لتصدر الأعداد 129- 130- 131 في عدد واحد عن اب، أيلول، أكتوبر من عام 1982 وهي الفترة التي حدث فيها الاجتياح، وهذا ما حدث مع العددين 132-133 في مجلة واحدة عام 1982 موسوم بمقال لحوراني بعنوان الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة الاستقلال الفلسطيني، ثم كتب الموقف الفلسطيني من التسوية ص 13، العدد 134 ، 1983 وقد ظهر حوراني مدير للتحرير في الصفحة الاولى، وبعد التفجير بقي فقط جريس مديرا عاما وحوراني مدير التحرير فقط في الصفحة الأولى، وقد وجه جريس رسالة إلى المعتدين، كتب بعدها حوراني مقال خطران يهددان الساحة الفلسطينية الرفض العدمي والاستسلام ص 8 في العدد 138 – 139 في أكتوبر 1984 وقد صدر في قبرص مما يؤكد انها الفترة التي انتقل فيها المركز من بيروت. وهي الفترة التي استمر فيها فيصل بالعطاء في نيقوسيا مع زملاءه الذين انتقلوا للعمل هناك، وكتب في العدد 140-141 مجلس الاغلبية والطريق الجديد ص 3 في ديسمبر 1984 ، وفي العدد 142-143 عن يناير وفبراير عام 1985 نشر جريس مقاله الذي فجر الخلاف مع حوراني بعنوان عشرون سنة من الكفاح المسلح نحو نظام فلسطيني جديد، ثم كتب حوراني مقاله الحركة الوطنية وعلاقتها ببريطانيا 1918-1939 وذلك في العدد 146-147، أيار حزيران1985 وتم حجب اسم حوراني كمدير تحرير، واستمر في الكتابة في العدد 150-151 مقال بعنوان مؤتمرات القمة العربية والموقف من إسرائيل 1964-1966 سبتمبر أكتوبر 1985 ، بعدها كتب عن ملامح العلاقات العربية عشية حرب حزيران 1967 ص 50 في العدد 154-155 كانون الثاني، شباط 1986، ثم كتب القمة العربية الرابعة و لاءاتها في العدد 172-173 تموز، اب 1987 ، ثم كتب الموقف الفلسطيني من الانتداب البريطاني وذلك في العدد 185 اب 1988ص13، بعدها كتب الديمقراطية الفلسطينية في الممارسة في العدد 233-234 اب، أغسطس، 1992، ثم الولادة العسيرة قبل العام 1974 وذلك في العدد 240-241 اذار، نيسان،1993، وبعدها توقف اصدار المجلة حتى خريف 2011 حيث ساهم فيصل حوراني مع سميح شبيب الذي أعاد اصدار المجلة، وشغل رئيس تحريرها فكتب حوراني، قليل عن عرفات واقل عن خلفائه ص 88 ، بعدها كتب السعي الفلسطيني لتأسيس دولة 1918 – 1948 في العدد249 -250 صيف وخريف 2021 ، الاجتياح الاسرائيلي لمناطق الضفة الغربية الفلسطينية او قصة اجتياح معلن في العدد 259 ربيع 2005 ص 184 ، فيما ظهر اخر مقال بعنوان تأثير الوضع الدولي على الصراع في العدد 267 ربيع 2017 ص 23 .
*حوراني يكتب في شؤون فلسطينية من جديد:
خلال العامين 2000-2001 جرت محاولة جديدة لاستئناف إصدار المجلة، بعد أن أُعيد افتتاح مركز الأبحاث في القدس، إلا أن حملة الإسرائيليين لإغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس في صيف 2001، طالت عدداً من تلك المؤسسات في المدينة ومنها بيت الشرق، وشملت المركز أيضاً وأدت إلى إغلاقه، وبعدها بسنوات تحديداً في الثالث عشر من شهر آب (أغسطس) 2011، قرّر الرئيس محمود عبّاس، إحياء مركز الأبحاث، وإعادة إصدار "شؤون فلسطينية" فإستؤنف إصدار مجلة "شؤون فلسطينية" كمجلة فصلية في رام الله، وصدر العدد 246، حيث توقفت بعد صدور العدد 244-245، آب (أغسطس)، أيلول (سبتمبر) 1993م. وتم ذلك لأسباب قاهرة، نجمت عن الأزمة المالية الخانقة التي مرت بها م.ت.ف، وكان من نتيجتها إيقاف صرف الميزانيات للعديد من مؤسساتها، ومنذ ذلك الحين (خريف 2011) انتظم اصدار المجلة، حتى كتابة هذه السطور فيها، ويقول حوراني، حُمل اسم المركز القديم إلى رام الله أي ما شكل إعادةً متواضعة لتأسيس المركز، وسميح شبيب الذي أعاد إصدار مجلة المركز الشهريّة، "شؤون فلسطينيّة"، بعد أن جعلتها الميزانيّة المتواضعة فصليّة فيما بعد.
*حوراني وأنا، واستحضار تاريخ مركز الأبحاث:
كنت أعد منذ سنوات كتاب عن تاريخ مركز أبحاث م.ت.ف (لم يصدر بعد)، وكان من الضروري أن اخذ بشهادة حوراني التي شكلت خريطة لإكتشاف حجم المنهوبات ومصيرها، وتحدثنا مطولاً عن المركز واطمئن للاسلوب الذي اتبعه في الكتابة، والذي من خلاله ستخرج الصورة الكاملة للكتاب، وعليه ادلى بشهادته بإرتياح كامل، كما فند لي أهم المراجع التي كتب فيها عن الموضوع، لأعود لها، وفي حال تبقى شيء ممكن أن نراجعه سوياً، ثم تحدثنا عن الوضع السياسي وما آلت إليه الأمور وقال لي وقتها أنه حذر الرئيس سابقاً من مغبة الذهاب لأي تسوية بهذا الوضع، فالأمريكيين والاسرائيليين لن يعطونا شيئاً، وان بعد هذا اللقاء حدث فتور في العلاقة مع الرئيس ولم يتقابلا، حتى دعاه هو وزوجته باولا للقاء مرة أخرى بعد فترة ولكن لم تعد العلاقة كما كانت، واستمر حديثي معه، وخلالها اهديته كتابي تاريخ مخطوطات فلسطين الصادر عن مركز الأبحاث وأعجب بفكرته ووعد بأن يضع ملاحظاته. وكنت قد تشرفت بمزاملة حوراني في شؤون فلسطينية بعد عودتها للصدور في رام الله (حيث لم أكتب فيها قبل ذلك) وبعدها أصبحت اكتب في مجلة أوراق فلسطينية التي يشارك حوراني في تحريرها برئاسة د. يحيى يخلف، وقد كتب خلالها عدة مقالات هامة في مجلة أوراق فلسطينية.
وقد أتاح وجودي في رام الله ان أرى فيصل خلال زياراته المتقطعة إلى رام الله قادماً من النمسا، وحدثني خلالها عن ضياع مكتبه الخاصة بسبب كثرة التنقل وحياته في المنافي، ولم يبقى منها إلا الجزء اليسير، وخلال لقائي به الأخير حين وقع كتابه باولا وأنا، عبر عن إعجابه بكتاب تاريخ المخطوطات وتفاجئت أن لا ملاحظات لديه على الكتاب بل طلب أن يكون هناك جزء ثاني له، وقال أنه يتابع مقالاتي ومعجب بها، وحسب ما أعرفه عن فيصل أنه لا يجامل، ويضع الأمور في نصابها، ويحترم الوقت جداً، وصارم في عمله، وضل يقدم ويكتب حتى أيامه الأخيرة.
أهم مقالات حوراني في أوراق فلسطينية: عرفات في ذكرى رحيله له ما لنا وعليه ما علينا، العدد الأول، شتاء 2013، ثم كتب عرفات والشيوعيون ...علاقة ثابتة وحميمة، العدد2،ربيع 2013، وكتب شهادته في التأريخ الشفهي.. تجربتي في التدوين الشهادات، العدد3، صيف 2013، ثم تأثير الحراك الديمقراطي العربي على الوضع الفلسطيني، العدد الخامس في شتاء 2014، وبعدها استهداف عرفات والحماية الدولية، العدد6 و7، ربيع وصيف 2014، ونشر فصلين من رواية الصخرة في العددين 11-12، وكتب مقال بعنوان بعد القرار الشجاع المفروض تبديل السياسة الفلسطينية، العدد24، صيف 2020.
أهم مقالات حوراني في مجلة الدراسات الفلسطينية:
-المطلوب فلسطينياً: ميثاق جديد يستوعب الواقع وحاجات المستقبل مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 26 - ربيع1996. ص41.
-الشريف. "البحث عن كيان: دراسة في الفكر السياسي الفلسطيني 1908-1993" (بالعربية)، مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 27 - صيف1996، ص224
-المجلس الوطني الفلسطيني: دورة تعديل الميثاق،مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 27 - صيف
1996، ص50.
-بينما الانتفاضة مستمرة، جمود سياسي ومستقبل غامض،مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 48 -
خريف 2001، ص29.
-مفاجأة الانتخابات الفلسطينية،مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 66 - ربيع 2006، ص21
-ردة الفعل الفلسطينية تجاه الحرب على لبنان: اغتباط وهواجسمجلة الدراسات الفلسطينية العدد 68 - خريف2006،ص46
-الحدث المصري في الفهم الفلسطيني، مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 88 - خريف2011، ص 147

يقول(صقر أبو الفخر): "على تلك الدروب المتعرّجة، شهد فيصل حوراني الأهوال كرُبّان إغريقي، وذاق مقادير من الحب بين ذراعي محبوبته. ومع ذلك، لم تهدأ مجاذيفه بحثًا عن جزيرته المتخيلة. كان يريد وطنًا ليهجع إليه، فكانت هجعته الأخيرة في المنفى، وضجعته الأخيرة في بلاده. هكذا عاش فيصل حوراني؛ مثل الطروسي بطل رواية "الشراع والعاصفة" التي كتبها صديقه حنا مينه. كان فارسًا، لكنه لم يمتطِ جوادًا، بل سفينة للعودة المتخيلة. بدأ حياته في ميدان الأدب، وكان الشعر والمقالة سلاحه. ففي الشعر والمقالة يستطيع الفلسطيني أن يصرخ، وفي الرواية يمكن أن يعيد بناء عالمه المتهدّم"
المراجع:
*أنيس صايغ، مركز الأبحاث والضياع المتواصل، جريدة السفير، بيروت، 7/3/1997.
*أنيس الصايغ عن انيس الصايغ، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2006م
*حسام أبو النصر، سميح شبيب ابن النكبة، الاتحاد العام للكتاب والأدباء، رام الله، 2020
*حسام ابو النصر، دولة أنيس صايغ ، الحوار المتمدن، العدد 6096، 27/12/2018 .
*حسام أبو النصر، فيصل حوراني ذكريات في مركز الابحاث،شؤون فلسطينية العدد 287،288، رام الله، ربيع وصيف 2022، ص161
*سميح شبيب ، مركز الأبحاث الفلسطيني، الذاكرة الضائعة، 13/06/2005 .
*سميح شبيب، شؤون فلسطينية مجددا، العدد 246، رام الله،خريف2011
*شؤون فلسطينية، العدد 139-138، نيقوسيا، سبتمبر / اكتوبر، 1982
*شؤون فلسطينية، العدد 205، نيقوسيا ابريل، 1990
*صقر أبو الفخر، فيصل حوراني .. الرحيل على دروب المنافي، العربي الجديد، 15يونيو 2022
*محمود الصباغ، مركز الأبحاث الفلسطيني: رحلة الذاكرة من اللجوء إلى التدمير القسم الأول، الحوار المتمدن، العدد: 6698 ، 2020 / 10 / 9
*رونة سيلع ، لمعاينة الجمهور الفلسطينيون في الأرشيفات العسكرية الاسرائيلية، مركز مدار ، 2018، ص214- 221
*عبد الحميد أبو النصر، محمود درويش ومركز الأبحاث، أوراق فلسطينية، مؤسسة ياسر عرفات، رام الله، العدد ، 22، شتاء 2019
* فيصل حوراني، القصّة الكاملة لنهب مركز الأبحاث الفلسطيني ببيروت، موقع زمان،2017-11-30.
*غازي الخليلي، عملي في مركز الأبحاث، شؤون فلسطينية، العدد 267، رام الله ، ربيع 2017
مقابلات:
*مقابلة مع د. سميح شبيب، رام الله، 11/5/2018
*مقابلة مع محمود النجار، رام الله، 15/12/2018.
*مقابلة مع داود تلحمي، رام الله، 10/10/2018
* مقابلة مع فيصل حوراني، رام الله 10/10/2018
*مقابلة مع عيسى عبد الحفيظ، رام الله، 15/3/2020
هوامش :
* فصيل حوراني: كاتب وناقد سياسي فلسطيني، ولد في المسمية عام 1939 القريبة من غزة، نزح مع أسرته إثر النكبة الفلسطينية عام 1948 إلى غزة وعاش مع عائلته لعام واحد فيها ثم هاجر إلى سوريا عام 1948 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في دمشق؛ عمل كحرفي حتى عام 1958؛ ثم درس في جامعة دمشق حيث حصل على شهادة الليسانس في الفلسفة، علم الاجتماع وعلم النفس عام 1964؛ عمل كمدرس خلال دراسته الجامعية؛ شارك في تأسيس رابطة الطلاب الفلسطينيين(دمشق) ثم أصبح رئيساً لها عام 1964، وعمل في منظمة التحرير الفلسطينية ورئس قسم الدراسات الفلسطينية في مركز الأبحاث التابع لها، كما عمل أيضا في حقل الصحافة.
انتقل إلى الجزائر عام 1964 وعمل كمحرر للقضايا الفلسطينية والعربية في صحيفة الشباب الأسبوعية؛ عاد إلى دمشق عام 1965 وعمل في مجلة البعث اليومية، وأصبح مدير دائرة الأخبار في الصحيفة، ومحرر صفحة الآراء؛ كتب أيضاً برامج سياسية للإذاعة والتلفزيون السوري؛ عمل في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في أواخر التسعينيات؛ رئيس تحرير مجلة الطليعة التي تصدرها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1970 وعضو في هيئة تحرير مجلة صوت فلسطين؛ منعته السلطات السورية من الكتابة في الصحافة السورية بعد عام 1971؛ شغل منصب نائب رئيس مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في موسكو خلال 1977 - 1978؛ عاد إلى دمشق عام 1978 وعمل في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية حيث ترأس دائرة الإعلام والعلاقات العامة؛ باشر عمله ككاتب حرّ عام 1979؛ أصبح باحثاً في مركز الأبحاث الفلسطينية التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، ثم سكرتيراً، ثم رئيس تحرير مجلتها الدورية شؤون فلسطينية؛ انتقل إلى نيقوسيا في قبرص حيث أعيد فتح المركز واستأنف عمله من جديد؛ مثّل اتحاد الكتاب في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1984؛ عين عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988؛ انتقل إلى فينا عام 1989 وعمل ككاتب حرّ؛ عاد إلى فلسطين عام 1995 ؛ منحته وزارة الثقافة الفلسطينية الجائزة الفلسطينية لأعمال السير الذاتية في ديسمبر عام 2004 لسيرته الذاتية التي نشرت في عدة مجلدات خلال السنوات 1994 - 2002 مؤخراً تم إضافة مجلد واحد سنة 2005؛ أعمال أخرى تشمل جذور الرفض الفلسطيني - 1918 - 1948 قبرص، 1990
للحوراني مؤلفات عدة عن المنفى وتاريخ عمله السياسي والنضالي، أبرزها: المحاصرون رواية/­ دمشق 1973، سمك اللجة رواية/ دمشق 1984، العمل العربي المشترك وإسرائيل _ الرفض والقبول 44 ­- 67» قبرص 1989، الفكر السياسي الفلسطيني 1964-1974: دراسة في المواثيق الرئيسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عبد الناصر وقضية فلسطين - قراءة لأفكاره وممارساته، مؤسسة الثقافة الفلسطينية، عكا، 1987جذور الرفض الفلسطيني - 1918-1948، شرق برس، نيقوسيا، 1990دروب المنفى (سيرة ذاتية في خمسة أجزاء)، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1994- 2004، الحنين (رواية)، مركز اللاجئين والشتات الفلسطيني، 2004، بير الشوم (رواية)، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 2005باولا وأنا، دار التنوير، رام الله، 2022، فاطمة، حياتها وموتها، دار التنوير، رام الله، 2022. توفي اليوم في سويسرا عن عمر يناهز ال83 عاما.
*



#حسام_أبو_النصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاولة الاخيرة ... الاتحاد العام لطلبة فلسطين فرع مصر
- تجربة -ورشة التحرير- الفكرية في القاهرة
- عشت في زمن احمد عبد الرحمن
- دولة انيس صايغ
- المثقف الفلسطيني بين سلطتين واحتلال
- استقالة الشاذلي بن جديد 1992 وتحول الحياة السياسية في الجزائ ...
- محمود أبو النصر في صفحات الثورة المنسية
- اوباما في أحضان هافانا
- تاريخ المسرح في فلسطين
- - آثار فلسطين - ... احتلال ، سرقة ، تدمير
- فتح صراع الوظيفيون والثوريون
- واقع المقدسات الاسلامية والمسيحية في ظل الاحتلال


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسام أبو النصر - حوراني وذاكرة الثورة الفلسطينية