|
حيلة البريكولاج والدعم المسرحي !!
نجيب طلال
الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 16:26
المحور:
الادب والفن
نـجـيب طــلال نـــفسانيات: رغم أننا دائما نحاول أن نكبح شغبنا أمام المشهد المسرحي الذي يدعو للشفقة قبل الحيرة -؟ومرارا يدعو النفس الأمارة بالشغـب للابتعاد عنه ما استطاعت لترتكن لنفـسها ، ليس الأمر استراحة محارب بل استراحة مُشاهد من عروض سخيفة تتحرك في الواقع المعاش، واقع انهيار القيم واستفحال اللاخلاق واللادم في وجوه بعض المحسوبين عن المسرح، هؤلاء الحربائيون، قبل أن يكونوا انتهازيين: يعتقدون أن التاريخ لا يدون مسلكياتهم وسلوكهم وممارستهم جوانية الميدان، لأنهم يمارسون النباهة والإستحمار(1) وهُـم في حقيقة الأمر سقط متاع ! وخاصة الذين استفادوا من ( الدعم) المسرحي، وكانوا أعضاء في لجن الدعم مارس سلطة الوهم ، وهناك من مارس سلطة "قراقوش" وهو في لجنة التحكيم ! ممارسات فظيعة تتم باسم المسرح، أجملها صرخات وهمسات بعض من لم يستفد من الدعم هاته (السنة) ناهينا عن ( السنوات السابقة) فكل من صرخ واحتج وأذان اللجنة والدعم، يصبح مستفيدا في السنة المقبلة؟ ليس المسألة فيها إسكات وإرضاء كما يروج البعض بل هي سياسة المؤسسة لتكبيل والتنكيل الناعم ،للصوت النشاز تجاه أبعاد "الدعم " وما أهدافه المستقبلية لأنه:" ويزداد الأمر خطورة حين يتسلل الريع إلى وعينا، بدل أن نرى في المسرح مغامرة فكرية وجمالية ، نراه سُلّـما صغيرا نحو بطاقة الدعم أو السفر إلى المهرجان. عنها يفقد المسرح وظيفته التربوية: لم يعد ينشئ الإنسان الحر، بل المواطن الحذر المتوجس من غضب المؤسسة (2) صاحب هذا القول العجائبي، في كل موسم (ما) يخرج خرجات حينما لم يستفد من الريع أو أصيبت استراتيجيته بعطب ،ليظهر نضاليته المسرحية، لأن المربط في هاته الجملة": غير أن هذا الدعم حين يفتقر للشفافية وآلية التقييم المستقل، ليس مكافأة على العمل، بل على الولاء. إنه شكل من اشكال التخصيص الإمتيازي للموارد، ينتج طبقة صغيرة من المستفيدين ويقصي غيرهم من حقل المشاركة(3) نفس منطق الإهتباليين الذين استفادوا طيلة عقود من " الدعم" المباشر وغير المباشر(؟) وصاحبنا يبرأ نفسه من الولاء، وشواهد الولاء يعرفها القاصي والداني، لأن المشهد أمسى مكشوفا أكثر من الشفافية، ولاسيما أن الهرولة نحو "الدعم" المسرحي والسينمائي كذلك أعمى البصيرة، حتى تناسوا القانون والأخلاق. الذي يضم واجبين على عاتق الفنان، واجب نحو المسرح بصدق ونبل الممارسة، لأنه مجال روحاني بالدرجة الأولى. وواجب نحو الجمهور المتعطش للفن وجمالية الإبداع، لهذا:" مادامت النفس مذمومة بهذه الصفات، غير مهذبة بالأخلاق الجميلة، مقيدة بأخلاق دنـيّـة وسيرة جائرة وعادات رديئة، واعتقادات فاسدة، وجهالات متراكمة، وأعمال سيئة تبقى مربوطة محبوسة، لأنه لا يليق بها ذلك المنزل النوراني والعالم الروحاني(4)لأن الصناعة الثقافية أساسا تتمركز على الجمهور، ومادورالتوطين في هذا الباب؟ هل مجرد إتلاف أموال عامة، لأنه:" لا يمكن الحديث عن صناعة دون جمهور. فالسوق الثقافية لا تقوم فقط على العرض، بل على الطلب أيضاً. غير أن المسرح المغربي يعاني من ضعف في قاعدة المتفرجين، بسبب غياب التربية الفنية في المدرسة، وتراجع الثقافة المسرحية في الفضاء العمومي، وغياب سياسة ترويج ثقافي تُعيد للمسرح موقعه في الحياة اليومية (5) من أنتج هذا أليس المسرحي الذي تهافت عن " الدعـم" وخاصة من لهم أو كان لهم (رقم تأجير) والذين كانوا في صف المسرح التجريبي" الهواة" نعم من حق الأستاذ والموظف أن يمارس شغبه الفني والمسرحي، وقانون الفنان سمح بهذا الهامش، لكننا حولناه لقاعدة، هنا الإشكالية القانونية. لأننا من زاوية مختلفة لازلنا :" صُم بُكـْم عمْيّ" فهم صـمٌ عن الحقائق، بُكم عن الدقائق، عميّ عن المبصرات المعنوية العقلية بعين القلب، وليس يريد بهذا الذم بحيث أنهم لا يسمعون الأصوات، ولا يبصرون الألوان، ولا يعرفون ولا يفقهون( 6) لأن الإشكالية نسمع لذواتنا، مما غابت النية بالأعمال، نيات يفترض فيها أن تحقق مصلحة الجماعة من جهة ، وبناء صرح حضاري من زاوية أخرى. باعتبارأن المسـرح إلا سـجل شرف، حامـلا في متنـه أشرف القيــم وأبهاها؛ والذي لم يدركه أغلب المسرحيين، أن الجمهور لم يعد ذاك الجمهور الذي تحكمه قناة واحدة، بل أمسى يعرف خبايا الأمور وكواليس الفنانين، مما أمست العلاقة بين الفنان والجمهورمبثورة وليست هشّة، وذلك من خلال العلائق والتفاعل عبر وسائل التواصل الإجتماعي . ولنا استشهاد بجيل[Z] من منظور قلما انتبه إليه أصحاب العلم الغزير في "البوليتيكا" و"سوسيوتكنولوجيا" جيل لا يهاب الميكروفونات ويتحدث بطلاقة ومتمكن من عـدة لغات حية وحيوية، والغريب لا أحد ممن تفضل بالتحليل والتشريح لمظاهر احتجاج - جيل[Z ] أن يشير عرضا للروائي السعودي " أسامة مسلم" الذي حقق طوابير من الشباب لاقتناء منجزاته الروائية في معرض الكتاب. عـــقليات: أكيد فالعديد من القراء سيتساءلون ما علاقة هذا بهذا؟ علينا أن نفهم الاشارات والمرموزات ، لأن هذا الجيل استطاع أن يقلب الافتراضي للواقعي، ونحن قلبنا الواقعي للافتراضي ! وباختصار شديد: إننا أمام جيل ليس بتافه بل نحن التافهون الذين لازلنا نتحدث عن الدعم المسرحي، ولازلنا نمارس المواربات، نموذج" البريكولاج" كحيلة من حيل تغليف ماهوية الدعم كهاجس وحالة مرضية عند أغلب المسرحيين، فالمسرح المغربي يوم ظهر في مقرات الأحزاب الوطنية أنذاك، إلى يومنا هذا لازال يمارس " البريكولاج/BRICOLAGE" الذي يعتمد على العمل اليدوي وبأدوات بسيطة او متآكلة، لإصلاح ما يمكن إصلاحه في المنزل وغيره.: "الفرق بين “البريكولاج كحيلة للبقاء” و“البريكولاج كخيار جمالي” هو ما أردتُ مساءلته. فالمسرح المغربي في رأيي، يعيش مرحلة دقيقة بين إرادة الخلق ومنطق التدبير؛ بين فنان لا يريد أن يتوقف، ومؤسسة لا توفر له شروط الاستمرار(7) لننزاح إلى الخيار الجمالي ونسأل هل عروضنا المسرحية تحمل جمالية إبداعية؟ سننافق أنفسنا كما تنافق لجن التحكيم نفسها؟ إن قلنا: أن عروضنا تحمل جمالية، بل تحمل بؤسا فنيا وإبداعيا، ولو أن البؤس إبداع جسماني. لأن التمركز على البريكولاج كصيغة فنية ، تساهم في نسف البقاء في المشهد المسرحي، رغم أن صاحبها يعتبر صانعا ذكيا يستخدم ويوظف ما هو متاح له من إمكانيات وإمكانات. ليعيد تركيب ماهو موجود سلفا من الرموز والتجارب. أنها صيغة بدائية/ أسطورية كما عبر عنها " ليفي شتراوس(8) حاول من خلال " البريكولاج" عند الحرفي كيفية بناء الفكر والفكرة، وفي سياق الحداثة أو في أعقاب ما بعد الحداثة فلامناص من استعمال العلم والمنطق الصارم من أجل بناء تفسير منظم للعالم، ولهذا فالصناعة الثقافية أمر حتمي كالرقمنة التي فرضت نفسها، هل ستحتاج للعقل العملي ام للعقل العلمي المنهجي؟ ولقد:" باتت مظاهر البريكولاج والترقيع سمة بارزة في منظومة الانتاج والدعم لم يعد الامر يتعلق فقط بضعف الموارد أو قلة الامكانيات بل بعمق الخلل في الرؤية والتدبير(9) بالعكس حينما يكون تفكيرنا وجوارحنا متجهة نحْـو " الدعم" وهاته حقيقة لجل المهرولين من المسرحيين، طبيعي أن “البريكولاج” سيظل وجهاً مزدوجاً و سلاحاً مؤقتاً في يد الفنان، وخطراً حين يتحول إلى قناعة دائمة، وبالتالي:" ما نعيشه اليوم ليس صناعة ثقافية بالمعنى الدقيق، بل نشاطاً فنياً متقطعاً، تحكمه شروط الدعم أكثر مما تحكمه دينامية السوق أو الحاجة المجتمعية. فالإنتاج المسرحي في المغرب ما زال أسير منطق المشروع الموسمي، الذي ينتهي بانتهاء التمويل(10) لكن ما يدعو الى السخرية المرة: لماذا كل المشاريع الفنية تنهار وتفشل؟ بكل بساطة لأنها تعتمد على" البريكولاج" ذاك" البريكولاج" المبتذل. مثل ما أشار صاحبنا الذي قلبه على المسرح في المغرب:" هناك نماذج ناجحة عالميا- من كندا إلى فرنسا إلى بعض التجارب الإفريقية- استطاعت أن توازن بين تدخل الدولة بين المال العام والحرية الإبداعية (11) هذا القول كمقترح ضمني لإبقاء(الدعم) ليبقى (البريكول) سائدا ! وهذا ذكرني بذاك الموظف الذي طيلة اليوم وهو في "مرحاض المؤسسة" في فيلم {الإرهاب والكباب} كلما نودي عليه يخرج ليقول:[في أوروبا والدول المتقدمة...] ويعود للمرحاض !فبهاته الحيل والفهولة المكشوفة: هل يمكن بناء "اقتصاد مسرحي أخلاقي" وكل الفرق والجمعيات والمقاولات تمارس «البريكولاج « ؟ الأمثلة كثيرة ومتعددة؛ أبرزها تقليص عـدد الممثلين إلى" تيو/TWO" أو " ثري/THREE" ولهذا فالبريكولاج أمام الدعم يعتبر تبذيرا للسلعة الفنية، لأن فالوزارة لا تدعم الجمعيات والمقاولات بأخشاب التدفئة بل بأموال خزانة الدولة. وبالتالي فحينما يأخذ الفنان الدعم يصبح أجيرا والوزارة المُشتغل بطريقة غير مباشرة ؟بخلاف مقولة : بأن الفنان ليس موظفا لدى الوزارة.
الإستــئــناس 1- لنطلع على كتاب: النباهة والإستحمار لعلي شريعتي 2- تدوينة: مخرج مسرحي متفنن في الخرجات ابحثوا عنه في الفايس بوك 3- نــفســـــه 4- رسائل إخوان الصفا ج الثالث- ص7- منشورات صادر بدون تاريخ 5- الصناعة الثقافية والمسرح المغربي : احنا فين ؟ تدوينة( فايس بوك) عماد فجاج بتاريخ, 10/14/2025 6- رسائل إخوان الصفا ج الثالث- ص13- 7- تدوينة: مخرج مسرحي متفنن في الخرجات- ابحثوا عنه في الفايس بوك 8 انظر- الفكر المتوحش : لكلود ليفي شتراوس - 9- المسرح المغربي بين البريكولاج والترقيع :لمحمد زيات صحيفة الحصاد24 في 14/10/2025 10- تدوينة : فجاج
#نجيب_طلال (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المامون المؤمن بالفعل المسرحي
-
عصارة أسس المسرح
-
تحَـولات الطقس الجنائزي !!
-
هــوية المــسرح الحـساني
-
اخــتلالات المسرح في المغـرب !!
-
نوستالجيا في نوستالجيا... !!
-
بلخيري: بين النقد والدراماتورجيا
-
استباحة مسرحنا
-
سوق المداويخ- نص - بين الرمز والترميز
-
بلاغات من أوراق كلينكس !!
-
وتلك الأيام !!!
-
المقاهي والجريدة !!
-
ناسور ممثلا
-
التلقي بين الجمالية والإشكالية
-
أي مهـــرجـان مسرحي هـذا ؟؟
-
المسرحي السليماني عاشق متفرد
-
مهرجان الفوضى الخلاقة ؟
-
هي فوضى مهرجانيــة ؟؟
-
المسرحي الخطيب :جمرة العشق
-
سيـــاق مسرح الجـيب
المزيد.....
-
لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب-
...
-
محمد المعزوز يوقع روايته -أول النسيان- في أصيلة
-
مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين
...
-
مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين
...
-
الوجه المظلم لـ-كريستوفر كولومبوس- و-عالمه الجديد-
-
قناطر: لا آباء للثقافة العراقية!
-
المخرج الايراني ناصر تقوائي يودَّع -خاله العزيز نابليون-
-
إنجاز جديد للسينما الفلسطينية.. -فلسطين 36- بين الأفلام المر
...
-
وليد سيف يسدل الستار على آخر فصول المشهد الأندلسي في رواية -
...
-
موسم أصيلة الـ 46 يكرم أهالي المدينة في ختام فعاليات دورته ا
...
المزيد.....
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
فرس تتعثر بظلال الغيوم
/ د. خالد زغريت
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|