أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد دحاني - النخبة الحزبية بالمغرب، بين الدعوة الملكية والواقع الحزبي















المزيد.....

النخبة الحزبية بالمغرب، بين الدعوة الملكية والواقع الحزبي


محمد دحاني

الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرف المغرب الأحزاب السياسية في سياقات تشكل الحركة الوطنية، كأداة ووسيلة للتنظيم والفعل السياسي والميداني من أجل مواجهة أطماع الاحتلال الفرنسي وسعيا نحو تحقيق الاستقلال سواء عبر الأدوات السلمية أو عبر الكفاح المسلح.
وعلى مدار التجربة الحزبية بالمغرب، عرفت المشهد السياسي بروز أحزاب وأفول أخرى، فضلا عن حجم الانشقاقات الحزبية، والتي يغلب عليها الطابع المصلحي والوصولي لقياداتها، نتيجة الانغلاق الحزبي ومحدودية التدبير الديمقراطي، فضلا عن شبه انعدام للتناوب في قيادة الأحزاب السياسية، فقد كان الموت يشكل السبب الرئيسي في تغيير ما يعرف بالقيادات التاريخية للأحزاب السياسية.
فالأحزاب السياسية المغربية ليست أحزابا بالمفهوم الغربي الليبرالي للأحزاب السياسية كبنية تنظيمية حيوية لاشتغال النظام الديمقراطي الليبرالي، فقد لا حمل الحزب السياسي المغربي من هذا لبناء التنظيمي إلا الاسم، لدرجة يمكن القول بأنها قبائل مصلحية أو أيديولوجية أو فئوية منظمة في شكل أحزاب سياسية.
فالعقليات، وأنماط التدبير، ومستوى الانفتاح أو الانغلاق، وكيفيات إدارة الحوار وقبول الأخر، ومستوى الديمقراطية الداخلية، سواء على مستوى قبول الرأي الأخر، أو على مستوى مناهج وكيفيات الارتقاء الداخلي، فضلا عن مستوى إنتاجها للكوادر الحزبية وتحضيرها لخوض غمار العمل السياسي والتدبيري الميداني، في مختلف الاستحقاقات الانتخابية الوطنية والمحلية. كلها معطيات تؤكد هشاشة الحزب السياسي المغربي.
وهذا الوضع ليس مسؤولية الأحزاب السياسية وحدها فقط، وإن كانت تتحمل الجزء الأكبر منها، فالدولة أو السلطة عبر أدواتها وعبر عقود، ساهمت في إضعاف الأحزاب السياسية وإفراغها داخليا من النخب والكفاءات، سواء عبر أدوات الترهيب أو عروض الترغيب.
نحن اليوم أمام أحزاب صورية لا ثقل لها في أرض الواقع، فهي تشبه الأحزاب "وكأنها أحزاب" غير أن الواقع يبين بوضوح بأنها مجردة من كل قدرة على الفعل والتأثير، سواء داخل المشهد المجتمعي عبر قدراتها التواصلية المحدودة أو من خلال المؤسسات الدستورية أمام صلاحيات جد محدودة.
فالسلطة والقرار السياسي والاقتصادي في المغرب، ومن خلال روح دستور 2011، تقع خارج مجال تنافس الأحزاب السياسية، فرغم أن الفصل 7 من الدستور يقر للأحزاب السياسية بالمشاركة في ممارسة السلطة، إلا أن القراءة الشمولية للوثيقة الدستورية، إلى جانب الأعراف السياسية وطبيعة المشهد الحزبي، تجعل الأحزاب السياسية مجرد فاعل ثانوي في إدارة أمور البلاد، وقد سبق لرئيس الحكومة الأسبق الأستاذ عبد الإله بنكيران بذلك في تصريحات واضحة لقناة الجزيرة الإخبارية.
هذه الوضعية تضع الأحزاب السياسية ومصداقية خطابها محل تشكيك متواصل، نتيجة عدم قدرة الأحزاب السياسية على الوفاء بوعودها، ليس لعجزها الذاتي وإنما عجزها يتصل بوجود إرادة أقوى حاملة لمشروع سياسي واقتصادي واجتماعي، قد لا ينسجم مع برامج ومشاريع الأحزاب السياسية.
وهكذا يقتصر مجال التنافس الحزبي في المغرب على كيفيات تنزيل مشاريع وبرامج ومخططات الدولة وهنا فالأمر يتصل بالمؤسسة الملكية، فنظام الحكم في المغرب يرتكز على الملكية الدستورية، وهي ملكية تنفيذية انطلاقا من مجموعة من الفصول التي تجعل من المؤسسة الملكية وأدواتها الفاعل الرئيس في صياغة وصناعة التوجهات الكبرى للبلاد.
أمام هذا الوضع والواقع السياسي والدستوري والتدبيري الذي استغرق الرصيد الشعبي لأهم وأبرز الأحزاب السياسية بالمغرب، ونتحدث هنا أساسا عن كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مع تجربة عبد الرحمان اليوسفي وتجربة حزب العدالة والتنمية مع حكومة عبد الإله بنكيران، فلا يمكن مطالبة الأحزاب السياسية بالدفاع عن سياسات واختيارات لم تكن المبادرة باتخاذها.
وهنا لا يعفي الأحزاب السياسية المشاركة في "ممارسة السلطة" من واجب أساسي يتعلق بالدفاع عن مناهج التطبيق والتنزيل في حدود الإمكانيات المتاحة، دون أن تتجاوز ذلك، حتى تحفظ ماء وجهها وما تبقى لها من رصيد مشروعية إن تبقى ومن ثقة المواطنين. هذه الثقة التي سبق وأن صرح تقرير لجنة النموذج التنموي بأنها تكاد تكون منعدمة في أغلب المؤسسات الدستورية.
وفي هذا السياق سنضع ما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشر، حيث جاء في المنطوق الملكي ما يلي:
"ينبغي إعطاء عناية خاصة، لتأطير المواطنين، والتعريف بالمبادرات التي تتخذها السلطات العمومية، ومختلف القوانين والقرارات، لا سيما تلك التي تهم حقوق وحريات المواطنين، بصفة مباشرة.
وهذه المسألة ليست مسؤولية الحكومة وحدها، وإنما هي مسؤولية الجميع، وفي مقدمتهم أنتم، معشر البرلمانيين، لأنكم تمثلون المواطنين.
وهي أيضا مسؤولية الأحزاب السياسية والمنتخبين، في مختلف المجالس المنتخبة، وعلى جميع المستويات الترابية، إضافة إلى وسائل الإعلام، وفعاليات المجتمع المدني، وكل القوى الحية للأمة"
فالأحزاب السياسية وبغض النظر عن موقعها "أغلبية أم معارضة" وممثليها في المؤسسة التشريعية وباقي المؤسسات التمثيلية الأخرى، مطالبة أولا بتأطير المواطنين، وثانيا بالتعريف بالمبادرات والقرارات التي تتخذها السلطات العمومية.
وهاتين المهمتين تتصلان بشكل جوهري بالقدرة التواصلية لهذه الأحزاب ونخبها، ونجاح العملية التواصلية بالفاعل السياسي والمواطن يرتكز أساسا على عنصر الثقة، وفي ظل ضعف منسوب الثقة في الفعل والفاعل السياسيين، هذا إن لم نقل إنعدامها، فكيف سيكون شكل هذا التواصل، وهل الغاية هو التواصل من أجل التواصل؟
فهذه الدعوة الملكية تطالب الأحزاب السياسية والنخب الحزبية ليس فقط بالتعريف وإنما بالدفاع عن اختيارات الدولة "السلطات العمومية" وهي ليس بالضرورة أن تكون اختيارات هذه الأحزاب أو توافق مشروعها المجتمعي إن كان لها مشروع، كما أن هذه الدعوة تضع الأغلبية والمعارضة في نفس الموقف، أي موقف الدفاع عن اختيارات الدولة، وهذا يتنافى مع مقتضيات الاختيار الديمقراطي، فالحزب المعارض ليس من وظائفه الدفاع عن اختيارات الحكومة أو السلطات العمومية، بقدر ما هو مسؤول عن نقدها وكشف ما قدر يعتريها من ضعف أو تقصير، مع اقتراح البدائل والمبادرات الكفيلة بتصحيح الأوضاع التي يراها غير سليمة.
لنتجاوز مسألة من سيدافع عن ماذا، ونتحدث عن الإطار أو القنوات التواصلية التي يمكن للفاعل السياسي أن يعرف ويدافع أو حتى يهاجم اختيارات الحكومة والسلطات العمومية الأخرى، فالمشهد الإعلام المغربي لا زال يعرف نوعا من الانغلاق، باستثناء بعض القنوات الإذاعية الخاصة، فالإعلام العمومي البصري، لا يوفر المجال الكافي لاحتضان النقاشات السياسية، التي يمكن أن تشكل أحد أدوات التعريف بالمبادرات والقرارات العمومية.
يمكن أن نظيف إلى ذلك سقف الحريات ولا سيما حرية التعبير والرأي وحرية الصحافة، الذي بدأ ينخفض شيئا فشيئا، وهذا ما جاء في التقرير الأخير لمنظمة مراسلون بلا حدو، خاصة من خلال ما جاء في التقرير من محاولات للتأثير في خط تحرير عدد كبير من الفاعلين في مجال الصحافة، سواء عبر آلية الاستشهار أو عبر تحريك دعاوى قضائية ومتابعة صحفيين في إطار القانون الجنائي وليس في إطار قانون الصحافة.
وتجدر الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية تحتضن ضمن نخبها عددا مهما من النواب البرلمانيين المتابعين في إطار قضايا فساد إداري ومالي، فضلا عن قضايا الاتجار الدولي في المخدرات، وما يزيد لطين بلة هو وجود عدد من أعضاء الحكومة في شبهة تعارض المصالح على رأسهم رئيس الحكومة.
الخلاصة أن هناك عوامل مركبة ومتداخلة وعميقة، تحول بين الأحزاب السياسية وما يراد منها حسب الدعوة الملكية، ويمكن الجزم بأنها لن تتوفق في هذه المهمة للأسباب سالفة الذكر، وإن أي فعل تواصلي يراد له أن يحقق الغايات المنشودة، لا بد له من شروط وعوامل للنجاح، أبرزها، سقف مرتفع لحرية الراي والتعبير وحرية الصحافة، ضمان انفتاح الاعلام العمومي المرئي على مختلف التيارات والتعبيرات السياسية والاحتجاجية المنظمة أو الشعبية، ضرورة إعادة النظر في أدوار الفاعل الحزبي بما ينسجم مع واقع ممارسة السلطة في المغرب.

دكتور في القانون العام والعلوم السياسية
جامعة محمد الخامس بالرياط






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حراك جيل زاد، بعد الخطاب الملكي ... إلى أين؟
- امكانيات الإصلاح السياسي بالمغرب: الاستقرار في الاستمرار...ل ...
- الارهاب عند محمد وبشار
- الروس ليسوا اغبياء- الحل الروسي في سوريا
- الثورة السورية تأخرت نصف قرن
- الحل او الفرصة الاخيرة امام بشار الاسد
- الجيش السوري يجلد شعبه
- هل مطالب الشعب السوري هي اصلاحات فقط؟؟
- بشار الأسد امام مجلس التصفيق
- الانفجار الكبير في سوريا
- هل يوجد تحريف في القرآن؟؟
- الجاهلية: عرب الاسلام ام عرب ماقبل الاسلام
- الاتجاه المعاكس في حلقة القنوات الدينية
- اعلان انهيار الاسلام
- هل فرض صيام شهر رمضان على انبياء اليهود؟
- الكعبة ليست لكم
- حرية الاطفال في اختيار الاديان
- الاخطاء في القرآن 7- قصة الغرانيق
- الاخطاء في القرآن 6 – السماوات السبعة هي الغلاف الجوي
- الاخطاء في القرآن 5 – سبع سموات و سبع أَرَضِينَ


المزيد.....




- مروحيات تصل إلى جنوب إسرائيل استعدادًا لاستقبال الرهائن المف ...
- السيسي يقرر منح ترامب -قلادة النيل- أرفع وسام مصري
- شاهد لحظة وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تل أبيب
- كيف كانت الحياة على الأرض في العصور السابقة؟
- ++تغطية مباشرة - غزة بعد الاتفاق .. بدء عملية تسليم الرهائن ...
- الكاميرون: بول بيا البالغ من العمر 92 في طريقه لولاية رئاسية ...
- غزة.. الجيش الإسرائيلي يؤكد تسلم 7 رهائن من الصليب الأحمر
- -أبعدوا كلابكم عنا-.. قصة ملصق أشعل عاصفة تحريض ضد المسلمين ...
- مركبان جديدان يبشران بعلاج التصلب المتعدد
- صالح الجعفراوي صوت غزة الذي صمت برصاص الغدر


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد دحاني - النخبة الحزبية بالمغرب، بين الدعوة الملكية والواقع الحزبي