|
محمّد الموسويّ، عابر عراقيّ من الإسلام إلى المسيحيّة (2)
موريس صليبا
الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 13:31
المحور:
قضايا ثقافية
بعد الحلقة الأولى التي نشرت أمس، اليكم اليوم الحلقة الثانية والأخيرة
من الفتوى الى السجن
توقّفت السيّارة بعد مرور ساعتين من الوقت. وعند إخراجه من صندوقها، وجد محمّد نفسه وجها لوجه مع ابن عمه حسن، أحد المسؤولين الكبار في المخابرات العامّة، أمام أحد السجون الأكثر شهرة في عهد صدّام حسين، والمعروف باسم سجن "الحاكميّة" الذي كان يضمّ الأسرى السياسيين والمعارضين للنظام. سلّمه حسن هناك إلى ضابط آخر وتركه دون أن يوجّه له كلمة واحدة. أودع حالا في هذا السجن، حيث جرّد من هويته وأصبح فقط صاحب الرقم 318.
في هذا السجن، خضع لعمليات استنطاق وتحقيقات عديدة. أراد المحققون معرفة الكنائس التي تردّد إليها، وأسماء المسيحيين الذين تعرّف إليهم، ومكان سكنهم، ومن هو المسيحي الأول الذي تجرأ ووجّه إليه الكلام. هذا كل ما أرادوا معرفته كي يعفى من أي تهمة، ويستعيد حريّته. غير أن المسيح وهبه النعمة والقوّة، كما يقول، كي لا يجيب عن أي سؤال، ويتحمّل كل أنواع التعذيب والضرب والإهانات بسبب ذلك. كانت حياة السجن مؤلمة للغاية. ساءت صحته كثيرا بسبب انعدام العناية الصحية وسوء التغذية والجوع والمعاملة والمرض وتحمّل كل ظروف السجن القاسية التي لا يستطيع تصوّرها إلا من عرفها عن قرب وعانى من مرارتها. وبعد قضاء سنة وستة أشهر في هذا السجن، جاء يوما أحد الحرّاس، حاملا بعض الأغراض، أي الثياب التي تخصّه ونادى الرقم 318 ليقول له: "أنت حر". لم يصدّق محمّد ما سمعه. لم يطلب منه شيئا إلا التوقيع على وثيقة يتعهّد بموجبها ألا يتحدّث إطلاقا عمّا حدث معه في السجن وذلك تحت طائلة عقوبة الموت. غير أن شعورا غريبا انتابه أثناء خروجه من قفص السجن إلى عالم الحريّة.
مرحلة ما بعد السجن
في الفترة التي سبقت خروجه من السجن، كان محمّد يفكر، إذا ما أطلق سراحه، بالهرب إلى شمال العراق واللجوء إلى قرية مسيحية هناك والاختباء فيها، وذلك تجنبا للعيش في منفى داخل أسرته وفي حالة مستمرة من الكذب والنفاق مع ضميره ومع محيطه. فمن الصعب جدا أن ينسى خيانة هذه الأسرة والمعاملة السيئة التي فرضتها عليه والعذابات النفسية والجسدية التي سبّبتها له. فالعلاقات العاطفية التي كانت تربطه بهذه الأسرة زالت نهائيا. فقط الابتعاد عن والديه وإخوته سيجنّبه اللجوء إلى التوتر ولربما إلى العنف. أما الذي دفعه إلى العدول عن هذه الخطّة فهو تساؤله كثيرا أمام ضميره وأمام السيد يسوع المسيح، كيف يحقّ له الإقدام على ذلك، تاركا وراءه زوجته وولده؟ لم يكن بوسعه أن يطفئ بسرعة الشوق الذي يشدّه إلى رؤيتهم والعيش معهم والذي يعلو فوق كل اعتبار. ومن جهة أخرى، لن يستطيع العيش إطلاقا بسلام وبراحة ضمير إذا تركهم تحت رحمة سلطة قبيلته البغيضة، خاصة أنهم لن يتمكنوا أبدا من ممارسة حياتهم المسيحية، وسيلزمون حتما بالعودة إلى ظلامية الإسلام. وهذا أمر لن يتمكن من تحمّله إطلاقا. عودته الى البيت.
بعد خروجه من السجن طلب من سائق سيارة أجرة أن ينقله إلى مسكنه. وقبل وصوله بمائة متر تقريبا، شاهد أخاه علي في الطريق، فأوقف سيارة الأجرة وطلب من أخيه أن يدفع لسائق سيارة الأجرة أجرته لعدم توفّر المال معه. ثُمّ أسرع إلى البيت. خاف أولا ألا تعرفه زوجته لأنه بسبب التعذيب وأوضاع السجن والخوف فقد أكثر من نصف وزنه وتغيّرت ملامحه قليلا، غير أنها حالما تعرفت عليه أشرق وجهها بهجة وغمرته ببسمة مفعمة بالحنان والفرح والسعادة. ولكنهما لم يتمكنا من تبادل عواطف الشوق والمحبة إذ تفاجؤوا بصراخ عدد من الناس خارج البيت. خاف حالا من أن تتكرّر الأحداث التي عاشها قبل ستة عشر شهرا، عندما اقتحم إخوته البيت واقتادوه إلى بيت الوالد وجرى ما جرى. فكّر حالا بالهرب، ولكن تبيّن له سريعا بأن الهيصة كانت للابتهاج ولا للغضب. فقد قررت العائلة الاحتفال بعودته إلى البيت، وكأنهم يحتفلون بزواجه. أما الهدف من كل ذلك فيعود فقط إلى الحفاظ على سمعة والده وليس الفرح الحقيقي بخروجه سالما من السجن. فبدلا من تصريحهم بحقيقة ما حصل، قاموا ببثّ إشاعة بين الجيران وفي الحيّ بأن التباسا حصل بينه وبين شخص آخر مطلوب للعدالة، فجرى توقيفه وسجنه خطأ. وعندما ألقي القبض على الشخص المطلوب وانكشفت الحقيقة، تمّ تحريره سريعا، ولذلك احتفلوا لإبعاد الشبهة وحفظ ماء الوجه.
وهكذا أدرك جيدا أسباب توقيفه وتعذيبه كي يعترف بأسماء المسيحيين الذين رحّبوا به وساعدوه على معرفة السيّد المسيح، كي تُبعد عنه كل مسؤولية ويتمّ غسل شرف العائلة. إضافة إلى ذلك، علم أثناء المحادثات أن ابن عمه، حسن، المسؤول في المخابرات، توفي بعد ثلاثة أشهر من دخوله إلى السجن، وهذا ما فسّر له سبب التوقّف عن التحقيق معه وتعذيبه منذ تلك الفترة. وهذا ما يدلّ أيضا على أنّه، كمسؤول في جهاز المخابرات، هو الذي طلب إجراء التحقيق واستخدام العنف والتعذيب مع محمّد لحثّه على إعطاء المعلومات المطلوبة. بعد انتهاء الاحتفال بخروجه من السجن، لم يعد بإمكانه الانفراد بزوجته إلا في غرفة النوم حيث أعلمها همسا بكل ما جرى معه منذ مغادرة البيت، وذلك لأن الوالد كان منذ توقيفه قد طلب من أخيه علي وأخته شيماء البقاء والسكن معهم في البيت لمراقبة تصرفاتهم وتحركاتهم. وعندما باشر بإخبار زوجته عمّا جرى له حتى بدأت تتغيّر تباشير وجهها وتميل إلى الشحوب والتوتر والأسى. لم يعلمها أحد بحقيقة الأمر. قيل لها فقط بأن خطأ قضائيا جسيما وقع وتمّ بسببه توقيفه، ولم يستطع أحد فعل شيء حتى الآن. وهنا همست له بمرارة قائلة: "الآن فهمت جيّدا لماذا لم يتوصّل والدك، بالرغم من ثروته الطائلة ونفوذه الواسع، من تحرير ابنه المدلّل. تصوّر هذا الخبث وهذا الاحتيال، أنا أشعر الآن بالخيانة والاحتقار والإهانة".
أما كيف عاشت زوجته في فترة غيابه، فقد بقيت منغلقة على نفسها مع الأولاد. في البيئة الإسلامية وخاصة الشيعيّة، لا تخرج المرأة من بيتها دون زوجها. وعندما يكون زوجها في السجن، تعتبر هي أيضا سجينة البيت. لذلك سكن أخوه وأخته في بيت محمّد بحجة مرافقتها في محنتها. لقد أدركت تماما صعوبة العيش في ظلّ المراقبة المستمرة التي يمارسها عليها ذوو زوجها وتألّمت من ذلك كثيرا. فلم يكن بإمكانها زيارة ذويها إلا بإذن خاص من والد زوجها وشرط أن تترك ولدهما أزهر عنده. هكذا علم محمّد أن والده تعلّق كثيرا بهذا الولد، لكونه الذكر الوحيد بين أحفاده. فقد خصّه عند الولادة بمنطقة زراعية شاسعة. ولكن زوجة محمّد كانت ترتعب ما أن يبتعد ولدها عن نظرها. فكانت تفضّل البقاء في البيت، وتترك أمها تأتي لمواساتها في محنتها. ولكن لم يكن بوسعها أن تمنع ولدها من الذهاب إلى بيت جدّه عندما يطلب هذا الأخير رؤيته. وهكذا عانت زوجته الكثير من المعاملات الخبيثة من قبل أفراد عائلته.
أوضاع الأسرة أثناء غيابه
اثناء سجنه وضعت أسرته يدها على أوراقه واوراق زوجته وولده الثبوتية وعلى كمية المال التي كانت بحوزته، فأصبحوا بالتالي مرتبطين ماديّا برحمة الوالد الذي كان يكلّف خدّامه بشراء الحاجيات الضرورية لهما. حتى الأراضي الزراعية والأعمال التجارية التي كانت سابقا تدرّ على محمّد مداخيل كافية، حُرمُ منها ونُقلت إلى إخوته. وكذلك المزارعون والعمّال عندهم الذين كان قد سلفهم سابقا مبالغ من المال رفضوا تسديدها له دون موافقة الوالد الذي أراد إذلاله وتحطيمه نفسانيا وماديّا. وهكذا مرّت ستة أشهر تحت المراقبة الشديدة من قبل العائلة وكأنه انتقل من سجن إلى آخر. في هذا الجوّ قرّر هو وزوجته عدم اللعب بالنار أملا بالوصول إلى مخرج ينقذهم. فامتنعوا عن الذهاب إلى الكنيسة، خاصة بسبب وجود "مراقبين دائمين" في البيت، وتجنبا لتعريض المسيحيين لمشاكل خطيرة. فلم يبق لهم إلا الصلاة ليلا في غرفة النوم إلى الرب يسوع كي يعضدهم في تحمّل المصاعب ومواجهة المصير.
بصيص أمل في الأفق؟
في صيف 1999 اشتدّ الحرّ كثيرا في العراق، فأخذ محمّد يتغيّب أحيانا وحده عن البيت، وعند عودته كان يلاحظ أن "المراقبَين" يغطّان في سباط عميق أثناء قيلولتهما الروتينية بعد الظهر وقد ضعف اهتمامهما بتحركات محمّد وأسرته. لذلك قرّر استخدام الفرصة للتمكن من العودة إلى لقاء "الأب غبريال". فبعد محاولات عديدة وإيجاد مبررات للخروج من البيت، نجح في الوصول إليه مجدّدا وإعلامه بكل ما حدث له خلال غيابه عنه مدة سنتين. كما سأله عن إمكانية مواصلة التحضير للمعمودية. فوعده خيرا. وهكذا استعاد بصيصا من الأمل بعد هذا اللقاء السريع. كان عليه هو وزوجته خلق أعذارا وهمية للخروج من البيت، مثل نشؤ خلافات دورية بينهما بحجة معاملته السيْئة لها، وهربها أحيانا إلى بيت ذويها، واضطراره بعد ذلك للذهاب وراءها وطلب المعذرة منها، واسترضائها كي تعود إلى رعاية الأطفال. وهكذا كان يستغلّ هذه الظروف للخروج والذهاب إلى لقاء الأب غبريال.
وبعد عدة لقاءات وحوارات، فاجأه مرّة هذا الأخير قائلا: "يا عزيزي، أنت لم تتعمّد بعد، ولكنك بلا ريب أنت مسيحيّ حقيقيّ أكثر منّي ومن مسيحيّين كثيرين هنا. غير أن المسيحي الحقيقي يطيع أوامر المسيح وبالتالي أوامر الكنيسة التي تمثّله على الأرض. لذلك، واحتراسا من أخطار عديدة، آمرك، باسم الكنيسة، أن تغادر العراق بأقرب وقت ممكن."
لم يتصوّر محمّد إطلاقا أن يسمع من "الأب غبريال" هذا القرار. فبعد محاولات وحوارات واهية معه، وبعد عناء مضن حول المصير المجهول والتفكير بمستقبل غامض للأسرة، أضطر للرضوخ إلى هذا الأمر وتسليم أمره إلى السيّد المسيح الذي حماهم حتّى تلك الفترة من كل المخاطر.
مغادرة العراق
في بداية العام 2000، بدأ محمّد بشكل سريّ للغاية يفكّر بإمكانية الإعداد لذلك في ظلّ كل الحواجز والصعوبات الإدارية والرقابة العائلية الصارمة. كان عليه أولا استخراج أوراق ثبوتية جديدة، بعد أن وضع الوالد يده سابقا على كل الوثائق الخاصّة بهم وصادرها. وقد كلّفه ذلك عناء كبير مع الإدارات المختصّة لاستصدار هويات وجوازات سفر جديدة. كانت هناك أيضا عملية اختيار الحاجات الضرورية التي لا غنى لهم عنها والتخلّي عن كل ما هو ثانوي. أما همّه الأكبر فكان توفير كمية من المال تؤهلهم للعيش أقلّه شهرا قبل أن يستقرّ بهم الحال في مكان ما من العالم. فعندما ضاقت بهم الأحوال ولاحظت زوجته الصعوبات التي يعانون منها في جمع مبلغ من المال، جاءته بعفوية رائعة من تلقاء نفسها وقالت له دون أي تردد: "حبيبي، هذه هي جواهري، لا قيمة لها عندي أمام محبة السيّد المسيح. حاول بيعها والحصول على كمية من المال قد تكفينا في البداية حتى يتدبّر الربّ أمرنا."
وهكذا جرى كل هذا التحضير في فترة دامت حوالي أربعة أشهر تعرّضوا خلالها لحواجز معقّدة كان عليهم تجاوزها والتستر خلال تحركاتهم واللجوء باستمرار إلى التذرّع بأمور واهية واستنباط نزاعات وهمية بينه وبين زوجته، لتغطية كل تحرّك يقدمون عليه. بعد إتمام كل التحضيرات توجّهوا إلى بلد عربيّ حيث تأمّنت لهم بعض الاتصالات مع مسيحيّين مقيمين هناك يمكنهم مساعدتهم وتأمين مأوى لهم عند وصولهم. لدى مغادرتهم بغداد بالسيارة في اتجاه الحدود الأردنية تنفّس الصعداء قليلا، ولكن بدأ حالا همّ المرور على نقطة المراقبة العراقية على الحدود بين البلدين والتي وصلوا إليها بعد عشر ساعات من الوقت.
هناك واجهوا صعوبة في عبورها. فحصلت معهم بعض التعقيدات الإدارية بسبب ملاحظة على جواز سفره كانت تشير إلى منعه من السفر، وتساؤلات تتعلّق بكميّة الثياب التي حملوها معهم، ولكن السّيد المسيح، كما يقول، كان برفقتهم ولم يتخلّ عنهم في تلك اللحظة الحاسمة وتمّ تجاوزها. وحالما عبروا الحدود إلى الأردن شكروا الرب على نعمته وعنايته الفائقة بهم.
وصلوا إلى الأردن في العشرين من شهر نيسان 2000، وتمكّنوا بفضل بعض المؤمنين بالمسيح من إيجاد مسكن لهم. سكنوا أولا لدى أحدهم واسمه "سعيد", ثم ذهب محمّد إلى دائرة الهجرة معه لتسجيل الإيجار بموجب القوانين المرعيّة في البلد. وقد نشأت بينهم وبين أسرته صداقة حقيقية، ولم تنقطع الاتصالات بينهم. غير أنّ محمّد وزوجته وابنهمام كانوا دائما قلقين ومضطرين إلى تغيير أمكنة السكن لأسباب أمنية. فانتهى بهم المطاف إلى إيجاد مسكن آخر بواسطة إحدى الأخوات المسيحيّات التي وجدت لهم المسكن السابق وذلك في قرية هادئة حيث وجدوا فيها جوا من الراحة بعيدا عن المدينة ومشاكلها. هناك اندمجوا مع الأهالي وتمكنّوا من ممارسة واجباتهم الدينية استعدادا لتقبّل سر المعمودية. ولكن لم يدم ذلك الهدوء طويلا.
مأساة السكن في الأردن
في صباح أحد أيام شهر أيار فوجئوا بوصول الأخت المسيحية التي وجدت لهم المسكن في عمّان. طلبت منهم الرحيل حالا عن تلك القرية، لأن أسرته في العراق تمكّنت بواسطة الشرطة من تحديد مكان السكن الأوّل، أي لدى أسرة "سعيد". أخبرتهم أن شقيقة محمّد جاءت إلى ذلك المكان وقابلت الأسرة، وعرضت على صاحب الملك أن يرشدها إلى مكان سكنهم الجديد مقابل مبلغ خمسة آلاف دولار، إلا أن هذا الأخير رفض ذلك.
فكّروا بالرحيل عن تلك القرية، ولكن إلى أين. لم يكن في الأفق أمامهم أي مخرج. فقرّروا بالرغم من ذلك البقاء هناك حتى يتسنّى لهم رؤية أمل جديد وقبول سر المعمودية الذي كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر. ولكنهم أدركوا أن الأسرة ما زالت تبحث عنهم والوالد يضع كل طاقاته وإمكانياته المادية والمعنويّة في تتبع أثرهم والقضاء عليهم. لذلك خففوا كثيرا من الخروج من البيت فاقتصروا فقط على الذهاب مرة واحدة في الأسبوع إلى الكنيسة.
قبول المعموديّة
كان همّهم قبول سرّ المعموديّة، لذلك ومنذ وصولهم إلى الأردن واستقرارهم السكني نسبيّا، طلبوا من أحد المسؤولين في الكنيسة تعميدهم كي ينتموا فعليا، عبر هذا السر، إلى جسد المسيح الذي هو الكنيسة. فقد أجرى هذا المسؤول اتصالات مع "الأب غبريال" ومع الإخوة المسيحيّين الذين تعرّفوا عليهم في العراق. فتأكّد تماما من صدقيّة قرارهم ومن اقتناعهم العميق بحاحتهم إلى المعمودية التي تطهر نفوسهم من الخطيئة وتسمح لهم بحياة جديدة مع المسيح. وهكذا بعد عدة جلسات تحضير وإعداد، تمّ تعميدهم في كنيسة بسيطة جدا بعيدا عن الأنظار تحاشيا لكل طارئ وذلك في الثاني والعشرين من تموز عام 2000. وبعد المعمودية حضروا القداس الإلهي وتناولوا بشوق حار "خبز الحياة" الذي أصبح منذ ذلك الحين مصدر قوتهم وفرحهم الدائم.
وبعد ذلك، كان على محمّد إيجاد عمل يستطيع من خلاله إعالة أسرته والبدء بحياة جديدة دون الاستغاثة أو الاستعانة بالآخرين أو بالكنيسة. فبعد بحث طويل جرى تعيينه مشرفا في ورشة بناء كنيسة. وعند إنجازها، سمح له ولأسرته بالإقامة في المسكن المخصّص لوكيل الكنيسة وممارسة المهام المنوطة به.
خبر مؤلم
خلال عمله تسنّى لمحمّد التعرّف على مسيحيّين آخرين من أصدقاء "سعيد" والسيدة المسيحيّة، من بينهم "تياري" وهو خبير أوروبيّ كان يعمل في مشاريع التعاون، وزوجته "ألين" اللبنانية الأصل، الأمر الذي سهّل عليهم عملية التواصل. وفي أحد الأيام، جاءه "سعيد" برفقة مواطن عراقي مسيحي، فعرف أنه من جبال العراق الشمالية القريبة من كردستان، حيث يقطن معظم المسيحيّين العراقيّين. وخلال الحديث معه، تبيّن لي أنه من نفس قرية "مسعود"، أول مسيحيّ تعرّف عليه أثناء الخدمة العسكرية. وعندما سأله عن أحواله، أخبره بأن مسعود قضى نحبه في حادث سير بعد انتهاء خدمته العسكرية بثلاثة أيام فقط.
لم يؤلمه هذا الخبر فقط، بل أثار لديه نوعا من الإحباط. فجأة برزت بقوة فترة من تاريخه كان يعتقد أن ذكراها زالت مع مرور الزمن. أخذ يفكّر بالأسرة التي تركها مسعود وراءه، بالأيام المباركة التي قضياها معا في الثكنة، بالصلوات المشتركة، بمشروع الهرب من عائلته إلى المناطق المسيحية. ذكّره بما كان يروي له مسعود من قصص الشهداء بين المسيحيين الأولين، وكم كان يتمنى أن تكون لديّه نفس الجرأة والشجاعة والقوة. تذكّر كم تألم سابقا لعدم اتصال "مسعود" به دون معرفة السبب. ولكن الرب سمح له بعد مرور ثلاثة عشر سنة بمعرفة حقيقة ما جرى له. التفكير بالهجرة إلى أوروبا والصعوبات التي برزت.
بعدما اتّضحت لديه أشياء كثيرة، شعر محمّد بأنه أصبح في تلك الفترة أكثر استعداد لإيجاد مخرج يسهّل له اللجوء إلى بلد أوروبيّ، وذلك لتأمين مكان هادئ تعيش فيه أسرته بسلام بعيدا عن مضايقات أهله وذويه الذين سيواصلون البحث عنه في الأراضي العربيّة. قام باتّصالات جديدة مع مكتب المفوّضيّة العليا لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة سعيا إلى إيجاد بلد غربي يقبل لجؤه إليه. فأجرى الاتصالات بهذه الوكالة عبر قنصلية أوروبيّة.
تعثّرت الأمور كثيرا في البداية، بسبب أحد العاملين في المفوّضية العليا للاجئين، المدعو "صفيان"، وهو مسلم فرنسي من أصل جزائري كلّف بالاهتمام بملفّهم. فبعد أن علم صفيان بما جرى لهم شفهيّا، طلب من محمّد كتابة كل ذلك بالتفصيل منذ البداية وحتى هربه من العراق. غير أنّ محمّد لم يرضخ لهذا الطلب وذلك لعدم وثوقه بهذا الموظف، خوفا من تسرّب النصّ المطلوب إلى المخابرات وبروز انعكاسات خطيرة. لذلك سُمح في البداية لزوجته ولولديه باللجوء إلى أوروبا، بانتظار أن يلتحق بهم بعد الانتهاء من دراسة ملفّه. اما السبب الذي دفع المفوّضية العليا إلى الاهتمام بملفّه الشخصي، فقد اختلقه، السيّد "صفيان" هذا الموظّف الذي كان يتبجّح بميوله وقناعاته العلمانيّة. فخلال حفلة استقبال رسمي في إحدى المناسبات مع مواطنين غربيّين، سأل أحد الحضور "صفيان" عن السبب، فأجابه بأنه "حصل على معلومات من المخابرات تفيد بأنّ محمّد الموسويّ شارك، أثناء وجوده في الجيش، بتدمير كنائس في شمال العراق وبقتل الأكراد بالغاز. وبالتالي، يُعتبر اعتناقه للمسيحية أمرا مشبوها للغاية". من خلال هذا التصريح كان المدعو "صفيان" يحاول توجيه رسالة إلى الغربيّين مفادها بأنهم يريدون استقبال أناس مجرمين، اضطهدوا المسيحيّين قبل اعتناقهم الدين المسيحي.
لم يعبّر محمّد عن سروره في البداية عن رفضه تسليم "صفيان" نصّا مكتوبا يشير إلى كل مراحل الاضطهاد والتعذيب التي تعرّض لها، وذلك لأنه شكّك في مصداقيّته، ولأن زوجته لم تكن قد أعطت جوابا على قرار المفوضية العليا بقبول طلبها. فالبراهين التي اختلقها "صفيان" تبيّن سمة انتمائه للإسلام وتجذّر تعاليم هذا الدين في نفسه ومعاداته لغير المسيحيّين بالرغم من كل ما يعلنه أمام الآخرين عن حياده الديني وتمسّكه الشديد بالعلمانيّة. هكذا كشف هذا الرجل عن كونه نموذجا واضحا للازدواجية المؤلمة التي يعيشها ويتخبّط فيها مسلمون كثيرون.
موقف الزوجة من قرار المفوّضية العليا للاجئين
تصوّر محمّد بأنّ زوجته لربّما ستقبل بهذا القرار أملا بالاستفادة من هذه الفرصة وتوفير جوّ مريح للأولاد. إلا أنها عندما استُدعيت إلى مكتب المفوّضيّة وتمَّ إبلاغها بقرار القبول لها وللأولاد، رفضته بشكل قاطع، إذ قالت للمسؤولين: "نحن هربنا من العراق بسبب إيمان زوجي بالمسيح والصعوبات التي تحول دون ممارساتنا الدينية بحريّة هناك. فمن المستحيل أن أسافر الآن وحدي مع الأولاد إلى الخارج ويبقى زوجي المستهدف الأول وحده هنا عرضة للملاحقات والتهديدات."
اعتبر محمّد موقف زوجته أهم وأكبر تعبير عن حبّها وإخلاصها وصدقها تجاهه. أدرك تماما أن إيمانها بالمسيح قويّ للغاية وبالتالي ستبقى عازمة على تحمّل المصاعب والحواجز التي تواجههم. كان هذا الموقف الذي اتخذته دليل حبّ سام يعلو على كل المخاطر التي تترصد بهم، وبالتالي يدحض افتراءات "صفيان" الموظّف الدولي الذي عمل على إذلال محمّد وتلطيخ كرامته وسمعته.
الوقوع في فخّ الأسرة وإطلاق الرصاص عليه
لم تتوقّف أسرة محمّد عن البحث عنه، فكانت له بالمرصاد. فقبل أيام من عيد الميلاد المجيد عام 2000، ذهب محمّد إلى أحد الأسواق في المدينة ليشتري هديّة لابنته. وبينما كان في طريق عودته ينتظر سيّارة أجرة ليستقلّها إلى مكان سكنه، سمع نداء من سيّارة توقّفت أمامه في الشارع. تقدّم نحوها فشاهد داخلها أربعة من إخوته الشباب ومعهم عمّه كريم. تبادل الحديث معهم، ثم طلبوا منه مناقشة كل الأمور بهدوء بعيدا عن ضوضاء الشارع. اعتبر محمّد تلك الفرصة مناسبة كي يكشف لهم الحقيقة ويعبّر لهم عن مدى امتعاضه لما عانى من آلام وعذابات بسبب العائلة. صعد معهم في السيّارة، وإذا بهم بعد عشر دقائق تقريبا خارج المدينة بالقرب من وادٍ ذي طبيعة صحراوية. توقفت السيّارة في ذلك المكان، فأدرك عندئذ الخطأ الذي ارتكبه بمرافقته لهم ووقوعه في فخّ لا تحمد عقباه.
دام النقاش معهم حوالي ثلاث ساعات. حاولوا إقناعه بالعودة إلى البيت ونسيان الماضي. أما هو فصرّح لهم أن خياره النهائي هو المسيح ولا عودة عن ذلك إطلاقا. وهنا بدأ التهديد بالعنف وذكّروه بفتوى آية الله محمد باقر الصدر التي سيضطرون إلى اللجوء إليها. وعندما نفذ صبرهم، سحب عمّه كريم مسدسا ووجّهه نحوه، ثم أطلق النار، ولكن لم يصوّب جيّدا. فإذا بمحمّد يسمع صوتا نسائيا يقول له: "أهرب سريعا!" بدأ حالا بالهرب، وكانت طلقات الرصاص تلاحقه حتى وقع أرضا في بقعة من الوحل، فأصيب برصاصة في رجله، وغاب عن الوعي. وعندما استيقظ وجد نفسه على باب أحد المستشفيات في قسم الطوارئ وفي حال يرثى لها. غير أن السيّد المسيح، كما يقول، أنقذه من هذه المحنة كي يواصل الشهادة باسمه. فبعد أربعة أيام من العلاج، استعاد عافيته وأدرك الخطأ الجسيم الذي اقترفه بسبب خروجه من المسكن. ولكنه كان يعتبر ذلك مشيئة الرب الذي نجّاه مرّة اخرى من هذا المكمن الرهيب الذي نصبته له العائلة وكشف له عن قدرتها في البحث عنّه وعن أسرته ومراقبة تحرّكاتهم وتنقلاتهم.
لم تكن هذه الحادثة نهاية المطاف في البحث عنه، ولكنّها كانت إنذارا له يشير إلى وجود إخوته وعمّه كريم في تلك المدينة وإلى تعاونهم مع الشرطة وأجهزة المخابرات لملاحقتهم والقبض عليهم. لذلك اضطروا مرّات عديدة للهرب سرّا وتغيير مكان السكن عدة مرات والإقامة في منطقة بعيدة عن المدينة حيث قضوا عدة أشهر نعموا خلالها براحة نسبيّة نوعا رغم القلق على مصيرهم بسبب صعوبة العودة إلى العراق أو البقاء في العالم العربي.
معاودة التفكير بالرحيل إلى الخارج
عادوا الى مبتغاهم الأساسي. فبعد فشل محاولتهم لدى المفوّضيّة العليا للاجئين، قامت إحدى الأخوات المسيحيات بمواصلة البحث عن مخرج آخر لهم. ففي اواخر تموز 2001 فاجأتهم بخبر سار مفاده أن إحدى السفارات الغربيّة التي اطّلعت على محاولة الاغتيال التي تعرّض لها، ستمنحهم تأشيرة دخول إذا وجدوا عائلة أوروبية تتكفّل باستضافتهم. وقد حدّد لهم موعد بعد يومين في سفارة تلك الدولة لاستلام التأشيرات وترتيب تفاصيل السفر.
ومع ذلك لم بتأكّد محمّد من تذليل كل الصعوبات عند إبلاغه بهذا الخبر. في الحقيقة كان ينتظر بفارغ الصبر تأكيد إمكانية السماح له بالدخول إلى الإتحاد الأوروبيّ. غير أنه في اللحظة الأخيرة علم بأن أسماءهم موجودة لدى شرطة مراقبة الخروج في المطار، وبإمكانها منعهم من السفر حتى وإن توفّرت لديهم تأشيرات دخول رسمية إلى دولة أوروبيّة. غير أن العناية الإلهية بقيت ملجأهم الوحيد. فسلّموا زمام أمورهم للرب كي يسهّل لهم عبور هذا الخطر دون الوقوع مرة أخرى بين أيادي الظلم والحقد والكراهية. لقد كان بمقدور الإسلام والمجتمع المنبثق من هذا الدين أن يحرمهم من أدنى حدّ من الحريّة الإنسانية في هذا الشرق.
تمّ تجاوز هذا الحاجز الأخير بفضل بعض الاتصالات التي جرت على مستوى عال في الدولة. اُعلم محمّد مسبقا بأن الأمور ستتحلحل وسيكون خروجهم من المطار سهلا في اليوم التالي. كان ذلك مساء الرابع عشر من شهر آب 2001. وهكذا عمدوا قبل كل شيء إلى توديع وشكر كل الأصدقاء الذين بفضلهم ومحبتهم وصلواتهم وتضحياتهم وصلوا إلى نهاية سعيدة. ولكن في صباح اليوم التالي، واجهوا صعوبة أخيرة مع شرطة مراقبة الخروج في المطار كان من شأنها أن تؤخرهم عن الطائرة المتوجّهة إلى أوروبا. فحتى الدقيقة الأخيرة من وجودهم على أرض عربية، كان محمّد مقتنعا أن كل شيء قد ينهار. غير أن ما حدث، كان لهم خير دليل ساطع على محبة المسيح وعنايته بهم. فقد تمكنّوا من الصعود إلى الطائرة خلال الدقائق الأخيرة من موعد إقلاعها.
خلال تلك الرحلة، رأى محمّد حياته التي تركها وراءه تمرّ في خياله بسرعة فائقة. شكر السيّد المسيح الذي رافقهم وأنعم عليهم بالخروج سالمين من هذه الجلجلة. عاد إلى نفسه واخذ يتساءل:
"أليست العناية الإلهية هي التي دفعت بزوجتي إلى السكوت عن إعلام ذويها باعتناقي المسيحية عندما لجأت إليهم بعد معرفتها بحقيقة أمري، بينما كانت ما تزال متمسكة بالإسلام وبمجمل معتقداته؟ كم من مرة تعرضنا للتوقيف أو للملاحقة في العراق كما في البلد العربي الذي لجأنا إليه، وكانت يد الرب دائما تنقذنا؟ كيف سمح الرب بأن لا تصيبني الرصاصات التي أطلقها عليّ إخوتي وعمّي إلا بجروح طفيفة؟ فأي مصير تخبئ لنا السماء بعد كل هذه الأحداث الخطيرة التي عانينا منها؟ الشكر والحمد والتسبيح للربّ يسوع المسيح، آمين." الوصول الى باريس.
كان في انتظارهم الصديق الفرنسي "تياري" الذي تطوّعت اسرته لاستقبالهم في بيتها. فبعد فترة من الاستراحة، خرجوا مع هذا الصديق إلى كاتدرائية نوتردام في باريس للمشاركة في التطواف الذي ينظم فيها كل سنة في الخامس عشر من آب بمناسبة عيد انتقال العذراء مريم إلى السماء. فكانت هذه أول مناسبة دينيّة شارك فيها محمّد وأسرته في جوّ من الحريّة والفرح دون تستّر أو خوف من الأسرة أو من الشرطة، رغم أن الخوف كان يكبّلهم منذ سنوات عديدة ولم يتمكّنوا بعد من التحرّر منه.
الاتّصال بالعائلة في العراق
بعد مرور سنتين على وجودهم في فرنسا، اتّصل محمّد بأحد أصدقائه العراقيين فأخبره بأن والده فارق الحياة بعد شهر من مغادرته الأردن. على أثر ذلك، اتصل تلفونيا بأخيه حسن. فلم يتطرق إلى الأمور المؤلمة مع العلم أنه شارك أيضا في إطلاق النار عليه. اكتفيا فقط بتبادل الأخبار عن الأسر. أثناء تلك المكالمة الهاتفية شعر محمّد لدى أخيه بالرغبة بمساعدته للخروج من الوضع الصعب الذي يعيشه في أوروبا كلاجئ مع أسرته على حساب المساعدات الاجتماعية المحدودة التي تقدّمها لهم الدولة.
الحياة في وطن جديد
لقد بدأ محمّد وأسرته يشعرون تدريجيا بنوع من الأمان والسلام في هذا البلد. يقول محمّد: "بفضل الربّ يسوع المسيح ونعمته تراجع الخوف كثيرا لديّ كما لدى زوجتي، كما ضمدت الجروح إلى حدّ ما. غير أنّي ما زلت بحاجة إلى كثير من الوقت، كي أغفر لعائلتي على ما سببته لي من سجن وتعذيب وحرمان. لم أتعذّب بسبب الربّ يسوع المسيح، بل بسبب الحرمان من الحريّة المفروض في المجتمع الإسلامي، والذي لم يمكّن أسرتي من تجاوزه خوفا على سمعتها في المجتمع.
سيرة حياته بالفرنسيّة وهدفها
صدرت سيرة حياته بالفرنسيّة عام 2010. وبعد صدورها، تكاثرت عليه الدعوات من مؤسسات وجمعيات ووسائل إعلام مرئية ومكتوبة للإدلاء بشهادته حول عبوره من الاسلام إلى المسيحية والمراحل الصعبة التي مرّ لها. في هذا الكتاب يوضّح ويكمّل رسالته، ألا وهي الإسهام في نزع القناع عن خطر الإسلام الجنوني، هذا الدين الذي يسعى أربابه وأنصاره إلى فرض معتقداته البالية وعاداته القبلية على العالم أجمع، ويمارس العنف وكل أنواع التعذيب ضد المسلمين الذين يبتعدون عنه أو يرتدّون إلى دين آخر. يريد محمّد أن يفهم الغرب أن العلمانية لا معنى لها إطلاقا بنظر الإسلام والمسلمين الذين يستغلونها كما يستغلّون الديموقراطية الغربية لتحطيم أسسها والقضاء على قيمها. يريد أن يدرك العالم المتحضّر أن الإنسان خلق نوعين من سلاح الدمار الشامل: السلاح الذرّي للتدمير الماديّ وسلاح الإسلام للتدمير الحضاري والإنساني والثقافي.
رسالته إلى المسلمين
حول هذه الرسالة يقول محمّد الموسويّ الذي أصبح اسمه اليوم جوزف فاضل: "أريد أن أحثّ جميع المسلمين على إعادة قراءة القرآن قراءة نقدية عقلانية والنظر في نصوصه وآياته بموضوعية وصدق. فإذا ما فعلوا ذلك، سيتحرّرون من عبوديّة النصّ ومن الأوهام والأساطير التي تكبّل عقولهم وتجعل منهم عبدة للأصنام. أريد أن أقول لكل مسلم صادق مع نفسه لقد آن الأوان في عصر المعلوماتية والإنترنت أن يتحرر وأن يصبح سيّد أمره ومصيره وأن لا يبقى أسير نصوص شوّهت فهمه للحقيقة وأفسدت قراءته ومفهومه للحياة ولمصيره. لا بدّ للمسلمين من أن يتحوّلوا أولا من الإسلام إلى الإلحاد، الأمر الذي سيفسح لهم المجال ويُسهّل لهم البحث فيما بعد عن المسيح واكتشاف عظمته وحبّه اللامتناهي لبني البشر. كذلك أودّ أن اقول لهم: اقرأوا الإنجيل ولا تخافوا، ستتحرّرون وسيغمر نور المسيح عقولكم كما سيملأ قلوبكم بالفرح.
وإلى ذويه وقبيلته في العراق، يقول:
"أمنيتي أولا أن يهبني الربّ يسوع نعمة نسيان ما سبّبوا لي من مآسي في حياتي وحياة زوجتي وأولادي. أود ثانية أن اغفر لهم ما فعلوا، كما أصلّي كي يتعرّفوا مثلي على المسيح، وأن يخرجوا كلّهم من ظلام الإسلام إلى نور المسيح، وأن يستنير العراق والشعب العراقي كلّه بهذا النور الساطع. وهذا ما أتمناه كذلك ومن صميم القلب لجميع المسلمين في العالم.
إن ما كشفه السيّد محمد الموسوي عن مأساته ليس حالة خاصة أو طارئة، بل إشارة حيّة وصارخة إلى معاناة آلاف العابرين من الإسلام إلى المسيحيّة، وكذلك إشارة إلى مأساة مسيحيّي الشرق الذين يعانون الأمرّين في العالم العربي والإسلاميّ، بسبب مختلف أنواع الاضطهاد المستمرّ لهم والذي لا تتحدّث عنه وسائل الإعلام إلا نادرا. فلا يمرّ أسبوع واحد دون أن يُقتل مسيحيّون يعيشون في الدول العربية والإسلامية. فهل يوجد بلد مسيحيّ واحد في العالم يُعامَل فيه أنصار واتباع محمّد مثلما يُعامَل المسيحيّون على ارض الإسلام؟
#موريس_صليبا (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمّد الموسويّ، عابر عراقيّ من الإسلام إلى المسيحيّة (1)
-
ياسر إريك، إسلاميّ سودانيّ يصبح أسقفًا أنغليكانيًّا
-
اليكم ماأنجزه الوجود الفرنسي خلال 132 سنة في الجزائر. رسالة
...
-
حمدان عمّار، مفكّر ثائر على الفكر الإسلاميّ المدمّر
-
كيف كفرت بالإسلام مسلمة سلفيّة في فرنسا
-
سالم بن عمّار: يا شعوب إفريقيا الشماليّة، ألم تدركوا بعد أنّ
...
-
هوبار لومار (26)ز خواطر ختاميّة
-
هوبار لومار يسأل (25): هل من حلّ لخروج المسلمين من مأساة الإ
...
-
هوبار لومار يسأل (24): متى ستستيقظون أيّها المسلمون؟!
-
هوبار لومار يسأل (22):هل تعرفون كيف تسيئون لأولادكم؟
-
هوبار لومار يسأل (22): ماذا تعرفون عن أحوال العالم الإسلامي؟
-
هوبار لومار يسأل (21): هل سمعتم بمبدأ -المعاملة بالمثل-؟
-
هوبار لومار يسأل (20): ماذا تقولون عن هجرة المسلمين إلى الغر
...
-
هوبار لومار يسأل (19): ماذا تعرفون عن -المسلم المعتدل-؟
-
هوبار لومار يسأل (18): هل تعرفون أنّ الرجل المسلم متسلّط؟
-
هوبار لومار يسأل المسلمات (17): ماذا تعرفن عن الحجاب؟
-
هوبار لومار يسأل (16) المرأة المسلمة: ماذا تعرفين عن وضعك في
...
-
المواطن الفرنسيّ هوبار لومار يسأل (15): هل تعرفون حقيقة مفهو
...
-
هوبار لومار يسأل (14): أيها المسلمون، هل تعرفون حقيقة موسى و
...
-
هوبار لومار يسأل (13): أيّها المسلمون، ماذا تعرفون عن الخنزي
...
المزيد.....
-
في هذه المدينة الأمريكية.. حتى الجنازات تتحوّل إلى حفلات شار
...
-
مأساة بالمكسيك.. أمطار غزيرة وفيضانات تودي بحياة أشخاص وتُغر
...
-
وزيرا خارجية مصر وأمريكا يبحثان ترتيبات قمة شرم الشيخ بشأن غ
...
-
برفقة ويتكوف.. قائد القيادة المركزية الأمريكية يكشف عن سبب ز
...
-
لماذا قد لا يتراجع نتنياهو عن اتفاق غزة هذه المرة؟ - في الوا
...
-
اتفاق غزة يشعل الشارع الباكستاني.. أنصار -حركة لبيك- يسيرون
...
-
لن ترهبوننا
-
أم تُفجع العالم... ابني وقع في غرام روبوت لينتحر
-
فُرض على نظام الأسد...ما هو قانون -قيصرالأمريكي- الذي ألغته
...
-
جولة داخل المنزل الفخم لنجمة هوليوود زوي ديشانيل وخطيبها في
...
المزيد.....
-
في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي
/ د. خالد زغريت
-
الحفر على أمواج العاصي
/ د. خالد زغريت
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
-
الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان
/ د. خالد زغريت
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
المزيد.....
|