أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن بوطيب - [بلاغة الانزياح، وشعرية الغموض الدلالي: وقفة نقدية مع لحظات شعرية صوفية حداثية نسائية، في ديوان -أغنيات أحفظها عن الملائكة- للشاعرة المغربية وفاء أم حمزة اجليد]















المزيد.....

[بلاغة الانزياح، وشعرية الغموض الدلالي: وقفة نقدية مع لحظات شعرية صوفية حداثية نسائية، في ديوان -أغنيات أحفظها عن الملائكة- للشاعرة المغربية وفاء أم حمزة اجليد]


عبد الرحمن بوطيب
أديب، ناقد، قاص، شاعر (مدير مجلة امتدادات الرؤى الثقافية)

(Boutaib Abderrahman)


الحوار المتمدن-العدد: 8491 - 2025 / 10 / 10 - 08:51
المحور: الادب والفن
    


= مدخل:
ـــ تأتي هذه الورقة النقدية في مقام الحديث الصارخ عن حد التفاهة وحد الجودة في التعبيرات الأدبية، ومنصات الاحتفاء بها.
الحديث عن زمن التفاهة يفرض علينا وجوبَ طرح التساؤل المشروع: هل نحن في هذا المقام الاحتفائي اليوم نزكي التفاهة ونشرعنها، أم إننا في حضرة جودة نفخر بالمساهمة فيها جميعا... كلٌّ من موقعه في هذا المقام النقدي المسؤول؟
ـــ دون مقدمات نصرح، بكل موضوعية، بأننا اليوم في مقام جودةٍ ناطقة بلسان شاعرة وشعر.
ــــ الشاعرة "وفاء أم حمزة اجليد" ، والشعر ديوان "أغنيات أحفظها عن الملائكة".
هذا التصنيف النوعي الابتدائي يقتضي الاستدلالَ على صحته، وهذا رهان وجبت المغامرة في مقاربته.
= في المنهج، والمنهجية:
الأدب عرّاب المجتمع، والنقد عرّاب الأدب... الأدب جوهره الخيال، ومادته اللغة، وخاصيته الجمال، على حد تعبير الناقد الذرائعي العراقي عبد الرزاق عودة الغالبي.
كل نقد يسقط في شرك سلطة المنهج وتعاليه على النص هو نقد قد يسقط خارج دائرة النقد الفاعل.
وكل نقد يهتم باستحضار مقولات من مرجعيات معينة تؤسس خطابه النقدي قد يسقط في تهميش العمل الأدبي المدروس بانبهارية مفرطة بهذه المرجعيات التي لها قيمتها وإجرائيتها النقدية، على ألا تكون على حساب خلخلة العمل الأثر الأدبي وملامسة شعريته كما يحملها في قلب متنه.
تأسيسا عليه، ستهتم هذه الورقة بالمنجز الشعري في خصوصيته مع شاعرة لها خصوصيتها النوعية.
النص حامل منهج مقاربته، فالمبدع يقيد القارئ الناقد ويورطه في قراءة معينة.
قد تكون قراءةً انطباعية تأثرية تذوقية، وقد تكون قراءةً تتأسس على منهج واضح له آليات اشتغاله الدقيقة... وقد تتمدد إلى تكامل قرائي بين حقول نقدية متجاورة.
هذا التمدد المنهجي هو الذي فرض نفسه على هذه الورقة.
ـــ وعليه، ما الداعي إلى الهروب من قبضة وحدة المنهج؟
الجواب المفترض كامن في سلطة المتن الشعري موضوع القراءة.
= سلطة الإبداع الشعري في الديوان بين شعرية التعبير، وشاعرية التأثير.
+ أول ما استوقف القراءة هو شساعة مدى الانزياح، وما استتبعته من شساعة غموض دلالي وَسَمَ اشتغالَ شعريةِ ملفوظ.
"أغنيات أحفظها عن الملائكة" ديوان انزياحات... وديوان غموض دلالي.
ـــ فما مرتكزات الخطاب الانزياحي في المتن، وما آليات اشتغاله فيه؟
ـــ وبالتالي ما تمظهرات التشكيل الغموضي في المتن، وما أبعاده الشعرية الشاعرية؟
تساؤلان مركزيان حكما القراءة ووجهاها نحو الاشتغال على ظاهرتين إبداعيتين ونقديتين قديمين / جديدتين تؤثتان المشهد الثقافي المحلي، والقطري، والكوني.
ـــ تنضاف إلى هذا مسألة أخرى مرتبطة بالتجنيس الأدبي للمتن، الأمر الذي طرح على الورقة ـــ ويطرح في الساحة النقدية أيضا ـــ تساؤلات عن مشروعية شعرية قصيدة النثر التي هي الحامل للتجربة الشعرية في المتن الشعري الذي وسمته شاعرته في التعيين التجنيسي بأنه "شعر"، وكما قدمه به ناشر إعلان صدور الديوان في قوله: (من خلال هذا الديوان الشعري الممتاز، تطل علينا الشاعرة المغربية وفاء اجليد أم حمزة، وتمد لنا أذرعا وأشرعة إبداعية خارقة لتسحبنا معها في رحلة الضوء الشعري الحداثي.
إنه منجز شعري كامل بتفاصيله، لغة خاصة جدا، مضامين عالية الشعرية، وتجربة رائدة جدا في استحقاق البصمة الحداثية وشعرية الاحتمال.
على الإطلاق يكون هذا الديوان تأسيسا لجدية الكتابة وتثبيتا للإبداع النسوي العربي في بلورة دهشة الشعرية العربية الحديثة).
= حد التجنيس:
بعيدا عن السقوط في حبائل صراع في عمقه هو صراع يبتعد بالشعر عن مفهومه الأصيل باعتباره تعبيرا عن لحظة ولادة شكل من أشكال الجمال، بأي نوع من الأنواع، وبأي شكل من الأشكال... ومنها أشكال القصيدة العربية التي لم تعرف السكونية والتحجر على تمظهر معين منغلق على الذات، وممارس لسلطة حماية هذه الذات اعتمادا على تعيينات نقدية لمفهوم الشعر ومفهوم النثر...
بعيدا عن كل هذا، لابد من تحصيل حاصل أن قصيدة النثر، وقصيدة النثر الحداثية، واقع لا مفر منه، سواء بدفعه أو بإقصائه من حد الشعر... ولنا في الأغنيات المحفوظة عن الملائكة ـــ وفي غيرها ـــ الدليل كما سيأتي الوقوف عليه.
وقد قال توماس ستيرنز إليوت (إن الشعر العظيم هو الذي يصل إلى القلب قبل أن يصل إلى العقل)...
(من كتاب: فائدة الشعر، وفائدة النقد).
وهذا رأي يعزز كون الشعر لمحةً، على حد تعبير البحتري:
(والشعر لَمْحٌ تكفي إشارته
وليس بالهذر طوِّلَتْ خُطَبُه)
ومعيار الخطاب الأدبي / الشعري عند تودوروف هو أنه (خطاب يستوقفك هو نفسه قبل أن يُمَكّنك من عبوره أو اختراقه... فهو حاجز بلوري طُلِيَ صورا ونقوشا وألوانا، فصدَّ أشعة البصر أن تتجاوزه).
ولن يتأتّى الشعر، هذا وذاك، بوزن واحد مسكوك غير متعدد التمظهرات... وما هذا موقف رافضٌ شعريةَ عروضٍ خليلي هو أصل الإيقاعات الشعرية المبهرة، فقصيدة النثر، وقصيدة النثر الحداثية لا تقطعان صلة رحم، إذ هما امتداد وتطور محكومتان بفيزيائية كونية حركية غير سكونية في المادة، وفي التعبيرات الإنسانية بكل أنواعها.
= حد الانزياح:
إذا كان الانزياح في تعريفات البلاغيين والنقاد ظاهرة دلالية، وصوتية، وتركيبية دالة على التجاوز والعدول والانحراف والمخالفة والذهاب والتنحي... لغاية تحقيق الإبهار بالخروج عن مقتضى الظاهر والحال، وانفتاح واسع على مشروعية التأويل القرائي، فإن هذه الورقة لا تقف عند هذه التمظهرات فقط، إذ تنزاح هي كذلك إلى تشخيص حالة انزياح في الذات الشاعرة نفسها.
ـــ وفاء الشاعرة ذاتٌ تعشق الانزياح، ويعشقها... ترحل بنا في عوالم زجل أصيل ماتع وهدفها (نگول كلمتي)...، وما إن نطمئن حتى تهرب بنا إلى عوالم قصيدة نثر بكل أبعادها الشعرية الشاعرية الهاربة من متداول لغة محكية إلى عميق لغة فصيحة ليس من السهل تمثل توظيفاتها عميقةِ الغوص في جمالية ضاد، لتبوح بما في مكنون وجدانها، وقد قالت بعض ما نوت وتنوي قوله في التزامها بمشروع (نگول كلمتي)...
ولن نرتاح معها على ضفاف لسان عرب وسحر وادي عبقر، إذ سرعان ما تحتل من وجداننا المساحات كلها وهي تحتل ركح إلقاء فتبهر.
ـــ انزياحات الذات الشاعرة له تعبير نصي شاهد على افتتان الذات بسحر خرق مألوف في التمظهرات التعبيرية عن عتبات المجمل الديواني، والمفرد القصيدي.
ـــ قراءة عتبات المجمل والمفردات البالغة عشرين نصا مغامرة شاقة... ولا بأس من وقوفٍ مُحاوِلٍ القبضَ على تلويناتها السطحية ودلالاتها التعبيرية التأثيرية العميقة.
= شعرية الانزياح الدلالي في التمظهرات التعبيرية للعتبات النصية / العناوين:
ـــ الشاعرة أم حمزة شاعرة مشاغبة ـــ على حد قولها: "بشغبي الأنثوي"... هاربة من كل الأقفاص... بجمالية شعرية مبهرة تهرب من وادي عبقر وشياطينه والغاوين معهم إلى عوالم نورانية تمتح منها أغنياتها وتحفظ... عوالم ملائكية تلقنها فن الغناء... وما الشعر إلا روح غناء... وهي لا تنسى أن تستدعي ذائقة العازفين معها على وتر نور وأنوار، أولئك الذين هم جوقة عازفي سوناتتها الشعرية...
ـــ الشعر تفاعلٌ لا تَلَقٍّ، لا يستقيم منجزه الكلي إلا بتورط قارئه الناقد المتفاعل الحامل معه هَمَّ المؤامرة والمشاركة عن سبق إصرار وترصد في تشكيل عوالم مولانا الشعر.
لا يتشكل المعنى العميق الدلالة العنوان الضام إلا بتورط الجوقة العازفة في غواية التأويل الانحرافي الاستبدالي المداخل العناوين المضمومة الوسامة أجسادَ النصوص الشعرية العشرين، وهو تأويل محكوم بشرط القابلية المنطقية بعيدا عن هلامية التأويل الذاتي الانطباعية السائب.
هنا ننطلق من أن "الأغنيات" عالمُ تطريب، لنصل إلى أن الشعر مقام تطريب... وقال قائلهم مستنكرا (كلفتمونا حدود منطقكم).
(عن البحتري: لا الدهر مستنفذ...).
والحفظ تلق وتمثل وتملك.
و"الملائكة" معلم ومرشد وراسم معالم طريق...
إنه الهروب من عالم الواقع المتعين إلى عالم نور إشراق وجداني صوفي...
هروب من الذات إلى الذات، وهروب من الموضوع إلى ذات... ذات شاعرة لا يأسَرها حدث ولا واقعة... وما هو هروب رومانسي كسابقه...
وقد تواتر الإصرار على استحضار الفضاء الملائكي في ست وقفات منتشرات على جسد المتن بنفس المدخل المعجمي (ملاك "ق 1" / نداءات ملائكة "ق 10" / لغة الملائكة "ق 10" / اسألوا الملائكة "ق 20" / اسألوا الملائكة "ق 20" مكررة / كطفل وملاك "ق 20")... وهذا تأكيد على المرجعية العرفانية النورانية التي يستند عليها الخطاب الشعري المحمول على ظهر المتن.
= وفي العتبات المفردات هيمنة انزياحات دلالية مؤسسَّة على شعرية تصويرٍ بياني يمتح أطرافه والعلاقلات الما بينها من هذه العوالم الروحانية المستحضرة في مقام تواصل مع "ملائكة الشعر":
هي عشرون وقفةً بعشرين دهشةً وأكثر، ترسم معالم ذات شاعرة مسكونة بهم السؤال الوجداني الصوفي الحداثي... ولا تَعارُضَ في هذا بين حقلين غير متجاورين.
كل ذلك في تعبيرات وجودي تبحث عن الماضي، وعن الحال، وعن المآل في الاستقبال.
= البؤرة الضامة لمتشظيات نويات المنجز القصيدي العشريني تنبلج من رحم خرقِ مألوفٍ دلالي متعارف عليه لسنياً بأداة مشاكسة موظفة مقاميا بعناية ومقصدية تلعب على وتر استعارات تشخيصية، في غالبها، بعيدة غور المدلولات القصدية:
1/ حَرْفِي بِسَاقٍ وَاحِدَة
2/ نشيدٌ في دَمي
3ـ أُنْثى تُهرِّبُ السّنَابل
4/ مَديحُ الصّلوات العَاشقات
5/ حينَ يخْضَرُّ الزّفاف
6/ أنَا حَقْلُ طُفُولَة
7/ فَراشَةٌ عَلى ظهْرِ نوْرسَة
8/ نَجْمَةٌ شَارِدَة
9/ ضَفِيرَةُ أُمِّي
10/ أُغْنِيةٌ فِي جَيْبِ آلِهَة
11/ تَحْتَ جِلْدِي يَسْتَرِيحُ التُّرَاب
12/ أنْفُضُ الْغُبارَ عنْ حِذاءِ اللّغَة
13/ أَحْبُكُ جُغْرَافِيا الْحَيْرَة
14/ أُداعِبُ تَعَبِي
15/ اِقْتربنا منْ وَقتِنا
16/ لا ظِلَّ لِي
17/ فِي قَلْبِ الْكَمَنْجَات
18/ أغْزِلُ رُضَابَ الشَّمْس
19/ أغْنِيةٌ لِلْماء
20/ اِسْأَلُوا الْمَلائِكَة
ـــ كلها مداخل لسنية ترسم أحوال الذات الباحثة عن الحقيقة، وهي ذات مؤنثة بكل حمولاتها التعبيرية الدالة على المرأة / السؤال / الإشكال.
= شعرية الانزياح... في انزياحه نحو غموض دلالي شعري شاعري مسؤول:
ـــ إشكالية الغموض الدلالي في الخطابات الشعرية ـــ إسوة بخطابات تعبيرية أدبية أخرى ـــ هي إشكالية قديمة جديدة، راهن الاختلاف حولها ليس بأحسنَ من حال الاختلاف حولها في ماضيها الإبداعي والنقدي.
قالوا له: (لماذا تقول ما لا يفهم)، فما كان منه إلا أن قال مستنكراً (لماذا لا تفهمون ما يقال).
(عن أبي تمام).
ـــ إشكالية الغموض الدلالي لا ترتفع مع واقع شاخص مشخِّص حالةً من التسيب...
حالةَ تراوحٍ بين حد شعر وحد رعاف.
ـــ الإشكال القرائي النقدي التفاعلي مع المنجز الشعري النثري، والنثري الحداثي الحامل ظاهرَ غموض دلالي ليس في حد الشعر... هو في حد الرعاف، هذا الرعاف الذي اعتدى نهارا جهارا على قدسية قصيدة المرحلة... قصيدة الدهشة.
ـــ الغموض المعيب في التعبير الشعري مؤسِّسه غموضٌ في التفكير والتصور...
ـــ الغموض الدلالي المحمود آلية اشتغال فنية تعبيرية دلالة جمالية تستهدف إشراك القارئ الناقد المتفاعل، لا المتلقي المستهلك المتراخي.
تقول الشاعرة أم حمزة: (الشعر ماء العارفين "ق 2" / تكتبين القصيدة صوفية "ق 2" / أختبئ في رأس الحكمة "ق 14" / الشعر أناشيد "ق 1" / صلوات "ق 4" /نشيد فجر "ق 4" / تراتيل "ق 4"...).
وقد صار الشعر حاملَ تعريفات نقدية... وفي نفس المقام قال "تودوروف: (الخطاب الأدبي / الشعري ثخين، غير شفاف، يستوقفك هو نفسه قبل أن يمكِّنك من عبوره أو اختراقه، فهو حاجز بلوري...).
وقال السوري "د. محمد أحمد ويس": (إن المخالفة وحدها غير كافية لتوليد الشاعرية، لا بد من أن تكون وراء المخالفة قيم فنية وجمالية تعبر عن شيء في النفس).
ـــ فما هذا الثاوي في نفس شاعرة مسكونة بهموم ذات مؤنثة مشاغبة؟
ـــ تحيل الوقفة الاستقرائية للمتن الشعري "أغنيات أحفظها عن الملائكة" في تعبيراته والانزياحية الذاهبة في معارج غموض دلالي شعري شاعري إلى قطبين مركزيين يشكلان التجربة الشعرية "الوفائية" في منجزها الصوفي الحداثي النسائي:
- أولهما قطب الذات الوصفة للذات.
- وثانيهما قطب العالم المنتظر لاحتضان الذات.
ـــ القطبان معا متجاوران، ومتلازمان، ومتكاملان... يدخلان في تعالق بنائي نسقي يعلن عن غوايةٍ مشاكسةٍ الواقعَ في أفق خرق مألوفه الساكن المهين المكسر طموحَ امرأة... هي المرأة القضية الوجودية.
1/ قطب الذات الواصفة للذات:
هي ذات مسكونة بهم الإعلان عن ولادة امرأة ليست ككل النساء... امرأة حفظت أغنياتها عن الملائكة...
توصيف الذات من هذا المنطلق هو توصيفُ هدمٍ بنائي، يهدم أسوار تنميطِ المرأة وتحنيطِها في مختزلٍ نسوي سكوني ضعيف مستسلم خانع.
المشيرات النصية الدالة على مشروع المرأة المشاكسة يعلن عن نفسه في مقول القول الشعري المنتشر بكثافة في مفردات المتن الديوان، من هذه المشيرات العلامات المؤثتة شخصيةَ المرأة المشاكسة قول الشاعرة: (تكتبني القصيدة صوفية تنشد في دمي / عرفت الوجع في بطن أمي، كما عرفت الشعر / بهشاشة هذا القلب النبوي / بعرق القلب أعجن اللغة / أنا حقل طفولة / أحلامي طائرة / من رأس الذاكرة ألملم الطرقات / أمشي عكس الريح، أعيد ترتيب أنوثتي / أنا أنثى الدهشة / الأشياء خلفي، وأنا هاربة منها / قلبي لا يموت / أختبئ في رأس الحكمة التي لا أعرف / أنا الجالسة هنا أطلب يد الحقيقة / أنا لا أكتب / أنا أداعب ظلي / الأسئلة خرساء / تلهث في حقل الاحتمال / أنا امرأة تطرح الأسئلة / أعض على شفتي السؤال / حرفي بساق واحدة / وأنا أنثى تُهرّب السنابل / ضفيرة أمي / أغنية في جيب آلهة / تحت جلدي يستريح التراب / أحبك جغرافيا الحيرة / امرأة تطرح الأسئلة على كرسي الفراغ وقد اقتربنا من وقتنا / في قلب الكمنجات / كنا خياليين / نخيط رتق الحكمة بإبر الاحتمال / نفك السحر عن نجمة شاخت في قلب الكتب / اقتربنا من جنون الشعر / لنصاب بحمى الشعر / في شغبي الأنثوي...).
منظومة تشكل الذات النسائية الشاعرة النورانية الهاربة من ذات مادية ومحيط.
ترميم رتق الصفات يضم اللُّحمة إلى سَداها... معلناً عن ميلاد شاعرة تتعمد بماء الشعر وبملح التراب... في صوفية ملائكة نورانية تعلن عن نفسها في منظومة حقل معجمي دلالي واصف العالَمَ المنتَظَر الاحتضان الذات.
2/ قطب العالم المنتظَر لاحتضان الذات:
هو عالم صوفي، من مشيراته النصية قول الشاعرة: (ملائكة / مديح الصلوات / نجمة شاردة / آلهة / خمرة الروح / السماء / الماء / الحلم / نبي وحيد / جبين ملاك / ماء السماء / حبات ضوء / تنهض القصيدة من وِرْدِها / صلاة أرتبها على حاجب الفجر / سجدة المعنى / أبجدية الروح / غبش الفجر / يرفع إلى السماء رؤاي / غزالة القدر / أدس زهرة الأنبياء في دمي / لو أمكنني أن أكون فجرا أو شعرا...)، وقد كانت، وقالت كلمتها المخزونة في صدرها.
هذه غواية صوفية، فماذا عن رسالتها الحداثية؟
= الرسالة الحداثية النسائية:
ـــ بعيدا عن أي إقحام لنقاش فلسفي تاريخي فكري مفهوم "الحداثة"، وقريبا من تصور خاص محمول في خطاب "مجوعة تأصيل قصيدة النثر الحداثية" الذي نحاول ترويجه قدر المستطاع، مشروع حداثة شعرية ـــ وقصيدة النثر الحداثية في مركز الدائرة ـــ تقع في صلب حداثة شمولية تحلم بإعادة بناء إنسان وكيان بما يخدم إنسانية الإنسان والكيان...
نقول، إن هذه الحداثة / المشروع تتأسس على قاعدة بنائية خلدونية... (من الهدم، إلى التأسيس، إلى التجنيس، إلى التأصيل، إلى الهدم اللاحق)...
هذه السيرورة تحققت بالديوان، بشكل أو بآخر، في تقديرنا المتواضع.
ـــ الشاعرة أم حمزة هدمت، وأسّست، وجنّست، وتسعى إلى تأصيل.
السيرورة البنائية "الوفائية" انطلقت من هدم صورة نمطية مرجعية للمرأة في سكونيتها، وخضوعها، وتقبلها لوضع اعتباري يشيؤها ويختزلها في الذات المنجبِة بكل ما تحمله اللفظة من تداعيات دلالية دالة على الكائن النسائي شاخصة في الواقع العربي الخائب على حد توصيف د. عبد الله العروي.
ـــ الشاعرة "الوفائية" أسست بعد هدم، وشخصت المنتظَر الممكن في واقع حال كائن... ثم أسست صورةً نورانية للمرأة الشاعرة في أبعادها المحققة إنسانيتها في جوهر القدسية الإنسانية الشمولية، صورة المرأة المشاغب الفاعلة لا المنفعلة.
ـــ الشاعرة "الوفائية" جنست هويتها الشعرية الشاعرية الهاربة من حد خواء إلى حد امتلاء بالحكمة الضائعة... (اقتربنا من جنون الشعر / نفك السحر عن نجمة شاخت في قلب كتاب...)، وما أكثر الكتب الحبلى بشيخوخة نجمات وانتظارات في هذا الزمني الهارب من الزمن الحاضر إلى زمن انكسارات ماضية.
ـــ الشاعرة "الوفائية" تحمل مشروع تأصيل... تأصيل خطاب مسؤول، لا مهادن ولا مساكن ولا متقبل لراهن ضاغط.
المشروع ينتظر الاكتمال في حلقة الكمال... بحضرة مولانا الشعر وملائكة تلقننا وتلقن المرأة المشاكسة أغنيات وجوابا عن سؤال...
وما المرأة إلا هَمُّ سؤال (تعض على شفتي السؤال).



#عبد_الرحمن_بوطيب (هاشتاغ)       Boutaib_Abderrahman#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب المنزلة بين المنزلتين: من ربض الشعر إلى ربض النقد / مقد ...
- آليات اشتغال اللغة الشعرية في قصيدة النثر الحداثية: ديوان -ف ...
- رواية “أولاد الكاريان”: قوى فاعلة: تعالقات ووظائف للكاتب الم ...
- (خطاب المنزلة بين المنزلتين: من ربض الشعر، إلى ربض النقد) / ...
- دراسة نقدية (رؤى الناقد): نقد نقد / قراءات في أعمال نقدية لل ...
- -المشروع الفكري والنقدي للدكتور جمال بندحمان- (من التنظير ال ...


المزيد.....




- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- صدور كتاب تكريمي لمحمد بن عيسى -رجل الدولة وأيقونة الثقافة- ...
- انطلاق مهرجان زاكورا السينمائي في المغرب
- كل ما تحتاج معرفته عن جوائز نوبل للعام 2025
- -سلام لغزة-.. الفنانون العرب يودّعون الحرب برسائل أمل وتضامن ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن بوطيب - [بلاغة الانزياح، وشعرية الغموض الدلالي: وقفة نقدية مع لحظات شعرية صوفية حداثية نسائية، في ديوان -أغنيات أحفظها عن الملائكة- للشاعرة المغربية وفاء أم حمزة اجليد]