أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الكحل - جيلz والحاجة إلى الاستثمار في الإنسان.















المزيد.....

جيلz والحاجة إلى الاستثمار في الإنسان.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 18:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شكلت احتجاجات جيلZ Gen في المغرب مفاجأة للدولة وللأحزاب وللرأي العام. وسبب المفاجأة يكمن في الجهل التام بما يجري في العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي. لقد اكتشف المغاربة، مسؤولون ومواطنون، أن جيل z تشكل وعيه السياسي خارج الأطر التقليدية من أحزاب وجمعيات ونقابات. الأمر الذي عقّد مهمة التواصل والحوار معه، وخلق انطباعا عاما لدى أعضاء الحكومة بأنه جيل هلامي مجهول الهوية والقيادة والكيان المادي؛ إلا أنه قابل للتمدد والتشكل على أرض الواقع. جيل يرفض الإطارات الحزبية والحكومية ويتجاوزها إلى إملاء مطالبه على الدولة تحت التهديد بالاحتجاج المفتوح على الزمان والمكان. أي لا يضع سقفا زمنيا لحركته الاحتجاجية ولا يقيدها بأماكن معينة (شوارع، ساحات عمومية). وباعتباره جيلا هلاميا في بنيته التنظيمية وفي مطالبه، فإن مساحات احتجاجاته رهينة بمزاجيه المتفاعلين في الغرف المظلمة داخل تطبيق "ديسكورد". أي أن احتمالية توسيع مداها واردة وقد خرجت أصوات تحرض على تغيير وجهتها نحو الأماكن الحساسة. وإذا كان جيلZ Gen أظهر تشبثه بالمؤسسة الملكية ووجوب إحداث الإصلاح في ظلها وبيدها، وهذا أمر مهم يعكس حرصه على صيانة المكتسبات السياسية والدستورية وكذا صموده في وجه دعاوى العنف والتخريب، فإن الاطمئنان إليه لا تدعمه لائحة مطالبه وهلاميتها وتجاوزها للأطر الدستورية والقواعد الديمقراطية المتعارف عليها. الأمر الذي يسمح بالاستنتاج أن جيلZ Gen "تشابه عليه البقر" ولم يعد يميز بين العالم الافتراضي المتحرر من كل القيود والإكراهات والحتميات، وبين العالم الواقعي (السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي) الأشد تعقيدا على الفهم والتغيير معا. إذ لا يكفي التعبير عن المطالب الاجتماعية التي يُجمع عليها المغاربة، لكي يفرض هذا الجيل z وصايته واختياراته على الشعب. ذلك أن المطالبة بحل البرلمان وإقالة الحكومة وحل الأحزاب تجسد "تشابه البقر" عليه. فكما يتعامل مع الألعاب الإلكترونية التي تَمرّس عليها في تطبيق "ديسكورد"، أراد أن يتعامل بالمثل مع مكونات الحياة السياسية وركائز الدولة المغربية. إن الديمقراطية ليست لعبة الكترونية نتحكم فيها وفق مزاجنا، بل هي دينامية سياسية واجتماعية وحضارية تنخرط فيها كل مكونات المجتمع وفق قواعد ومبادئ متعارف عليها كونيا.
الاستثمار في الإنسان.
إن احتجاجات جيلZ Gen تضع الدولة والحكومة والأحزاب أمام مسؤولياتها، وفي مقدمتها عدم الاستثمار في الإنسان، بحيث لم تجعل المواطن في جوهر اهتمامها ومحور برامجها. من هنا تم الإجهاز على القطاعات العمومية في التعليم والتكوين والصحة بمبرر أنها قطاعات غير منتجة. وحين رفعت الدولة يدها على الصحة والتعليم والثقافة، فتحت المجال للوبيات المدارس الحرة والمصحات الخاصة لتحويل الخدمات الاجتماعية إلى مجال للمضاربات والاحتكار والاتجار بعقول وصحة المواطنين، أي الاتجار بالبشر الذي يجرمه القانون. إلا أن غياب تطبيق القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة، سياسيا ودستوريا وأخلاقيا، حوّل المواطن من قيمة أخلاقية مطلقة إلى سلعة يحدد قيمتها السماسرة والمحتكرون. وما يزيد الوضع خطورة هو عجز الحكومة عن حماية المواطنين عبر تحديد أسعار الدراسة بالقطاع الخاص وتعريفة العمليات الجراحية والتدخلات الطبية في المصحات الخاصة. وهو نفس التوجه الذي نهجته وتنهجه الحكومات في قطاع المحروقات، منذ تحرير الأسعار؛ حيث فضلت موقع المتفرج بدل تسقيف الأسعار وردع الاحتكار. بل إن الحكومة، باعتراف من وزير الصحة، ظلت تمنح دعما ماليا للمصحات الخاصة.
لقد تعاملت الحكومة ومعها الأحزاب المكونة لها وتلك التي تتولى تسيير المجالس الترابية، بكل استهتار بمطالب المواطنين بتحسين الخدمات الاجتماعية وترشيد النفقات وتوجيهها لما يخدم المصلحة العامة. كما تجاهلت ــ الحكومة ــ مطلب تفعيل قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة، سواء تعلق الأمر بالإثراء الغير مشروع، أو تجميد تقارير المجلس الأعلى للحسابات في قضايا تتعلق بنهب المال العام وتبذيره، أو حماية الفاسدين وإعادة تدويرهم في المسؤوليات.
هذا الوضع لم يزد المواطنين إلا غضبا عبروا عنه بسلسلة من الاحتجاجات التي كانت بمثابة ناقوس خطر لم تتعامل معه الحكومة بالجدية المطلوبة. ولم تكد تهدأ احتجاجات ساكنة المناطقة المهمشة حتى خرج جيلZ Gen من حيث لا تحتسب الحكومة.

لا تُهزم الأوطان بقوة أعدائها بل بخيانة أبنائها.
إن تخلي الدولة عن مسؤولية التربية والتعليم والتأطير عبر المؤسسات التعليمية والثقافية (إهمال دور الشباب، عدم توسيع شبكتها لتواكب النمو الديمغرافي والتوسع العمراني)، وكذا استقالة الأسر من أدوار التنشئة، أخرج أجيالا متنافرة القيم والقناعات. ولعل تورط القاصرين في أعمال التخريب والنهب بنسبة 70 % من الموقوفين خلال احتجاجات جيلZ Gen، دليل يعكس خطورة إهمال التربية على القيم الأخلاقية وعلى المواطنة في خلق جحافل من المخربين لا وازع وطني أو ديني أو أخلاقي أو قانوني لهم (ظهر، في فيديو تخريبي، تلميذ بوزرته البيضاء، يكسر زجاج سيارة الدرك الملكي وعلى ظهره محفظته).
إن من شأن عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة والإفلات من العقاب، والتخلي عن الأدوار التربوية والتعليمية للمدرسة والأسرة، أن يوفر بيئة مناسبة للفساد، وذهنية ميّالة إلى العنف والتخريب والخيانة الوطنية. والخيانة لا تنحصر فقط في التخابر مع الأجنبي، بل تتخذ أشكالا عدة، منها: خيانة المسؤولية التمثيلية سواء في البرلمان أو في المجالس المنتخبة، خيانة المسؤولية الإدارية أو المهنية سواء بالإخلال بالواجب المهني أو التستر على الفساد أو التواطؤ مع المفسدين. وقد تجسدت هذه الخيانة في القطاع الصحي بشكل كارثي. وحتى لا يجرف تيار الخيانة جيلZ Gen ، على الشباب وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار والاحتياط من دعاوى تصعيد الاحتجاج وتوسيع مداه إلى المؤسسات والمواقع الحساسة؛ إذ خلف تلك الدعاوى تشابكت أيادي الغدر والعداء بخيوط التآمر ومخططاته التي تستهدف نهضة المغرب ومشاريعه الاقتصادية والصناعية والعسكرية، فضلا عن وحدته الترابية واستقراره السياسي. إننا أمام صراع النفوذ تستعمل فيه الأسلحة السيبرانية (20 ألف حساب الكتروني وهمي يحرض على العنف في المغرب) والإعلامية (قنوات فضائية، صفحات الكترونية، صحف دولية جعلت من احتجاجات جيلZ Gen موضوعها الرئيسي)؛ لذا وجب رفع منسوب الوعي الوطني الجماعي للتصدي لكل المؤامرات وإفشال كل المخططات العدائية.
ما العمل؟
إن الواجب الوطني والدستوري يوجب على الحكومة الإسراع باتخاذ الإجراءات التالية:
1 ـ تفعيل الدستور بربط المسؤولية بالمحاسبة عبر الشروع في تقديم الملفات إلى القضاء، مع تسريع مسطرة البت فيها.
2 ـ إصدار قانون تجريم الإثراء الغير مشروع والبدء في تطبيقه.
3 ـ تشكيل لجان تفتيش محلية وإقليمية وجهوية مهمتها الوقوف على الأوضاع الصحية والإدارية في المستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات.
4 ـ فتح خط أخضر يسمح للمواطنين رفع شكاواهم وتظلماتهم إلى وزارة الصحة.
5 ـ تجهيز وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات وتوفير الأدوية الضرورية للمرضى.
6 ـ توفير الأطر الطبية والتمريضية الضرورية، وإن اقتضى الأمر جلبها من الخارج (السنغال، تونس).
7 ـ تحديد أسعار العمليات الجراحية والخدمات الصحية في المصحات الخاصة.
8 ـ إجبار المصحات الخاصة بتقديم الخدمات الصحية للمرضى المؤمّنين وأصحاب AMO بأسعار متقاربة مع أسعار القطاع العمومي.
9 ـ وقف الدعم المخصص لكبار الفلاحين ولمالكي الشاحنات والحافلات والتاكسيات تحت ذريعة تجديد أسطول المركبات لتقليل نسبة التلوث، وتوجيهه إلى قطاع الصحة العمومية لتجويد الخدمات.
10 ـ وقف الدعم عن الأحزاب حتى تجدد دماءها بالعناصر الشابة وتقوم بمهامها التأطيرية والتوعوية.
ليكن الحافز الرئيسي للحكومة وللأحزاب، في هذه الظرفية الدقيقة شعار ( تشيغيفارا) :
"لا يهمني أين ومتى سأموت بقدر ما يهمني أن يبقى الوطن".



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجة إلى نموذج سياسي جديد.
- متى نقطع مع مستشفيات الموت والإهمال؟
- هرطقات بنكيران وهلوساته المَرَضية.
- العدميون لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب.
- صحيفة لوموند والحنين إلى الهيمنة الاستعمارية.
- النخبة المعطوبة لا تبني أوطان ولا تردّ عدوان.
- بوبكر الجامعي صوْت عَدْلاوة المبْحُوح.
- عملاء في خدمة أجندات الأعداء.
- المبادرة الملكية لدعم غزة تصيب أفواه لخوانجية والخونة باللّق ...
- رد على نعيمة بويغرومني: حقيقة معادة تياركم لحقوق المرأة لا ي ...
- رسائل خطاب العرش.
- يوم ناهضت نساء البيجيدي حقوق المرأة.
- من يحمل السلاح ضد المغرب هو عدو مرتزق يا بنكيران.
- بنكيران الخارج من كهوف التخلف والدّال عليها.
- أما آن لخطر الإرهاب أن ينتهي؟
- عويل البيجيدي على حجم الديون العمومية.
- لا مساندة لأعداء وحدتنا الترابية.
- إيران في خدمة الأمريكان.
- حين يصيب العمى السياسي حماس والبوليساريو.
- نهج الجمعية م.ح.إ: الإقصاء والاستبداد ومصادرة الحقوق.


المزيد.....




- كرات مشتعلة تتساقط فوق رؤوس المتفرجين في الصين بعد خلل في عر ...
- المتحدث باسم خارجية قطر يكشف تطورات محادثات خطة ترامب بشأن غ ...
- تحليل بصري لاحتجاجات -جيل زد-.. ماذا يحدث في المغرب؟
- بعد عامين من حرب غزة: ما الذي حققه كل من نتانياهو وحماس؟
- أصعب لحظات الحرب على غزة
- من رسامة صغيرة إلى جريحة لا تخرج من البيت.. قصة فايزة التي أ ...
- تقرير خاص: كيف غيرت حرب غزة خريطة الصراع في الشرق الأوسط؟
- فيديو - روسيا تدعو إلى رفع العقوبات عن أفغانستان وتحذّر من أ ...
- فرنسا: 48 ساعة حاسمة.. وضغوط على ماكرون من معارضيه ومن حلفائ ...
- بعد عامين من هجوم حماس على إسرائيل.. الحرب ماتزال مشتعلة في ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الكحل - جيلz والحاجة إلى الاستثمار في الإنسان.