|
يوم ناهضت نساء البيجيدي حقوق المرأة.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 22:14
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
اللي اختشو ماتو. خرجت نساء البيجيدي، يوم 15 يوليوز 2025، ببيان يدافعن فيه عن بنكيران وتصريحه الذي دعا فيه الفتيات المغربيات إلى الزواج بدل الدراسة: "تنقول للبنات سيرو تزوجو، راه ماغدي تنفعكم لا قرايا لا والو"، محذرا إياهن من أن يصرن مثل "بلارج" إن هن اخترن متابعة دراستهن عن الزواج. ودعوة بنكيران هذه لا تحتاج أي تأويل أو تفسير، فهي واضحة مفضوحة في حصر وظيفة الأنثى في صناعة "العلف والخلف". وبدل أن تتصدى البيجيديات، وهن اللائي لم يفرطن في حقهن في الدراسة والتعليم والوظيفة والعضوية في البرلمان وفي الحكومة، ولا ضحّين به من أجل الزواج، لبنكيران الذي يعاكس تطلعات المغربيات ونضال الجمعيات النسائية من أجل المساواة والمناصفة والكرامة والحرية؛ انبرين للدفاع عنه وعن مواقفه المناهضة لحقوق النساء. ودون خجل اعتبرن الانتقادات التي وُجّهت لبنكيران "مزايدة" و"سجالات عبثية": " لا نقبل أن يزايد علينا أحد في الدفاع عن كرامة المرأة وعن حقها في التعليم والتمكين والاستقرار الأسري، إذ أن مواقف منظمة نساء العدالة والتنمية وحزبنا معروفة وثابتة في دعم المرأة والدفاع عن كرامتها وعن حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إطار المرجعية الدينية والثوابت لدستورية لبلدنا وثقافة وقيم مجتمعنا". وطالما زعمت هؤلاء النسوة "الدفاع عن كرامة المرأة وحقها في التعليم والتمكين"، فإنه من الضروري تذكيرهن بمواقفهن المناهضة لمطالب وحقوق النساء المغربيات. إن كنت ناسي أفكّرك. 1 ـ التصدي لعريضة مليون توقيع لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية. حين بادر اتحاد العمل النسائي بإطلاق عريضة مليون توقيع بغرض بلورة رأي عام وطني ضاغط من أجل مجرد تعديل للمدونة لِمَا كانت تكرّسه بنودُها من استعباد وقهر للنساء، بل وتجريدهن من الحقوق وحتى من الآدمية (إسقاط النفقة عن الناشز، الرجوع لبيت الطاعة، الطلاق الغيابي، ترك الزوجة معلّقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، العُضل..)؛ تصدت عضوات وأعضاء الحركة الدعوية "الإصلاح والتجديد"، التي يعدّ البيجيدي ذراعها السياسي بعد أن غيّرت، سنة 1996، اسمها إلى "حركة التوحيد والإصلاح" بناء على أوامر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، مصطفى مشهور. وكأن تعنيف النساء وقهرهن اجتماعيا "تكريم" لهن في المعتقدات الإيديولوجية لتيار الإسلام السياسي. 2 ـ المناهضة الشرسة لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية. لم تتعظ البيجيديات من خذلانهن للنساء ومناهضتهن لتعديل المدونة التي، رغم ذلك، خضعت لتعديل بسيط سنة 1993، لكنه شكّل خطوة جبارة في سبيل رفع القداسة عن مدونة الأحوال الشخصية، فتحت المجال أمام الحركة النسائية لتوحيد نضالاتها ومطالبها من أجل تغيير المدونة وليس فقط تعديلها. وما أن استجابت حكومة المرحوم عبد الرحمن اليوسفي للمطالب النسائية عبر بلورتها في "مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"، حتى أصاب السعار كل التنظيمات الإسلاموية، وعلى رأسها حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية وأذرعهما النسوية. كان هدفهم إقبار المشروع لتستمر شرعنة الظلم الاجتماعي للنساء وحرمانهن من كل حقوقهن بما فيها ولاية المرأة على نفسها في الزواج وحقها في إنهاء العلاقة الزوجية. لقد تصدّت نسوة البيجيدي للمشروع وشاركن بكثافة في مسيرة الدار البيضاء المناهضة له حتى يتم إسقاطه وتستمر وضعية المعاناة والحرمان والقهر لنساء المغرب. اليوم تزعم هؤلاء النسوة البيجيديات أنهن يدافعن عن كرامة المرأة وحقها في التعليم والتمكين، وهن اللائي تصدين لمطالب: رفع سن الزواج إلى 18 سنة حتى تستفيد الفتاة من التعليم، واقتسام الممتلكات الزوجية عند الطلاق حفاظا على كرامة المطلقة وإنصافا لها ولمشاركتها في اكتساب ومراكمة تلك الممتلكات؛ أو حقها في الولاية على نفسها في الزواج حماية لها من العُضل المنهي عنه في القرآن الكريم، وضمانا لحقها في اختيار شريك حياتها. فعن أي كرامة يتحدث بيان هؤلاء النسوة وهن اللائي يطالبن بتزويج القاصرات وتحميلهن مسؤولية تكوين أسرة وهن أحوج إلى التربية والرعاية والتعليم؟ طبيعي أن تدافع نسوة البيجيدي عن أمينهن العام الذي علّمهن أن الأنثى خُلقت للمتعة والإنجاب، وأقنعهن أن الزواج أوْلى من التعليم وأوكد، وأوهمهن أن الأنثى لا تملك قيمتها في ذاتها وإنما تستمدها من الذَّكَر. لهذا حرّضهن على مناهضة حقوق المرأة التي تجعل منها كائنا كريما، حرا ومستقلا. فلما صرّح بنكيران "تنقول للبنات سيرو تزوجو، راه ماغدي تنفعكم لا قرايا لا والو" كان مطمئنا من تجاوب نساء حزبه وعدم رفضهن لخزعبلاته. لقد أتقن تشكيل ذهنيتهن على الطاعة والاستكانة. فلا يرَوْن إلا ما يرَى مهما كانت وضعيتهن الاجتماعية والمهنية. تعالين أذكّركن. في 31 يوليوز 1999، نظم حزب العدالة والتنمية يوما دراسيا حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، ونشر أشغاله في كتاب تحت عنوان "المرأة والتنمية بين الأصالة والتغريب". وأحب هنا أن أذكّر "قنديلات" البيجيدي بما جاء في مداخلة بسيمة الحقاوي، التي كانت حينها الأمين العام لمنظمة تجديد الوعي النسائي من رفض لمحو أمية الإناث وتعليمهن، خاصة في القرى: (إن المطالبة بمحو الأمية بمحدداته الحالية ما هو سوى سعي نحو تحقيق مشروع لا يتعدى كونه إنجازا لتوفير مناخ مناسب لتمرير خطابات ديماغوجية تنزيلا لأهداف الغرب في احتواء وتوجيه دول العالم الثالث. أما المقاربة المحاذية لتعليم الفتاة في القرى والضواحي فهي ليست مجرد اقتراح بل هي تاكتيك يمكّن من محاكاة المجتمع الغربي للتأثير فيه عبر قنوات التواصل المباشر المندمج حيث يؤخذ بعين الاعتبار البيئة والمحيط، وهذه مقاربات استعملها المستعمر في قيامه بالعديد من الدراسات والبحوث في مناطق نائية بالمغرب). أليس من العار أن ترفضن تعليم الإناث القرويات بحجة الغزو الثقافي الغربي، بينما ترسلن بناتكن لأرقى المدارس حيث يدرسن بلغة الغرب المهيمن؟ نفس المبررات جاءت في مداخلة خديجة مفيد، التي كانت حينها عضوا بالأمانة العامة لمنظمة تجديد الوعي النسائي، التي شددت فيها على ضرورة الإبقاء على الولي في الزواج لأنه (يشكل عائقا في وجه المصالح والمخطط الدولي)، وأنه (عائق في وجه تحلل المرأة من الالتزامات الاجتماعية التي تقوم على أساس عدم إجازة أي شراكة بين اثنين إلا في إطار مؤسسة الزواج)، وأن (الولي لا يفسح الزواج في إطار عقد مدني ليس قائما على أساس الشريعة الإسلامية). أليست هذه مواقفكن في حقوق المرأة في التعليم والتكريم؟ 3 ـ مناهضة تعديل مدونة الأسرة بأمر ملكي. بدوافع إيديولوجية مناهضة لتحديث مؤسسات الدولة وقوانينها، تصدى البيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح لكل مطالب الحركة النسائية بإقرار مدونة عصرية منصفة للنساء ومنسجمة مع الدستور ومجسّدة للالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق المرأة والطفل. ورغم كون مواقف الإسلامويين المعادية لحقوق النساء لم توقف مسلسل إصلاح مدونة الأسرة، إلا أنهم يواصلون معاكسة جهود الدولة وتعطيل الدستور أو الالتفاف عليه في كل ما يتعلق بحقوق النساء (إخراج قانون التحرش كسيحا يوم كان البيجيدي يقود الحكومة وتتحمل بسيمة الحقاوي حقيبة وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، عدم تأسيس "هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز" التي ينص عليها الدستور في الفصلين 19 و 164..). وتستمر المناهضة والتهديد بتنظيم مسيرات احتجاجية للضغط على اللجنة الملكية لمراجعة مدونة الأسرة. دفاع البيجيديات عن استغلال النساء. ظلت نساء البيجيدي يعارضن بشدة، اقتسام الممتلكات الزوجية، منع تزويج القاصرات، إلغاء التعصيب الذي يشرعن حرمان المرأة من جزء مهم من تركة والديها أو زوجها، والذي لا أساس له في القرآن الكريم، وتثمين العمل المنزلي للزوجة وغيرها من المطالب النسائية. ومما برّرن به رفضهن أن " تثمين العمل المنزلي من شأنه أن يجعل من الأسرة بمثابة “شركة تعاقدية” تسودها قيم المكايسة والمشاحة بدل قيم الفضل والعدل والرحمة والمكارمة". وسبق للبيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح وهيئاتهما النسائية أن رفضوا رفع تحفظات المغرب عن الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، وخاصة مقتضيات المادتين 9 و16 من الاتفاقية. مواقف البيجيديات وهيئاتهن الحزبية والدعوية من حقوق المرأة المغربية كانت دائما مناهضة ومعارضة لها. وبعد الذي تحقق من مكتسبات وحقوق لفائدة النساء، كان أولى للبيجيدات أن يخجلن من أنفسهم ومن نساء المغرب وألا يحتكمن إلى مدونة الأسرة التي ناهضنها.
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يحمل السلاح ضد المغرب هو عدو مرتزق يا بنكيران.
-
بنكيران الخارج من كهوف التخلف والدّال عليها.
-
أما آن لخطر الإرهاب أن ينتهي؟
-
عويل البيجيدي على حجم الديون العمومية.
-
لا مساندة لأعداء وحدتنا الترابية.
-
إيران في خدمة الأمريكان.
-
حين يصيب العمى السياسي حماس والبوليساريو.
-
نهج الجمعية م.ح.إ: الإقصاء والاستبداد ومصادرة الحقوق.
-
زمن الميليشيات المسلحة إلى زوال.
-
تفجيرات 16 ماي: الذكرى والعبرة.
-
لم يعُد السّكوت خيرا من إجابة السفيه.
-
ملاحظات على البيان الختامي للمؤتمر9 للبيجيدي.
-
قبْل أن يتّسع الخرْق على الرّقْع.
-
بيان التخوين والعصيان من شيوخ الإخوان.
-
بيان التوخين من شيوخ الإخوان.
-
غزة بين فكي كماشة الاحتلال والتطرف (2/2).
-
غزة بين فكي كماشة الاحتلال والتطرف (1/2). سعيد الكحل.
-
اللجوء السياسي غاية النضال الابتزازي.
-
هل تخلى الغرب عن دعم إفريقيا في مواجهة خطر الإرهاب؟
-
المغرب: ارتقاء أمني وتقهقر اجتماعي.
المزيد.....
-
ورشة تبادل الخبرات حول سياسات الحماية من العنف في عالم العمل
...
-
ارتفاع عدد الرجال الذين يُبلغون عن تعرضهم للاغتصاب
-
مليون امرأة يواجهن المجاعة بغزة و-الأغذية العالمي- يشكو قلة
...
-
دون ذكر تفاصيل عن هويتيهما.. القناة 12 العبرية: إسرائيل ترحل
...
-
بين الرغبة في الحب والخوف من الاستغلال: ثغرات رقمية وقانونية
...
-
امرأة أميركية مكّنت قراصنة كوريا الشمالية من اختراق 300 شركة
...
-
الأردن.. منافع مشاركة النساء اقتصاديًا في سوق العمل
-
مباشر: مقتل 30 فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال في غارات إ
...
-
تجويع وتفشي أمراض بين الأسرى داخل المعتقلات
-
اعتقال موظف في تل أبيب.. صوّر النساء في مرافق تغيير الملابس
...
المزيد.....
-
المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن
...
/ رسلان جادالله عامر
-
كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها
/ تاج السر عثمان
-
كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات،
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
المزيد.....
|