أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائد زقوت - غزة.. بوابة النظام الإقليمي الجديد














المزيد.....

غزة.. بوابة النظام الإقليمي الجديد


عائد زقوت

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشهد منطقة الشرق الأوسط سلسلة من التطورات المتسارعة التي تُنبئ بتحوّل استراتيجي مُعقد، قد يُشكّل مُقدِمة لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية وموازين القوى. تحوّلٌ يتجاوز حدود الحرب في غزة ليصل إلى مسعى أميركي جدي لإعادة ترتيب منظومة الأمن والسلام الإقليمي برعاية واشنطن، وبدعم من أوروبا وأنقرة والدوحة في إطار رؤية
مختلفة عن تلك التي أرستها الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، إذ يجري الآن بناء مشروع سياسي أمني متكامل يُراد له أن يكون الإطار الناظم للشرق الأوسط الجديد.

في ذات الشأن لم يكن التحرك المفاجئ لطائرات تزويد الوقود الأميركية باتجاه قاعدة العديد في قطر خطوة روتينية؛ فهذه الطائرات تمثل العمود الفقري لأي عمليات جوية ممتدة، ما يعني أنّ واشنطن ترفع جاهزيتها العملياتية في الشرق الأوسط، سواءً لأغراض الردع أو لتنفيذ عمليات محدودة ضد أهداف إيرانية أو فصائل حليفة لطهران في العراق واليمن؛ وتزامن ذلك مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا لتفعيل التفاهمات الأمنية المشتركة مع قطر، لتصبح الدوحة أول "حليف استراتيجي من خارج الناتو"، في تطور يمنح قاعدة العديد بُعدًا استراتيجيًا جديدًا ويعيد تموضع الثقل الأميركي في الخليج نحو مركز أكثر مرونة وفاعلية.

في حلقة متصلة تسعى واشنطن إلى تحويل قطر إلى محور دبلوماسي وأمني تدير عبره التوازنات الحساسة في المنطقة وتُمهّد الطريق لتنفيذ مبادرتها لإنهاء الحرب في غزة، فالدوحة تمتلك شبكة علاقات متشابكة تمتد من السلطة الفلسطينية وحماس إلى واشنطن وأنقرة والقاهرة، ومنحها صفة "الحليف الاستراتيجي" لا يقتصر على البعد العسكري، بل يجعلها شريكًا مباشرًا في صياغة ترتيبات التسوية المقبلة. بهذا تضع الولايات المتحدة يدها على قناة الوساطة الأكثر تأثيرًا على حماس واسرائيل، وتُعيد صياغة الدور القطري ليصبح سياسيًا–أمنيًا مزدوجًا يخدم مشروع التسوية الأميركية ويضمن استمرار النفوذ الغربي في الخليج.

على الضفة الأخرى تحوّل تركي ضاغط، فقد جاءت قرارات الرئيس التركي أردوغان بفرض عقوبات على شركات إيرانية متزامنة مع العقوبات الأوروبية والأميركية لتشكّل طوق ضغط مزدوج على طهران، هذا التناغم بين الغرب وأنقرة يعكس بروز تحالف جديد هدفه احتواء النفوذ الإيراني في معادلة غزة–لبنان–اليمن–العراق، وتهيئة الأرضية لصفقة إقليمية تُنهي الحرب بشروط تخدم الرؤية الغربية.
فتركيا التي سعت سابقًا إلى لعب دور الوسيط بين إيران والغرب، انتقلت الآن إلى موقع الضاغط، في محاولة لاستعادة موقعها داخل المحور الغربي وتحسين علاقاتها بواشنطن مقابل مكاسب سياسية واقتصادية.

على ذات الضفة فإنّ التحوّل الأبرز في الموقف التركي تمثل في ممارسة ضغوط مباشرة على حركة حماس لدفعها نحو التعامل بمرونة مع خطة ترامب لإنهاء الحرب؛ فأنقرة التي احتضنت قيادات الحركة لسنوات، باتت تُوظِّف علاقاتها السابقة كورقة تفاوضية مع واشنطن لإقناع حماس بقبول "التسوية المرحلية" التي تتضمن وقفًا طويل الأمد لإطلاق النار، وتفاهمات أمنية بضمانات قطرية–تركية، مقابل إعادة إعمار مشروطة لغزة.
وفق المعطيات فإن أنقرة تهدف من ذلك إلى تحقيق هدفين متوازيين:
•تخفيف التوتر مع الولايات المتحدة وتقديم نفسها كقوة تسوية لا كطرف منحاز.
•ضمان حضورها في ترتيبات ما بعد الحرب وعدم ترك الساحة بالكامل للدوحة والقاهرة.

وفق المعطيات تبدو مقترحات ترامب الأخيرة أقرب إلى إطار أمني لإعادة ترتيب الإقليم منها إلى مبادرة سياسية لإنهاء الصراع، فالخطة تسعى إلى تفكيك البنية العسكرية لحماس عبر تفاهمات أمنية تضمن لإسرائيل حدودًا آمنة، وإعادة صياغة إدارة غزة ضمن ترتيبات إقليمية ودولية، وتحييد إيران عبر ضربات عسكرية محتملة وضغوط اقتصادية منسقة، بهذا المنظور، تصبح "نهاية حرب غزة" نقطة انطلاق لإعادة ترتيب موازين القوى الإقليمية وفق الرؤية الأميركية.

بحسب التحليل تتلاقى التطورات الأخيرة في مسار واحد يقود إلى إعادة هيكلة الشرق الأوسط وفق معادلة أميركية جديدة:
تُمنح قطر دور الحليف والشريك الأمني الاستراتيجي الأول من خارج الناتو؛ وتستعيد تركيا موقعها الغربي بالضغط على حماس والمشاركة في محاصرة إيران؛ بينما تستفيد إسرائيل من تسوية أمنية وسياسية مريحة؛ وتواصل مصر من خلال الدبلوسية الوقائية معركة الحفاظ على نفوذها التقليدي بكل أوراقها الاستراتيجية التي لا تستطيع أي ترتيبات أو تحالفات تجاوزها كونها ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة؛ أمّا الفلسطينيون، فيُدفعون نحو تسوية تفرضها معادلات القوى الراهنة، والتي قد يجانبها النجاح دون حصولهم على حقوقهم المشروعة وتحقيق طموحاتهم في دولة وفقًا لمقررات الشرعية الدولية.

في إطار القراءة المتاحة فإنّ المنطقة تمر بمرحلة إعادة اصطفاف اقليمي حقيقية، وعلى ما يبدو فإن نهاية حرب غزة ليست نهاية الصراع، بل بوابة لشرق أوسط جديد يُعاد رسمه برعاية واشنطن، وبمشاركة حلفاء جُدد، وأدوار يُعاد توزيعها بعناية على مقاس المرحلة المقبلة.
وتبقى غزة "بكل رمزيّتها التاريخية والوجودية وثقلها السياسي" الساحة الاختبارية الأهم لمستقبل النظام الإقليمي الجديد في ظل صراع إرادات إقليمية ودولية محتدمة؛ فغزة ليست مجرد بوابة لنظام جديد، بل هي قضية شعب وأرض وكرامة، وأي حل يتجاهل هذا الجوهر محكوم بالفشل.



#عائد_زقوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر في قلب عاصفة غزة.. ضغوط متجددة ومعادلة إقليمية معقدة
- ورقة التوت الأخيرة: هل تُخفي خطة ترامب نهاية المشروع الوطني ...
- خطة ترامب لغزة.. وقفٌ ممكنٌ للحرب أم سرابٌ سياسيٌّ؟
- كوانتيكو تحتضن اجتماعاً غامضاً للبنتاغون
- -قطر تتحالف مع باكستان… الشرق الأوسط على أبواب معادلة جديدة-
- بين غزة والفضائيات خطاب التضليل وصناعة المأساة
- أَصْلُ الحكاية
- بَسْ الدّجاجة تَفْهَم
- لَفْتُ انتباهة
- الموت بإسم الحقيقة
- لا أَسَفَ على الهَرَج
- على بوابة نهاية الحرب
- إعلاء الذات زمن الحروب جريمة حرب
- ممر غزة المائي الأميركي ولادة للشيطان
- صناعة الفشل ... المُتألهون زورًا
- زيارة غانتس لواشنطن هل تُشكل خطرًا على نتنياهو
- فصائل منتهية الصلاحية
- ماذا لو حققت اسرائيل أهدافها من الحرب
- خطة التمرير وإنها المصير
- خطة التمرير وإنهاء المصير


المزيد.....




- كرات مشتعلة تتساقط فوق رؤوس المتفرجين في الصين بعد خلل في عر ...
- المتحدث باسم خارجية قطر يكشف تطورات محادثات خطة ترامب بشأن غ ...
- تحليل بصري لاحتجاجات -جيل زد-.. ماذا يحدث في المغرب؟
- بعد عامين من حرب غزة: ما الذي حققه كل من نتانياهو وحماس؟
- أصعب لحظات الحرب على غزة
- من رسامة صغيرة إلى جريحة لا تخرج من البيت.. قصة فايزة التي أ ...
- تقرير خاص: كيف غيرت حرب غزة خريطة الصراع في الشرق الأوسط؟
- فيديو - روسيا تدعو إلى رفع العقوبات عن أفغانستان وتحذّر من أ ...
- فرنسا: 48 ساعة حاسمة.. وضغوط على ماكرون من معارضيه ومن حلفائ ...
- بعد عامين من هجوم حماس على إسرائيل.. الحرب ماتزال مشتعلة في ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عائد زقوت - غزة.. بوابة النظام الإقليمي الجديد