أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبد العال - الاستعارات القاتلة (4)















المزيد.....

الاستعارات القاتلة (4)


سامي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما أكثر الاستعارات السياسية استهلاكاً للمعاني دون طائل هي استعارة ( الدولة اليهودية Jewish state ). استعارة مبنيةٌ على ركام ضخم من حطام التاريخ والأحداث التي قد تشتعل في أي وقت. ثمة حروب واتفاقيات ومعابر وترتيبات على الأرض ومعاهدات ومؤامرات واغتيالات ودسائس وسياسات استيطانية .. كل هذه الأشياء وغيرها تجري باسم الدولة. وسيكون لديها أيضاً كامل الاستعداد لمزيد من الإبادة والتدمير وحرق المراحل وصولاً لأهدافها البعيدة. لتصبح فكرة الدولة اليهودية عود ثقاب يُضرم النيران في المنطقة العربية بكل تراثها السياسي والوجودي كما هو حادث مع حروب اسرائيل.

إذْ لا تفعل اسرائيل تاريخياً سوى استدعاء مخرون الاستعارت اللاهوتية أمام الأغيار. إنها تعيد تشغيل تراثها اليهودي كي تحتطب رؤوس الاعداء إشارةً إلى إله الدولة القوى. وتلك خطورة الاستعارات المسيّسة عندما تُلهب مشاعر وأحاسيس أتباعها المترقبين. كل استعارة يهودية تخص الدولة تتسلح بصراعها الوجودي الطويل، لأنّها بمثابة المجاز الرمزي الأم Mather allegory لتاريخ اليهود ولوعد بلفور ولأحلام الوطن القومي وتمثلات الشعب العبراني. ويعلم أصحابها أنَّه لابد أنْ تتحقق على انقاض أشياء أخرى بالضرورة. فلا تتحقق الاستعارة هكذا ضمن مناطق شاغرة، هي توجد لكي تمارس اقصاء واستبعاداً للشعب الفلسطيني.

إن لُحمة الدولة اليهودية مكونة من أيديولوجيا تحدد بالأساس المواقف الصهيونية تجاه الآخرين. مواقف حدية من أول وهلة، ومنصرفة إلى نوع من الازاحة التي تواصل دورانها كالرحى المدمرة لحقوق الشعوب والدول. اسرائيل هي رحى الغرب الكولونيالي الذي يديرها بمكر ودهاء وفقاً لمصالحه، حيث يكّسر بها صلابة الأفكار ومشاريع النهوض الوطني في منطقة الشرق الأوسط. عندما يريد الغرب الأمريكي غرس خنجر في خاصرة العالم العربي، يحرك رحى الصهيونية، هذا الوكيل الحصري لمآربه الاستعمارية. حيث تمارس الأخيرة طحن أحلام العرب والفلسطينيين بكل برود واستنزاف متواصلين. والمدهش أن العرب- إلى حد البلاهة- يقدمون لرحى الصهيونية كل (أحلام الحياة) كي تطحنها وتعطيها لهم بلا قيمة. ولا يكتفون بذلك، بل يدخل الأمر في التصاقهم بالكيان الصهيوني كالتصاق التابع لسياسات الغرب الأمريكي في المنطقة جيئةً وذهاباً.

وفوق ذلك تشكل استعارة الدولة (عباءة جامعة مانعة ) لشتات الجماعات اليهودية في أصقاع الأرض. لا تُعنى بالشعوب الاصليين أيا كانوا، فهي تولد– كما يقال عن أرض فلسطبين- في أرض منتظرة رغم أنف الآخرين. أي أن الدولة اليهودية هي استعارة عنف بالدرجة الأولى، كاسحة ألغام وسط حقول مفخخة بالموت... فماذا نتوقع بعد ذلك؟! لابد أن تتحول الدولة إلى عربة حربية منطلقة منذ الخروج القديم لليهود من مصر حتى الآن.

من وقت إلى آخر، يطلق كل حاكم لاسرائيل بعناوينه المتباينة سؤالاً مهماً: كيف نغطى جغرافية الكيان الصهيوني وتاريخه؟ تأتيه الإجابة دوماً عن طريق خلع صفة اليهودية على الدولة والمجتمع. ويتمثل في هذا رمزية شمشون الجبار الذي اشتهر بقوته المعطاة من الإله كجزء من العهد كنذير له ولشعبه. وفي التراث اليهودي استمد شمشون قوته من شعر رأسه غير المقصوص، وكان يستخدم القوة لتحرير بني إسرائيل من سيطرة الفلسطينيين. ويرمز شمشون (שִׁמְשׁוֹן ) Shimshon أيضاً إلى الجانب الأسطوري المحارب طالما يحتاط من الناس ويتخذ من الوعود الالهية وسيلة لتحقيق الآمال. ومعنى الاسم كما ورد في التوراه هو رجل الشمس الذي يقهر الظلام متمسكاً بكلمة الرب.

كأن سمة اليهودية مقولة بلاغية واسعة الدلالة دون حدود، ولكنها قابلة للتفصيل على الواقع. سمة تركت آثارها على الأشكال والوجوه والملابس وطرائق الكلام وحتى على علامات المجتمع الاسرائيلي. لقد اعتاد أي رئيس أمريكي من أجل التقرب لليهود القيام بزيارة (حائط المبكى ) أو بالعبرية الكوتيل Kotel كأقدس بقعة تتلقى دموع اليهود حداداً على خراب الهيكل. وكذلك يقوم بارتداء الكيباه أو اليارمولكهKippa (Yarmulke) ذات الصبغة الدينية، أي غطاء الرأس الصغير الذي يوضع على الرأس رمزاً للتقوى والتواضع أمام الإله، فلا يجوز في عرف اليهود التقليديين ذكر اسم الله لمن يعري رأسه دون هذا الرمز.

استعارة الدولة اليهودية تحط رحالها بعد مسيرة مضنية عبر التاريخ. لأول وهلةٍ ينقل العبرانيون يهودية الدولة بصيغة الماضي الدائم مختزلاً الحاضر والمستقبل. فلايهم ما إذا كان هناك زمان أصلاً، المهم هو عودة مُلك بني اسرائيل الغابر. وإذا كانت الاستعارة السياسية ماضيةً، فقد كانت متحققة لا محالة. يقول ثيودور هيرتزل في مفتتح كتابه( دولة اليهود): إن الفكرة التي طورتها في هذا الكتيب هو فكرة قديمة جداً، إنها استعادة دولة اليهود إزاء كل الاغيار.

بعبارة صريحة، يُلبِس هرتزل الشعب العبراني ثوب الدولة اليهودية الراقدة من أزمنة. كان يحفر في تاريخ اليهود حتى يقول ما يجب قوله كصهيوني عتيد. ويرى أن الوقود الدافع للشعب المختار هو الحياة البائسة ليهود العالم، بل إن وجود البؤس انجاز ما بعده انجاز. لأنَّ الاعمال العظيمة تولد من رحم المعاناة والقهر. وليست اليهودية بهذا المعنى ديناً، لكنها أنطولوجيا وهمية خارج الواقع. إن الاستعارات تتبدل علي الدولة كأنَّها هيكل مفقود في تفاصيل التاريخ.

من وجهة نظر اليهود، كان البحث عن وقود لاشعال فتيل الهوس بدولتهم الدينية أهم من أي شيء آخر. ونتيجة لمحزون العنف والحدود الفاصلة( الكراهية ) تجاه الآخرين، كان يجب إيجاد دلالة على الصعيد ذاته. فالدولة اليهودية هي الجدار العازل لشعب باحث عن منطقة فارغة سياسياً وانسانياً. وتلك وظيفة معرفية للاستعارة: كونها تدفع أصحابها للاستمرار فيما يعتقدون. بل تأخذ في اخلاء فضاء لدلالتها حتى الإنغلاق التام على ما تصف. لدرجة أن العالم يبدو بالنسبة إلى جماعات اليهود خالياً إلاّ من ظلالها. كما أنها استعارة تُحفز أبواق الكلام والمثيرات العصبية لحركة الناس المؤمنين بذلك. وبخاصة أنَّ البؤس الذي ذكره هرتزل كان ذا مكانة أساسية في بيولوجيا وانثروبولوجيا اليهود. لعلَّ اليهود من جهة تكوينهم التشريحي والبشري أبرز كائنات تنطوي على طباق من البؤس.

المفارقة أن البؤس اليهودي Jewish misery لم يخضع للتساؤل: لماذا البؤس دون سواه في المجتمعات التي عاش فيها يهود؟ هل اليهود يحملون ميراث البؤس تاريخياً أم لكونهم يهوداً فهم بؤساء؟ الحقيقة أن هناك أسباباً مزدوجة، فإذا حصل اليهود على موطئ قدم، سرعان ما أرادوا توسعته إلى نفوذ غالب. وهذا أحد مظاهر القوى الغاشمة التي يمارسونها عبر الهامش، ليقلبوا الوضع من النقيض إلى النقيض. مما جر عليهم اضطهاداً مفترضاً على الدوام، وكلما اشتدت الأوضاع التي هي طبيعية بالنسبة لمجتمعات الشتات، تحضر استعارة الدولة اليهودية كأنها دعوة للخلاص. والجانب الآخر من الازدواج أن يبادر اصحاب المجتمعات بملاحقة اليهود قدماً بقدم كما حدث في ألمانيا وفرنساً وأسبانيا وأغلب الدول الغربية. فالانعزال الاجتماعي القائم على الفوقية كنمط حياة، لن يجني اليهود من ورائه غير التهميش.

أولاً: تُحيي استعارة الدولة اليهودية أملاً بوجود دولة ليهود الشتات. وتصبح لوناً من التخدير الموضعي للآلام والأحقاد التي يعانيها شعب الرب. كما أنها تجعل هناك مأوى من التيه الذي لف بني اسرائل في بعض حقب التاريخ. ليس التيه أربعين سنة فقط في شبه جزيرة سيناء، لكنه تيه مازال موصولاً في كل العصور. نتيجة الجري وراء هذه الدولة التي لا تجد لها موضعاً في جغرافيا العالم ولا في عقول الشعوب إلاَّ على أطلال الحقوق وتغلغل الاستيطان الكولونيالي.

ثانياً: تجمع استعارة الدولة اليهودية بين وجهي الدين والسياسة في رأس صهيوني واحد. وهذا يعود إلى عصر الحفريات التي جمعت بين مفهوم الجماعة( القبيلة) وانظمة الحكم. ومازالت اسرائيل تحافظ على هذه الآبار العتيقة التي لا تنضب. ولكن قادة اسرائيل يعلمون جيداً أن انتفاء اليهودية معناه هلاك الحلم الصهيوني. ولابد من ترديد مقولة الدولة اليهودية في أرجاء المعمورة ولكن الأهم هو الحفاظ على ترديد المقولة في أدمغة الشعب اليهودي والشعوب المحيطة.

وبذلك قرر أقطاب الصهيونية والمركزية الكولونيالية الغربية تغليف جميع متعلقات اسرائيل بهذا المسمى إنْ لم يكن صراحة فضمنياً. تكلم مثقفو الغرب( جان بول سارتر وكارل ماركس) عن المسألة اليهودية كأنها موجودة منذ بدء الخليقة. فرغم الانتقادات التي فككت المسألة وعرضتها للنقد التاريخي في ظل أوضاع أوروبا إلا أن اليهود نجحوا في تعليق مسألتهم كقضية وجودية. ليس إدعاء دولة يهودية آتيا من فراغ، ولكنه عمل دؤوب. كأنه طقس ديني يقام يومياً في حركة الحياة اليهودية.

ثالثاً: ما وضع دولة دينية لليهود بين دول العالم؟، إنها استعارة ضد حداثية anti- modernism. المفارقة التي لا تخلو من سخرية واضحة. فليس الكيان الصهيوني سوى نبتة حداثية بامتياز، غير أن الدولة اليهودية المنتظرة ليست حداثية. وفي الحالتين، كان الغرب هو المؤسس والفاعل والراعي لاسرائيل على السواء. وهذا يطرح أسئلة بعيدة: هل الحداثة فعلاً ذات طابع انساني؟ هل قيم التنوير( كأساس للحداثة) قيم واحدة أم متناقضة؟ هل الحداثة نزعة كونية تهتم بالبشر في المقام الأول أم أنها نزعة برجماتية كولونيالية؟!

وحدها اسرائيل بمثابة الدليل السياسي الدامغ على تناقضات الحداثة الغربية. ومازال الدليل فاعلاً في الواقع حتى اللحظة. لم تنتج الحداثة الغربية خارج ذاتها سوى اسرائيل كوليد شرعي لها وسوى عمليات الاحتلال المباشر وغير المباشر، فلم تكن غير حداثة مسيّسة تم استعمالها كألة استعمارية قاتلة. وحقاً هذا أمر مريب أن تكون الحداثة داخل أوربا نوعاً من العقلانية والحرية وبناء الارادة العامة والفضاء العمومي للدول والاستقلال، ثم لا تلبث أنْ تكون خارج أوروبا كيانات وهمية وأشباحاً كولونيالية!! تاريخ الغرب هو تاريخ المفارقات التي لا تأخذ هامشاً محدوداً، ولكنها تصر على احتلال المتن.

رابعاً: تشعل استعارة الدولة اليهودية( حروب الاستعارت wars of metaphors) في المنطقة العربية. فهناك بالمقابل استعارة الدولة الاسلامية واستعارة الدولة القومية واستعارة الدولة القبلية (العائلية) وهناك استعارة الدولة العشائرية. استعارات عتيدة وعريقة في السياسة والاقتصاد الريعي الذي مازال قائما تحت غطاء الحداثة.

الأعجب أن تتعايش هذه الحروب مع مفاهيم الحداثة الغربية كمشروع حضاري. وتلك الفكرة أحد أسباب العنف في منطقة العرب، لأن العرب وشعب اسرائيل جنباً إلى جنب أخذوا الحداثة كقشرة برانية لمجموعة من الاستعارات الحفرية، وليس هذا فقط بل أراد كلاهما احياء الاستعارات ساهرين على رعايتها داخل المجتمع والدولة. الحاكم، الكاهن، الحاخام، الملك، الأمير، الجماعة، الحاكم المستبد، التنظيم اللاهوتي السياسي.. كل هذه شخصيات مفهومية مجازية metaphorical conceptual characters تضرب بجذورها في تربة الثقافات قبل الحداثية. وتظل شخصيات مستعادة للعب أضخم الأدوار في الواقع المعاصر.

خامساً: الدولة اليهودية هي حمالة الحطب على انقاض خريطة الدول العربية الحديثة. لأنها الدولة التوراتية التي عيّن حدودها ابناء بني اسرائيل، حين وُعدوا في التوراة بامتلاك كل أرض تطؤها قدامهم. أي دولة الشعب العبراني من النيل إلى الفرات بصرف النظر عن سيادة المجتمعات العربية. ذلك أن استعارة الدولة العبرانية قد توقف عندها التاريخ، ولم يتقدم إلى العصر الراهن قيد أنملة. ومن ثم على العرب أن يعيشوا في القرون الغابرة حتى يسايروا الاستعارة.

اسرائيل تستحضر اشباحها البديلة في ليل كولونيالي بهيم. وما الحروب الصهيونية بالمنطقة إلا الطقوس الدموية التي يستهدفون منها تحضير روح الاستعارة. إن احلال وجودها لا يتم بعمليات السلام المزعوم، ولكنه يحل مع الصراع والنزاعات المسلحة... هذا الاعتقاد القار في قاع كل استعارة كولونيالية مسلحة بموروثات لاهوتية.

وهذه هي القوة الصهيونية الخفية التي تحارب على كافة الجبهات. لأن التجاوز الحربي إلى حد الإبادة الجماعية لا يأتي نتيجة الأفكار العادية، بل بفضل الدرجة الصفر للوجود حيث تتمكن الاستعارات من رؤوس أتباعها حتى الثمالة. لا يحمل الرجل الصهيوني سلاحاً بشكل واع، ولكنه يقتل ويدمر تحت تخدير الايديولوجيا. إن الاستعارات تفتح الوجود في شكل أطياف وأحلام يمارس فيها القاتل المخدّر كل شيء دون حدود.

في المقابل لا يعي العرب – حتى اللحظة- حجم المأساة الوجودية لاستعارات اسرائيل االيهودية. ولم يفهموا الإشكال الكولونيالي بأبعاده الحضارية المتمرسة على الصراع. فلكي نعرف اسرائيل، لابد أن نعرف الغرب جزءاً بجزءٍ دون أن نترك شيئاً للمصادفة. والمعرفة لون من ألوان التفكيك والفهم العميق لمشاكلنا الحضارية قبل أي شيء آخر. الأزمة ليس سحابة صيف، ولكنها وعي لمقاومة المعرفة المشوّهة التي تستغرقنا في اتفاقيات وترتيبات أمنية وكفى. إن وجود اسرائيل هو من جنس غيابنا عن التاريخ الحضاري للعالم. الوجهان نمطان أساسيان من الحضور في العالم، لا فرق بينهما إلبتة ( اسرائيل وفشلنا الحضاري). ومجرد اساءة فهم المسألة الحضارية ستكون النتيجة توالي الكوارث التي تلف دماغنا بدومات الفوضى والتعثر من مرحلة إلى أخرى.

إذا كان الوعي سياسياً أحد وجوه المقاومة، ولئن كانت المعرفة لوناً من القوة، فأحرى بنا أن نطور وعي الاجيال بالفهم الصحيح لوجود اسرائيل. وحالة الفهم السائد الآن- والتي يريد الغرب تكريسها- هي امتداد للوضع الكولونيالي القديم. بكلمات واضحة، لقد عمد الغرب إلى استعمال وعي العرب المشوه بوجود اسرائيل، لكي يعيد انتاج استعارتها وفقاً لما نفهمه نحن هذه المرة. أي أنك ستعترف بوجود اسرائيل واستيطانها تلقائياً بنفسك ولن تحتاج إلى من يلح عليك لهذا الغرض!!

إن الإتفاقيات الابراهيمية خطوة جريئة من الفهم الكولونيالي الذي اشتغل عميقاً على كيفية تكوين وعي موازي له. بحث تكون الثقافة والسرديات والخطابات ( حلبة رمزية ) تقبل منازلة الطرف اليهودي، دون غضاضة في أن يقف على قدم المساواة معك، وأن تكون له حقوق الدفاع عن نفسه أمامك ( أنت العدو والضحية والسمسار وحطب المعارك). مع صرف النظر عن كون الطرف الصهيوني ساكناً كالفيروس في معدة ثقافية لا قدم له فيها ابتداء، وأنه ليس إلاَّ مندوباً كولونيالياً يطمع في خرق كل الجدران.

حيث يغدو التدرج هو قانون الثقافة الغالبة. يوماً ما كانت اسرائيل هي العدو، ثم أصبحت الطرف المحارب، ثم غدت الطرف المفاوض، ثم أمست الطرف المشارك، ثم جلست كالطرف المجاور، ثم جاءت طرفاً إبراهيمياً أصيلاً. الاستعارات اللاهوتية التي تدمج المتناقضات في معادلة كولونيالية جديدة.

ويتحول أصحاب الحقوق إلى كومة من البلهاء في سوق ضخم يديره الوكلاء الاقليميون مرة أخرى. بالضبط مثل خطط الغرب الكولونيالي بعد كل صراع وعقب كل الحروب. يعطيك الأرض ويأخد الثروات والمقدرات، يعطيك الحراسة وينهب الحقوق، يعطيك المفتي ويأخذ الافتاء، يعطيك الدولة ويأخذ السيادة، يعطيك طرف الحبل ويلف الباقي حول عنقك، يعطيك الرأي ويأخذ الغنائم، يعطيك الملابس لستر عوراتك ويسرق عقلك ووعيك ... رغم أنك صاحب كل هذه الأشياء دون منازع.



#سامي_عبد_العال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستعارات القاتلة (3)
- الاستعارات القاتلة (2)
- الاستعارات القاتلة (1)
- سلة مهملات كولونيالية
- خبز ٌبدماء الإنسانية
- إضاءة فلسفية .. ما الذي يجعل الجميل جميلاً؟
- صوت فيروز .. الفناء والبقاء
- اللغة... لحمُ الشُعراءِ
- العقل والسلطة في الثقافة العربية
- الكتابة ... الرؤية والزمن
- تأويل النعال (8)
- تأويل النعال (7)
- تأويل النعال (6)
- فلسفة النعال (5)
- فلسفة النِعال (4)
- فلسفة النِعال (3)
- فلسفة النِعال (2)
- فلسفة النِعال (1)
- جنة الملعون
- اغراء المختلف


المزيد.....




- فضل شاكر يسلم نفسه إلى مخابرات الجيش اللبناني
- كاميرا ترصد مُسيّرات روسية تضرب قطاري ركاب في أوكرانيا
- نعيم قاسم: حزب الله لم يرد على ضربات إسرائيل لمنعها من -التو ...
- هل التظاهرات في المغرب مرشحة للاستمرار؟
- الملابس المبتكرة تستقطب المزيد من الناس لأريحيتها واعتباراته ...
- حزب الله يحذر من -أخطار جسيمة- في خطة ترامب بشأن غزة
- 7 قتلى بهجوم على سجن في مقديشو تبنته حركة الشباب
- شاروخان يتصدر قائمة المليارديرات في بوليود.. كم تبلغ ثروته؟ ...
- غزة وجهة سياحية ضائعة بين البحر والتاريخ والركام
- يوم مفتوح للمساجد في ألمانيا يسعى للتعريف بالإسلام


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبد العال - الاستعارات القاتلة (4)