أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - أحمد مظهر غالي - اليهودية والإثنولوجيا: التوتر بين السردية الدينية والعلم الأنثروبولوجي















المزيد.....

اليهودية والإثنولوجيا: التوتر بين السردية الدينية والعلم الأنثروبولوجي


أحمد مظهر غالي
باحث و كاتب , ماجيستير في علم نفس التاريخ PSYCHOHISTORY

(Ahmed Mazhar Ghaly)


الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 18:47
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


اليهودية والإثنولوجيا:
التوتر بين السردية الدينية والعلم الأنثروبولوجي

لم يعرف أي دين توترًا مع العلم الأنثروبولوجي والإثنولوجي كما عرفته اليهودية. فبينما ينطلق هذا العلم من مسلمة أن الأديان جميعها نتاجات بشرية قابلة للمقارنة والتحليل، تصر السردية اليهودية على فرادتها وكونها وحيًا مطلقًا لا يجوز إخضاعه لأي قياس نسبي. ومن هنا يبدأ صراع طويل: بين هوية مقدسة ترى نفسها استثناءً، وبين علم يرى كل استثناء قابلًا للتفكيك.

الفلسفة الكامنة خلف الصدام :

العلم الإثنولوجي: يؤكد على أن الأديان نتاج أنساق ذهنية وثقافية تتكرر عبر الشعوب.

اليهودية الدينية–القومية: تتمحور حول "الاختيار الإلهي" و"التاريخ الفريد" الذي لا يقبل التشبيه.

النتيجة:
كل دراسة إثنولوجية تضع اليهودية ضمن إطار عام تُعتبر تهديدًا وجوديًا، لأنها تنزع عنها "التفرد" وتحوّلها إلى مجرد "ثقافة بين ثقافات".

الرواد الأوائل وصدماتهم :

جيمس فريزر (The Golden Bough)

«الديانات الإبراهيمية ليست سوى صدى لديانات أقدم.»
ربط الطقوس التوراتية بالديانات الزراعية القديمة، مما أثار غضب اليهود الذين رأوا في ذلك مساسًا بجوهر الوحي.

أرنست رينان

أكد أن اللغة العبرية جزء من العائلة السامية، وليست لغة "مقدسة" بذاتها. وصف اليهودية بأنها مزيج بشري–ثقافي، وهو ما رفضته الجماعات الدينية.

كلود ليفي-شتراوس

«الأساطير جميعها بنيات رمزية، ولا توجد أسطورة تمتلك فرادتها إلا بقدر نجاحها في تمثيل البنية.»
وضع الأساطير التوراتية في نفس نسق الأساطير الإفريقية والأمريكية، مما ألغى استثنائيتها.

علماء معاصرون وتجدد الصراع :

نادية أبو الحاج: في Facts on the Ground، فضحت توظيف الآثار لدعم القومية الإسرائيلية، فاتهمت بمعاداة السامية.

عموس موريس-رايش: حلل كيف حاولت العلوم الاجتماعية دمج اليهودية ضمن الأطر الحديثة، فقوبل بالرفض.

جاسبير بوّار: في The Right to Maim، انتقد إسرائيل بجرأة فاتهمت بترويج خطاب معادٍ للسامية.

أتاليا أومِر: رفضت احتكار الخطاب اليهودي من قبل الصهيونية، ودافعت عن اليهود النقديين.

مارك دولينجر: درس التوتر بين اليهودية السوداء والبيضاء في أمريكا، كاشفًا عن القيود على النقد الموجه لإسرائيل.

جوانا توكارسكا-باكير: درست تهمة "دم الأطفال" كظاهرة إثنولوجية، ما أعاد فتح جروح الذاكرة اليهودية.

جورج روسنل (Andrew Koss) وآخرون: شاركوا في سجالات حديثة حول حدود النقد الأكاديمي لليهودية والصهيونية.

فرانس فوان: أبرز اليهود كجزء من إثنيات العالم، فاعتُبر تهديدًا للخصوصية الدينية–القومية.

الموقف اليهودي الرافض للإثنولوجيا :

الأرثوذكسية الدينية: تعتبر الإثنولوجيا خطرًا على قداسة النص، لأنها "تساوي" بين التوراة وأساطير البشر.

الفكر الصهيوني: يرى في الأنثروبولوجيا تهديدًا سياسيًا لأنها قد تنفي شرعية الأمة اليهودية ككيان استثنائي.

المؤسسات الأكاديمية اليهودية: كثير منها يضع قيودًا على تدريس بعض المناهج التي قد "تزعزع الهوية".

جذور الاتهام بـ"معاداة السامية" :

أي تحليل يربط التوراة بالأساطير القديمة يُقابل بتهمة مباشرة بمعاداة السامية.
النقد الأنثروبولوجي يُتهم بأنه مشروع أيديولوجي لنزع الشرعية.
الخوف الأكبر هو من تحويل الدين إلى منتج ثقافي نسبي بدلًا من كونه حقيقة مطلقة.

حالة فرويد
في كتابه موسى والتوحيد، زعم فرويد أن موسى مصري وليس يهوديًا، وأن التوحيد وُلد من ديانة إخناتون. النتيجة: اتهامه بـ"خيانة" التاريخ اليهودي من الداخل.

دوافع التوتر المستمر :

تفكيك الخصوصية حيث أن أي مقاربة بنيوية تُفهم كإلغاء لهوية اليهود.
نقد الاختيار الإلهي حيث أن ربط اليهودية بالأنثروبولوجيا يُعد استفزازًا وجوديًا.
تسييس معاداة السامية حيث تُستخدم التهمة كسلاح ضد الباحثين النقديين.
الاشتباك مع القومية حيث أن نقد الدين يُترجم فورًا إلى نقد إسرائيل والصهيونية.
مصطلح دولة الفصل العنصري Apartheid System State

الجدل حول دراسات “الأصل العرقي لليهود”

في منتصف القرن العشرين وما بعده، أثارت بعض الأبحاث الجينية أو الإثنولوجية (مثل كتاب آرثر كوستلر The Thirteenth Tribe أو أبحاث حول “الخزر”) نقاشًا حادًا.
اعترضت منظمات يهودية على بعض هذه الدراسات لأنها رأت فيها إساءة أو تبسيطًا مضرًا بالهوية الدينية–الثقافية. لكنّ هذا يدخل في باب الجدل الأكاديمي العام، لا كـ“استهداف ممنهج”.

وزراء خارجية أو برلمانيون (خاصة من حكومات حليفة) يعلنون مرارًا أن المشكلة “صراع ديني” ويرفضون توصيف منظمات حقوق الإنسان للوضع كأبرتهايد رغم تقارير رسمية.

مثال متكرر: بيانات من بعض الإدارات الأميركية أو الأوروبية تقول إن “الحديث عن أبرتهايد لا يساعد عملية السلام”، مع استمرار الدعم العسكري والاقتصادي.

في الولايات المتحدة وأوروبا، تنتشر تصريحات لمسؤولين يقولون إن «الصراع ديني قديم» ويرفضون علنًا تقرير هيومن رايتس ووتش (2021) ومنظمة العفو (2022) اللذين وصفا الوضع بالأبرتهايد.

كما أن بعض مثقفي “السلام الإبراهيمي” يُروّجون لفكرة أن «الحل هو التفاهم بين الأديان»، متجاهلين البنية الاستيطانية.

وكما كتب الباحث الإسرائيلي إيلان بابِه (The Ethnic Cleansing of Palestine, 2006):
«ليست هذه حربًا دينية؛ بل مشروع استيطاني كولونيالي يستخدم الدين لتبرير سياسات تهدف إلى السيطرة على الأرض وإقصاء السكان الأصليين.»

وبناءً على هذا التحليل، رفض وصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري والاكتفاء بتجريم «الدين» هو اختيار سياسي ونفسي يجنّب صاحبه مواجهة البنية الاستعمارية–القانونية الفعلية، ويحوّل قضية حقوق إنسان معاصرة إلى نزاع عقائدي قديم لا حلول له.

الخاتمة

التوتر بين اليهودية والإثنولوجيا ليس مجرد خلاف أكاديمي، بل صراع على حق تعريف الهوية:

اليهودية تصر على فرادتها وقداستها.

الإثنولوجيا تصر على نسبية كل دين وثقافة.

وهكذا، فإن كل دراسة تقارب اليهودية كبنية بشرية تُعتبر تهديدًا وجوديًا، وكل اتهام بمعاداة السامية يصبح وسيلة لحماية النص من التفكيك.

لكن الحقيقة أن العلم، حين يُمارَس بصدق، لا يسعى إلى نفي الهوية، بل إلى فهمها ضمن أفق أوسع: الإنسان وثقافاته وأساطيره. وهنا يكمن التحدي والفرصة معًا: هل يمكن أن تعيش اليهودية كدين ثقافي قابل للفهم دون أن تفقد قداستها عند معتنقيها؟……



#أحمد_مظهر_غالي (هاشتاغ)       Ahmed_Mazhar_Ghaly#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمات المُدارة: قراءة سياسية في جدل قانون الإيجار القديم ف ...
- أمريكا بين الداخل والخارج: رصاص في المدارس… وتبريرٌ للمجازر
- عقدة -مازيبا- ... Le complexe de Mazeppa
- عقدة (مازيبا) ... Le complexe de Mazeppa
- فيلم -حياة الماعز- The Goat life اختبار للعلمانية بمفهومها ا ...
- عزيزي تذكر الإخواني والأصولي ليسوا في غزة فقط ..
- أسباب الانقسام السُني الشيعي من وجهة نظر التحليل النفسي
- الفلسطينية سما عبد الهادي أميرة موسيقى التيكنو Techno music ...
- براغماتية المملكة العربية السعودية إلى أين ؟ مشروعها النووي ...
- براغماتية المملكة العربية السعودية في تحقيق طموحاتها إلى أين ...
- نظنها دائرة وهو ملك من الملائكة


المزيد.....




- إريك داين نجم مسلسل -Euphoria- سيُقاتل -حتى آخر نفس-.. لهذا ...
- فيديو متداول لـ-أسطول الصمود في اتجاه غزة-.. هذه حقيقته
- ترامب يوقع أمرًا تنفيذيًا يعتبر أي هجوم على قطر تهديدًا لأمن ...
- رأي.. إردام أوزان يكتب: السيادة على الطاقة في عصر الانقسام.. ...
- ما هي مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التخطيط لرحلتك ...
- الفلبين: ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال إلى 69 قتيلًا و150 مصابً ...
- -اقبلها أو نتركك-.. ترامب يواجه نتنياهو بلغة -غير مسبوقة- في ...
- +++ احتجاجات شبابية في المغرب تتحول إلى أعمال عنف+++
- الجيش الإسرائيلي يغلق شارع الرشيد ويطبق الخناق على مدينة غزة ...
- ما هو موقف الإسرائيليين من اعتراف عدد من الدول الغربية بالدو ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - أحمد مظهر غالي - اليهودية والإثنولوجيا: التوتر بين السردية الدينية والعلم الأنثروبولوجي