أحمد مظهر غالي
باحث و كاتب , ماجيستير في علم نفس التاريخ PSYCHOHISTORY
(Ahmed Mazhar Ghaly)
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 02:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تعيش الولايات المتحدة مفارقةً أخلاقية وسياسية صارخة: في الداخل، تُسال الدماء في المدارس والجامعات والمحالّ على وقع بنادق يسهل اقتناؤها؛ وفي الخارج، يُستَخدم خطاب الحقوق والقانون لتبرير دعمٍ سياسي وعسكري سخيّ لإسرائيل رغم تواتر التقارير عن مجازر ودمار واسع في غزة.
ليست هذه مفارقةً عابرة، بل تبدو كأنها جزء من “نحوٍ نفسي–ثقافي” متجذّر: حريةٌ مسلّحة بلا كوابح في الداخل، و”أمنٌ استراتيجي” يبرّر القوة العارية في الخارج.
في الذروة الخطابية لهذا التناقض برزت تصريحات دونالد ترامب في ربيع 2024: “عليكم أن تُنهوا حربكم… أن تُنهوا الأمر” ، ذلك في حديث مع صحيفة *إسرائيل هيوم*، وعبارته الأشدّ وقعًا على فوكس نيوز: “لا بدّ من إنهاء المشكلة” في غزة¹²³. هذا النَفَس الإنذاري الذي يحثّ على الحسم السريع مهما كانت الكلفة، يتغذّى من بيئة كلامية أوسع في الطيف الموالي لترامب تُشيطن الفلسطينيين، (وتُصوِّر حتى الأطفال باعتبارهم “خطرًا مستقبليًا). هنا لا نملك من باب الدقة الأخلاقية، دليلًا على أن ترامب نفسه دعا إلى قتل الأطفال؛ لكن ثمة أصوات قريبة منه قالت صراحةً إن “الفلسطينيين يُعلَّمون القتل منذ عمر السنتين” كما صرّح رودي جولياني في تجمّع انتخابي⁴.
بهذا يُعاد إنتاج _قالبٍ تبريري_: حيث إذا كان الطفل “خطرًا قادمًا”، يغدو العنف المسبق “وقايةً مشروعة”.
---
أولًا: الداخل الأمريكي / حريةٌ مسلّحة بلا كوابح
الأرقام لا تُجامل أحدًا. 46,728 وفاة بسلاح ناري في 2023** هذا وفق مركز حلول العنف المسلّح التابع لجامعة جونز هوبكنز⁵، ومعدل جرائم القتل بالسلاح 5.6 لكل 100 ألف في 2023 بحسب *بيو ريسيرتش*⁶ مع تراجعٌ طفيف عن ذروة الجائحة، لكنه يبقى أعلى من معظم الديموقراطيات الصناعية. وعلى مستوى المدارس تحديدًا، تُظهر قاعدة بيانات *إيفريتاون* أنّ إطلاق النار على “أراضي المدارس” تجاوز **100 حادث** في 2023 وحدها⁷⁸.
وليس الأمر أرقامًا جافة؛ فـتقرير وزارة العدل حول مذبحة أوفالدي** (2022) وصف الاستجابة الشرطية بالفشل المنهجي، إذ تُرك 33 طالبًا وثلاثة معلّمين محاصرين أكثر من ساعة بينما كان القاتل داخل الفصل⁹¹⁰¹¹.
السؤال : كيف يستمر ذلك؟
جزءٌ معتبر من الإجابة سياسي–مؤسسي: لوبي السلاح (NRA)** ينفق ملايين الدولارات سنويًا على الضغط والتأثير، ما يشيّد “جدارًا تشريعيًا” يعرقل أي تنظيم ذي معنى¹²¹³. لكن الجزء الأعمق **ثقافي–تاريخي**: أسطورة الحدود والكاوبوي ، كما حلّلها ريتشارد سلوتكن في {أمّة المسدّس}، الأسطورة التي جعلت السلاح أيقونةً للحرية الذاتية والرجولة والاعتماد على النفس¹⁴.
من منظور چاك لاكان ، يمكن قراءة هذا كمشهد لانهيار “الآخر الكبير”—ذلك الضامن الرمزي للنظام والقانون—عندما يعجز عن حماية الأطفال من خطرٍ مُشهَر سبق أن شرعنته الثقافة.
فإن متعة التملّك (jouissance) هنا ليست مجرد لذّة امتلاك السلاح؛ إنها لذّة امتلاك حقّ القوة نفسه بوصفه علامة هوية¹⁵¹⁶.
إذاً من منظور تحليلي، يمكن القول إن أمريكا تعيش حالة ذهانية على مستوى الخطاب السياسي: فهي ترفض الاعتراف بالآخر الكبير (القانون أو الأخلاق الدولية)، لتخلق بديلًا متخيّلًا يخدم رغبتها في الهيمنة.
وهنا يصبح العنف مبررًا داخليًا باسم الحرية، وخارجيًا باسم الأمن. وذلك ما يصفه لاكان بالـ forclusion (الإقصاء من الرمزي) الذي يتجسد سياسيًا: فالقانون الدولي والعدالة يُقصيان من الخطاب الأمريكي، ليحل محلهما خطاب القوة المجردة.
وبالاستعانة بالتحليل النفسي اللاكاني: حسب جاك لاكان، ندرك أن العنف ليس فعلاً معزولًا، بل هو نتاج فشل البنية الرمزية في ضبط الرغبات وتمثيل "الآخر الكبير" الذي يمنح المعنى والقانون (Lacan, 1977)⁴.
إن ما نراه في المدارس الأمريكية ليس فقط جرائم فردية، بل انهيار لنظام رمزي بأكمله، حيث يغيب القانون ويتحول السلاح إلى اللغة الوحيدة للتعبير عن الذات.
والمثير أن معظم مرتكبي هذه المجازر ليسوا "مجرمين محترفين"، بل أبناء الطبقة الوسطى، شباب عاديون وجدوا أنفسهم في عزلة اجتماعية، تحت ضغط التنمّر وانهيار الروابط الأسرية. هؤلاء يعيشون فراغًا رمزيًا هائلًا، يحاولون ملأه بامتلاك السلاح. وهنا نتذكر مقولة لاكان: "حين لا يجد الفرد موقعًا له في البنية الرمزية، ينزلق إلى الواقعي بالعنف أو الذهان" (Lacan, 2006)⁵. وبذلك يصبح إطلاق النار محاولة يائسة لتثبيت الذات في واقع متصدع، فعلًا رمزيًا مشوّهًا يصرخ: "أنا موجود".
من زاوية أخرى، يمكن القول إن هذه الظاهرة تمثل مرآة لأزمة الهوية الأمريكية نفسها. فالثقافة التي نشأت على تمجيد الفردانية والاعتماد على القوة كرمز للحرية، زرعت في لاوعي المجتمع إيمانًا بأن السلاح ليس مجرد أداة، بل امتداد للذات. حتى أن التعديل الثاني للدستور، الذي يشرعن امتلاك السلاح، يُقرأ من قِبل ملايين الأمريكيين كحق مقدس، أشبه بالوصية التوراتية. هنا يتضح أن العنف لم يعد انحرافًا، بل جزءًا من الميثولوجيا الوطنية (Newman et al., 2004)⁶.
لكن المفارقة تزداد وضوحًا حين نقارن بين الداخل والخارج. ففي الداخل، يُختزل العنف المدرسي في صورة "مأساة فردية"، غالبًا ما تُعزى إلى خلل نفسي أو عائلي. أما في الخارج، وخصوصًا في السياق الفلسطيني، فإن أي فعل مقاوم يُقدَّم باعتباره "إرهابًا". هذه الازدواجية تكشف عن ما وصفه ليون فستنغر بـ"التنافر المعرفي" (Festinger, 1957)⁷: قدرة العقل البشري على التعايش مع صورتين متناقضتين عن الذات دون أن يشعر بالحرج. فأمريكا، التي تُصوّر نفسها حامية للحرية، هي في الوقت نفسه الدولة التي تغض الطرف عن موت أبنائها وتُبرّر قتل أبناء الآخرين.
حيث في المقابل، عندما تُبرر الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل تحت ذريعة "الدفاع عن النفس"، فإنها تعكس ذات المنطق النفسي: إنكار العنف البنيوي الذي مارسته الصهيونية منذ النكبة بحق الفلسطينيين.
فالخطاب الأمريكي هنا يقوم بعملية إسقاط (projection identification) واضحة: فبينما يُجرِّم عنف الفلسطينيين كفعل "عدواني"، يتعامى عن العنف الإسرائيلي المُمأسس، بل ويضفي عليه شرعية كاملة. إنها آلية دفاع نفسي جماعية، أشبه بما وصفه ليون فستنغر في "التنافر المعرفي"؛ إذ تعيش أمريكا صراعًا بين صورة ذاتها كمدافع عن "الحرية"، وواقعها كحامٍ لنظام استيطاني دموي (Festinger, 1957)⁶.
ولا يقتصر هذا التناقض على الخطاب السياسي فحسب، بل يمتد إلى البنية الاجتماعية نفسها. فالثقافة الأمريكية تحتفي بالفردانية إلى درجة قصوى، تجعل السلاح امتدادًا للذات، ورمزًا لاستقلالها، بينما تُشيطن أي مقاومة جماعية في الخارج، خصوصًا إذا جاءت من شعوب مستعمَرة. وهنا يبدو الأمر كما لو أن أمريكا تعيش "انقسامًا ذاتيًا": فهي في الداخل ضحية رصاصها، وفي الخارج راعية لآلة الحرب.
الخارج—قوة “قانونية” تُبرِّر القوة العارية
في الخارج، تتخذ الدولة وجهًا آخر: **راعٍ صلب لإسرائيل** سياسيًا وعسكريًا. فبحسب خدمة الأبحاث في الكونغرس، تُخصّص الولايات المتحدة نحو **3.8 مليارات دولار سنويًا** كمساعدة أمنية لإسرائيل، مع اعتمادات إضافية لبرامج مشتركة¹⁷¹⁸. وإلى جانب التمويل، يبرز **الغلاف الدبلوماسي**: استخدام الفيتو بما يحول دون صدور قرارات صارمة في مجلس الأمن، بينما يتواصل خطاب “حقّ الدفاع عن النفس” حتى في ذروة سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
هذا ما سمّته **حنة أرندت** “أدلجة العنف”: يصبح العنف **أداة** تبرّرها الدولة باسم قيمٍ عليا بدل أن يكون نقيضًا للسياسة¹⁹.
تُستخدم نفس مفردات "الحق في الدفاع عن النفس" لتبرير قصف أحياء كاملة في غزة أو نابلس، بينما يُختزل العنف الفلسطيني — وهو غالبًا رد فعل على احتلال وتهجير ممنهج — إلى "إرهاب".
المفارقة هنا أن الأطفال الفلسطينيين يُقدَّمون في الخطاب السياسي الأمريكي كتهديد محتمل. فقد نُقل عن دونالد ترامب قوله إن "أطفال فلسطين سيكبرون ليحملوا السلاح، لأن قدوتهم تفعل ذلك". المفارقة القاسية أن هؤلاء الأطفال، الذين يُجرّمهم الخطاب السياسي الأمريكي سلفًا، لا يملكون رفاهية طفولة عادية أساسًا: مدارسهم قد تُقصف، بيوتهم قد تُهدم، عائلاتهم قد تُهجّر.
فلماذا لا يُوجّه الخطاب ذاته إلى أطفال المدارس الأمريكية الذين يتحول بعضهم بالفعل إلى قتلة جماعيين؟ لماذا يُصوَّر الفلسطيني — حتى وهو طفل — كقاتل محتمل، بينما يُقدَّم الطالب الأمريكي القاتل كـ"ضحية اضطراب نفسي"؟
هذا الخطاب يجد صداه في تصريحات ترامب المذكورة—“أنهوا الحرب/ انهوا المشكلة” [1–3]—التي تتعالى فوق التفاصيل الإنسانية والحقوقية لتُعيد تعريف المعضلة كـمشكلة تقنية: ينبغي “إكمال المهمّة” قبل أن يخسر الحليف دعم العالم. ومع ذلك، يتبدّى شَقٌّ في الواجهة: أحيانًا يتحدث ترامب نفسه عن أن “الفلسطينيين يستحقون حياة أفضل” (تصريح سابق خلال ولايته)، ثم يعود إلى سردية “حسم المشكلة” [19–20]؛ ما يشي بأن لغة التعاطف لا تقوى على منافسة لغة الحسابات حين تُستدعى “المصلحة”.
هنا تعود قراءة لاكان لتفيدنا: فالدولة تحتاج دومًا إلى “آخرٍ خطِر” تثبّت عبره سرديتها الأمنية. وفي منطق جيرار عن كبش الفداء، يُعاد إنتاج دائرة عنفٍ تُسقط التوتّرات الداخلية على موضوعٍ خارجي، فتتطهّر الجماعة رمزيًا عبر قرابين بشرية بمسمّيات عصرية (أضرار جانبية/ عمليات دقيقة) [21
فحين يقول ترامب “أنهوا الحرب/ أنهوا المشكلة” [1–3]، فهو لا يذكر الأطفال صراحةً، لكن بنية الخطاب تُقارب الحرب بوصفها مهمة تقنية تُقاس بسرعة الإنجاز. وإذ يملأ مقربون منه (كجولياني) الفراغ بإشارات إلى “أطفال يُدرَّبون على القتل” [4]، يصبح الطفل الفلسطيني—في الخيال الأمني—مشروع مقاتل.
ليست هذه زلّة لسان؛ إنها حليةٌ خطابية تُخفّض الكلفة الأخلاقية للعمليات، لأن “الضرر الجانبي” يغدو استثمارًا وقائيًا في أمنٍ مؤجل. والمفارقة أن هذا يحدث بينما الطفل الأمريكي يقع ضحيةً لحرية مسلّحة غير منضبطة، دون قدرة الدولة نفسها على “إنهاء المشكلة” في الداخل.
نظرية العنف — من هوبز إلى لاكان
عند هوبز، تُنشئ الدولة لتحتكر العنف. لكن أمريكا تُظهر مفارقة: احتكار هشّ في الداخل يقابله تفويض للعنف في الخارج. وعند أرندت، العنف علامة عجز السلطة¹⁹. أمّا جيرار فيشرح كيف تستقر الأنظمة عبر “كبش فداء” يطهّر الجماعة²¹.
ويبقى لاكان حجر الزاوية: مشهد أطفال أوفالدي يفضح فشل “الآخر الكبير” داخليًا، ومشهد أطفال غزة يُعاد تأويله بخطاب “إنهاء المشكلة” حتى لا يُصيب الشرخ هوية الدولة
ماذا نفهم من “خطاب الأطفال” عند ترامب؟
حين يقول ترامب -*“أنهوا المشكلة”-*¹²³، فهو لا يذكر الأطفال صراحةً، لكن مقربين منه فعلوا⁴.
لنتيجة: الطفل الفلسطيني يتحوّل في الخيال الأمني إلى “مشروع مقاتل”. إنها **حيلة خطابية** تخفّض الكلفة الأخلاقية للعنف. والمفارقة أن هذا يحدث بينما الطفل الأمريكي ضحيةً لحرية مسلّحة بلا كوابح
المفارقة هنا قاسية: فبينما يُترك الأطفال الأمريكيون بلا حماية داخل مدارسهم، يُعاد تعريف الأطفال الفلسطينيين كـ"مشروع خطر" ينبغي إنهاؤه. إنها مفارقة تُظهر، كما قال زيجمونت باومن في "الحداثة والهولوكوست"، كيف يمكن للمجتمعات الحديثة أن تُفرغ الضحية من براءتها حين تضعها في قالبٍ بيروقراطي أو أمني (Bauman, 1989).
المرآة العربية – دفء السلطة وبرود الشارع
في العالم العربي، نرى صورة موازية. فقد سارعت دول عربية (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) إلى التطبيع عبر "اتفاقات أبراهام" (2020) (State Department, 2020)، بينما تُظهر استطلاعات الباروميتر العربي أن الدعم الشعبي للتطبيع يتراجع إلى أقل من %15 (Arab Barometer, 2025).
هذا الانقسام بين السلطة والشارع يمنح واشنطن هامشًا واسعًا: فهي تتعامل مع أنظمة منفتحة على إسرائيل، لكنها تدرك أن الرأي العام العربي ناقم. والنتيجة: دعم أمريكي أقل كلفة سياسيًا، لأن الغضب الشعبي لا يجد طريقه إلى القرار الرسمي
ومن خلال
قراءة نفسية–فلسفية للتناقض
نجد عند هوبز، الدولة تحتكر العنف لخلق السلم. ولكن في أمريكا، نرى العكس: عنف متفلّت في الداخل، وعنـف مصدَّر للخارج.
وعند أرندت، العنف علامة ضعف السلطة لا قوتها؛ وكلما عجزت الدولة عن إقناع الداخل، لجأت لتغليف عنف الخارج بخطاب "القيم".
أما عند جيرار، تُعيد الجماعات إنتاج وحدتها عبر كبش فداء؛ في حالتنا: "الطفل الفلسطيني" يتحوّل إلى حُجّة طهورية للجماعة الإسرائيلية–الأمريكية.
أخيراً،
عند لاكان، انهيار "الآخر الكبير" في الداخل (عجز الدولة عن حماية أطفالها) يُستَبدل بخطاب "آخر كبير خارجي" (دعم إسرائيل بوصفها قلعة الديمقراطية). هنا، يتحقق ما سمّاه لاكان "الترميم الخطابي": إعادة تعريف الضحية كتهديد، والعنف كعلاج.
---
خاتمة
النتيجة النهائية: الولايات المتحدة تواصل بناء هويتها على ازدواجية خطيرة—حرية مسلّحة بلا كوابح في الداخل، وقوة قانونية بلا محاسبة في الخارج. بين مدرستي تكساس والشجاعية يتأرجح المشهد، واللغة السياسية تعيد تعريف العنف كواجب أخلاقي حين يخدم المصلحة.
أما الموقف العربي، فهو يُكمل الصورة: تطبيعٌ رسمي من فوق، وغضب شعبي من تحت، ما يمنح واشنطن وتل أبيب بيئة مثالية لمراكمة هذه الازدواجية. وهكذا، يظل الجرح مفتوحًا: طفل يختبئ تحت الطاولة… في تكساس أو في غزة.
تصريحات ترامب ليست أصل المفارقة؛ إنها اللغة الصريحة لجوهر سياسي ممتد: إعادة تعريف العنف كواجب أخلاقي حين يخدم المصلحة. أما عربيًا، فالتطبيع الرسمي يقابله غضب شعبي، مما يضمن استمرار هذه الازدواجية. ما لم يُعالَج الجذر الثقافي–النفسي—من تديين السلاح إلى أسطرة الحسم—ستظل الولايات المتحدة تخسر امتحان القيم كلما تكرّر المشهد: طفل يختبئ تحت الطاولة… في تكساس أو في غزة
أخيراً تتجلى المفارقة الأمريكية.
داخلها، الحرية المسلّحة تُنتج هشاشة أمنية قاتلة. أما خارجها، خطاب “إنهاء المشكلة” يبرّر المجازر. تصريحات ترامب ليست شذوذًا؛ إنها تكثيف للمنطق البنيوي: إعادة تعريف العنف كواجب أخلاقي حين يخدم المصلحة. أما عربيًا، فالتطبيع الرسمي مع برود شعبي عارم يرسّخ المسرح المزدوج الذي تُدير فيه واشنطن هذه المفارقة. النتيجة: طفل يختبئ تحت الطاولة، سواء في مدرسة أمريكية أو تحت ركام بيت في غزة
---
الهوامش
¹ PBS NewsHour. (2024). *Trump urges Israel to ‘finish up’ its Gaza offensive…* [https://www.pbs.org/newshour/](https://www.pbs.org/newshour/)
² Associated Press. (2024). *Trump urges Israel to ‘finish up’ its Gaza offensive…* [https://apnews.com/](https://apnews.com/)
³ Anadolu Agency. (2024). *Trump says Israel must ‘finish the problem’ in Gaza.* [https://www.aa.com.tr/](https://www.aa.com.tr/)
⁴ ABC News. (2024). *Rudy Giuliani disparages Palestinians…* [https://abcnews.go.com/](https://abcnews.go.com/)
⁵ Johns Hopkins University. (2024). *Gun violence in the United States.* [https://publichealth.jhu.edu/](https://publichealth.jhu.edu/)
⁶ Pew Research Center. (2025). *What the data says about gun deaths in the U.S.* [https://www.pewresearch.org/](https://www.pewresearch.org/)
⁷ Everytown Support Fund. (2024). *Gunfire on school grounds (2023–2024).* [https://everytownsupportfund.org/](https://everytownsupportfund.org/)
⁸ Everytown Research. (n.d.). *Gunfire on school grounds (interactive map).* [https://everytownresearch.org/](https://everytownresearch.org/)
⁹ U.S. Department of Justice. (2024). *Critical Incident Review: Uvalde.* [https://www.justice.gov/](https://www.justice.gov/)
¹⁰ Axios. (2024). *DOJ report on Uvalde shooting.* [https://www.axios.com/](https://www.axios.com/)
¹¹ Associated Press. (2024). *Police response to Uvalde riddled with failures.* [https://apnews.com/](https://apnews.com/)
¹² OpenSecrets. (2025). *NRA—lobbying profile.* [https://www.opensecrets.org/](https://www.opensecrets.org/)
¹³ OpenSecrets. (2024). *NRA—organization profile.* [https://www.opensecrets.org/](https://www.opensecrets.org/)
¹⁴ Slotkin, R. (1992). *Gunfighter Nation.* University of Oklahoma Press.
¹⁵ Lacan, J. (1977). *Écrits: A Selection.* W. W. Norton.
¹⁶ Lacan, J. (1998). *The Four Fundamental Concepts of Psychoanalysis.* W. W. Norton.
¹⁷ Congressional Research Service. (2023). *U.S. Foreign Aid to Israel.* [https://sgp.fas.org/](https://sgp.fas.org/)
¹⁸ U.S. Congress. (2025). *Foreign Aid to Israel overview.* [https://www.congress.gov/](https://www.congress.gov/)
¹⁹ Arendt, H. (1970). *On Violence.* Harcourt.
²⁰ Trump White House Archives. (2019). *Remarks by President Trump and PM Netanyahu.* [https://trumpwhitehouse.archives.gov/](https://trumpwhitehouse.archives.gov/)
²¹ Girard, R. (1977). *Violence and the Sacred.* Johns Hopkins University Press.
²² U.S. State Department. (n.d.). *The Abraham Accords.* [https://www.state.gov/](https://www.state.gov/)
²³ U.S. State Department. (2020). *UAE–Israel treaty (text).* [https://state.gov/](https://state.gov/)
²⁴ Brookings Institution. (2020). *What prompted the UAE and Bahrain’s normalization.* [https://www.brookings.edu/](https://www.brookings.edu/)
²⁵ Arab Barometer. (2025). *MENA publics and normalization.* [https://www.arabbarometer.org/](https://www.arabbarometer.org/)
²⁶ Arab Barometer. (2025). *Arab public opinion constrains normalization.* [https://www.arabbarometer.org/](https://www.arabbarometer.org/)
²⁷ Foreign Affairs. (2025). *A Hidden Force in the Middle East.* [https://www.foreignaffairs.com/](https://www.foreignaffairs.com/)
---
#أحمد_مظهر_غالي (هاشتاغ)
Ahmed_Mazhar_Ghaly#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟