أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالناصرعليوي العبيدي - الفرق بين السلطة والسلطة














المزيد.....

الفرق بين السلطة والسلطة


عبدالناصرعليوي العبيدي
شاعر وكاتب حاصل على البكالوريوس في الهندسة المدنية

(Nasser Aliwi)


الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 17:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفرق بين: السُّلْطَة والسَّلَطَة

منذ أن وُجد الكيان السياسي للدولة الحديثة، بقيت مسألة الحكم وتوصيفه مدار جدل ونقاش، بين من يراه أداة للنهضة والتنمية، وبين من يجده بابًا للفساد والتسلّط. وفي هذا السياق، يمكن التمييز بين مفهومين متقاربين في اللفظ، متباينين في المعنى: السُّلطَة والسَّلطة.
أولًا: السُّلطَة – حكومة الأغلبية الوطنية المنسجمة

السُّلطَة في معناها النبيل، هي الشرعية التي تستند إلى أغلبية سياسية واضحة، تعبّر عنها صناديق الاقتراع أو التوافق الشعبي، فتُشكَّل حكومة من حزب واحد، أو من اتجاه سياسي واحد، قادر على اتخاذ القرار دون تعطيل، ويسعى إلى تحسين إدارة الدولة وتطوير مؤسساتها وتحقيق الرفاهية العامة.

في هذه الصورة، تكون السُّلطَة انعكاسًا لوحدة القرار السياسي والانسجام المجتمعي، حتى وإن كان البلد متعدد الأديان والأعراق. فالمعيار ليس التوزيع العرقي أو الطائفي، بل الكفاءة والبرنامج السياسي.

مثال حيّ: ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. فقد تمكّن الحزب الديمقراطي المسيحي وحلفاؤه من فرض استقرار سياسي نسبي، وتوجيه البلاد نحو النمو الاقتصادي وإعادة الإعمار، بعيدًا عن لعبة المحاصصات.

مثال آخر: اليابان، حيث حكم الحزب الليبرالي الديمقراطي لعقود طويلة، واستطاع أن ينهض بالاقتصاد الياباني ويجعله ضمن الاقتصادات الكبرى، رغم التنوع الديني والثقافي داخل المجتمع.

إذن، السُّلطَة هنا تعني الحكومة المسؤولة أمام الشعب، التي ترى في نجاحها نجاحًا للوطن بأسره، وليست مجرد تقاسم للمنافع بين أفراد أو جماعات.
ثانيًا:السَّلطة – حكومات المحاصصة والخلطة الغريبة

أما السَّلطة – بالفتح – فهي أصلًا طبق من الخضار والفواكه: ألوان مختلفة، نكهات متباينة، لكن عند جمعها بلا تناسق تفقد كل مكوّناتها طعمها الأصيل، وتعطي مذاقًا هجينًا لا يسرّ الذوّاقة.

وهكذا هي "السَّلطة السياسية" في البلدان المتخلفة: خلطة محاصصة عرقية وطائفية، أشبه بسلطةٍ تُخلط فيها الطماطم بالبصل والفلفل بالتفاح والعنب، فلا هي حلوة ولا مالحة.
في مثل هذه الحكومات
تضيع المصلحة العامة ويسطر الحمقى والجهلة وزعماء الطوائف وسط لعبة "حصتي وحصتك والأولوية للولاء لا للكفاءة والأداء.
المواطن لا يُعامل كمواطن، بل كرقم في جدول الطوائف والقوميات.
القرار السياسي يصبح مشلولًا، لأن كل طرف يمسك بقطعة من الطبق، ويمنع الآخرين من تذوقه.
أمثلة:
العراق بعد 2003، حيث تحولت الحكومة إلى سَلطة محاصصة طائفية، ففقدت القدرة على القرار، وبقيت أسيرة صفقات الكتل والأحزاب.
لبنان، حيث يقوم النظام على توزيع المناصب بين الطوائف، فصار البلد يعيش أزمة دائمة، والناس يكتفون بتذوق طعم الفساد بدل طعم الإصلاح.
ثالثًا: دور الدول المتقدمة في تكريس "السَّلطة" الضعيفة
المفارقة أن الدول المتقدمة – التي تعيش نعمة السُّلطَة الديمقراطية المنسجمة – تشجع في كثير من الأحيان على تكريس نموذج السَّلطة في الدول الضعيفة. فهي تعلم أن الحكومة الوطنية القوية قد تتحول إلى منافس، بينما الحكومة الممزقة بالمحاصصة ستبقى محتاجة للدعم الخارجي، وخاضعة للإملاءات.
يظهر ذلك في تشجيع بعض القوى الدولية على "توازنات هشة" في الشرق الأوسط وأفريقيا، تضمن بقاء الدول مفككة سياسيًا، وغير قادرة على النهوض بمشروع مستقل.
فالاستعمار القديم كان يستند إلى الاحتلال العسكري المباشر، بينما الاستعمار الجديد يكتفي بخلق سلطة ضعيفة تابعة، تحقق مصالحه دون أن يطلق رصاصة واحدة.
خاتمة
إذن، الفرق بين السُّلطَة والسَّلطة ليس مجرد حركة تشكيلية في اللغة، بل هو الفاصل بين دولة ناهضة قوية ودولة غارقة في الفشل والفساد. السُّلطَة تعني حكومة تنسجم مع إرادة الشعب وتسعى لتقدمه، بينما السَّلطة لا تعدو أن تكون تجميعًا للمنافع الشخصية على حساب الوطن.
والأمم التي تطمح إلى النهوض، لا بد أن تدرك أن خلاصها يبدأ من بناء سلطة وطنية حقيقية، تتجاوز منطق المحاصصة، وتؤمن بأن تنوع المجتمع مصدر غنى وقوة، لا ذريعة للتقسيم والضعف.
------
عبدالناصر عليوي العبيدي



#عبدالناصرعليوي_العبيدي (هاشتاغ)       Nasser_Aliwi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقامة الأدبية في الحداثة الشعرية
- ميلاد الضحى
- شراع بلا قصيدة
- الى شاعر الخصيتين
- حلب بعد المصائب والنوب
- مراكب الحنين
- الحزم وتطبيق القانون: دعامة الأمن وبوابة الاستقرار
- المقامة الطنبورية
- تراتيل في عينيك
- البرغوث والكلاب
- أطباق الكرامة
- أيها العرب لا تكونوا راعي بني نُمير… فترون العجب!
- مهنة التطبيل للحكومة لاتنتهي
- الكلاب المسعورة
- تنظير علماني
- التعايش في سوريا: حقيقة يفرضها التاريخ والواقع
- سهام الغدر
- نرجيلة وسبايا
- مهر الحرية
- هل غزو العراق: احتلال أمريكي لبناء مشروع إيراني؟


المزيد.....




- رئيسة وزراء إيطاليا تدعو -أسطول الصمود- إلى -التوقف فورا-.. ...
- تقرير يكشف عن تجاوز -حدود السلامة- على كوكب الأرض!
- القضاء الإسباني يكشف تورط نائبين سابقين في البرلمان في قضايا ...
- فرنسا: توقيف حليمة بن علي ابنة الرئيس التونسي الأسبق زين الع ...
- الأب عبد الله يوليو للجزيرة نت: نتنياهو يكذب ومجتمعات المنطق ...
- نتنياهو يطلع حكومته على خطة ترامب وفرنسا تدعو حماس لقبولها
- -ما وراء الخبر- يناقش خيارات حماس والمقاومة الفلسطينية في ال ...
- زلزال في إندونيسيا وآخر في الفلبين يقتل 5 أشخاص
- فرنسا تعتقل ابنة زين العابدين بن علي بطلب من تونس
- قاضٍ أميركي يحكم بانتهاك إدارة ترامب الدستور في استهداف المؤ ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالناصرعليوي العبيدي - الفرق بين السلطة والسلطة