أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفاء الصافي - الغنائم ودورها في انتشار الإسلام














المزيد.....

الغنائم ودورها في انتشار الإسلام


صفاء الصافي
باحث وكاتب في التاريخ الإسلامي


الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 09:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جاء الإسلام في بدايته برسالة تحريرية، استهدفت بشكل خاص العبيد والمستضعفين، إذ فتح أمامهم أبواب العتق والمساواة، فوجدوا فيه ملجأً من ظلم الأغنياء والتجار. لكن مع توسع الدعوة وظهور الحاجة إلى المال والسلاح، أصبح القتال جزءاً لا يتجزأ من تثبيت الدولة الإسلامية.
وقد أقرّ القرآن نظام الغنائم ونظّم أحكامها بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (الأنفال: 41). وبذلك، لم يعد الجهاد يقتصر على الوعد الأخروي بالجنة للشهيد، بل أصبح يحمل أيضاً منافع دنيوية لمن يبقى حياً، أهمها الغنائم.
تذكر المصادر التاريخية أن بعض الصحابة اختلفوا في تقسيم الغنائم؛ ففي غزوة بدر تنازعوا حول الأسرى والأنفال حتى فصل النبي صلى الله عليه وسلم بينهم. وفي غزوة حنين، يروي صحيح مسلم (1760) أن النبي أعطى بعض القادة مائة من الإبل، فاعترض رجل قائلاً: "والله إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله"، ما يكشف أن الغنائم كانت مثار جدل حتى في عصر النبوة.
لا شك أن الغنائم شكّلت عنصر جذب للمقاتلين، فهي كانت المكسب المادي المباشر للحرب، وشملت الأموال والسلاح والدواب والسبي (الجواري والعبيد). ومن هنا، نفهم أن دوافع الجهاد عند بعض الناس كانت مُركَّبة: وعدٌ أخروي بالجنة لمن استشهد، وغنيمة دنيوية لمن بقي.
ذكر الماوردي (ت 450هـ) في "الأحكام السلطانية" أن الغنائم والسبايا مشروعة، وأنها "رزق ساقه الله للمجاهدين"، وأن تقسيمها مضبوط بنصوص الشرع. أي أن التوزيع يكون وفق آلية فقهية لتجنب الخلاف على المغانم. وقد فسّر الطبري (ت 310هـ) آية الأنفال بأن الخلاف حول الغنائم في بدر كان بسبب جِدّة المال، وأن الله حسم الأمر بتنظيمه.
كان من أهم الغنائم هي الجواري والعبيد. ومن هنا نطرح السؤال: هل كان الإسلام مع العبودية والرق أم ضدها؟ هل هي ضرورة مرحلية أم نظام دائم؟
تشير المعطيات إلى أن الإسلام لم يبادر إلى الإلغاء الفوري لهذه العادات العربية الراسخة، وفي مقدمتها نظام الجواري والعبيد، كون المجتمع كان يعتمد على هذا النظام. لقد أدرك الإسلام أن إلغاءها فجأة قد يؤدي إلى انهيار اجتماعي واقتصادي، ومن ثم قد يعرقل نجاح الدعوة.
ونظراً لحاجة الدولة الإسلامية الناشئة إلى التوسع، فقد احتاجت إلى مقاتلين لدعم الجهاد والغزوات التبشيرية. كان هؤلاء المقاتلون بحاجة إلى دافع معنوي يتمثل في الدفاع عن الدين، ودافع مادي متمثل في الغنائم والسبي. ويرى ابن حزم الأندلسي (ت 456هـ) أن الأصل في السبي أنه سياسة مرحلية، وأن الإسلام شجّع بقوة على العتق حتى في الكفارات، ما يشير إلى أن بقاء الجواري لم يكن مقصوداً على الدوام.
يمكن القول إذاً أن عدم الإلغاء الفوري للعبودية كان يمثّل ضرورة مرحلية أو سياسة طارئة للتعامل مع واقع دولي واقتصادي متأصل، وأن السبي كان مرحلة ضرورية لرفع معنويات المقاتل في بدايات الدولة الإسلامية.
إذا كان السبي سياسة مرحلية، فإن السؤال النقدي يظل قائماً: متى تنتهي هذه المرحلة؟ لم تُحدد الشريعة سقفاً زمنياً صريحاً للانتهاء من النظام، وهذا الغموض ترك الباب مفتوحاً لممارسات استعبادية استمرت لقرون، وتم تبريرها بأنها استمرار لتلك "المرحلة".
والأغرب أن الفقهاء استمروا في التعامل مع أحكام الرق باعتبارها أحكاماً دائمة التطبيق وليست مؤقتة، ووضعوا لها فصولاً كاملة في كتب الفقه، ما أضعف عملياً فكرة "المرحلية" في التطبيق التاريخي.
لقد تضخّمت أهمية الجواري والغنائم والسبي في العصرين الأموي والعباسي حتى صارت من أولويات المشروع السياسي، أي أن المجتمع الإسلامي تعامل معها على أنها ضرورة دينية. وكما أشار علي عبد الرازق (ت 1966م)، كانت الغنائم أداة سياسية واقتصادية في الفتوحات أكثر من كونها غاية دينية.
لم يخاطر أي خليفة أو حاكم بإلغاء الرق، لمعرفتهم أن المجتمع غير قادر على تقبّل هذا الإلغاء. وقد بيّن محمد عبده (ت 1905م) أن الإسلام جاء ليقضي تدريجياً على الرق، لكن المجتمع لم يكن مستعداً للإلغاء الفوري.
ومن هنا، يُفهم أن الإسلام اصطدم بواقع لا يتقبل أي فكرة حول إلغاء العبودية، بل إن بقائه وانتشاره في مراحله المبكرة ارتبط بـ "العصب الاقتصادي" للغنائم والسبايا، كما أشار اليها مونتغمري وات وباتريشيا كرون.



#صفاء_الصافي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلافة وصراع السلطة .
- العقل الطائفي : الفايروس التاريخي للأمة
- التاريخ بين سيف السلطان وقلم المؤرخ: النسائي والحلاج أنموذجا ...
- إسكاتولوجيا المبشَّرين بالجنة
- من غرائب الموروث الاسلامي
- التاريخ الاسلامي كتب باقلام السلطة .
- قراءة نقدية في وهم القداسة
- من هو على حق ؟
- صراع التاريخ يدخل السوشيال ميديا
- عجيب امركم
- رجل الدسومة
- سيفا مسلول ام سيفا رهقا


المزيد.....




- -معادية للمسيحيين-.. ماسك يهاجم -رابطة مكافحة التشهير- اليهو ...
- خطة ترامب.. مطالب عربية وإسلامية بإغاثة غزة واعتماد حل الدول ...
- سلفيت: إحياء ذكرى رفع علم فلسطين بالأمم المتحدة
- حماس: دعوات اقتحام الأقصى في -عيد العُرش- اليهودي إمعان بالح ...
- الاحتلال يهدم ثلاثة منازل مأهولة في بروقين غرب سلفيت
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى و
- الشرطة الصربية توقف متورطين بأعمال تخريب مساجد ومواقع يهودية ...
- صحيفة أميركية تتعقب مطلق النار على الكنيسة بتقنيات الذكاء ال ...
- لا يصله سوى الرهبان.. ما قصة عمود -كاتسخي- الشاهق بجورجيا؟
- مرايا الروح.. حين يتشظى الحب في منفى الذاكرة وتظل فلسطين الم ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صفاء الصافي - الغنائم ودورها في انتشار الإسلام