أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تركي لحسن - حرب غزة و معالم انهيار الحلم الامبريالي














المزيد.....

حرب غزة و معالم انهيار الحلم الامبريالي


تركي لحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعيداً عن أسطورة شعب الله المختار، و عن عقيدة الحلولية التي جعلت منه شعبا مقدساً، و أرض الميعاد التي يعتقد اليهود أن الله قد وعد بها نبيه يعقوب عليه السلام و التي تمتد بين نهري النيل و الفرات، بعيداً عن كل هذا، يبقى المشروع الصهيوني في فلسطين مشروعا إمبريالياً غربيا ذا أبعاد جيوستراتيجية هدفه الأساسي هو الهيمنة الاقتصادية على العالم بأسره.
هناك من يرى أن أحداث 7 أكتوبر كانت وبالاً على أهل غزة و على الشعب الفلسطيني عموما، لأن المقاومة منحت فرصة على طبق من ذهب للصهاينة لتدمير غزة و تهجير من نجا من سكانها، ثم التفّرغ لمشروع إسرائيل الكبرى. أنا عن نفسي لو كنت من أهل فلسطين أو غزة لحملت السلاح من أول وهلة، فلا يُرّد العنف إلا بعنف مثله. حين كتب فرانز فانون في كتابه "معذبو الأرض" ما يلي: "إن علائم العنف لا يستطيع أي لين أن يمحوها، إن العنف وحده يستطيع أن يهدمها، و المستعمَر لا يشفى من عصاب الاستعمار إلا بطرد المستعمِر بالسلاح"، انتقدته النخبة الامبريالية الفرنسية بأنه يحرض على العنف و يشجع على الإرهاب، فهذا هو دأب الأيديولوجية الإمبريالية.
لقد قامت الثورة الصناعية في إنجلترا في منتصف القرن التاسع عشر، ثم في كامل أوروبا، بفضل الثروات التي نُهبت من المستعمرات، و شُيِّدت المصانع و السكك الحديدية و بُنيت المدن الكبرى على كاهل العبيد الذين استقدموا من دولهم المستعمَرة بالقوة. و لم تكن الهيمنة العسكرية إلا دعما للرأسمالية المركنتيلية (التجارية) التي تحولت، بعد الثورة الصناعية، إلى رأسمالية صناعية تقودها الشركات البريطانية، الأمريكية و الفرنسية الكبرى. و لم يكن المشروع الاستيطاني الإحلالي لليهود في فلسطين سوى امتداداً للرأسمالية الصناعية التي ابتدأت بتقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية، ثم تحولت إلى إبادة للسكان الأصليين للمستعمرات و محو هوياتهم الثقافية.
حين بدأت الدول العظمى في تحقيق حلمها الامبريالي بدأ مشروع الحداثة الإنساني في الانهيار، هذا المشروع الذي بشّر، مع بداية القرن التاسع عشر، بعالم يعمه الازدهار والرخاء و السلام . حققت الدول الامبريالية مبتغاها، فتوسعت، و استعمرت، و أبادت الشعوب و الأجناس بحجة مشروعها الحضاري الذي سيخرج هذه المجتمعات من طورها البدائي و المتخلف. كانت هناك أصوات من النخبة المثقفة، التي آمنت بمشروع الحداثة، عارضت الهمجية الأوربية كأمثال جان بول سارتر و سيمون دي بوفوار، لكن لم يكن لها صدى كبير لقلتها و هيمنة الأيديولوجية الامبريالية.
الآن، و بعد الإبادة الجماعية التي ارتكبها الصهاينة في غزة، رجع صدى الصرخات التي أطلقتها النخبة المثقفة الملتزمة آن ذاك، و استفاقت الشعوب الأوروبية من غفوتها، و بدأ سحر الامبريالية في الزوال و التبّدد. ما نشهده اليوم من ضغوطات تمارسها الجماهير الشعبية الأوروبية على حكوماتها، و على الاعترافات المتتالية لبعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين، لدليل قاطع على بداية انهيار الايديولوجية الامبريالية في الداخل الأوروبي حكومات و نخب و جماهير.
الآن بقي على الدول العربية أن تستفيق من غفوتها، و أن تكون في مستوى التحدي الاسرائيلي الأمريكي، هذه الدول المارقة التي تسعى إلى إذلال العرب و ابقائهم خاضعين لهيمنتها و جبروتها. لن يتحقق الحلم العربي في النهضة الحضارية دون ديمقراطيات حقيقة و دون علم.
فعدد الفائزين بجوائز نوبل من اليهود حتى سنة 2023، 214 من أصل 965 فائر، أما عدد الفائزين بهذه الجوائز من العرب فهو 9، خصوصا إذا علمنا أن تعداد اليهود حتى سنة 2025 لا يتجاوز 16 مليون نسمة، أما تعداد العرب فحوالي 430 مليون نسمة. نحن نجيد التكاثر و التناسل لكن بغير فائدة تذكر عدا التباهي بها يوم القيامة.
ملياري مسلم بينهم 430 مليون عربي يرفعون أكفهم متضرعين لله ليدمر اليهود و يضرب الظالمين بالظالمين، فلم يدمر الله اليهود، بل ما نشهد و نرى سوى حروبا فيما بين المسلمين و اقتتال فيما بين العرب. لن نستطيع هزيمة الصهاينة بالدعاء، فالإعداد و الاستعداد هما البداية للخروج من حضيرة المستضعفين. لقد زرع الأوروبيون اليهود في فلسطين لمنع و كسر مشروع الوحدة العربية الذي بدئه محمد علي باشا، فهاجس الغربيين كان الخوف من تكرار التجربة العثمانية. حضّر اليهود أنفسهم و درسوا التاريخ العربي الإسلامي دراسة موضوعية استلهموا منها كل دروس الفشل و الخيبة، و مواطن القوة و الضعف للعرب و المسلمين. ثم تسلحوا بالعلم، وكرّسوا مبادئ الديمقراطية و قيم العدالة و حرية التعبير، فكسبوا قلوب شعوبهم فكانت تلكم هي الأرضية للبناء و السبق الحضاري.
طوفان الأقصى لم يكن وبالاً على الغزاويين و لا على الفلسطينيين، بل كان ترياقا للأوربيين ضدّ سم الصهاينة، و صفعة للعرب كيما يستفيقون من ذلهم و صغارهم. حرب غزة أسقطت الأقنعة و كشفت عورة العرب، و جعلت العالم كله يستيقن أن الحلم الامبريالي قد تحول إلى كابوس.



#تركي_لحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير الحراك الشعبي في الجزائر بين الصعلكة و التمرد
- الدولة الشبح
- حملة ( خليها تصدي )، وعي جماهيري أم آلية من آليات التلاعب لب ...
- السقوط من علامات الفشل
- الأفيون أو العصا - النظام الجزائري و المأزق الاجتماعي
- - قعدة فيدنا و زيدنا - حين يُشعّ الفكر التنويري من أعماق الص ...
- السلطة في الجزائر- سياسة أم كهنوت
- لعبة الدين و السياسة في الجزائر- دهاء النظام و سذاجة المثقف
- ثورة العقل
- الإرهاب - الديني - كما أراه
- السعادة الزوجية أو الحلم المفقود


المزيد.....




- لماذا أثارت خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة انقساما في حكو ...
- لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم؟
- وداعا للنظارات.. السلطات الصحية الأميركية تجيز أول قطرة لعلا ...
- نبض أوروبا: مالذي يجعل انتخابات مولدافيا توصف بالحاسمة؟
- وزير خارجية سان مارينو: نعلن الاعتراف بدولة فلسطين
- 5 قتلى في فيضانات جنوب الجزائر
- الناتو يستعرض قوته في بحر الشمال بالتزامن مع تصاعد التوتر مع ...
- الشرطة الفرنسية تداهم مقر منظمة بشبهة التواطؤ بجرائم في سوري ...
- تقرير يكشف أكثر الهواتف أعطالا.. والنتائج غير متوقعة لمحبي آ ...
- إيران ترفض -عرض الـ3 أشهر-.. وبزشكيان يهاجم إدارة ترامب


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تركي لحسن - حرب غزة و معالم انهيار الحلم الامبريالي