أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تركي لحسن - السلطة في الجزائر- سياسة أم كهنوت














المزيد.....

السلطة في الجزائر- سياسة أم كهنوت


تركي لحسن

الحوار المتمدن-العدد: 5217 - 2016 / 7 / 8 - 03:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرّ ت الجزائر بأزمة خانقة في أواخر ثمانينات القرن الماضي زعزعت أركان النظام الحاكم، أزمة اقتصادية كان السبب الرئيسي فيها الارتفاع الرهيب لنسبة المديونية الخارجية أرغمت البلاد على إعادة الهيكلة الاقتصادية، أزمة أيديولوجية تمثلت في تغيير التوجه السياسي خصوصا بعد سقوط القطب الشرقي، و أزمة سياسية اضطر من خلالها النظام الحاكم إلى تغيير واجهة الحكم من العسكري إلى السياسي لإغراء الشريك الغربي الجديد. كل هذا لم يغير من نية النظام الحاكم في التنازل عن السلطة، الأسماء نفسها و الرموز نفسها بقيت هي من تدير دواليب الحكم.
بحث النظام الحاكم عن وجه سياسي بديلا عن نظيره العسكري الذي لم يعد يلبي متطلبات الأوضاع الجيوسياسية، فاستقدم المرحوم محمد بوضياف، إلا أنه سرعان ما صفّاه جسديا بعدما اكتشف أن جينات الرجل الثوري لم تٌصب بداء القابلية للاستعباد طيلة العقود الثلاثة التي قضاها، كلاجئ سياسي، في حمى الرعاية المَلكية المغربية. في أثناء ذلك أراد النظام الحاكم أن يتجرأ، تحت وطأة الضغوط الخارجية، و يفتح المجال للتعددية السياسية بعدما كان سرطان نظام الحزب الواحد قد تعدى حالاته الأولي في عقول القادة كما في عقول الرعية. ففوجئ باستحواذ حزب إسلاموي ( الجبهة الإسلامية للإنقاذ ) على غالبية الأصوات في أول انتخابات نزيهة منذ استفتاء جويلية 1962 .
إلا أن هوسه ( النظام الحاكم ) بالسلطة دفعه إلى إيقاف المسار الانتخابي، و فضل أن يٌدخل البلاد في حرب أهلية دامت أكثر من عشر سنوات، على أن يتخلى عن عقيدته السلطوية، و أقسم كهنة النظام بأن لو وضعوا الشمس في يمينهم و القمر في يسارهم على أن يتركوا السلطة لغيرهم ما تركوها حتى يركع الإسلاميون أو يهلك الشعب كله.
وجد النظام ذريعة قوية لاستبقاء العسكر في الواجهة، ففتش في كنانته الخضراء و اخرج سهم الرئيس السابق ليامين زروال ليرمي به العٌصاة من الرعية، و ليقطع رؤوس الخارجين على الملّة العسكرية، لكن تبين أن الرجل كان أكثر ديمقراطية في سلوكه على الرغم من تكوينه العسكري، فلبث على العرش بضع سنين ثم ولىّ مدبرا عن إغراءات الكهنة المسيطرين و قال، التقاعد أحب إليّ مما تدعونني إليه.
أوحى إبليس للكهنة أن هناك عرّافا تلقى علومه الأولى في كتاتيب الحزب الواحد ثم أكمل دراساته العليا في المعابد الخليجية، و أن عقله الباطن مضبوطا على الريموت كنترول للنظام الحاكم. قدم العرّاف و في قلبه ضغينة و حقد دفين ضدّ الرعاة و الرعية، فبعدما أعلى الزعيم من شأنه مات الزعيم ليجد نفسه مطلوبا للعدالة، فهرب هروب الفريسة من ملاحقها.
استقدموه و كان كل شيء قد تم تجهيزه في معابدهم، نزعوا عباءاتهم الخضراء و ارتدوا بدلها مآزر التجار و معاطف رجال الأعمال، ثم استمروا في نهب و سلب أموال الرعية. تبنوا سياسات لا يعلم تأويلها إلا الله و الراسخون في العلم. أما كل ما يمكن أن يستشفه العقلاء من سياساتهم هو أساليبهم الشيطانية في تخذير الرعية، و التلاعب بعقول دهماء الناس و عامتهم عن طرق استراتيجيات التعبئة الجماهيرية المستمدة أساسا من آليات الهيمنة التي أُعتمدت طيلة أكثر من خمسة عقود من قبل الكهنوت الحاكم.
فتارة توظف الرياضات الجماهيرية التي يسهل من خلالها استمالة عواطف الشعب و إبقائه في غيبوبة جمعية، و تارة يتم استخدام الموسيقى الغوغائية و الأغاني السوقية التي تساعد على تفريغ الشحن والترسبات الناجمة عن سوء الأوضاع المعيشية و البطالة ومختلف المشاكل الاجتماعية، و تارة أخرى تباع صكوك الغفران في المساجد " للفقاقير " (1) بغية تطهير نفوسهم من أدران الحياة الدنيا من أجل بناء المساجد للتقرب إلى الله زلفى و ترك الدنيا و زينتها للذين يريدون علوا في الأرض و فسادا.
و لا أعتقد أن قضية تسريب أسئلة امتحانات الباكالوريا لدورة 2016 كانت بريئة من مثل هذه المناورات. فبعد الأزمة المالية التي قصمت ظهر النظام إثر التراجع المفاجئ لأسعار البترول، و الفضائح التي طالت معظم رموز النظام، و الأزمة السياسية التي تفجرت بين الجزائر و فرنسا. لم يكن بيد الكهنة كعادتهم أن يستسلموا و يرفعوا الراية البيضاء، ليعلم الناس أنهم بشر خطاءون، أبدا، فلا بد من استخدام آلية من آليات التخذير و الهيمنة لتنشغل الرعية بالتفسيرات و التأويلات لقضية مفتعلة لا يراد من ورائها إلا إبقاء الشعب بعيدا عما يجري حقا في معابد الكهنة.
حين أُستٌقدم العّراف في بداية تسعينات القرن الماضي أعلن بنفسه أنه مدعوم ببركات شيوخ الزوايا و الأولياء " الصالحين ". و حين أراد النظام تنظيف الكاهن المكلف بالوقود أدخله إلى حمام الزوايا. إنها سياسات درء الخطيئة بردها للاإرادية الغيبية تماما كما فعل بنو أمية حين تدرعوا بالجبرية لتبرير سفكهم دماء المسلمين.
أما عن أحد الكهنة الصغار الجدد الذي ما فتئ يردد على مسامعنا بين الفينة و الأخرى ضرورة استعادة مرجعيتنا الدينية أو كما سماها " إسلام قرطبة "، أليست تلك المرجعية هي التي اضطهدت الفيلسوف ابن رشد و نكلت به أشدّ التنكيل، و هو الذي على أسس فلسفته العقلية انطلقت شرارة النهضة الأوروبية.
السلطة في الجزائر سياسة لا أيديولوجية لها و كهنوت لا رب له. إنها لا تختلف في شكلها عن الكهنوت الكنسي الذي استبقى أوروبا في ظلمات الجهل طيلة القرون الوسطى. النظام الحاكم نظام ذو أسلوب زئبقي يمنع غيره من الخلط بين الدين و السياسة، أما هو فيسيس الدين كما يشاء و يدّين السياسة كما يشاء.
ـــــــــــــــــــ
(1)- كلمة استحدثها الكاهن الأول ( الوزير الأول )، يقصد بها " الفقراء ".



#تركي_لحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الدين و السياسة في الجزائر- دهاء النظام و سذاجة المثقف
- ثورة العقل
- الإرهاب - الديني - كما أراه
- السعادة الزوجية أو الحلم المفقود


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تركي لحسن - السلطة في الجزائر- سياسة أم كهنوت