أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - تركي لحسن - حملة ( خليها تصدي )، وعي جماهيري أم آلية من آليات التلاعب لبارونات السوق الجزائرية؟














المزيد.....

حملة ( خليها تصدي )، وعي جماهيري أم آلية من آليات التلاعب لبارونات السوق الجزائرية؟


تركي لحسن

الحوار المتمدن-العدد: 5857 - 2018 / 4 / 26 - 22:47
المحور: المجتمع المدني
    


نشهد هذه الأيام حملة شنيعة، في مواقع التواصل الاجتماعي، ضد ملاك مصانع إعادة تركيب السيارات بالجزائر تحت عنوان ( خليها تصدي ) أي أتركها تصدأ. قد تبدو هذه الحملة المفاجأة نوعا من الوعي الجماهيري و الصحوة الشعبية ضد احتكار البارونات لسوق السيارات بالجزائر. لكن ما يبعث على التساؤل هو كيف استطاع الشعب أن يتحّد ضد غلاء اسعار السيارات فقط ؟ مع العلم أن الغالبية الساحقة من الشعب ترزح تحت وطأة غلاء المواد الغدائية الأساسية.
كثيرا ما يتساءل المهتمون بالشأن الاجتماعي في الجزائر عن سبب غياب وعي جماهيري على الرغم من الأوضاع المعيشية السيئة التي يغرق في قاعها غالبية الشعب الجزائري، و إن كان غياب الوعي هذا هو نتيجة لعدم نضج الشعب و عدم امتلاكه لثقافة سياسية تجعل منه متمردا علنيا، أم أنه مجرد صمت الخائف، الناجم عن ثقافة الرعب التي اكتسبها الشعب الجزائري من جراء الحكم الدكتاتوري السابق ؟.
إن ما يتداول في منصات التواصل الاجتماعي من فضائح و قضايا فساد تمس معظم القادة و المسؤولين في النظام الجزائري، لهو دليل قاطع على سخط عامة الشعب على ما يجري في دواليب الحكم، و عدم رضى دهماء الناس على أوضاعهم المعيشية. إلا أنه يبقى مجرد ردود أفعال عفوية محكومة بسلوك ثقافي انفعالي بعيدا كل البعد عن الوعي الحقيقي بالأزمة.
حملة خليها تصدي تندرج، في اعتقادي، ضمن هذا الوعي الزائف الذي يلهب عاطفة الجماهير لأتفه الأسباب، كما حدث إثر أزمة كرة القدم التي كادت أن تشعل حربا بين مصر و الجزائر. حملات التغيير التي تقودها الجماهير لا تؤدي في النهاية إلا إلى كوارث أعظم و إلى صراعات و حروب أهلية كما حدث في ليبيا و في اليمن.
تساءلت مرات عديدة منذ بدأ هذه الحملة، على الرغم من تفاؤلي بها، عن مصدرها و عما حققته من نتائج في ظرف قصير. فإذا كانت الحملات ضد الفساد تملئ صفحات الفايسبوك و مواقع تواصل أخرى، و تشّهر بالمفسدين من قادة سياسيين و إداريين، بل و تنعتهم بأسمائهم و أحيانا تنشر حتى الوثائق و الحجج الدامغة، فلماذا لم ينتفض الشعب في حملة مقاطعة لهذا النظام الفاسد، فيقاطع الانتخابات ؟
شاهدنا فيديوهات كثير تطالب بمقاطعة الانتخابات، و كان أشهرها فيديو ( ما نسوطيش ) للمثل الشاب شمس الدين عمراني الملقب بـ ( dzjoker ) و الذي حاز على أكثر من 12 مليون مشاهدة في اليوتوب. إلا أن هذه الحملات، و على الرغم من تزايد نسبة المقاطعة، لم تؤتي أكلها كما فعلت حملة ( خليها تصدي ).
كيف يسكت هذا الشعب، الذي انتفض و قاطع شراء السيارات التي ارتفعت أثمانها فجأة، و يصبر على ظنك العيش و ارتفاع نسبة البطالة، و تدني القدرة الشرائية و مشكلات السكن، و قضايا الفساد التي ذاع صيتها عالميا ؟. كيف لهذه الجماهير أن تثور لسبب ارتفاع أسعار السيارات و تتفق فجأة وبشكل جماعي عن عدم شرائها، و في المقابل لا تحرك ساكنا لقضيا و أزمات اشدّ خطورة ؟.

إن الأزمات التي مست مؤخرا القطاعات الحساسة في المجتمع و الإضرابات التي شلّت أهم مؤسسات البلاد، الصحة، التربية و التعليم العالي، كانت بمثابة المؤشرات الصريحة التي تدل على وصول الجزائر إلى نقطة الانفجار و الثورة الاجتماعية، إلا أن الجماهير وقفت منها موقف المتفرج و المتعاطف أحيانا، و المعارض أحيانا أخرى.
أكاد لا استسيغ فكرة أن هذه الحملة هي بدافع وعي جماهيري حقيقي و نضج سياسي للشعب. فالفئات الناضجة من الشعب و التي تمتلك وعيا حقيقيا يستحيل أن ترتبك في ترتيب الأولويات، و من غير المعقول أن تتآزر الشعوب تآزر الأبطال ضد قضايا تكاد تكون من الكماليات إذا ما قورنت بمشاكل و أزمات قد تعصف بالمجتمع إذا لم يتم التصدي لها.
لقد أفسد النظام الجزائري عقول و سلوك الموطنين، فمن النظام الاشتراكي الذي ذاق الشعب في أثناءه ويلات الحرمان حتى من ضروريات الحياة، إلى نظام اقتصاد السوق الذي زاد فيه الغني غنا و الفقير فقرا. و رغبة من الطبقة الحاكمة في الحفاظ على مكتسباتها سعت إلى شراء صمت الجماهير الشعبية بعائدات البترول، فأبدعت في آليات المساعدة و الدعم لدرجة عطّلّت فيها عزائم وهمم الشباب، فأصبحوا يسعون للكسب السهل و الثراء السريع حتى لو كان ذلك على حساب نمو و ازدهار البلاد.

هذا ما جعل حلم المواطن الجزائري يٌختزل في الحصول على مسكن و اقتناء سيارة، أما إذا غاب الرئيس عن المشهد السياسي لأكثر من ثلاث سنوات، و احترنا في من يحكم الجزائر، أهو الرئيس أم أخو الرئيس، أم العسكر، أم فرنسا، فالجماهير الشعبية لا تكترث لهذا ما دام هناك أمل في الحصول على قرض بنية عدم السداد، أو انتهاز فرصة ما للظفر بمكتسبات معينة هي في الحقيقة حقوق للمواطن.

من هنا أستبعد تماما أن تكون هذه الحملة تعبيرا عن نضج الجماهير الشعبية، بقدر ما يحتمل أن تكون آلية من آليات التحكم في العقول، التي تمارسها البارونات المتحكمة في التجارة الخارجية بدافع الصراعات الداخلية على السوق الجزائرية، و بهدف الاحتكار و التحكم في قطاعات سوقية معينة.

و حتى و إن كانت هذه الحملة بداية لثورة شعبية أو ربيع جزائري، فأعتقد أن ثورة كهذه تجعل السيارات من أولوياتها قبل المستوى المعيشي و العدالة الاجتماعية و العيش الكريم، و حرية التعبير و الديمقراطية، ما من شك أن عواقبها ستكون وخيمة على المجتمع الجزائري ككل.



#تركي_لحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السقوط من علامات الفشل
- الأفيون أو العصا - النظام الجزائري و المأزق الاجتماعي
- - قعدة فيدنا و زيدنا - حين يُشعّ الفكر التنويري من أعماق الص ...
- السلطة في الجزائر- سياسة أم كهنوت
- لعبة الدين و السياسة في الجزائر- دهاء النظام و سذاجة المثقف
- ثورة العقل
- الإرهاب - الديني - كما أراه
- السعادة الزوجية أو الحلم المفقود


المزيد.....




- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...
- الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية في مست ...
- أرقام صادمة.. اليونيسيف تحذر من مخاطر -الأسلحة المتفجرة- على ...
- أهالي الأسرى الإسرائيليين يحتجون في تل أبيب لإطلاق أبنائهم


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - تركي لحسن - حملة ( خليها تصدي )، وعي جماهيري أم آلية من آليات التلاعب لبارونات السوق الجزائرية؟