عامر عبود الشيخ علي
الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 22:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعد مفهوم الوعي من أكثر المفاهيم التي تناولتها المدارس الفكرية والفلسفية، غير أن الماركسية قدمته بشكل مميز حين ربطته بالبنية الاجتماعية والاقتصادية فبحسب ماركس "ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، وإنما وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم، أي أن الوعي ليس منفصلا عن الواقع، بل هو انعكاس للواقع المعاش للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية ، فالانسان يدخل في علاقات إنتاج معينة، وهذه العلاقات تولد لديه أنماطا متعددة من الوعي، سواء كان سياسيا أو اجتماعيا أو طبقيا".
ومن هنا يكون الوعي مرتبطا دوما بالواقع الملموس وبالتغيرات التي تشهدها المجتمعات، وعندما ننظر إلى العراق بعد عام 2003، نجد أن التغيير السياسي الكبير الذي شهده البلد قد أدخل المجتمع في مرحلة جديدة من الوعي، خصوصاً مع بروز النظام الديمقراطي القائم على الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، هنا بدأ مفهوم الوعي الانتخابي يفرض نفسه بقوة بوصفه جزءا من عملية التحول الاجتماعي والسياسي، لكن مع كل دورة انتخابية، تطرح إشكالية خطيرة تتمثل في تزييف وعي الناخب، حيث يلجأ بعض المرشحين إلى استغلال الظروف الاجتماعية والاقتصادية الهشة، عبر شراء الأصوات بالمال أو تقديم الخدمات الآنية لمناطق المرشحين واقربائهم أو اللعب على أوتار الانتماء الطائفي والعشائري، بل يصل الحال بتقديم كارت شحن موبايل او صحن من الرز مع نصف دجاجة، وهكذا تتحول الانتخابات من عملية سياسية لبناء الدولة إلى ساحة لتكريس المصالح الضيقة والوعود المؤقتة، ان خطورة هذه الظاهرة تجعل صوت الناخب رهينة مصالح شخصية أو فئوية، وتبعد العملية الانتخابية عن جوهرها الوطني في بناء دولة مؤسسات قائمة على المواطنة والعدالة، ومن هنا يبرز دور الناخب الواعي الذي يجب عليه رفض هذه الأساليب، وان يوجه صوته نحو الأحزاب والقوى السياسية التي تعمل من أجل العراق ككل وليس مناطقيا او عشائريا وتتمتع بالنزاهة والوطنية، ومن هنا تبرز الحاجة إلى وجود تيار مدني ديمقراطي يضع المواطنة فوق كل الانتماءات الضيقة، ويجعل من البرلمان أداة للتشريع والإصلاح لا ساحة للمصالح والصفقات.
فالانتخابات ليست مجرد مناسبة عابرة بل مسؤولية جماعية لتصحيح المسار السياسي، ولذا برز تحالف البديل ليكون بديلا عن النظام المحاصصاتي الذي انتهج من قبل القوى الماسكة بالسلطة والمتمسكة بتزييف وعي الناخب في كل دورة انتخابية.
#عامر_عبود_الشيخ_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟