رحيل أسطورة السينما الأمريكية روبرت ريدفورد

سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)

الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 18:16
المحور: الادب والفن
    

مات الممثل والمخرج والمنتج والمروج للسينما المستقلة روبرت ريدفورد Robert Redford مؤسس احد اهم مهرجانات السينما في اميركا مهرجان صندانس يوم 16 أيلول / سبتمبر عن عمر ناهز 89 عامًا..

وُلِد تشارلز روبرت ريدفورد في 18 آب/ أغسطس 1936 في سانتا مونيكا (كاليفورنيا)، بعد دراسته في جامعة كولورادو في بولدر، والأكاديمية الأمريكية للفنون الدرامية في نيويورك، سافر الى باريس وإسبانيا وفلورنسا لدراسة الرسم، ثم عاد وأخذ دروسًا فنية في معهد برات وبدأ مسيرته الفنية في المسرح وعلى شاشة التلفزيون في أواخر الخمسينيات القرن الماضي. بعد أداء سلسلة من الأدوار الصغيرة في التلفزيون والمسرح والسينما، بدأ يحرز تقدمًا في أوائل الستينيات، حيث رُشِّح لجائزة إيمي لأفضل ممثل مساعد عام 1962 عن دوره في فيلم "صوت تشارلي بونت" The Voice of Charlie Pont، وفاز بدور رئيسي في إنتاج مسرحي برودواي عام 1963 لمسرحية نيل سيمون Neil Simon الناجحة "حافي القدمين في الحديقة". جاءت انطلاقة ريدفورد السينمائية عام 1965: دور لافت للنظر كنجم سينمائي ثنائي الجنس في فيلم "داخل ديزي كلوفر" Inside Daisy Clover أمام ناتالي وود، والذي رُشِّح عنه لجائزة غولدن غلوب. ومثل دور البطولة مع جين فوندا في فيلم "حافي القدمين في الحديقة" Barefoot in the Park للمخرج جين ساكس Gene Saks المعد عن المسرحية التي مثلها، عرض عام 1967.
قبل أن يكتسب شهرة واسعة في عالم السينما عام 1969 بفيلم "بوتش كاسيدي وساندانس كيد" Butch Cassidy et le Kid، وهو فيلم ويستيرن شهير من بطولة بول نيومان وكاثرين روس، والذي مثّل بداية واحدة من أكثر أعماله السينمائية تميزًا، رُشِّح الفيلم لسبع جوائز أوسكار، مع أنه لم يُرشَّح أيٌّ منها للممثلين. تألق ريدفورد في فيلم ويستيرن "أخبرهم أن ويلي بوي هنا" Tell Them Willie Boy Is Here، وهو أول فيلم للمخرج أبراهام بولونسكي Abraham Polonsky منذ أكثر من 20 عامًا، الذي كان مدرجًا سابقًا على القائمة السوداء عرض عام 1969، ، ثم تلا ذلك سلسلة من الأفلام الناجحة في سبعينيات القرن الماضي: فيلم الويستيرن "جيرميا جونسون" Jeremiah Johnson اخراج سيدني بولاك ، مستوحى جزئيًا من حياة رجل الجبال الشهير جون جونسون، المعروف باسم "جونسون آكل الكبد". عُرض الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي عام 1972، وحقق نجاحًا تجاريًا ونقديًا كبيرًاعام، وفيلم الرومانسية التاريخية "الطريقة التي كنا عليها " The Way We Were لسيدني بولاك ايضا عام (1973) مع باربرا سترايسند، وفيلم الجريمة والسرقة الكوميدي "اللدغة" The Sting عام (1973) مع بول نيومان، الذي حقق نجاحًا باهرًا في هوليوود، سواءً على مستوى الوسط الفني أو الجمهور. السيناريو مستوحى من أحداث حقيقية ارتكبها الأخوان فريد وتشارلي غوندورف، وثّقها ديفيد مورير في كتابه الصادر عام 1940 بعنوان "الخدعة الكبرى: قصة رجل الثقة".

رسّخ روبرت ريدفورد، مكانته كممثل الأعلى أجراً في الولايات المتحدة بين عامي 1974 و1976، واحد نجوم السينما القرن الماضي، ومن القلة من الممثلين الذين تمكنوا من التنقل بسهولة بين صناعة السينما الهوليودية السائدة والموجة الجديدة المستقلة، فقد قام باداء دور جوزيف "جو" تيرنر في فيلم "غاتسبي العظيم" The Great Gatsby اخراج جاك كلايتون Jack Clayto، مع ميا فارو المُقتبس من رواية للكاتب الأمريكي فرانسيس سكوت فيتزجيرالد (1974). أعقب ريدفورد هذه الأفلام بفيلم الإثارة والتجسس "ثلاثة أيام من الكوندور" Three Days of the Condor عام (1975)، مع فاي دوناواي إخراج سيدني بولاك، وبعد ذلك تقاسم مع داستن هوفمان بطولة فيلم "كل رجال الرئيس" All the President’s Men للمخرج آلان ج. باكولا Alan J. Pakula عام (1976) الذي يتناول قضية ووترغيت، وجسد دور الصحفي الاستقصائي روبرت وودوارد. وبطولة الفيلم الدرامي الرومانسي "خارج أفريقيا" Out of Africa اخراج سيدني بولاك عام (1985)، الذي لعب فيه دور صياد الطرائد الكبيرة دينيس فينش هاتون أمام الأرستقراطية الدنماركية كارين بليكسن جسدت الدور الممثلة الكبيرة ميريل ستريب.
استمر نجاحه كممثل في الثمانينيات والتسعينيات، وإن كان ربما بدرجة أقل من أدواره في السبعينيات. مثل دراما عن رياضة البيسبول "الطبيعي" The Natural، المقتبسة من رواية برنارد مالامود Bernard Malamud عام 1984.

بعد انقطاع طويل عن التمثيل في أواخر السبعينيات، اتجه ريدفورد إلى الإخراج والإنتاج، فقد حقق فيلمه الاول "أناس عاديون" Ordinary People، المقتبس من رواية جوديث جيست Judith Guest، نجاحًا باهرًا، وفاز بأربع جوائز أوسكار عام 1981، منها جائزتا أفضل فيلم وأفضل مخرج لريدفورد - وهي جائزة لم ينلها قط عن أدائه التمثيلي، وأفضل سيناريو مقتبس لألفين سارجنت، أفضل ممثل مساعد لتيموثي هوتون.

ثم اخرج فيلمي "حرب ميلاكرو بينفيلد" The Milagro Beanfield War عام 1988. و "نهر يجري من خلالها" A River Runs Through It بطولة براد بيت عام (1992) وكلاهما عن الصراع في الريف الأميركي ولكن بطرق مختلفة واخراج "الهامس في الخيول" The Horse Whisperer تمثيل روبرت ريدفورد، كريستين سكوت توماس، سكارليت جوهانسون عام (1998).

عرض غير لائق" Indecent Proposal، فيلم درامي أمريكي هوليوودي، إباحي صدر عام 1993، إخراج أدريان لاين Adrian Lyne وسيناريو آمي هولدن جونز. الفيلم مقتبس من رواية جاك إنجلهارد Jack Engelhardالصادرة عام 1988، والتي تتناول قصة زوجين ينهار زواجهما بعد عرض غريب على الزوجة، مليون دولار لقضاء ليلة معه. الفيلم من بطولة روبرت ريدفورد، وديمي مور، ووودي هارلسون.وأعاد هذا الفيلم ترسيخ ريدفورد كقوة جذب تجارية. في أواخر التسعينيات، أخرج فيلمي "برنامج مسابقات " Quiz Show و"هامس الخيول" The Horse Whisperer الذي شارك في بطولته أيضًا.

في تلك الفترة، بدأ (مهرجان صندانس السينمائي) Sundance film festival- الذي شاركت شركة ريدفورد للإنتاج في تأسيسه عام 1978 ليصبح مهرجان يوتا/الولايات المتحدة السينمائي، ثم أُعيدت تسميته عام 1984 باسم معهد صندانس التابع لريدفورد - يُمارس تأثيره كمنصة لعرض السينما الأمريكية المستقلة، مُروّجًا لأفلام مثل ستيفن سودربيرك، وكوينتين تارانتينو، وروبرت رودريكيز، وكيفن سميث. وازداد تأثيره في العقود اللاحقة كمنصة لتعزيز الفرص التجارية للأفلام وحصد الجوائز، مُعرضًا أفلامًا مثل "500 يوم من الصيف" 500 Days of Summer اخراج مارك ويب، و"نابليون ديناميت" Napoleon Dynamite اخراج جرايد هيس، و"اصابة في الرقبة " Whiplash، اخراج وداميان شازيل، و"محطة فروتفيل" Fruitvale Station اخراج ريان كوكر، و"كودا" Coda اخراج سيان هيدر، "كلاب الخزان" Reservoir Dogs، ومشروع ساحرة بلير The Blair Witch Project، ودوني دراكو Donnie Darko .
كما اكتسب ريدفورد سمعة طيبة باعتباره أحد ابرز الليبراليين في هوليوود، شارك في حملات حول القضايا البيئية، بما في ذلك العمل كأمين على مجموعة المناصرة لمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية ومعارضته العلنية لتمديد خط انابيب (كيستون إكس إل) الذي تم إلغاؤه الان .

في عام 2013، تألق ريدفورد في فيلم "كل شيء ضائع" All Is Lost، إخراج جيه. سي. شاندور J.C. Chandor، الذي تدور أحداثه حول رجل تائه في البحر. وقد نال إشادة واسعة لأدائه في الفيلم، الذي كان فيه الممثل الوحيد، والذي يكاد يخلو من الحوار. رُشِّح ريدفورد لجائزة كولدن كلوب لأفضل ممثل - في فيلم درامي، وفاز بجائزة جمعية نقاد السينما في نيويورك لأفضل ممثل، وكانت هذه أول مرة يفوز فيها بجائزة عن أدائه من الجمعية.
كما لعب ريدفورد دور سارق البنوك فوريست تاكر في اخر فيلم له "العجوز والمسدس" The Old Man & the Gun إخراج ديفيد لويري David Lowery، والذي عُرض في 2018.

منح ريدفورد جائزة الأوسكار الفخرية عام 2002 في حفل توزيع جوائز الأوسكار الرابع والسبعين. وفي عام 2017، حصل على جائزة الأسد الذهبي للإنجاز مدى الحياة في مهرجان البندقية السينمائي الرابع والسبعين. كما حصل على على جائزة سيزار الفخرية في حفل توزيع جوائز سيزار الرابع والأربعين في باريس عام 2019.

نعى العديد من أعضاء صناعة السينما ريدفورد، بمن فيهم الممثلة جين فوندا، التي شاركته التمثيل بشكل متكرر، والتي كتبت: "لقد كان يعني لي الكثير وكان شخصًا رائعًا بكل معنى الكلمة. لقد دافع عن أمريكا التي يجب أن نواصل النضال من أجلها". كتبت زميلته في فيلم "خارج أفريقيا" ميريل ستريب: "لقد رحل أحد الأسود. ارقد في سلام يا صديقي العزيز". أصدرت زميلته في فيلم "الطريقة التي كنا عليها" باربرا سترايسند بيانًا مطولًا، جاء فيه جزئيًا: "كان بوب كاريزميًا وذكيًا ومؤثرًا ومثيرًا للاهتمام دائمًا - وواحدًا من أفضل الممثلين على الإطلاق".

#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل