أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - عقائد ما بعد ألموت في ألحضارة ألمصرية ألفرعونية















المزيد.....

عقائد ما بعد ألموت في ألحضارة ألمصرية ألفرعونية


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 13:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة:
الانسان يخاف من المجهول اكثر من خوفه من العدم، فقد تساءل الانسان منذ القدم بعد ان اكتسب الوعي نتيجة تطوّر دماغه، ما المصير بعد الموت؟ اين سنذهب بعد الموت؟ ماذا سيحدث بعد الموت؟
عقائد ما بعد الموت مرت بمراحل تطوّرية عديدة بعد اكتساب الانسان الوعي، الاجابات جاءت مختلفة باختلاف العصور التي مرّ بها الانسان عبر تاريخ الحضارة الانسانية.
في سلسلة مقالات ( أساطير ألأولين ) تطرقنا إلى مختلف عقائد ألإنسانية المتعلقة بما بعد الموت عبر رحلة تبدأ باساطير الحضارة السومرية والبابلية والآشورية ومعتقدات ألدين ألزرادشتي ومعتقدات الاديان الابراهيمية ( اليهودية والمسيحية والاسلام)، في هذه ألمقالة سنتطرق إلى عقائد ما بعد ألموت في ألحضارة ألمصرية ألفرعونية.
عقائد ما بعد ألموت في ألحضارة ألمصرية ألفرعونية:
أقدم حضارة آمنت بالثواب والعقاب بعد الموت هي الحضارة الفرعونية المصرية، فالمصرى آمن بأن الروح تتعرض للحساب بعد الموت حيث يقف الميت أمام محكمة تتكون من 42 قاضيا يرأسهم المعبود أوزيريس (إله الموتى) ويقوم الشخص الميت بسرد أعماله الحسنة ويتبرأ من أعماله السيئة حيث يتم وضع قلب الميت في احدي كفتي ميزان العدالة وفي الكفة الأخري ريشة تمثل ماعت (إله الحق والصدق) فإن خفت موازينه يدل علي أن الميت كان صالحًا وإن رجحت موازينه يدل علي أن الميت كان عاصيًا في حياته حيث يوجد في الساحة حيوان مفترس يمزق أجساد المذنبين.
كان أهم ما يميز دين ألمصريين توكيده فكرة الخلود. فالمصريون يعتقدون أنه إذا أمكن أن يحيا أوزير النيل، ويحيا النبات كله، بعد موتهما، فإن في مقدور الإنسان أيضا أن يعود إلى الحياة بعد موته، وكان بقاء أجسام الموتى سليمة بصورة تسترعي النظر في أرض مصر الجافة مما ساعد على إثبات هذه العقيدة التي ظلت مسيطرة على الديانة المصرية آلاف السنين، والتي انتقلت منهم إلى الدين المسيحي.
لقد كان المصريون يعتقدون أن الجسم تسكنه صورة أخرى مصغرة منه تسمى القرينة- الكا- كما تسكنه أيضا روح تقيم فيه إقامة الطائر الذي يرفرف بين الأشجار. وهذه الثلاثة مجتمعة- الجسم والقرينة والروح- تبقى بعد ظاهرة الموت، وكان في استطاعتها أن تنجو منه وقتا يطول أو يقصر بقدر ما يحتفظون بالجسم سليماً من البلى؛ ولكنهم إذا جاءوا إلى أوزير مبرئين من جميع الذنوب سمح لهم أن يعيشوا مخلدين في "حقل الفيضان السعيد"- أي في الحدائق السماوية حيث توجد الوفرة والأمن على الدوام.
وفي وسع الإنسان أن يحكم على ما كان عليه من يعللون أنفسهم بهذه الآمال من فقر ونكد. إلا أن هذه الحقول الفردوسية لا يمكن الوصول إليها إلا باستخدام صاحب المِعْبر الذي كان للمصريين كما كان شارون؛ ولم يكن هذا الشيخ الطاعن في السن يقبل في قاربه إلا الرجال والنساء الذين لم يرتكبوا في حياتهم ذنباً ما، وكان أوزير يحاسب الموتى ويزن قلب كل من يريد الركوب في كفة ميزان تقابله في الكفة الأخرى ريشة ليتأكد بذلك من صدق قوله. والذين لا ينجحون في هذا الاختبار في النهاية يحكم عليهم بأن يبقوا أبد الدهر في قبورهم يجوعون ويظمئون، ويطعمون من التماسيح البشعة، ولا يخرجون منها أبدا ليروا الشمس.
وكان الكهنة يقولون إن ثمة طرقاً ماهرة لاجتياز هذه الاختبارات، وكانوا على استعداد لتعريف الناس بهذه الطرق نظير ثمن يؤدونه لهم. ومن هذه الطرق أن يهيأ القبر بما يحتاجه الميت لغذائه من الطعام والشراب، وبمن يستطيع الاستعانة بهم من الخدم. ومن تلك الطرق أيضا أن يملأ القبر بالطلاسم التي تحبها الآلهة : من أسماك، ونسور، وأفاعي، وبما هو خير من هذه كلها وهو الجعران- والجعارين ضرب من الخنافس كانت في رأيهم رمزاً لبعث الروح لأنها تتوالد كما كان يبدو لهم بعملية التلقيح. فإذا ما بارك الكاهن هذه الأشياء حسب الطقوس الصحيحة أخافت كل معتد على الميت وقضت على كل شر. وكان خيراً من هذه وتلك أن يشتري كتاب الموتى ، وهو قراطيس ملفوفة أودع فيها الكهنة أدعية وصلوات وصيغاً وتعاويذ من شأنها أن تهدئ من غضب أوزير، بل أن تخدعه. فإذا ما وصلت روح الميت إلى أوزير بعد أن تجتاز العدد الكبير من الصعاب والأخطار، خاطبت القاضي الأكبر بما يشبه هذه الأقوال:
أيا من يعجل سير جناح الزمان،
يا من يسكن في كل خفايا الحياة،
يا من يحصى كل كلمة أنطق بها -
انظر إنك تستحي مني، وأنا ولدك؛
وقلبك مفعم بالحزن والخجل،
لأني ارتكبت في العالم من الذنوب ما يفعم القلب حزناً،
وقد تماديت في شروري واعتدائي.
ألا فسالمني، ألا فسالمني،
وحطم الحواجز القائمة بينك وبيني!
ومر بأن تُمحى كل ذنوبي وتسقط
منسية عن يمينك وشمالك!
أجل امح كل شروري
وامح العار الذي يملأ قلبي
حتى نكون أنت وأنا من هذه اللحظة في سلام .
ومن الطرق الأخرى أن تعلن الروح براءتها من الذنوب الكبرى في صورة "اعتراف سلبي". وهذا الاعتراف من أقدم وأنبل ما عبر به الإنسان عن مبادئه الأخلاقية :
"سلام عليك، أيها الإله الأعظم، رب الصدق والعدالة! لقد وقفت أمامك، يا رب؛ وجيء بي لكي أشاهد ما لديك من جمال... أحمل إليك الصدق... إني لم أظلم الفقراء... لم أفرض على رجل حر عملاً أكثر مما فرضه هو على نفسه... لم أهمل، ولم أرتكب ما تبغضه الآلهة... ولم أكن سببا في أن يسيء السيد معاملة عبده؛ ولم ُأمِت إنساناً من الجوع؛ ولم أُبكِ أحداً ولم أقتل إنساناً... ولم أخن أحداً... ولم ُأنقِص شيئاً من مؤونة الهيكل، ولم أتلف خبز الآلهة... ولم أرتكب عملاً شهوانيا داخل أسوار المعبد المقدسة... ولم أكفر بالآلهة... ولم أغش في الميزان... ولم أنتزع اللبن من أفواه الرضع... ولم أصطد بالشباك طيور الآلهة... أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر ".
ويقول هيرودوت أن كل يوم وكل شهر مخصص لإله من الآلهة، وأن المصريين كانوا يعينون ما سوف يقع لكل شخص منهم في حياته حسب اليوم الذي ولد فيه، فيعرفون كيف يموت، وماذا سيكون في مستقبل أيامه. ونسي الناس على مر الزمان ما بين الدين والأخلاق من صلات فلم تكن الحياة الصالحة هي السبيل إلى السعادة الأبدية، بل كان السبيل إليها هو السحر والطقوس وإكرام الكهنة. وإلى القارئ ما يقوله في هذا عالم كبير من علماء الآثار المصرية:
"ومن ثم تضاعفت الأخطار التي تكتنف الدار الآخرة، وكان في وسع الكاهن أن يمد الموتى في كل موقف من المواقف الخطرة برقية قوية تنقذه منه لا محالة. وكان لديهم، فضلا عن الرقى الكثيرة التي يستطيع بها الموتى أن يصلوا إلى الدار الآخرة، رقى أخرى تمنع الميت أن يفقد فمه أو قلبه، ورقى غيرها يستطيع بها أن يذكر اسمه، وأن يتنفس، ويأكل ويشرب ويتَّقي أكل فضلاته، ومنها ما يمنع الماء الذي يشربه أن يستحيل لهبا، ومنها ما يحيل الظلام نوراً، ومنها ما يرد عنه الأفاعي وغيرها من الهولات المعادية؛ وما إلى ذلك.
ألمصادر:
قصة ألحضارة - ول ديورانت.



#كامل_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسطورة أكل لحم المسيح وشرب دمه
- مقارنة ألأديان - قصة ولادة المسيح
- لماذا نموت؟
- كتاب ألرائيلية محاولة للتزاوج بين ألدين وألعلم
- كتاب ثورة الشك
- كتاب اساطير الأولين
- ألفرقة ألناجية
- مقارنة بين ألأديان- ألنبي إيليا (إلياس) - 2
- مقارنة بين ألأديان- ألنبي إيليا (إلياس) - 1
- مقارنة بين ألأديان- قصة أيوب- 3- أيوب التوراتي وألقرآني
- مقارنة بين ألأديان- قصة أيوب -2 - أيوب ألبابلي
- مقارنة بين ألأديان- قصة أيوب-1- أيوب ألسومري
- سليمان وألجن
- آريوس والخلاف حول طبيعة ألمسيح
- جذور ألشر
- تأثيرات ألزرادشتية على أليهودية
- أيهما أفضل مجتمع بدين أم بلا دين؟
- قرآن عبدالله بن مسعود – 2
- قرآن عبدالله بن مسعود - 1
- ألغموض في ألقرآن -2


المزيد.....




- هل يشبه هجوم إسرائيل على الدوحة قتل بن لادن في باكستان؟
- بعد الجنازة.. قطر تستضيف قمة عربية إسلامية طارئة للرد على ال ...
- قطر تعلن عقد قمة عربية إسلامية طارئة لبحث العدوان الإسرائيلي ...
- أعضاء عصابة دراجات نارية أميركية معادية للإسلام يديرون مواقع ...
- مفتي القاعدة السابق يروي قصة سقوط قندهار وتمركز بن لادن في ت ...
- عصابة أمريكية معادية للاسلام تتولى إدارة المساعدات في غزة
- النيابة العامة الفلسطينية توقف سمير حليلة 15 يوما على ذمة ال ...
- قمة عربية إسلامية طارئة بالدوحة الأحد والاثنين لبحث عدوان إس ...
- قمة عربية - إسلامية طارئة حول ضربة الدوحة.. وقطر تتهم نتنياه ...
- الاحتلال يضع مكعبات اسمنتية على مداخل حارس وديراستيا شمال غر ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - عقائد ما بعد ألموت في ألحضارة ألمصرية ألفرعونية