|
هل المشكلة في أن أمريكا تدعم الديمقراطية ؟
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1823 - 2007 / 2 / 11 - 12:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ـ1ـ
أمريكا عدوة بعض النخب العربية والشعوب تحتاجها . عندما تتحدد الأمور بشكل صريح وواضح يصبح الأمر في أي صف تقف ؟ هكذا علمتنا الأيام الداكنة في الظلام السلطوي العربي عموما والسوري خصوصا . أن تفتح الباب دوما للنظام الأسدي في سورية من أجل الإصلاح والتطوير الديمقراطي أمرا مهما وإذا كتبت عنه لن تجد من يهاجمك ! بل العكس تماما تجد من يثني على هذا التوجه . النخب العربية في مأزق هذا عنوان لنا جميعا . فلازلنا نجد أن ردم الهوة بين السياسة واحتراف النخبة أمرا مخزيا وصغيرا , فالنخب لا تهتم بالتفاصيل ! النخب تهتم بالشعارات العريضة والتنظير الاستراتيجي لمصير الأمة ومستقبلها العضوي. النخبة باتت مهنة . لهذا هي عندما تجتمع في مؤتمر ما تناقش الأهداف الكبيرة . حال الأمة العربية ومستقبلها أو حال الأمة الإسلامية ومستقبلها دون أن يسأل أحدا منا : عن أي أمة يتحدثون وعن أي شكل لهذه الأمة يريدونه معاندا لوقائع التاريخ ؟ إن الأمة التي نناقشها وتغزو عقولنا في الحقيقة لها ثلاث منابت أساسية يجب المرور عليها سريعا قبل أن ندخل إلى عنوان موضوعنا : المنبت الأول : هو المنبت الذي رسخته الامبراطورية الإسلامية في ظل الخلافات الثلاث الراشدية والأموية والعباسية . وهو منبت ديني يريد فرض نفسه على الدنيوي بكل الوسائل . المنبت الثاني : هو المنبت الذي اتحفنا به الراحل الكبير جمال عبد الناصر / منبت حداه دولة السلطة ـ الخلافة والزعيم القائد / وفشل هذا المشروع لأسباب كثيرة لسنا بصددها هنا . المنبت الثالث : وهو المنبت الأكثر حركية في الحقيقة والأكثر لغزا وهو الذي قام به متنوري المشرق العربي من أبناء الأقليات الدينية والطائفية بشكل خاص . وهذا كان في ذلك السياق التاريخي من حقهم للخلاص من أضطهاد الأكثرية العربية السنية كما كانوا يعيشونها أو يرونها هم لا أعرف ؟ وللخلاص وجدوا أنفسهم في سياق البحث عن حاضن أكبر من الدين والطائفة فكانت فكرة القومية العربية وفي مواجهة الأكثرية التي يحكم باسمها الاحتلال العثماني . والمفارقة الطريفة أننا نعيش أجيال تلك المنابت التي بفعل الزمن قد تداخلت مع بعضها بطريقة بات يصعب الفصل بين هذه المنابت في وعي النخب العربية . دون المرور على ما جرى على هذه المنطقة من تحولات لا تحصى ولايمكن لأنساق من الأيديولوجيات التي لاتعبر الزمن أن تبقى رصينة تجاه تلك التحولات . وأهم هذه التحولات هو قيام دول قطرية حقيقية وليست من صنع الاستعمار بل هي نتاج تطور طبيعي لتاريخ طويل وغن كان الاستعمار عاملا تثبيت في الحقيقة . إن هذه الأيديولوجيات تناقش الآن بوصفها إما عصور إزدهار وتفوق ـ التاريخ الإسلامي ـ وإما لكونها تريد عبور الحدور كما حاول دريد لحام الفنان السوري في فيلم الحدود ! كيف يمكن عبور الحدود ؟ أو الذين يعتبرون أن هؤلاء يمثلون عصر تنوير عربي ويسمونه عصر النهضة التي لم تتحقق ! ويعتبر هؤلاء أنفسهم احفادا واستمرارا لهذه المنابت في خلطات متجددة . ويجدون في العصر الأمريكي كما يسمونه مرتعا لفروسياتهم الخطابية ـ مع احترامنا للجميع ـ لهذا لا بد أن يظهر لك في كل كلمة يقولها أو كتاب يكتبونه أن أمريكا عدوة الديمقراطية أو أنها لاتريد الديمقراطية ..الخ المعزوفة , لأنه لو اعترف مرة واحدة أن من مصلحة أمريكا قيام دول ديمقراطية في المنطقة لانهارت كل مقدماته ومتنه ! إنني أسمح لنفسي بالتحدث باسم نخب برزت مشتتة على السطح السياسي وسمونها النخب الليبرالية , لأنها محسوبة على العمالة لأمريكا ! هذه النخب بدأت تتوزع نتيجة لعوامل عدة وليس آخرها القمع لكي تصل في النهاية إلى أن تأخذ بالعدوى كل أمراض المعارضة العربية ويتحول قسم منها إلى ناطق باسم الاستبداد ! مرة أخرى يختلط الحابل بالنابل . تبحث عن الأجوبة فلا تجدها سوى في صندوق الدنيا الذي اخترعه الاستبداد العربي بدلا من السينما الأمريكية لكنه فشل في تسويقه باعتباره اختراع عربي ! ولا ندري بالفعل إن كان اختراعا عربيا . لكنه ضد الاستيراد الثقافي وضد الغزو الثقافي ! كنت طفلا عندما حملت صورة عبد الناصر وهي رغبة للكبار من أجيال تلك الأمة المبعثرة . وكنت قد كتبت عن الرجل للإنصاف من براثن أتباعه أولا ! الذين يشبهون كل مستبد مافياوي بعبد الناصر ! المشكلة لدى هؤلاء أنه بات الآن بعد نهاية الحرب الباردة بصيص أمل لكون بات من مصلحة الغرب وجود دول ديمقراطية في المنطقة بصيص أمل لشعوب المنطقة التي تتمنى الهجرة لأمريكا للتخلص مما هي فيه . هذا البصيص من الأمل أطار صواب هذه النخب العربية . وجاءت أحداث العراق لتضع المسألة في سياقها الشاذ لأن الوضع العراقي وضعا شاذا بفعل الاستبداد المزمن والدموي الذي عاشه تحت رعاية وكنف صدام حسين الذي خرج علينا بعض هذه النخب ليجعل منه شهيدا ! ماهذه الأمة التي تجعل من صدام حسين الذي كان بحوزة نجله صناديق من ملايين الدولارات كمصروف جيب . ولازالت ابنتاه تنعمان بما لذ وطاب كل هذا من عرق وكد الشهيد البطل صدام حسين ! أمريكا أخطأت في العراق خطأ قاتلا ولكنها حركت المياه الآسنة والشعوب تتعلم حتى من دماءها . والوضع العراقي حتى لو تمت تسيمته بشتى الأسماء لكنه بات وضعا يشبه إلى حد ما وضع [ الأقليم القاعدة للديمقراطية تشبيها بتعبير الدكتور نديم البيطار أحد أهم دعاة القومية العربية ] ليست كل الشعوب تنتقل للديمقراطية بسلاسة . وبقاء أمريكا في هذه المرحلة هو الضامن الوحيد لعدم تجدد الاستبداد الدموي في المنطقة والذي كان له عناوين عراقية والآن سورية وإيرانية . والمشكل ليست في أن من مصلحة أمريكا دول ديمقراطية في المنطقة المشكل هي عندنا : إذا تدخلت نقاومها وإذا لم تتدخل نقول أرأيتم إنها لاتريد الديمقراطية ..الخ وللحديث بقية ..
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد المالي والثقافي الديمقراطية تبيض الأثنين معا !
-
الموت منفي ,,,إلى الراحل سلطان أبازيد
-
رفع الغرب الغطاء أم أسدله ! المشكلة عندنا
-
التياران الإسلامي والقومي بين الدولة والأمة ؟
-
النفوذ السوري في تركيا وألمانيا ؟
-
الفتنة مفهوم إسلامي
-
الاستثمار الطائفي بين إيران والإسلام العربي !
-
لماذا ينجح اليسار في أمريكا اللاتينية وعندنا ينجح الإسلاميون
...
-
إعلان دمشق ما هو غير مفهوم !
-
ما جرى ويجري في العراق ليس وجهتنا
-
إعدام صدام حسين ثقافة الديكتاتور هي من أعدمته
-
القرار 1737
-
إعدام صدام حسين إحقاق حق أم خطأ أمريكي ؟
-
شرقنا الأوسط فعلا عاريا ! توماس فريدمان يعرينا
-
ليس دفاعا عن زياد بل
-
الديمقراطية هي الحل الجزء الأخير
-
الديمقراطية هي الحل 2
-
الديمقراطية هي الحل
-
المواطنة وحقوق الإنسان في سورية
-
المحكمة الدولية الفرصة الأخيرة
المزيد.....
-
دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
-
لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
-
انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
-
البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
-
اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا
...
-
بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا
...
-
الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا
...
-
كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
-
-نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض
...
-
البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|