أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار خضير عباس - مقولة الملك فيصل ..ليست سرمدية أو نصً مقدسًا














المزيد.....

مقولة الملك فيصل ..ليست سرمدية أو نصً مقدسًا


عبد الجبار خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8447 - 2025 / 8 / 27 - 02:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة نصٌّ يتداوله بعض المثقفين والإعلاميين، بوصفه نصًا سرمديًّا، هو قول الملك فيصل الأول: "في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد... إلخ". وكأنه نص مسلَّم به نهائي غير قابل لنقاش، راسخ أبدي عن طبيعة المجتمع العراقي!
من يقرأ النص من دون مسح ضوئي، أي يقرأه بتمعن وعمق، بالضرورة سيجد أن كاتبه إما ضليع في علم السوسيولوجيا أو الأنثروبولوجيا، أو شخصية فكرية مرموقة. فمن غير المعقول والمنطقي أن يكون الملك فيصل (رحمه الله) صاحب هذا النص الذي يبدو كأنه دراسة مضغوطة في علم الاجتماع. فالنص يحيلنا إلى كتابات ليفي شتراوس أو إدوارد سعيد، حيث إن صياغته لا تستقيم مع سياقات الواقع الفكري والسياسي والثقافي آنذاك في العراق والبلدان العربية إبان تلك المرحلة التاريخية. والتعامل مع هذه المفاهيم في الواقع العراقي يبدو أمرًا خياليًّا.
فواقع الحال يقول: إنه ليس نصًا خالصًا حرفيًا للملك فيصل، بل هو منتج زمكاني مرتبط بظروفه ودوافع منتجيه أو ما يرمون إليه. ومع إقرارنا أن الملك فيصل يعد من الملوك القلائل الذين يتمتعون بثقافة عامة وحنكة سياسية، ويجيد اللغة التركية والإنجليزية، إلا أن تحصيله العلمي لم يكن أكاديميًا بالمعنى الجامعي. إذًا، من غير المعقول والمنطقي قبولُ فكرةِ أن الملك فيصل قد تمكن من هذه القراءة التشريحية لوحده، وبهذا العمق والدقة في البنية الاجتماعية العراقية، لاسيما في مرحلة تاريخية لم تكن فيها العلوم الاجتماعية منتشرة عربيًّا.
عمومًا، يمكننا القول: إن انطباعات الملك في أثناء زياراته الميدانية، وتفقده لأحوال الرعية، ولقاءاته مع شيوخ العشائر، ولدت لديه تصورات بهذا الشأن. ولما كان محاطًا بجيش من المستشارين والخبراء المتخصصين، حتمًا فيهم من له القدرة على التحليل السوسيولوجي والأنثروبولوجي، وعن طريق الحوار معهم تولدت لديهم هذه القراءة، فصاغوها باللغة الإنكليزية، ثم ترجمت من قبل أكاديمي أو أديب إلى العربية. أو ربما أخذت من الرسائل التي يبعثها السير بيرسي كوكس ومعاونوه إلى الحكومة البريطانية. إذًا، من غير المرجح أن الملك، بأدواته المعرفية التقليدية، كان قد توصّل إلى صياغة أكاديمية بهذه التقانة والأسلوب. وكما هو معروف، ثمة أمر مألوف، أن الكثير من أقوال القادة ورؤساء الدول والملوك يجري تلميعها وتزويقها من قبل ضليع بالأدب أو الفكر أو السياسة.
هنا من الاجحاف ربط النص بالراهن العراقي، فالعراق تعرض لاضطرابات أمنية وانقلابات وحروب وحصار، فضلًا عن المحيط الجغرافي المعادي الذي لا يرى في تعافي العراق مصلحةً له، ودائمًا يراهن على ضعفه وتخلفه. فضلًا عن دور الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها قانون يمنع ظهور بناء دولة قوية على المياه الدافئة، أي الخليج العربي، والعراق مرشح مع إيران في هذه الرؤية. ثم إن أمن الخليج مرتبط بالأمن القومي الأمريكي، وغيرها من الأسباب...
نرى أن مقولة الملك ليست سرمدية، ومصداق ذلك هو التجربة السياسية الممتدة من ثورة تموز 1958 حتى العام 1979، التي شهدت عملًا دؤوبًا لتحقيق الاندماج الوطني، وبناء مرتكزات التحول الحضاري. إذ لم يكن هناك أي نَفَس طائفي أو عرقي ظاهر للعيان بين العراقيين، كما أصبح العراق يملك تفوقًا على دول الجوار في الصحة والتعليم وتنامي الصناعة والمشاريع الزراعية فيه. حتى حدثت الحرب وما رافقها من كوارث، وتداعيات غزو الكويت، والمد الإسلامي المتشدد، فحدث ما حدث من تغوّل الحس الطائفي الذي تحاول الأحزاب الإسلامية تنميته وإدامته، على العكس من إرادة العراقيين.



#عبد_الجبار_خضير_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغناء في الحج أيام الجاهلية وبداية الإسلام
- تكريم المبدعين من علامات رقي الأمم الروائي محمود سعيد ..انجا ...
- تكريم المبدعين من علامات رقي الأمم محمود سعيد..انجازات وعزلة ...
- مخاض المخلوقات المأزومة في رواية مذكرات دي
- غبار التضليل بشأن هوية بلاد النهرين
- تأويلات حبس الأنترنيت في العراق
- قانون منع الخمور ... تكريس القيم الداعشية في المجتمع العراقي
- سقوط بابل
- ما حَملهُ غبار يثرب من مهيمنات المعنى إبان الغزو /الفتح مازا ...
- سقف ذاكرة علي بدر الحضارية في رواية الوليمة العارية
- كتاب من العنف إلى التراحم..المصالحة من رحم المستحيل
- إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)
- قصف المملكة للمواقع الآثارية ...الصمت العالمي المخجل
- مقاربة نقدية...السنن التي قهرت المدينة
- خضير ميري ينقر ما تبقى من قمح أيامه وحيداً
- فك الارتباط برمال يثرب ...استعادة الذاكرة العراقية
- حضارة وادي الرافدين اختراع بشري نقض نظرية الكائنات الفضائي ...
- رمال يثرب...حمار الناعور
- تناصات توراتية.. ملحمة كلكامش (الجزء الثاني)
- تناصات توراتية ..ملحمة كلكامش (الجزء الأول) عشتا ...


المزيد.....




- تنبؤات حول هاتف ايفون 17 الجديد قبل نحو شهر من كشفه في سبتمب ...
- بعد إعلانهما عبر -إنستغرام-.. شاهد لقطات من خطوبة تايلور سوي ...
- خريطة لفهم تأثير مشروع E1 الإسرائيلي على مستقبل إقامة عاصمة ...
- استثمار بمليار دولار لتعزيز الهيمنة في الشرق الأوسط: ما هي ط ...
- ميدان عمر بن الخطاب ساحة أثرية مقدسية زاخرة بالمعالم التاريخ ...
- قصة الخطيبين غفران والأسير حسن.. عقدان من الانتظار
- روسيا تسقط عشرات المسيرات وترامب يجدد تهديدها بالعقوبات
- عاجل | القناة 12: رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان دعا ...
- ترامب يرأس-اجتماعا واسعا- في البيت الأبيض بشأن الأوضاع في غز ...
- غاز مسيل للدموع وأعيرة نارية.. قوات إسرائيلية تقتحم محل صراف ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار خضير عباس - مقولة الملك فيصل ..ليست سرمدية أو نصً مقدسًا