أسامة الأطلسي
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 18:26
المحور:
القضية الفلسطينية
في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة واحدة من أقسى المراحل الإنسانية في تاريخه الحديث، تتجه الأنظار نحو قيادة حركة حماس في الخارج التي تبدو وكأنها تعيش في عالمٍ موازٍ، بعيد عن واقع الحصار والجوع والدمار. هذا التناقض الصارخ يثير تساؤلات جدية حول طبيعة القيادة، وعمق التزامها الحقيقي تجاه الشعب الذي تدّعي تمثيله.
منذ بداية الحرب الأخيرة، عانى سكان غزة من انقطاع الغذاء والدواء والكهرباء، وأصبح الحصول على شربة ماء أو لقمة خبز تحديًا يوميًا. ومع ذلك، نسمع خطابات قيادات حماس في الخارج، محمّلة بالشعارات والوعود، لكن من دون خطوات عملية ملموسة تخفف من مأساة الناس. بل إن الكثيرين يرون أن هذه الخطابات لا تعدو كونها وسيلة للاستثمار السياسي والدعائي، أكثر من كونها انعكاسًا لمعاناة إنسانية حقيقية.
إن الفجوة بين حياة القادة في الخارج، حيث الرفاهية والحرية والقدرة على الحركة، وبين واقع الداخل الذي يرزح تحت الجوع والدمار، لم تعد مجرد انطباع شعبي؛ بل أصبحت قضية تُناقش علنًا على ألسنة الفلسطينيين أنفسهم. تصريحات مثل تلك التي صدرت عن "غازي حمد" قبل أسابيع – عندما دعا سكان غزة إلى الصبر في وقت يعيش فيه بعيدًا عن الجوع والخوف – عمّقت الشعور بانفصال القيادة عن قاعدتها الشعبية.
الواقع المرير يكشف أن الشعب في غزة لم يعد يبحث عن شعارات كبرى أو "انتصارات وهمية"، بل عن حلول عملية تُنقذ أرواح الأطفال، وتعيد للناس كرامتهم المهدورة. والسؤال الذي يطرحه المواطن الغزي اليوم: أين القيادة من واجبها الأخلاقي والإنساني؟ وهل يمكن لقيادة ترفل في النعيم أن تشعر حقًا بآلام من ينام على أصوات القصف ويصحو على صرخات الجوع؟
إن الشرعية الحقيقية لأي قيادة لا تُبنى على المنابر أو عبر قنوات الإعلام، بل من خلال تضحياتها وقدرتها على حماية شعبها ورعايته. ما لم تتغيّر هذه المعادلة، ستبقى حماس – بعيون كثير من الغزيين – حركة منشغلة بمصالحها السياسية على حساب دماء شعبها.
برأيي، لا خلاص لغزة إلا من خلال وقف فوري للحرب، وإعادة صياغة قيادة وطنية حقيقية، قيادة تحمل همّ الناس لا شعارات المؤتمرات. إن غزة لا تحتاج إلى قادة يتحدثون من فنادق بعيدة، بل إلى من يعيشون مع شعبها، يقاسمونهم الجوع والألم، ويعملون فعليًا على إنهاء هذا الكابوس.
ويبقى السؤال المفتوح أمام الجميع: هل آن الأوان لأن تعيد القيادة النظر في أولوياتها، وتختار أخيرًا أن تكون مع شعبها لا فوقه؟
#أسامة_الأطلسي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟