أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الكحط - الحضور والغياب لفعل الوسائط الحسية في فن الخزف: حوار في التجربة الفنية















المزيد.....

الحضور والغياب لفعل الوسائط الحسية في فن الخزف: حوار في التجربة الفنية


محمد الكحط

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 03:00
المحور: الادب والفن
    


للفنان ليث عباس
الخزف حقلًا فنيا ومعرفيًا وإنسانيًا

حاوره في السويد: محـمد الكحـط
الفنان ليث عباس (55 عاما) من الفنانين العراقيين المغتربين في السويد، وبعد أن أكمل البكالوريوس والماجستير من جامعة بغداد للفنون الحرة - قسم الخزف، أكمل الدكتوراه في الاختصاص نفسه، شارك في عشرات المعارض الفنية في العراق والسويد، منها خمسة معارض في عدة مدن سويدية، وله أيضا العديد من المعارض الخاصة، وهو مالك قاعة فنية في السويد، ومدير ورش عمل فنية، وعضو في الهيئة الإدارية لجمعية الفنون السويدية، وكذلك له استوديو سيراميك خاص في بغداد والسويد.
وكان حوارنا التالي معه في السويد حيث يساهم في عدة نشاطات.

- ممكن اعطاؤنا فكرة عن بداية نشوء وتبلور موهبة الفن لديك؟
- نشأت في بيئة فنية كون الوالد رحمه الله كان فنانا تشكيليا، وكوني نشأت في مدينة بغداد وفي أحد أحيائها الجميلة، تبلورت بداخلي بذرة الحس الجمالي مبكرا بفعل مشاهدات العمارة الحديثة وما تعلق معها من أعمال فنية كذلك البيئة الثقافية العراقية التي كانت ولازالت غنية وزاخرة، إلا أني استطيع أن أشخص نقطة مفصلية في توجهي الفني وهي تلك المتعلقة بتعليم والدي لي دروس المنظور في سن مبكرة من عمري، وهذا أثر بيَّ بشكل كبير على تنشيط الحس الجمالي ثلاثي الأبعاد، فقد رسمت ومنذ فترة مبكرة مجموعة من الهياكل المعمارية، كما شكلت دراستي الإعدادية في الفرع العلمي نقطة تحول أخرى، بمعنى انها ولدت عندي شغف العلم والمعرفة العلمية، والتي سنراها قد انعكست بشكل واضح فيما بعد بأقبالي نحو الخزف كونه حالة فنية علمية تحتاج لمستوى عال من المعرفة بالكيمياء.
وشكلت الدراسة الاكاديمية مفصلا هاما في حياتي الفنية، فالاحتكاك بالوسط الفني والأكاديمي، أعطاني تصورا عن المواضيع الدراسية مثل كيمياء الخزف والخامات والأفران، والدرس العملي، إضافة إلى مواضيع مثل تاريخ الفن وعلم الجمال والنقد بنية قوية لمعرفتي الفنية.
لك حضور جميل في معارضك، وخصوصا في السويد.. فكيف أثرت فيك الغربة؟
- الإغتراب، مفصل مهم في حياتي الفنية والاجتماعية، تراه قد انعكس في نشاطي الفني، الذي بقي نشطا ومكثفا إلى هذه اللحظة، بسبب السهولة النسبية لامتلاك مشغل الخزف، رغم الصعوبات، لكن هناك عوامل أخرى سهلت ذلك مثل البنية التحتية، والنقل، ومصدر الطاقة، ومن جهة أخرى كان نشاطي مكثفا بسبب التحديات لإثبات الوجود ولصنع دور مهم لي في بلاد المهجر، كما لا ننسى أن لتغيير البيئة والثقافة كوننا مهاجرين، ينعكس على أداء الفنان بشكل مؤثر، فتراني أحاول ان أنقل إحساس الدهشة والاكتشاف من خلال ما أطرحه من نتاجات فنية.

- ما هو التكنيك المتبع لاخراج هذه الألوان الزاهية وبهذه الأشكال المغلفة بالغموض؟
- في السويد، تولد عندي نوع ما أسميه الوهج التعبيري، لأني وجدت في وسط حركة فنية عالمية نشطة، فحاولت ان أطرح في أعمالي كل ما تجود به معرفتي وثقافتي الفنية، إضافة إلى استخدامات لتقنيات غير مألوفة ومواضيع وتكوينات قد ابتعد عنها الخزافون لصعوبتها، وانطلاقهم بشكل عام من ما يملكونه من تقنية وهي التي تقودهم لإنتاج أعمالهم، أما في حالتي فكان العكس هو الصحيح، وهو أن الموضوع التعبيري الفني الذي أحب القيام به هو الذي يفرض علي التقنية والأداء، وهو ما عملت عليه في عدة معارض على مدى عشر سنوات، أي قبل حدوث التحول الجديد في أسلوبي، كان ذلك المفهوم قد تمحور حول الأسطورة، وحتى بشكلها المعاصر. إننا إزاء جهلنا بهذا الوجود لازلنا نعالج هذه المشكلة بتأويلات أسطورية تشكل بها علاقتنا مع الكائنات الأخرى محور الحكايات، إن هذا يفرض علي مستوى أداء وتقنية ليست تقليدية، وهنا تظهر ضرورة تكييف المادة أي مادة الخزف لتستطيع ان تجسد هذه المنطلقات، فتقنيات أعمالي تبدأ من تحضير الأطيان التي تمتلك اللدونة في التشكيل والصلابة بعد الحرق فهذه نقطة مهمة فهي تساعد على صناعة تفاصيل دقيقة في العمل وكذلك تحملها الكسر والتلف بعد الحرق، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن عميلة التلوين والتزجيج تحمل في طياتها دراية وممارسة كبيرة، فقد استخدمت أولا تقنية الأطيان الملونة، واستخدام طرائق ووسائل تطبيق متنوعة، ومن ثم يتم طلاء العمل بأكاسيد وألوان تحت الطلاء الزجاجي، ثم مرحلة التزجيج الذي يتكون من تركيب متنوع من الألوان والتراكيب الزجاجية. ثم مراحل أخرى من التذهيب والطلاءات البورسلينية.

- ما الذي تخطط له من أعمال وانجازات؟
- أكيد ان المشاريع لا تنتهي، وتركزت نشاطاتي الأخيرة على البنيالات والمعارض العالمية، وهناك مشاركات ومشاريع قريبة وكثيرة، وبكل تأكيد ستكون لي نشاطات في بلدي الحبيب العراق، ستكون نشاطات بشكل معارض شخصية ومشاركات في المعارض السنوية، كما أقمت ستوديو خاص لي بالعراق أيضا سيكون نواة لمشاريعي في العراق ومدينتي بغداد.
- أرى لديك فلسفة خاصة ومتحيزة لفن الخزف؟ فما هيّ رؤيتك الخاصة لعوالم الخزف ...؟
تشكّل الوسائط الحسية (Sensory Media) أحد المحاور المركزية في الخطاب الجمالي المعاصر، خصوصًا في الفنون البصرية والمجسّمة، ومنها فن الخزف. فمع تطوّر المفاهيم الجمالية وتداخل الحقول المعرفية، لم يعد الخزف مجرّد ممارسة تقنية أو تزويقية، بل أصبح وسيطًا تعبيريًا يختزن داخله فعلًا حسّيًا مركّبًا، يتراوح بين الحضور المادي والغياب المجازي، وبين التفاعل الحيّ والانقطاع الصامت. هذه الثنائية – الحضور والغياب – تمثّل جوهر فهمي للوسائط الحسيّة في أعمالي الخزفية.
أولًا: الوسائط الحسية كمفهوم جمالي في الخزف
في جوهره، يتعامل الخزف مع الطين والنار والزمن، وكلها عناصر حسية. فالمادة (الطين) تستجيب للمس، والشكل يحرّك البصر، والسطوح تثير الحواس عبر ملمسها ولمعانها وشفافيتها. غير أن حضور الوسائط الحسية لا يقتصر على الجانب الفيزيائي، بل يمتد ليشمل تجلياتها الرمزية والوجدانية. فكل منحوتة خزفية هي فضاء تفاعلي بين الحضور المادي للكتلة، وغياب الجسد الإنساني الذي صاغها. إنها تحاكي لمسة اليد، لكنها تحتفظ بصمتها، كأنها أثر لما لم يعد موجودًا.
ثانيًا: الحضور والغياب كديناميكية حسية
يشير الحضور هنا إلى ما يمكن إدراكه مباشرة بالحواس: الكتلة، اللون، الملمس، الحرارة، الصوت حين يُقرع العمل، والرائحة حين يخرج من الفرن. أما الغياب، فهو ما يُستدعى عبر العمل من معانٍ وتجارب غير منظورة: الذاكرة، النداء الداخلي، الروح المختبئة خلف الطين، أو حتى الفراغات داخل المجسّم.
في أعمالي الخزفية، لا أُخضع الحواس للمباشر، بل أحرّضها على التأمّل. أحيانًا أُخفي الملمس خلف أسطح ملساء، وأحيانًا أُبرز الخشونة لتذكّر المتلقي بفعل الزمن والطبيعة. أستخدم التزجيج Glass Fusing أو شقوق راكّو Raku كعلامات على "التمزّق الحسي"، أو الغياب الناجم عن الحضور الزائد للزمن، أو للعوامل البيئية.
ثالثًا: الوسائط الحسية في تجربتي الخزفية
في مشروعي الفني، أحاول استنطاق الوسائط الحسيّة لا بوصفها أدوات لنقل الجمال، بل كفاعلين في إنتاج المعنى. فاللون في أعمالي ليس تزيينيًا، بل هو درجة انفعالية؛ والفراغات التي أتركها داخل الكتلة ليست نقصًا في التكوين، بل صوتًا غائبًا يُفترض أن يُسمَع بصمت.
أستخدم أحيانًا الطين الأسوَد (Black Clay) لتكثيف الشعور بالغياب، وجعل العمل أقرب إلى أطلال أو شواهد زمنية.
بينما تمنحني المينا الشفافة Glazes مساحة للحضور، عبر الكشف عن التفاصيل الدقيقة، أو تعزيز التناقض بين الكتلة والضوء.
أدخل أحيانًا عناصر زجاجية أو معدنية كمرايا لحركة الضوء والظل، لاستدعاء بُعدٍ حسيّ لا يُدرك إلا بتحرّك المتلقي حول العمل.
رابعًا: نحو تفعيل الوعي الحسي لدى المتلقي
إن فعل الوسائط الحسية في أعمالي الخزفية ليس غاية جمالية فحسب، بل هو دعوة للمتلقي لاستعادة علاقته بالجسد والحواس، في عالمٍ بات يهدّد الحضور الحسي بالافتراض الرقمي والواقع الافتراضي. لذلك أسعى إلى خلق علاقة تشاركية حسية، تُرغم المتلقي على أن "يحضر" هو أيضًا – ليس فقط بجسده، بل بإحساسه وذاكرته وخياله.
خاتمة:
إنّ التفاعل بين الحضور والغياب في الوسائط الحسيّة لا يعكس فقط تطورًا تقنيًا أو صوغًا جماليًا، بل يعيد تعريف الخزف بوصفه حقلًا معرفيًا وإنسانيًا. وفي تجربتي، يتجاوز الطين كونه مادة خامًا، ليغدو وسيطًا حيًا بين الجسد والذاكرة، بين اللمس والتأمل، بين ما يُقال وما يُلمَس دون كلمات.
- نتمنى لك النجاح والتألق الجميل ومستقبل زاهر.



#محمد_الكحط (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستوكهولم: محاضرة قانونية سياسية حول أتفاقية خور عبد الله للد ...
- مبدعون في الغربة قصة نجاح الدكتور معتز سامي الزهيري
- موضوع للحوار كرة القدم أفيون الشباب
- (اليسار والأدب في العراق) كان عنوان محاضرة للناقد أمين الموس ...
- في منتدى بيتنا الثقافي احتفاء بالدكتور شجاع العاني
- مبدعون في الغربة ضفاف سرحان عالمة عراقية الأصل مفخرة للعراق
- في منتدى بيتنا الثقافي.. طاولة مستديرة موضوعها.. الدور السيا ...
- في الأندلس محاضرة بعنوان ((البديل الثقافي.. مشروعا ورؤية))
- إحياء ذكرى الفقيد الدكتور لطفي حاتم
- مبادرة تستحق التقدير والأخذ بها
- موقف مبدئي ومسؤول تحية لفرقة طيور دجلة إصرار على المواصلة وا ...
- قوانين لصيانة كرامة المرأة أم تحط من كرامة وكيان المجتمع
- ستوكهولم: مجموعة مرايا فعالية منوعة مع محاضرة (توعية عن أورا ...
- ثورة الرابع عشر من تموز 1958 حلقة مفصلية في تاريخ العراق الح ...
- الصحافة اليسارية والشيوعية مدرسة الأجيال في الوطنية والنضال
- الحقيقة ما بين حرية التعبير وازدراء الأديان
- في معرضه الشخصي التاسع الفنان نوري عواد حاتم -أرسمُ الجمال.. ...
- أدباء أبكاني فقدانهم
- يوم النصير الشيوعي أستذكار المآثر البطولية للأنصار
- عرضٌ راق لفنٍ راق


المزيد.....




- نجوان علي: قلة الإنتاج السينمائي دفعتني الى الدراما التلفزيو ...
- الممثلة الإسرائيلية جادوت تزور ساحة المحتجزين في تل أبيب لإظ ...
- العمارة التراثية.. حلول بيئية ذكية تتحدى المناخ القاسي
- صدور -الأعمال الشعرية الكاملة- للشاعر خلف علي الخلف
- القدس تجمع الكشافين.. فعاليات دولية لتعزيز الوعي بالقدس وفلس ...
- زوار المتنزهات الأميركية يطالبون بسرد الوقائع الحقيقية لتاري ...
- استجابة لمناشدتها.. وفد حكومي يزور الفنانة المصرية نجوى فؤاد ...
- -أنقذ ابنه من الغرق ومات هو-.. تفاصيل وفاة الفنان المصري تيم ...
- حمزة شيماييف بطل العالم للفنون القتال المختلطة.. قدرات لغوية ...
- لتوعية المجتمع بالضمان الاجتماعي .. الموصل تحتضن اول عرض لمس ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الكحط - الحضور والغياب لفعل الوسائط الحسية في فن الخزف: حوار في التجربة الفنية