أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي القسيمي - النصوص المقدسة بين الأسطورة والواقع















المزيد.....

النصوص المقدسة بين الأسطورة والواقع


سامي القسيمي

الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 16:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لمن فاته الجزء الثاني، يمكنكم قراءته هنا:

https://www.ahewar.net/debat/show.art.asp?aid=877358

3.1 الكتب المقدسة: تراث إنساني أكثر من وحي إلهي

يركز هيتشنز على فكرة أن الكتب المقدسة، بما في ذلك التوراة والإنجيل والقرآن، ليست مصدرًا مباشرًا للوحي الإلهي، بل هي منتجات بشرية محضّة، تطورت عبر قرون من النقل الشفهي والكتابي والتفسير. هذه الكتب تعكس تجارب البشر في بيئات اجتماعية وسياسية مختلفة، وتجمع بين التاريخ والأسطورة والرمزية.

التوراة

التوراة، كما يرى هيتشنز، تحتوي على سرديات متناقضة حول أصل الكون، الخلق، الطوفان، ومصير الإنسان. على سبيل المثال، نسخ الخلق المختلفة في سفر التكوين تظهر اختلافًا واضحًا في ترتيب خلق الإنسان والحيوانات. هذه التناقضات تشير إلى أن النصوص قد تم تحريرها وتجميعها على مراحل زمنية مختلفة، وربما تعكس احتياجات سياسية أو اجتماعية لكل مرحلة.

الإنجيل

فيما يتعلق بالإنجيل، يشدد هيتشنز على أن العديد من القصص التي تحكي عن حياة المسيح ومعجزاته تحمل طابعًا أسطوريًا، وغالبًا ما تشابه الأساطير القديمة التي انتشرت في مختلف الثقافات. المعجزات التي تُنسب للمسيح، مثل تحويل الماء إلى خمر أو السير على الماء، تمثل رموزًا أكثر منها وقائع يمكن التحقق منها علميًا، ويشير هيتشنز إلى أن هذه القصص كانت وسيلة لتعزيز سلطة الكنيسة ونفوذها في المجتمع.

القرآن

أما القرآن، وفقًا لهيتشنز، فهو أيضًا نص بشري بالدرجة الأولى، رغم اعتقاد المؤمنين بوحيه الإلهي. القرآن جمع بعد وفاة النبي محمد، وقد شهدت عملية الجمع تحريرًا وتفسيرًا أدى إلى وجود اختلافات في فهم الآيات، وخاصة فيما يتعلق بالقوانين الأخلاقية والتشريعات. هيتشنز يرى أن هذه العملية البشرية للتدوين والتفسير تجعل القرآن نصًا غنيًا ثقافيًا وتاريخيًا، وليس وحيًا خالصًا بمعناه المطلق.

3.2 التناقضات الداخلية: دليل على الطبيعة البشرية للنصوص

من النقاط الأساسية التي يطرحها هيتشنز هي التناقضات الواضحة في النصوص المقدسة. هذه التناقضات ليست مجرد أخطاء طفيفة، بل تعكس تصادم وجهات النظر المختلفة للمجتمعات والأجيال التي أنتجت هذه النصوص.

أمثلة على التناقضات في التوراة

• سفر التكوين: هناك نسختان لسرد خلق الإنسان، الأولى تصف خلق آدم وحواء معًا بعد الحيوانات، والثانية تضع حواء بعد آدم فقط.
• الطوفان: في بعض الفصول، يُذكر أن نوح أخذ زوجًا واحدًا من كل حيوان، وفي أماكن أخرى يُذكر زوجين من كل نوع.

التناقضات في الإنجيل

• معجزات المسيح: تناقضات بين الأناجيل الأربعة حول تفاصيل المعجزات مثل إطعام الجموع أو قيامة يسوع. هذه الاختلافات تشير إلى اختلاف مصادر السرد وطرق النقل، وهو ما يجعله نصًا بشريًا قابلًا للتأويل.

التناقضات في القرآن

• بعض الآيات تدعو للرحمة والمغفرة، بينما تظهر آيات أخرى تحث على القتال والعقاب. هذه التناقضات تشير إلى أن النصوص قد أُنتجت في سياقات اجتماعية وسياسية متغيرة، ولا يمكن قراءتها كنص متسق واحد المصدر.

3.3 قراءة نقدية للمعجزات

يولي هيتشنز اهتمامًا كبيرًا للمعجزات المروية في النصوص الدينية، معتبرًا أن هذه المعجزات غالبًا ما تُستَخدم لإضفاء شرعية على الرسالات الدينية، لكنها لا تتحمل فحصًا علميًا أو تاريخيًا.

المعجزات في التوراة

مثال على ذلك شق البحر الأحمر، الذي يُروى في سفر الخروج. هيتشنز يشير إلى أن هذه القصة، رغم أهميتها الرمزية للمؤمنين، لا توجد لها دلائل أثرية أو علمية، مما يجعلها أقرب إلى الأسطورة منها إلى التاريخ الموثق.

المعجزات في الإنجيل

المسيح، وفقًا للإنجيل، قام بعدة معجزات: شفاء المرضى، إحياء الموتى، والتحكم بالعناصر الطبيعية. هيتشنز يرى أن هذه المعجزات تمثل أساطير رمزية لتعزيز سلطة الكنيسة، وليس أحداثًا يمكن إثباتها تاريخيًا.

المعجزات في القرآن

انشقاق القمر، ونجاة النبي محمد من المؤامرات، والآيات الكونية، كلها أمثلة على المعجزات القرآنية التي تمثل رمزية دينية أكثر من كونها أحداثًا يمكن اختبارها علميًا. هيتشنز يشدد على أن هذه المعجزات لا تخضع لمنهجية علمية، وبالتالي لا يمكن أن تكون دليلًا على تدخل قوة خارقة.

3.4 النصوص المقدسة والأساطير القديمة

يُبرز هيتشنز تشابه النصوص المقدسة مع الأساطير القديمة، سواء كانت يونانية، رومانية، هندية أو عربية. القصص عن الآلهة التي تتحكم بالطبيعة أو البشر كانت موجودة قبل ظهور الديانات السماوية، والنصوص الدينية الحديثة يمكن اعتبارها امتدادًا لهذه التراثيات الرمزية.

• اليونان والرومان: البرق والرعد كرموز للآلهة، قصص الأبطال والخوارق، كلها تشابه مع معجزات الأنبياء.
• الهند: قصص الخلق والفصول الأربعة، التدخل الإلهي في شؤون البشر.
• العالم العربي قبل الإسلام: الأساطير التي فسرت الظواهر الطبيعية، مثل الرياح والأمطار، كأفعال للآلهة.

هذه المقارنات تظهر أن النصوص المقدسة ليست منفصلة عن التراث الثقافي البشري، بل هي استمرار لسرديات أسطورية تم تطويرها لتلائم المعتقدات الدينية والسياسية.

3.5 النقد العلمي مقابل التفسير الديني

هيتشنز يعرض بشكل متكرر الفرق بين المنهج العلمي الذي يعتمد على التجربة والملاحظة، وبين المنهج الديني الذي يعتمد على الوحي والتقاليد.

التطور كبديل للتصميم الذكي

• الانتقاء الطبيعي: يوضح هيتشنز أن التعقيد في الكائنات الحية يمكن تفسيره عبر العمليات الطبيعية مثل الانتقاء الطبيعي، دون الحاجة إلى فرضية مصمم خارق.
• الفيزياء الحديثة: تفسير الكون، نشوء النجوم والمجرات، يمكن فهمه عبر قوانين الطبيعة دون الحاجة لتدخل إلهي مباشر.

العقل مقابل الإيمان

• العلم يشجع على التساؤل المستمر والتحقق من الفرضيات، بينما الدين غالبًا يقدم إجابات جاهزة تُقيد التفكير النقدي.
• حجة التصميم الذكي، وفق هيتشنز، لا تحل المعضلة بل تنقلها لمستوى أعلى: إذا كان الكون يحتاج مصممًا، فمن صمّم المصمم؟

3.6 السياق الاجتماعي والسياسي للنصوص

هيتشنز يوضح أن النصوص المقدسة لا يمكن فهمها خارج سياقها الاجتماعي والسياسي. النصوص الدينية غالبًا ما تعكس مصالح الحكام، الأنظمة الاجتماعية، وتقاليد المجتمع، وليس مجرد رسائل إلهية خالصة.

• التشريعات والأوامر في النصوص غالبًا ما تخدم استقرار السلطة أو تنظيم المجتمع.
• القصص الرمزية تُستخدم لتقوية الانتماء الديني وتوجيه السلوك الاجتماعي.

الكتاب يقدّم قراءة نقدية معمقة للنصوص المقدسة، تؤكد على أنها نصوص بشرية، متراكمة تاريخيًا، مليئة بالتناقضات، تعتمد على الرمزية أكثر من الحقائق المطلقة، وتحوي معجزات لا تخضع للتحقق العلمي. هيتشنز لا يهاجم الإيمان كأيديولوجية، بل يدعو لفهم النصوص المقدسة كنصوص تاريخية وثقافية، وأن العلم والمنطق يمكن أن يقدما تفسيرًا أكثر دقة وموضوعية للكون والحياة.

يقول هيتشز:

"الكتب المقدسة ليست وحيًا سماويًا محضًا، بل هي انعكاس لتجارب الإنسان وتاريخه، مليئة بالتناقضات والرموز التي تكشف عن طبيعتنا البشرية."

ترقّبوا في الجزء القادم:

كيف يمكن للأخلاق والإنسانية أن تزدهر بلا دين؟ وما الدور الحقيقي للدين في السياسة؟ القصة لم تنته بعد…



#سامي_القسيمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والعنف... بين المعتقد والدمار
- حين يكفّ الإله عن العظمة: قراءة تمهيدية في فكر كريستوفر هيتش ...
- الصراع بين الدين والعبثية
- لماذا نحن، ولماذا هم؟
- السعودية والإمارات: خمسون عامًا من الظلال - التطرف، الاغتيال ...
- دور المملكة العربية السعودية في تمويل الإسلام ونشوء الجماعات ...
- برنامج الحج عبر الإنترنت: تجربة الحج في عالم الواقع الافتراض ...
- الحيوانات المتفوقة: تحديات وجودية في ظل عبثية الخلق
- تحليل فلم صاحب المقام للكاتب ابراهيم عيسى
- بائعة جسد متطرفة
- السبايا في القرآن والسنة
- فنون المسلمون في إذلال الذميين
- الحشيش بديلا عن القات في اليمن – رؤية إقتصادية وصحية - جزء ث ...
- الحشيش بديلا عن القات في اليمن – رؤية إقتصادية وصحية - جزء أ ...
- أين هو قبر النبي محمد ؟
- الأمثال والتعابير التي إقتبسها القرآن من الكتب المقدسة
- الحجر الأسود والوثنية
- الحرق وداعش في التراث الإسلامي
- محاولة إنتحار (محمد) وعلاقتة بمرض BPD
- إعصار تسونامي وأسطورة المساجد الصامدة


المزيد.....




- فيديو.. إصابات في إطلاق نار في حي يهودي في نيويورك
- يسرائيل هيوم: أنباء عن 7 مصابين في حادث إطلاق نار بحي يهودي ...
- 3 قتلى في إطلاق نار بحي يهودي في نيويورك
- راهبة أمريكية: حماس حركة مقاومة تدافع عن شعبها.. والمسيحيون ...
- الاحتلال يغلق مدخل سلفيت الشمالي
- الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في -إسرائيل- يهاجم نتنياهو و ...
- كنائس بروتستانتية تدعو الحكومة الهولندية للاعتراف بدولة فلسط ...
- الرئيس السوري يؤكد دور الكنيسة في ترسيخ أواصر المواطنة والوح ...
- إيهود باراك: نتنياهو يكذب كما يتنفس.. وترامب لا يفهم شيئا في ...
- راهبة أميركية: حماس حركة مقاومة والمسيحيون يعانون بسبب الاحت ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي القسيمي - النصوص المقدسة بين الأسطورة والواقع