فاطمة عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 22:33
المحور:
الادب والفن
الجندرية، و تستثمر فيه أدوات التفكيك والنقد النسوي دون الوقوع في الحسم الأيديولوجي أو التنميط الخطابي.
بهذه الكيفية، تساهم الرواية في إثراء السرد النسوي العربي بوصفها مشروعاً كتابياً يزعزع مركزية المعنى ويعيد إنتاج الذات الأنثوية في صيرورة لغوية غير مكتملة، حيث الجندر لا يقدم كجوهر، بل كأداء تتقاطع فيه اللغة مع الجسد واللاوعي. وإذا كانت رواية "الباب المفتوح" للكاتبة لطيفة الزيات تموضع الذات الأنثوية داخل خطاب تحرري اجتماعي صريح، فإن حورية والوحش تنقل تلك الذات إلى تخوم التفكك و اللايقين، حيث تتحول الهوية إلى سؤال مفتوح لا يبتغي الاستقرار بل المراوغة. وفي مقابل المنفى الجسدي والصمت الحاد الذي يوسم أدب هدى بركات، تستعيد هذه الرواية الجسد بوصفه أثراً لغوياً قابلاً للانتهاك والكتابة في آن، بينما تتجاوز البعد الإيروتيكي الطاغي في سرديات أحلام مستغانمي إلى أفق شعري وجودي يتوسل الغواية لا من أجل المتعة، بل بغية كشف الندبة وتأويل اللامرئي .
هكذا تتجلى حورية والوحش لا كمجرد إعادة كتابة نسوية، بل كخطاب سردي معقد، يعيد مساءلة تمثيلات الجسد، ويقوض سرديات الهيمنة، ويقترح تموضعاً جديداً للأنوثة في المتخيل السردي العربي.
بهذا المعنى، تشكل حورية والوحش إسهاماً نوعياً في إعادة تشكيل السرد النسوي العربي من الداخل، ليس عبر تقديم صورة بديلة للمرأة أو استبدال ثنائية الهيمنة/الخضوع بثنائية معكوسة، بل من خلال تفكيك بنية التمثيل ذاتها، وكشف أن كل صورة هي نتاج لغوي هش، وأن الذات الأنثوية لا تمنح سلفاً، بل تتشكل وتتفكك داخل فضاء الكتابة بوصفها أثراً دالاً لا جوهراً مكتملاً . فالرواية تشتغل على تخوم اللغة والجسد، الرغبة والصمت، لتؤسس خطاباً سردياً يتجاوز التقريرية النسوية إلى أفق تأويلي مقلق، تنصهر فيه الأدائية الجندرية مع الهشاشة الوجودية، وتعاد فيه مساءلة الذات بوصفها فعلاً تأويلياً لا يكتمل.
#فاطمة_عبدالله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟