|
قراءة نقدية في رواية حورية و الوحش
فاطمة عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 20:11
المحور:
الادب والفن
دراسة نقدية من إنجاز فاطمة عبدالله
# تفكيك الهوية الجندرية و تمثيلات الذات في رواية « حورية والوحش » للأديبة التونسية فاطمة محمود سعد الله : قراءة في خطاب سردي ما بعد حداثي
"الجندر ليس ما نحن عليه، بل ما نفعله مراراً وتكراراً " بهذه العبارة المفصلية من جوديث بتلر في Gender Trouble، تنكشف هشاشة التصور الجوهراني للهوية الجندرية، وتظهر الذات بوصفها أدائية لغوية، قابلة للتشكل والتفكك. ومن هذا الأفق النظري، تُقرأ رواية «حورية والوحش» لا كسرد ذاتي فحسب، بل كنص يحفر في البنى العميقة للذات الأنثوية، ويفكك التمثيلات المستقرة للجسد، والهوية، والرغبة ضمن خطاب روائي ما بعد حداثي تتقاطع فيه اللغة مع الجندر، والصدمة مع المقاومة... تنتمي الرواية إلى جنس السيرة الذاتية النسائية، لكنها تتجاوز الطابع التقريري إلى تفكيك البنى الخطابية التي صاغت الأنثى كتمثيل رمزي داخل ثقافة ذكورية. وتسائل الرواية ثبات الهوية في ظل وعي متحول بالذات واللغة، حيث تتحول الكتابة إلى فعل مقاومة سردية ضد التشييء والتواطؤ الرمزي. بناءً على ذلك، تطرح هذه الدراسة سؤالاً محورياّ: كيف تعيد الرواية بناء تمثيلات الجسد والهوية الجندرية؟ لا بوصفها خطاباً عن المعاناة، بل كبنية رمزية تقاوم التشييء، وتفكك فاعلية الذكر بوصفها مرجعية ثابتة...
وانطلاقاً من هذا التصور، تعتمد هذه القراءة مقاربة مركبة تنفتح على: النقد التفكيكي، لتعريه ثنائيات المعنى وكشف لا استقراريته،
والتحليل النفسي اللاكاني، الذي ينظر إلى الذات بوصفها بنية لغوية تتأسس عبر الانقسام والاختلاف. والنقد النسوي ما بعد البنيوي كما تبلور في طروحات بتلر وراويل كونيل، حيث يفهم الجندر كأداء قسري يمكن فضحه أو إعادة صياغته. هذه المناهج لا توظف كمقولات جاهزة، بل كعدسات تأويلية تحاور الرواية وتفكك طبقاتها. و تنبثق من ذلك مجموعة من الأسئلة التحليلية: كيف يتموضع الجسد الأنثوي كحقل للمعنى لا كمجال للتشييء ؟ كيف تفكك الرواية الهوية الجندرية بوصفها بناءً هجيناً يعبره القلق والتوتر والرمز؟ وما الدور الذي يلعبه المرض والموت الرمزي في إنتاج وعي نسوي بديل؟ وكيف تسهم اللغة الشعرية والتناصات الصوفية في تشكيل خطاب ذاتي متشظّ يعيد تعريف الذات في مواجهة مؤسسات القمع الرمزي؟ بهذه الرؤية، تقارب «حورية والوحش» لا بوصفها حكاية عن الحب أو الألم، بل كخطاب سردي متداخل الطبقات، يكتب الذات الأنثوية وهي تتشكل داخل تماس دائم بين الغياب والحضور، وبين المقاومة والانكسار، وبين الجسد بوصفه أثراً ؟ لغوياً ، والهوية بوصفها فعلاً تأويلياً لا يكتمل ....وبهذا التأسيس المفهومي، يغدو الانتقال إلى الفصل الأول ضرورة تأويلية، حيث تبدأ البنية السردية في تجسيد تلك التوترات الرمزية بين الأثر والهوية، وبين الغياب كقيمة سردية والحضور كإمكانية تأويل.
الجسد كأثر، والهوية كتمازج رمزي يفتتح الفصل الأول، الموسوم بـ"في حقل الذكريات"، البنية الرمزية للرواية، بوصفه تمهيداً سردياً يتقاطع فيه الحسي والذهني، الواقعي واللاواعي، عبر ثنائية مركزية تتمثل في شخصيتي عمر وحورية. فمنذ العنوان، يقدم الحقل بوصفه فضاءً دلالياً مشبعاً : ليس مجرد مكان زراعي، بل مسرحاً للنبش في الذاكرة، حيث يتقاطع الزمان (الذكريات) بالمكان (الحقل)، لتنكشف تشققات الهوية الذكورية وتصدعاتها في مواجهة حضور أنثوي رمزي.
تتأسّس هذه البنية على تقابل رمزي جوهري:
عمر: العقلاني / الواقعي / الذكوري
حورية: الحلمي / اللاواعي / الأنثوي
غير أن هذا التقابل لا ينتج ثباتاً سردياً ، بل يفجر توتراً داخلياً يعرّي هشاشة الذات الذكورية، التي تبدو مترددة بين منطق السيطرة ورغبة الانجذاب. ففي ضوء التحليل النفسي (اللاكاني)، يمكن النظر إلى حورية بوصفها تجل للرغبة المكبوتة في لاوعي عمر، لا ككائن واقعي بالضرورة. فهي لا تحضر كموضوع حب تقليدي، بل كمرآة تعيد له تمزقات ذاته، وتجسد انكشاف الذكورة حين تواجه حدود تمثيلها.
تنهض هذه الثنائية على استعارات متشابكة، منها: المشروع الزراعي: هل هو رمز للخصوبة، أم تعويض عن فشل وجودي؟ حورية: هل هي كائن حي، أم تمظهر شبحي لرغبة مشتهاة؟
كل هذه الأسئلة تفرغ العلاقة من بعدها العاطفي لصالح قراءة رمزية تعري البنية الذكورية في لحظة ارتباكها، حين تدرك أن الآخر الأنثوي لم يعد موضوعاً سلبياً، بل قوة رمزية تقوض استقرارها وتظهر تصدعها.
ضمن هذا السياق، يقارب اللقاء بين عمر وحورية كـفعل انكشافي لا عاطفي، يكشف عن تفكك الهوية الذكورية في مواجهة الآخر الأنثوي لا بوصفه موضوعاً للرغبة، بل ككيان دلالي يخلخل موقع الفاعل الذكوري ويعيد توزيع السلطة الرمزية داخل النص.
الذات الأنثوية بين التصدع والتأمل يعيد الفصل الثاني، "خطان متوازيان"، رسم ملامح الهويات النسائية في مجتمع آخذ في التحول، حيث تتوسط حورية فضاءً تأملياً يعري تناقضات القيم السائدة. من خلال سرد غير خطي يتكئ على تناص صوفي وبصري، تقوض الرواية الثنائيات المتجذرة (مثل ذكر/أنثى، أصالة/تحرر)، وتعيد تشكيل الذات الأنثوية بوصفها كائناً رمزياً متشظياً و منفتحاً على المعنى. يتكامل هذا الفصل مع سابقه في إنتاج خطاب تفكيكي، يتجاوز الطرح النفسي إلى مساءلة الهوية بوصفها بنية لغوية وتاريخية، ويحول السرد إلى مرآة للذاكرة الجماعية النسوية. إذ لا تسعى الرواية إلى الخلاص، بل تكشف تفكك الذات الفردية والنسوية ضمن زمن التحولات، حيث تتحوّل اللغة من وسيلة تواصل إلى أداة تفكيك وتأمل وجودي.،
ينتقل السرد في الفصل الثالث ( في الحمام الشعبي)من الواقع الخارجي إلى تمثيل الجسد الأنثوي كفضاء رمزي للمقاومة والقلق. الحمام الشعبي يتحول من طقس يومي إلى لحظة مكاشفة، تعري هشاشة الذات، وتكشف عن قلق لا شعوري تمثله "الكتلة" بوصفها انبثاقاً نفسانياً مكبوتاً عبر منظور نسوي، يعاد للجسد موقع الفعل والوعي، لا الخضوع، وتصبح الكتابة وسيلة مقاومة وتمكين.
أما الفصل الرابع( غيمة تمطر في الذاكرة)، فيرسم سردية الحنين والانتماء، حيث يتحول المطر إلى محفز رمزي للذاكرة العاطفية والوطنية، وتغدو العلاقة مع "عمر" تمثيلاً حباً و وطناً و هوية. يستدعي النص فلسفة "زوربا" كمجاز للحرية والرقص، ضمن سرد شاعري تتداخل فيه الأزمنة والتجارب.
كلا الفصلين الثالث و الرابع يقدمان صورة المرأة ككائن متوتر بين الهشاشة والقوة، بين الجسد والروح، بين الحب والانتماء، ويجعلان من الذات الأنثوية مشروعاً تأويلياً مفتوحاً يقاوم النسيان ويعيد تعريف العلاقة بالزمن والوجود.
الجسد في مواجهة الانهيار – تمثيل الهاجس الوجودي في السرد النسوي في الفصل الخامس ( حورية )، تبلغ الرواية ذروة التحول من التمثيل الرمزي للجسد الأنثوي إلى سردية وجودية تنهض على التصدع والقلق. يتحوّل المرض من كيان بيولوجي إلى مجاز للانهيار النفسي والمعرفي، و يغدو "الوحش" تعبيراً عن اللايقين والفراغ الكامن خلف مظهر التماسك. الجسد، الذي شكّل في الفصول السابقة فضاءً للحلم والتأمل، يتبدى هنا كـ"نص مأزوم" يحمل آثار الانهيار الداخلي. كما تصف جوليا كريستيفا في حديثها عن الجسد في الأدب النسوي: "الجسد الأنثوي ليس موضوعاً للتمثيل، بل مجال للانكسار اللغوي والانفجار الدلالي"
اللغة السردية تتخلى عن انتظامها، وتنفتح على مجاز شعري يغرق في التناصات الصوفية والطبيعية (القمر، البحر، المرآة)، بما يعكس تشظي الذات وتفكك مرجعية الزمن. في موازاة ذلك، يعاد تشكيل الذكورة لا كسلطة، بل كحضور مرافق، يشكل توازناً هشاً مع ذات أنثوية تتأرجح بين الخوف والرغبة في النجاة. اذا الفصل الخامس بيان سردي عن القلق المعاصر للأنثى، حيث يصبح الجسد موقعاً للتوتر بين الحياة والموت، بين الصمت والكلام، وتتجلى الكتابة بوصفها مقاومة رمزية لانهيار الكينونة.
الجسد المهدّد والهوية في مرآة الألم. يتخذ السرد في الفصلين، الفصل السادس ( في قاعة الانتظار)و الفصل السابع ( بين القبول و الرفض ) منحى تصعيدياً على مستوى التوتر الوجودي، إذ يتحول الجسد الأنثوي من فضاء رمزي للبوح والتمرد إلى نقطة انهيار تواجه فيها الذات أسئلة الحياة والموت، والمكانة الاجتماعية في لحظة العجز.
المرض كزلزال وجودي يروى السرطان لا كحدث بيولوجي، بل كشرخ كينوني يعيد صياغة علاقة البطلة بجسدها وبالعالم. يصبح اسم "ناجية" تجسيداً مريراً للمفارقة:
"تكرر النداء ثلاث مرات دون أن يكون لناجية حضور أو صوت". وفي مشهد يعكس الانهيار الداخلي، تقول الساردة: "وقع هذا الخبر من نفس حورية وقع صاعقة سقطت على سقف هش".
الذات المريضة – من الإنكار إلى الرفض الوجودي تسلك حورية مساراً نفسياً متأرجحاً بين الإنكار والخوف، يتجلّى في رفضها للخضوع للعلاج الكيمياوي، باعتباره تمطيطاً للألم لا خلاصاً منه:
"لن أستسلم... ما الذي يجبرني على تجرع العذاب قطرة قطرة؟" بهذا تعيد الكاتبة تعريف النجاة لا كاستمرار فيزيولوجي، بل كحفاظ على الكرامة والاختيار.
اللغة السردية – المشاعر في هيئة صور تصاغ التجربة المرضية من خلال لغة شعرية استعارية تعكس الداخل المهتز للبطلة:
"هطل من عينيها سيل بلل فيها كل شيء"، "فراغ المقعد الذي تحول فجأة إلى كهف".
هذه الصور تحول الألم إلى بنية سردية داخلية، يتماهى فيها المكان مع الشعور.
الجسد والخذلان – مقاربة نسوية تكشف الرواية عن هشاشة البنية الاجتماعية في التعامل مع المرأة المريضة، حيث تتحول الرعاية إلى عبء، والأنوثة إلى عبء مضاعف. تقول سلمى: "زوجها استكثر عليها بضعة أشهر من الرعاية... صار يطلب منها أن تنام في مكان آخر لأن أنينها يزعجه".
وبالتالي في هذين الفصلين السادس و السابع، لا تصف الرواية المرض فقط، بل تفكك الثقافة المحيطة به، وتعيد طرح الجسد الأنثوي بوصفه موقعاً لتقاطع الألم الشخصي بالعنف الرمزي. كما تعبر الكاتبة عن تمثيل أنثوي حداثي يعترف بالضعف لا بوصفه هزيمة، بل شكلاً من المقاومة الهادئة. وبهذا المعنى، تتحقق مقولة إيلين شووالتر: "الكتابة النسوية ليست فقط عن المرأة، بل عن التجربة المعاشة للجسد والهوية في وجه البُنى القمعية."
من التمزّق النفسي إلى الوعي النسوي تمثل الفصول من الثامن إلى العاشر تصعيداً دلالياً ونقطة انعطاف في السرد، حيث تنتقل حورية من الذروة النفسية للانهيار إلى استعادة رمزية للذات، ثم إلى انكشاف تراجيدي لمأساة نسوية تتجاوز التجربة الفردية.
ففي الفصل الثامن "الهروب"، يتحوّل الطريق إلى مرآة لانفجار داخلي، فتسقط البطلة أزمتها النفسية على الطبيعة من خلال تقنية الإسقاط، ويتجسّد الوحش بوصفه حالة ذهانية داخلية:
"يكبر ذاك الشبح ويطول... ويتمدد داخلها حتى يهيأ لها أن شرايينها تنتفخ وتنفجر". هنا، تقود المرأة سيارتها في لحظة هيجان، وكأنها تقود وعيها نحو الاصطدام بالحقيقة، قبل أن يعيدها الواقع الذكوري إلى موقع الخضوع، لا بالاحتواء بل بالصدمة.
أما في الفصل التاسع "الفراولة"، فتحضر الطبيعة كرمز للخصوبة والشفاء، وتصبح الزراعة فعلاً تحررياً يعيد للبطلة سلطتها الجسدية والمعنوية: "كانت ترى حبات الفراولة تتخفى بين الأوراق... كعذراء تتستر من عيون المتحرشين". يتحول الجسد هنا من مصدر ألم إلى طاقة إنتاجية، تنخرط فيها البطلة ضمن مشروع نسوي جماعي يكسر عزلة المعاناة.
اما في الفصل العاشر( في المأتم)، تبلغ الرواية ذروتها التراجيدية من خلال استعادة حكاية "ناجية"، التي تمثل فقداً مزدوجاً: بيولوجياً واجتماعياً ، تقول الرواية: "نجت ناجية جنيناً لأن رحم والدتها كان لها حضناّ حافظاً... ولكنها لم تنج من المرض شابة". ينكشف المجتمع كقوة قمعية تتواطأ ضد المرأة في لحظة هشاشتها، عبر الإهمال، الفقر، والخذلان العاطفي. تتكامل هذه الفصول في صياغة خطاب نسوي نقدي، تتحول فيه المرأة من موقع الألم الخاص إلى صوت جمعي يعرّي بنية القهر. وكما ترى جوليا كريستيفا، فإن "الكتابة الأنثوية ليست فقط استعادة للجسد، بل إعادة تشكيل للغة ذاتها"، وهو ما تحققه الرواية بتكسير الخطية، وتكثيف الرموز، وتحويل الألم إلى أداة كشف معرفي ونقدي.
الألم كوعي نسوي يشكّل الفصلان الحادي عشر "هندة.. والمحطة الأخيرة" و الفصل الثاني عشر "جلسة الشيميو الأولى" منعطفاً سردياً كثيفاً في رواية حورية والوحش، حيث تقدم ثنائية وجودية تتمثل في موت "هندة" وبداية علاج "حورية"، ضمن مقاربة تجمع بين الاجتماعي والرمزي.
ثنائية الحياة و الموت يجسد موت هندة مأساة نسوية صامتة، تختزل تقاطع المرض مع العزلة والفقر، حيث تتكرر العبارة:
"وماتت هندة..." لتؤكد فداحة الخسارة، وتحول الموت إلى رمز طبقي – نسوي، يعكس التهميش المجتمعي للمرأة المريضة. بالمقابل، تشكل تجربة العلاج لدى حورية انتقالاً من الإنكار إلى الاعتراف، ومن الانهيار إلى بداية التحدي، يتجلى في العبارة: "حورية في هذه اللحظة ليست هي... وهذا الجسد لا تعرفه." البنية السردية والرمزية يعتمد السرد على ضمير الغائب الداخلي، محملاً بلغة شعرية ومجازات جسدية (كالاحتراق، الفراغ، والماء)، تعمّق من أثر الألم. يتحول الجسد إلى ساحة صراع بين البقاء والانطفاء، بينما يقرأ العلاج كـ"طقس عبور" نحو استعادة الذات.
الدلالة النسوية تمثل "هندة" المرأة المهملة التي تموت في الظل، رمزاً لـ"الصامتات"، بينما تظهر "حورية" كصوت يقاوم لا بالانتصار الجسدي بل بالاعتراف بالهشاشة. بذلك، تنقل الرواية خطابها النسوي من التنديد المباشر إلى تفكيك ثقافة الصمت والقهر. كما تشير الناقدة إلين شووالتر: "الكتابة النسوية ليست مجرد رواية عن النساء، بل تفكيك للغة التي حجبت تجاربهن."
اي الفصلان يقدمان سردية معقدة عن الجسد المهدد، حيث يتقاطع الألم الفردي مع نقد اجتماعي حاد، ويتحول المرض من حدث بيولوجي إلى تجربة وجودية تكتب بلغة مقاومة، جمالية وحميمية في آن.
بين الحلم والوعي – تعدد تمثلات الأنوثة يشكّل الفصل الثالث عشر "مملكة الحور" و الرابع عشر"خير زاد" بنية سردية مزدوجة تبرز تحول الرواية من التلقي العاطفي إلى الوعي النقدي. تجسد "حورية" كرمز يوتوبي للأنوثة الحالمة، ذات حضور طيفي يتماهى مع الجمال والعاطفة في فضاء شبه صوفي، كما في مشاهد الطائرة والغيوم التي تحاكي الهروب من الواقع. بالمقابل، تقدم "خير زاد" صورة المرأة الواعية، الناقدة، ذات الموقف الثابت، التي تكشف هشاشة التصورات الثقافية السائدة عن الجسد والهوية.
"كانت حورية تسبح في خيالها، أما خير زاد فكانت تغرز قدميها في الأرض كجذع نخلة".
تكشف العلاقة بين الشخصيتين عن توتر سردي دال: الأولى تميل إلى الحلم والرغبة، والثانية تنزع نحو الحقيقة والموقف. هذا التباين لا يطرح كتناقض بل كتكامل سردي، يفكك من خلاله النص الصور النمطية للمرأة، ويعيد تشكيلها عبر ازدواجية الحلم/الوعي، والضعف/القوة. وبالتالي يسهم هذان الفصلان في توسيع الأفق الجندري للرواية، حيث لا تختزل الأنثى في دور واحد، بل تكتب ككائن متعدد، يعيش توتراته و يصوغ وعيه داخل عالم لا يخلو من الأسطرة والصدمة معاً...
الشعر، البحر، والجسد – كتابة الذات في أفق التحول يقوم الفصل الخامس عشر( بين الشعر و البحر )على جدلية رمزية بين البحر والشعر، حيث يشكل المكان (سيدي بوسعيد) فضاءً علاجياً تتقاطع فيه الجغرافيا مع الذاكرة والروح. تتجمع الشخصيات النسوية الثلاث (حورية، خير زاد، ريحانة) في مشهد مشبع بالدلالة الجمالية والحميمية، وتتحول الطبيعة (البحر، مشموم الياسمين، القهوة العالية) إلى وسائط استعادية تربط الذات بذاتها. يستثمر السرد تقنيات الأداء المشهدي، ويعيد عبر سيميائية الجسد صياغة معنى الأنوثة: فتساقط شعر حورية يقابله تضامن شعري وجسدي من صديقتيها، يجسد تفكيكاً رمزياً لمعيارية الجمال ويؤسس لأنوثة بديلة قائمة على الوعي والمشاركة الوجدانية.
"لن نتركك وحدك... من اليوم كلنا بلا شعر، لكن بكرامة كاملة."
في لحظة شعرية داخل النص، تستعيد البطلة صوتها عبر القصيدة، ويتحول الشعر إلى ممارسة تطهيرية ومقاومة داخلية. ويكشف الحوار مع ريحانة عن توتر بين الإبداع والتمركز حول الذات، مما يعكس تفاوتاً في درجات النضج بين الوعي الأدبي والنفسي. ينتهي الفصل بحركة دائرية من النشوة إلى الحزن، في استدعاء رمزي لهشاشة النفس أمام المرض، حيث لا يلغي البحر الألم، بل يحتويه ضمن أفق كوني أوسع. يمثل هذا الفصل ذروة رمزية في الرواية، يركب فيه النص عناصر الجسد، و الذاكرة، و الطبيعة، والشعر ضمن سردية نسوية شفائية تتجاوز التوثيق، نحو مساءلة عميقة لمفهوم الحياة داخل تجربة الألم.
الهوية المتصدعة والمرآة القاسية يندرج الفصلان السادس عشر ( انا .لست أنا) والسابع عشر ( الحلم)في مسار السردية النفسية الرمزية للرواية، ويعكسان ذروة التمزق الوجودي الذي تعيشه "حورية" على تخوم المرض، بين تهشيم الهوية الجسدية وتجربة الموت الرمزي.
ففي الفصل السادس عشر، "أنا. لست أنا"، تتجلى حالة التنافر الذاتي في صورة امرأة لا تتعرف على جسدها. تشكل المرآة هنا استعارة للانكشاف العاري، حيث يتصدع تصور الذات أمام تساقط الشعر وتغيّر الملامح. تتكرر ثنائية (أنا/لست أنا) كعلامة على تشظي الهوية، والاغتراب عن الجسد كمسكن مألوف. السرد يوظف خطاباً داخلياً شجياً ، تتحول فيه المرآة من أداة تأمل إلى شاهد على الاندثار.
الرنين المغناطيسي كطقس عبور ميتافيزيقي أما الفصل السابع عشر، "الحلم"، فيتجاوز عتبة المرض الجسدي إلى تجربة موت رمزي، تستحضر عبر تصوير الرنين المغناطيسي. يتحول هذا الجهاز إلى فضاء قبر رمزي، تمتزج فيه الأصوات، والضوء الأزرق، والكوابيس، باستدعاءات دينية (الكفن، نكير ومنكر)، لتكوين مشهد حلمي ثقيل بالرموز. يفتح الحلم هنا مساحة للاوعي، حيث تتداخل الحياة بالفناء، والرغبة بالخلاص. الشعرية الرمزية والتكثيف التأويلي يعتمد السرد في كلا الفصلين على لغة عالية الشحنة الرمزية، تتخللها صور حسية (الطين، الغيوم، الدلو المثقوب، ظل الذات) تستدعي بعداً تأملياً . الخطاب الديني يحضر كتناص مع الرهبة، لا الخلاص، في توظيف يعمق من أثر الوجود على حافة العدم.
حيوية الرغبة في النجاة ورغم تصاعد الرموز الموتية، تظل البطلة مدفوعة برغبة دفينة في الحياة: التشبّث بالأدعية، توق الشفاه للهواء، وحنين غامض إلى الآخر. هنا يتبلور الصراع بين الرغبة في الرحيل، ونداء الحياة الذي لا يخبو كلياً... يقدم الفصلان لوحة داخلية مكتظة بالتوتر، حيث تكتب تجربة المرض لا كحدث بيولوجي، بل كتحول وجودي يعيد صياغة العلاقة بين الجسد، الوعي، والكون. عبر تكثيف سردي وشعري، ترتفع الرواية من البوح الفردي إلى تأمل إنساني في هشاشة الكينونة.
يندرج الفصل الثامن عشر "الحج إلى القبور" و الفصل التاسع عشر "استئصال الثدي" ضمن سردية نسوية تستبطن الألم بوصفه تجربة وجودية وجندرية. إذ تتحول زيارة قبر الأم إلى طقس حميمي يستدعى فيه الحنين والأمان، في مقابل غرفة العمليات التي تجسد تهديداً لهوية "حورية" الجسدية والرمزية.
استئصال الثدي يتجاوز بعده الطبي، ليُكتب كفقد وجودي، يكشف عن تقاطعات السلطة الجسدية، الاجتماعية، والذاتية. فالجسد الأنثوي يعاد تموضعه كحقل مقاومة، تواجه فيه البطلة معايير الأنوثة النمطية وتعيد بناء وعيها بذاتها.
يعتمد السرد على مونولوج داخلي وتكثيف بلاغي (المفارقة، المجاز)، حيث تتجاور المقبرة والمقهى، الألم والتسطح، في مفارقات تظهر تناقض التجربة الإنسانية. يمثل هذين الفصلين ذروة التحول في وعي البطلة، وتعيد من خلالها الرواية مساءلة العلاقة بين الجسد والهوية، عبر كتابة تحفر في العمق النفسي للمرأة المريضة/المقاوِمة.
الحب والقمع: بين العاطفة والسلطة يتأسس التحليل في هذا القسم على تقاطع العاطفة والقمع كما يتجليان في الفصلين : العشرين ("الحب") والحادي والعشرين ("الاعتقال") من رواية حورية والوحش. يشكل هذان الفصلان لحظة سردية مفصلية، تنكشف فيها الهوة الحادة بين ذروة الوجد العاطفي والانتهاك المؤسساتي، ما يكشف عن وعي نقدي يزاوج بين الحميمي والسياسي.
في الفصل العشرين، يقدم الحب كخبرة تطهيرية تعيد تشكيل الذات وتقاوم آثار التمزق الجسدي والنفسي. تتداخل الرموز البلاغية (اليمامتان ، زهرة الأوركيد، تمثال الشمع) لتنتج خطاباً رمزياً حسياً يماثل بين التجربة العاطفية والتجلي الصوفي، حيث تستعاد الأنثى كمركز للانبعاث، ويعاد للرجل موقعه كفاعل معنوي، ضمن علاقة تحاكي توازناً كونياً مفترضاً ...
في المقابل، يقدم الفصل الحادي والعشرون خطاباً مناقضاً يتسم بكثافة توثيقية وواقعية، من خلال تجربة الاعتقال العبثي التي يتعرض لها "معز". يفكك النص آليات العنف المؤسساتي، حيث يختزل الجسد إلى موضوع للاستجواب والتشييء، ويجرم الفكر لمجرد انتمائه إلى الحلم. يتحول السرد هنا إلى فضاء بوليسي يعكس هشاشة الحريات الفردية أمام منظومة قمعية لا تعترف لا بالحب ولا بالفكر.
ينتج هذا التوازي بنية سردية ثنائية: الفصل العشرون: فضاء للحضور، التعافي، والعاطفة المستعادة؛ الفصل الحادي والعشرون: فضاء للفقد، التشييء، والانتهاك الرمزي للجسد والمعنى.
بهذا البناء، تبلور الرواية موقفاً أخلاقياً حاداً يرى في الحب طاقة خلاصية، وفي القمع تهديداً جوهرياً للكرامة الإنسانية. وتعيد مساءلة إمكانات الأمان العاطفي في غياب العدالة، مؤكدة أن الذات لا تصان بالمشاعر وحدها، بل بالضمانات القانونية التي تحمي الجسد والكرامة.
تحولات الصداقة والمنافسة الثقافية ينبني الفصل الثاني والعشرين على دراسة دقيقة لتحولات العلاقة بين "حورية" و"ريحانة"، حيث تنتقل من إطار تضامني أنثوي إلى علاقة تنافسية مشبعة بالتوتر والغيرة المقنعة. تقدّم "ريحانة" في هذا الفصل بوصفها نموذجاً لصورة "الصديقة-الخصم" (Frenemy)، وهي علاقة مشروطة تتراوح بين المساندة الظاهرية والرغبة الخفية في الإقصاء.
يوظف السرد آليات تحليل نفسي ناعم لتفكيك هذه العلاقة، كاشفاً أن طموح ريحانة المهني والثقافي لا يستند إلى منجز ذاتي متين، بل إلى محاولة ملء فراغ غياب حورية، وإعادة تشكيل المجال الرمزي وفق نزعة فردية مفرطة.
العنوان "الريحان ينقلب شوكاً " ليس مجازياً فحسب، بل دال على انهيار قيم التآزر والوفاء تحت ضغط الأنا المتضخمة. تعيد الرواية بذلك طرح سؤال مشروع الشرعية داخل الحقل الثقافي: هل يكتسب عبر الاجتهاد والاعتراف المتبادل؟ أم عبر الاستحواذ الظرفي الذي ينهار أمام اختبار الجمهور؟
ثنائية الألم والانبعاث بين الفردي والجمعي ينخرط الفصلان الثالث و العشرين(اليد الواحدة .. قد تصفق)و الفصل الرابع و العشرين (اي معجزة ستنجيك يا كبدي )من الرواية في معالجة سردية متقاطعة لثنائية الألم الجسدي والظلم الاجتماعي، من خلال تجربتين متوازيتين: استئصال الثدي لدى "حورية" واعتقال "معز" ظلماً...
في الفصل الثالث والعشرين، يتحول جسد المرأة المبتور إلى فضاء لإعادة بناء الذات ضمن رؤية نسوية مقاومة، حيث يقدم الألم لا كمأساة بيولوجية، بل كبنية رمزية تستولد المعنى. يعاد تشكيل مفهوم الأنوثة خارج معايير الجمال التقليدية، ليغدو "النهد الواحد" علامة على الاستمرار، والكتابة فعلاً للشفاء والتجاوز.
أما في الفصل الرابع والعشرين، فتستعاد صورة المجتمع القامع من خلال مأساة الطالب المعتقل، حيث يقدم "عمر" كأب ممزق، وكمواطن عاجز أمام عدالة مختلة. يمثل الإفراج عن "معز" لحظة "تفريج" سردية تعيد ترميم العلاقة بين الخاص والعام، بين الذاتي والسياسي. تكشف الرواية، من خلال التوازي البنائي بين الحدثين، عن قدرة الإنسان – والمرأة تحديداً على الانبعاث من رماد الجراح، عبر التضامن، الوعي، واستعادة الصوت السردي. ويظهر الجسد، كما المؤسسة، كساحة صراع رمزي، تنتهي فيه المحنة بانفتاح على أفق أكثر إنسانية وعدالة.
من الجرح الفردي إلى الفعل الجماعي ينتقل السرد في الفصلين الخامس والعشرين(العودة ) والسادس والعشرين(ميلاد ودادية مرضى السرطان )من مرحلة التلقي السلبي للألم إلى لحظة تحول وجودي تنبع من عمق التجربة النسوية مع الجسد والمجتمع. تتجلى عودة "حورية" إلى فضاء "الركن النير" بوصفها فعلاً استعادياّ ، يتجاوز الشفاء الجسدي نحو إعادة بناء الذات عبر الثقافة والمشاركة، في ما يمكن وصفه بـ"السرد الشفائي" (healing narrative) الذي يؤطر الجرح باعتباره نقطة انطلاق، لا مجرد نهاية مأساوية.
يطرح هنا فهماً ما بعد حداثي لوظيفة الأدب، لا كحقل نخبوي مغلق، بل كأداة للتعبير الجماعي والتضامن الاجتماعي. يظهر ذلك في تأسيس "الودادية"، التي تمثل انتقالًا من الذات المتألمة إلى الآخر/الجماعة، في مقاربة تستند إلى مبدأ "التمكين عبر التجربة" كما في أدبيات السرد الذاتي النسوي. تتوزع الأدوار بين المثقفين والناشطين، في حراك سردي يدمج الرمزي بالميداني.
كما يسجل تطور لافت في العلاقات النسوية داخل الرواية، حيث تتحول علاقات التوتر السابقة بين "حورية"، "خير زاد"، و"ريحانة" إلى تحالف تضامني يعلي من قيمة العمل المشترك، مكرساّ نموذجاً نسوياً بديلاً يتجاوز ثنائية التنافس والانكسار إلى التكافل والبناء…
الكتابة كخلاص صوفي
يتّسم الفصل الأخير (الورقة الأخيرة .. لن تسقط) بطابع رؤيوي رمزي يبتعد عن السرد التقريري ليقترب من الكتابة الصوفية ذات النزوع الحلولي، حيث تتماهى البطلة مع رمز "الشجرة"، بما تحمله من دلالات كونية: الجذور، الثبات، والخصب. هذه التماهيات تتناغم مع مفهوم "الحلول" كما يستثمر في التصوف الإسلامي ،لا سيما عند ابن عربي حيث تذوب الذات الفردية في الكينونة الكونية، ويغدو الجسد بوابة للسمو لا للخذلان.
تتحقق ثنائية الحضور/الغياب، وهي ثنائية مركزية في أدبيات المقاومة الرمزية، لتطرح سؤالاً حول معنى الخلود في الذاكرة الجمعية، لا في الجسد الفاني. إذ بينما تسعى "حورية" إلى الانصهار مع الطبيعة، يحاول "عمر" الإمساك بحضورها المحسوس، في صراع تأويلي حول الحب والزوال.
تتسع الوظيفة الشعرية للغة في هذا الفصل، حيث تتحول الاستعارات والمجازات إلى أدوات تأويلية تعيد بناء الواقع لا تمثيله، و يغدو الجمال الأنثوي معادلاً رمزياً للحياة المستمرة رغم الفقد.... تشكل هذه الفصول الثلاثة الأخيرة ذروة سردية تتحول فيها الأنثى من كيان هشّ إلى ذات خلاقة، ومن الفردية المتألمة إلى التضامن الجماعي. كما تعيد الرواية تأطير الجسد بوصفه موقعاً للمعنى لا للمأساة، وتكرس الأدب كفعل مقاومة واستمرار، لا مجرد تمثيل للحظات الانكسار...
الموقع الجمالي والنظري للرواية في السياق النسوي العربي
يتبلور البعد التحويلي لرواية حورية والوحش بجلاء حين تقرأ في أفق المقارنة مع نصوص سردية أعادت كتابة الحكاية الخرافية ذاتها، كما في رواية Beauty: A Retelling of the Story of Beauty and the Beast لروبن ماكنلي، التي تمنح البطلة صوتاً داخلياً وتعيد موضعتها كذات فاعلة داخل منظومة أبوية متزعزعة. غير أن حورية والوحش لا تكتفي بإعادة توزيع الأدوار أو تفكيك ثنائيات الحكاية الأصلية، بل تنفتح على توتر خلاق بين الامتثال والمقاومة، بين الوفاء للتقاليد والانزياح عنها، ما ينتج سرداً ذا كثافة رمزية عالية، يتجاوز الإطار الخرافي ليؤسس لفضاء سردي تشظي تتقاطع فيه الأسئلة الوجودية مع البنى الجندرية، و تستثمر فيه أدوات التفكيك والنقد النسوي دون الوقوع في الحسم الأيديولوجي أو التنميط الخطابي.
بهذه الكيفية، تساهم الرواية في إثراء السرد النسوي العربي بوصفها مشروعاً كتابياً يزعزع مركزية المعنى ويعيد إنتاج الذات الأنثوية في صيرورة لغوية غير مكتملة، حيث الجندر لا يقدم كجوهر، بل كأداء تتقاطع فيه اللغة مع الجسد واللاوعي. وإذا كانت رواية "الباب المفتوح" للكاتبة لطيفة الزيات تموضع الذات الأنثوية داخل خطاب تحرري اجتماعي صريح، فإن حورية والوحش تنقل تلك الذات إلى تخوم التفكك و اللايقين، حيث تتحول الهوية إلى سؤال مفتوح لا يبتغي الاستقرار بل المراوغة. وفي مقابل المنفى الجسدي والصمت الحاد الذي يوسم أدب هدى بركات، تستعيد هذه الرواية الجسد بوصفه أثراً لغوياً قابلاً للانتهاك والكتابة في آن، بينما تتجاوز البعد الإيروتيكي الطاغي في سرديات أحلام مستغانمي إلى أفق شعري وجودي يتوسل الغواية لا من أجل المتعة، بل بغية كشف الندبة وتأويل اللامرئي .
هكذا تتجلى حورية والوحش لا كمجرد إعادة كتابة نسوية، بل كخطاب سردي معقد، يعيد مساءلة تمثيلات الجسد، ويقوض سرديات الهيمنة، ويقترح تموضعاً جديداً للأنوثة في المتخيل السردي العربي. بهذا المعنى، تشكل حورية والوحش إسهاماً نوعياً في إعادة تشكيل السرد النسوي العربي من الداخل، ليس عبر تقديم صورة بديلة للمرأة أو استبدال ثنائية الهيمنة/الخضوع بثنائية معكوسة، بل من خلال تفكيك بنية التمثيل ذاتها، وكشف أن كل صورة هي نتاج لغوي هش، وأن الذات الأنثوية لا تمنح سلفاً، بل تتشكل وتتفكك داخل فضاء الكتابة بوصفها أثراً دالاً لا جوهراً مكتملاً . فالرواية تشتغل على تخوم اللغة والجسد، الرغبة والصمت، لتؤسس خطاباً سردياً يتجاوز التقريرية النسوية إلى أفق تأويلي مقلق، تنصهر فيه الأدائية الجندرية مع الهشاشة الوجودية، وتعاد فيه مساءلة الذات بوصفها فعلاً تأويلياً لا يكتمل.
#فاطمة_عبدالله (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفكيك النبوءة و تأنيس الرؤيا : دراسة نقدية في شعرية د.مرشدة
...
-
قراءة نقدية في الديوان الشعري( رقصات الصمت تحت جنح الظلام) ل
...
-
قراءة نقدية تفكيك البنية الرمزية و الاستراتيجيات الحداثية في
...
-
الرمزية والجمال الوجودي في حوار الأزهار/ قراءة نقدية
المزيد.....
-
شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد
...
-
الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
-
فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة
...
-
طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني
...
-
بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي
...
-
كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا
...
-
مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك
...
-
بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص
...
-
المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق
-
خطه بالمعتقل.. أسير فلسطيني محرر يشهر -مصحف الحفاظ- بمعرض إس
...
المزيد.....
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
المزيد.....
|