|
البرهان والتفريط في السيادة الوطنية
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 11:22
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
1
جاء في اخبار السودان نقلا عن موقع “ريزو أنترناسيونال” الفرنسي عن مصدر مطلع أن مصر اتخذت خطوات استباقية في المفاوضات السعودية المصرية لضمان مصالحها الوطنية، من بينها عقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، حيث تم التوافق على اعتبار مثلث حلايب جزءاً من الأراضي المصرية. ووفقاً للمصدر ذاته، فإن البرهان تجاوز صلاحياته الدستورية وتخطى البرلمان السوداني، حين خاطب لجنة المفوضية القومية للحدود التابعة لمجلس السيادة في 11 مايو 2025، مطالباً باعتماد خريطة تُدرج المثلث ضمن الحدود المصرية، وذلك في سياق التحضيرات لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع الجانب السعودي.علما بأن مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد سودانية كما أوضحت الخرط القديمة، ومحوراً أساسياً في الخلاف الحدودي بين مصر والسودان، نظراً لما يمثله من أهمية استراتيجية بالغة لمصر، سواء من حيث الموارد الطبيعية أو الموقع الجغرافي المطل على البحر الأحمر. 2
هكذا يستمر تفريط حكومة الانقلاب العسكري في السيادة الوطنية، فهي ليس لها الشرعية في تقرير الحدود بين البلدين. كما اشرنا سابقا، أن نضال الشعب السوداني من أجل السيادة الوطنية وحرية واستقلال السودان معروف منذ الثورة المهدية التي حررت البلاد من الاحتلال التركي المصري في 1885، وثورة الاستقلال في 1956 التي حررت البلاد من الاحتلال البريطاني المصري، وجاء استقلال السودان بعيدا عن أي أحلاف عسكرية.. كما رفض شعبنا المعونة الأمريكية المشروطة في فترة الديمقراطية الأولي، وقاوم انقلاب عبود الذي فرط في السيادة الوطنية بإغراق مدينة حلفا التاريخية، حتى قامت ثورة أكتوبر 1964 ، وبعد انقلاب 25 مايو 1969 ، قاوم شعبنا "ميثاق طرابلس" بين مصر والسودان وليبيا، والذي تدخل في شؤون البلاد الداخلية ، وبعد ذلك اتفاقية الدفاع المشترك ، ومشاركة نظام النميري في مناورات قوات النجم الساطع بقيادة امريكا، وتحويل السودان لمركز للاستخبارات الأمريكية في أفريقيا ، وترحيل اليهود الفلاشا من السودان لاسرائيل، وقاوم شعبنا نظام النميري حتى تمت الاطاحة به في انتفاضة مارس- أبريل 1985. 3 بعد انقلاب الاسلامويين في يونيو 1989 ، رفض شعبنا الانقلاب وتفريطه في السيادة الوطنية، وتدخله الارهابي في شؤون الدول الأخري، ومسؤوليته في احتلال حلايب وشلاتين من قبل النظام المصري ، والفشقة من النظام الاثيوبي ، ودوره في فصل الجنوب بعد اتفاقية نيفاشا، واشعال نيران الحرب في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، مما ادي للتدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للبلاد ، وتفكيك الجيش السوداني ، وقيام مليشيات " الجنجويد"، وكان من نتائج ذلك ابادة 300 ألف مواطن في دارفور وتشريد 3 مليون مواطن، وقرار محكمة الجنايات الدولية بتسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية. رفض شعبنا قرار نظام البشير في مارس 2015 بمشاركة السودان في الحلف العربي – الإسلامي لحرب اليمن بقيادة محورالسعودية والإمارات ومصر، وقرار ارسال مرتزقة سودانيين للمشاركة في حرب اليمن ، علما بأن السودانيين كانوا يرسلون معلمين لنشر العلم والمعرفة في اليمن!!، وبدل من رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري ، والمطالبة بحل المشكلة سلميا في اطار الأمم المتحدة ، زج البشير بقواتنا في محرقة الحرب في اليمن ، في حرب لا ناقة ولا جمل فيها لشعب السودان. كما فرط البشير في السيادة الوطنية وفتح ابواب البلاد علي مصراعيها للنشاط الارهابي ، كما في انشاء المؤتمر الشعبي الاسلامي في تسعينيات القرن الماضي الذي جمع كل صنوف الارهابيين المتعددي الجنسيات مثل : بن لادن ، وكارلوس ، وغيرهم من الارهابيين المصريين والليبيين، والفلسطنيين ، والأفارقة ومنظماتهم " بوكو حرام ، الشباب الصومالي . الخ"ل ، وتفريخ جامعة افريقيا لهم وارسالهم للبلدان الافريقية. وتمّ فتح البلاد للشركات ولرجال الأعمال الفاسدين من الإسلامويين وغيرهم ، الذين نهبوا ثروات البلاد من عائدات الذهب والبترول التي تقدر بمليارات الدولارات وتهريبها خارج السودان، وتدمير الغطاء النباتي بالقطع الجائر للاشجار ، والصيد البري الجائر، وفتح الباب للاستثمارات السعودية والإماراتية. الخ للاستثمار المجحف ، وضد أصحاب المصلحة من المزارعين والرعاة السودانيين ، وبعقود ايجار يصل بعضها لملايين الأفدنة، وفترات زمنية تصل إلي 99 عاما!!، وتم تقدير الاستثمارات السعودية والاماراتية بعشرات مليارات الدولارات لإنتاج القمح والبرسيم وبقية الحبوب وتصديرها للاستهلاك المحلي في تلك الدول ، في استنزاف للمياه الجوفية ، وعدم تخصيص جزء من العائد لتنمية مناطق الانتاج، وتشغيل العمالة المحلية، وتوفير خدمات التعليم والصحة والمياه والكهرباء والطرق والبنيات التحتية. كل ذلك في تفريط بشع وفاسد من نظام المؤتمر الوطني ورموزه، إضافة لاطماع الإمارات في الموانئ السودانية ، حيث قاوم عمال الشحن والتفريغ مؤامرة تأجير الميناء الجنوبي، حتى تم الغاؤها، كما تم ابعاد الاتراك عن ميناء سواكن. 4 كان من المفترض بعد نجاح ثورة ديسمبر 2018 إلغاء كل تلك الاتفاقات التي فرطت في السيادة الوطنية ، ولكن التسوية أو " الهبوط الناعم " في الاتفاق الذي حدث بضغط ابوظبي والرياض والقاهرة وأمريكا والاتحاد الاوربي.الخ، أدي الي التفريط في السيادة الوطنية، كما في الفصل الأول من الوثيقة الدستورية التي تمّ التوقيع عليها، نصت علي الزامية المراسيم التي أصدرها المجلس العسكري منذ 11 أبريل 2019 حتى يوم التوقيع علي الوثيقة ، ومن ضمن هذه المراسيم ذلك الذي أصدره المجلس العسكري باستمرار مشاركة السودان في حرب اليمن. بالتالي ابقي المجلس العسكري علي اتفاقات السودان العسكرية واستمراره في محور الإمارات – السعودية – مصر" ، والحلف العربي الإسلامي لحرب اليمن ، واستمرار التدخل في شؤونها الداخلية ، ودخول السودان طرفا ضد ايران ، مما يفقد البلاد استقلالها وسيادتها الوطنية، واستمرار وجود السودان ايضا في القوات العسكرية الأفريقية " الآفرو- كوم" ، والقواعد العسكرية والتعاون الاستخباراتي والأمني لمصلحة أمريكا وحلفاؤها في المنطقة ، هذا اضافة للابقاء علي القوانين المقيدة للحريات وقانون الأمن ، وقوات الدعم السريع ، وبقية المليشيات والتنظيمات الارهابية، وهيمنة المجلس العسكري في الاتفاق ليضمن استمرار مصالح تلك الدول التي ضغطت لتوقيع الاتفاق ، بهدف قطع الطريق أمام ثورة شعب السودان والتحول الديمقراطي فيه ، والذي يؤثر علي مصالح تلك القوى في المنطقة ، إضافة لضمان استمرار نهب موارد البلاد وأراضيه الزراعية ، ونهب الذهب والسيطرة علي عائداته خارج وزارة المالية. كما فرطت حكومتا الشراكة بعد الوثيقة في السيادة الوطنية كما في عدم ضم شركات الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع لولاية وزارة المالية، وتجاهل حمدوك لمقررات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي، والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي القاسية في الخصخصة ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء والتعليم والصحة والدواء، مما هدد الإنتاج الزراعي وتوفير الغذاء والاعتماد على الهبات والمعونات الخارجية والصناعي والحيواني والمزيد من التبعية والخضوع لإملاءات الخارج ، كما في التطبيع مع الكيان العنصري الصهيوني الذي يواصل حاليا اعتداءاته على غزة، وتجويع سكانها بهدف تهجيرهم وابادتهم، و قبل ذلك القدس بدعم امريكي والدول المطبعة مع الكيان العنصري الصهيوني ، ودفع حمدوك مبلغ 335 مليون دولار عن جرائم إرهاب ليس مسؤولا عنها شعب السودان، والموافقة على اتفاق جوبا بتدخل خارجي ، والذي تحول لمناصب ومحاصصات ومسارات تهدد وحدة السودان كما في رفض مكونات من الشرق والوسط والشمال لها. بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي قاد للحرب الجارية حاليا، استمر التفريط في السيادة الوطنية، كما في تدخل المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب، بهدف نهب ثروات البلاد، تقسيمها، كما في قيام حكومتي بورتسودان ونيالا غير الشرعيتين، اللتين تهددان بإطالة أمد الحرب وتقسيم البلاد. وأخيرا جاء اقرار البرهان أراضي سودانية تابعة لمصر استمرارا في التفريط في السيادة الوطنية، ونهب ثروات البلاد، مما يتطلب مواصلة المقاومة حتى وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، واسقاط حكومتي الانقلاب غير الشرعيتين، وقيام الحكم المدني الديمقراطي وانجاز مهام الفترة الانتقالية، وقيام علاقات خارجية متوازنة.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكراه ال ٧٩ كيف كانت نشأة الحزب الشيوعي امتدا
...
-
الذكرى السادسة للتوقيع على الوثيقة الدستورية
-
الذيمقراطية مفتاح الحل
-
بمناسبة مرور ٥٤ عاما على صدور وثيقة حول البرنامج
-
في ذكرى رحيله ال ٢٠ الوحدة في منظور جون قرنق
-
مبادرة فرع عطبرة واستمرار الافتراء كذبا على الحزب الشيوعي
-
التصعيد لوقف الحرب لا ينفصل عن مطالب الجماهير اليومية
-
حديث مناوي وتزايد خطر تقسيم السودان
-
تعقيب على د. عبد المنعم مختار
-
في ذكرى تأسيسه ٧٩ كيف ارتبط الحزب الشيوعي بالواقع
...
-
الذكرى ال ٧٩ لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
-
الذكرى ال ٣٤ لحرب الخليج
-
ما هي سمات المنهج الماركسي؟
-
الماركسية ودراسة الواقع
-
تعقيب على عماد حسب الرسول الطيب
-
بعد تأجيل اجتماع الرباعية ما زال مفتاح الحل في الداخل
-
في ذكرى رحيل جون قرنق كيف تراجعت الحركة الشعبية من هدف الوحد
...
-
أكدت التجربة أن الانفصال ليس الحل
-
الرباعية وخطر التسوية الهشة
-
حكومتان وتزايد خطر تقسيم السودان ونهب ثرواته
المزيد.....
-
حطم الباب وهرب.. خروف يكسب حريته بعد فراره من جزار بطريقة اس
...
-
فيديو منسوب إلى حفيدة الخميني نعيمة طاهري.. ما حقيقته؟
-
-إسرائيل الكبرى-.. الأردن يرد على تصريحات نتنياهو: خطاب تحري
...
-
قبيل لقائه به.. ترامب يهدد بوتين بـ-عواقب وخيمة - ويحاور قاد
...
-
صدام حفتر نائبا لأبيه .. مشروع توريث يعقد المشهد الليبي المن
...
-
صحفيو جنوب أفريقيا يرفعون صوتهم من أجل غزة وينعون شهداء الحق
...
-
بالفيديو.. الحرائق في سوريا تعود مجددا
-
تعرف على مستويات الحماية الثمانية في أجهزة آبل
-
لبنان يعيد رسم معادلة السلاح خارج الدولة
-
قنبلة -إسرائيل الكبرى- التي ألقاها نتنياهو
المزيد.....
-
اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون
/ سعيد العليمى
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|