أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - ما هي سمات المنهج الماركسي؟















المزيد.....

ما هي سمات المنهج الماركسي؟


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 17:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


١
أشرنا سابقا إلى خطر الثرثرة الفارغة الطنانة باسم الماركسية، واخذنا عماد حسب الرسول الطيب كمثال للضرر الجسيم الذي يمكن أن يلحقه أدعياء الماركسية امثاله بدلا من العمل الدؤوب لتغيير الواقع، طبعا بديهي بدون تحليل وَصراع طبقي لا يمكن تغيير الواقع، اضافة الى إنكاره منهج الماركسية الذي يجب أن يرتبط بدراسة الواقع بهدف معرفته والعمل لتغييره، وحتى ماركس طالب أخذ خصوصية كل بلد في الاعتبار عندما تحدث عن عدم اقحام اللوحة الخماسية لتطور التاريخ الأوربي على بلدان الشرق عندما تحدث عن نمط الإنتاج الآسيوي السادس في تلك البلدان، أي تحدث عن دراسة واقع كل بلد بذهن مفتوح.
في الدراسات والمؤلفات التي أنجزها كاتب هذه السطور عن تشكيلات ماقبل الرأسمالية وبعدها في السودان، تابعنا تطور نشأة الطبقات والصراع الطبقي وخصوصية نظام الرق والقطاع ونشاة الراسمالية في السودان (راجع تاج السر عثمان الحاج: تاريخ النوبة الاقتصادي الاجتماعي ٢٠٠٣،لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي ٢٠٠٤، التاريخ الاجتماعي لفترة الحكم التركي في السودان ٢٠٠٦،دراسات في التاريخ الاجتماعي للمهدية ٢٠١٠، كما تمت دراسة نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية، راجع تاج السر عثمان الحاج :خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية ٢٠٠٧،الخ) ، فكيف يقول عماد حسب الرسول الطيب أننا تجاهلنا الطبقات والصراع الطبقي في السودان ؟.
تحدثنا كثيرا في دراسات سابقة عن المنهج الماركسي، فما هي سمات المنهج الماركسي؟
٢
ما يميز المنهج الماركسي (الديالكتيك المادي) عن بقية الفلسفات والمناهج السابقة لها أنه لا يسعى لفهم ودراسة الواقع فقط ، بل من اجل تغييره . يقول ماركس: ( كل ما قام به الفلاسفة في السابق هو تفسير العالم بطرق مختلفة، بيد أن المطلوب تغييره) ( ماركس : موضوعات عن فيورباخ، رقم"6". وبالتالي، فإن الماركسية ومنهجها الديالكتيكي المادي لا غنى عنها للمناضلين الثوريين الذين يستهدفون تغيير الواقع وتجديد مجتمعهم الي الأفضل، بعد دراسة وفهم واقعهم.يتوسل المنهج الماركسي للتغيير بدراسة الواقع ، تلك الدراسة المنبثقة من الخبرة والممارسة والتنظيم والنشاط العملي ، فالنظرية ترشد الممارسة والممارسة تغني وتطور وتخصب النظرية.
والمنهج الديالكتيكي كما أشار ماركس في مقدمة الطبعة الثانية لمؤلفه "رأس المال" ( الديالكتيك يتضمن في شموله وحسمه ادراك الحالة القائمة للأشياء ، وفي الوقت نفسه ايضا ادراك معنى تغير هذه الحالة وزوالها الحتمي ، لأنه يعتبر كل شكل اجتماعي متطور تاريخيا في حركة دافقة ، وبذلك يضع في حسبانه طبيعته الانتقالية وبنفس الدرجة وجوده المؤقت ،لأنه لايترك شيئا يفرض عليه ، ولأنه في جوهره ثورى ونقدي).
هذا ويكمن كل الهجوم على الماركسية في هذه النقطة حيث أشارت الماركسية إلى أن التشكيلة الرأسمالية مرحلة عابرة في التاريخ، وأنه من احشاء المجتمع الرأسمالي سوف تبرز قوى التغيير والتي تتمثل في قوى الكدح العضلي والذهني والتي تتعرض للاستغلال الرأسمالي بامتصاص فائض القيمة منها، وأن التناقض الرئيسي في المجتمع الرأسمالي بين الطابع الاجتماعي للانتاج والتملك الفردي لوسائل الإنتاج سوف يحل في المجتمع الاشتراكي الذي ينفي ديالكتيكيا الرأسمالية.
كما يشير انجلز في مؤلفه: "انتي دوهرينغ" ( الديالكتيك يدرك الأشياء وصورها الذهنية ، الافكار، أساسا في علاقاتها المتبادلة ، في تتابعها ، في حركتها ، في ميلادها وفنائها).
كما يتعارض المنهج الماركسي مع الرأي القائل أن الانسان نتاج سلبي للبيئة، بل يؤثر فيها ويعمل على تغييرها، يقول ماركس : إن المذهب المادي الذي يقول أن الناس نتاج ظروفهم وتربيتهم ، وبالتالى ، ان الظروف المتغيرة والتربية المتغيرة ستخلف اناسا متغيرين ، أن هذا المذهب ينسى أن الناس بالتحديد هم الذين يغيرون الظروف ، وان الذي يعلم يجب عليه أن يتعلم هو ايضا (ماركس: موضوعات عن فيورباخ"3" ).
كما يعطى المنهج الماركسي اهمية فائقة للعلاقة المتبادلة بين المادة والوعي ( الواقع والفكر)، المادة تحدد الوعي ولكن للوعى استقلاله النسبي، ويعمل على التأثير في الواقع ويعمل على تغييره، ومن هنا جاء قول ماركس ( ان الافكار تصبح قوة مادية عندما تتملكها الجماهير). كما توصل الحزب الشيوعي السوداني منذ مؤتمره الرابع المنعقد في أكتوبر 1967م، إلى صيغة التطبيق الخلاق والمستقل للماركسية علي واقع السودان من أجل دراسته وفهمه وتغييره ، باعتبار ذلك هو الذي يؤدي إلى تحويل الحزب الشيوعي الي قوة جماهيرية ، وفي تنمية خطوطه السياسية والجماهيرية وفي اكتشاف الأشكال الملائمة للتنظيم.
والواقع أن المنهج الماركسي ينظر للظواهر بذهن مفتوح وبدون تصورات مسبقة ، وهو يعنى دراسة الأشياء كما هي عليه حقا، في علاقاتها المتداخلة وحركتها الحقيقية، أو كما يقول لينين: التحليل الملموس للواقع الملموس. وأن المنهج الديالكتيكي ما هو الا المنهج العلمي في أوسع معانيه.
كون استخدام الحزب الشيوعي السوداني للمنهج الماركسي أو المنهج العلمي ، فإن ذلك لا يعصمه من الاخطاء، ولكن في حالة حدوث الأخطاء يتم تحليل الظروف والشروط التي ادت اليها ونقدها، وبالتالي فإن منهج الديالكتيك نقدي وثوري ولايعرف الحقيقة النهائية.
كما اشرت سابقا، في حالة الخطأ ، فان المنهج الماركسي يؤكد علي ضرورة الاعتراف بالخطأ وتحليل الأخطاء واستخلاص دروسها والتعلم منها بدلا من التستر عليها.
هذا اضافة الي أن المنهج الماركسي لا يدعي أنه يمتلك الحقيقة النهائية والمطلقة، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، المنهج الديالكتيكي أو الماركسي يتعارض مع فكرة الحقيقة النهائية أو المطلقة.فشأنه شأن المنهج العلمي تكون الاجتهادات دائمة التجديد والانفتاح لقبول التحديات و الاستعداد للتخلي عن كل ما هو عتيق عند ظهور ما هو أفضل منه.
والواقع أن اختزال "الديالكتيك المادي" في فترة الجمود النظري في نصوص ذات طابع علمي افرغت الواقع المادي من محتواه، بحيث جعلته في وحدة ثابتة نهائية، اضرت بالمنهج الماركسي وجردته من محتواه العلمي والنقدي، وأصبح اداة لتبرير الواقع بدلا من نقده وتغييره الي الأفضل.
٣
علي أن جوهر المنهج الماركسي هو دراسة الواقع بهدف معرفته للتأثير فيه وتغييره. والواقع أن ماركس وانجلز لم يقدما بيانا منهجيا كاملا عن منهج الديالكتيك المادي أو المنهج الماركسي ، بل استخدما هذا المنهج خيطا هاديا ومرشدا في أبحاثهما ودراساتهما، وتوصل ماركس وانجلز في مؤلفهما "الايديولوجية الألمانية" إلى اكتشاف المفهوم المادي للتاريخ، والذي وصفه انجلز على قبر ماركس: أنه مثلما اكتشف دارون قانون تطور الانواع بالانتخاب الطبيعي، اكتشف ماركس قانون تطور المجتمع البشري.
كما استخدم ماركس المنهج الديالكتيكي والمفهوم المادي للتاريخ في مؤلفه (رأس المال):وبعد دراسة باطنية شاقة وملموسة لتطور الرأسمالية في انجلترا والتي وصلت القمة في المجتمعات الرأسمالية يومئذ، اكتشف ماركس قانون فائض القيمة الذي وضح جوهر الاستغلال الرأسمالي. بهذين الاكتشافين تحولت الماركسية إلى علم ، والعلم لا يعرف الحقيقة النهائية. وبعد ماركس جاء إسهام لينين الذي فسر الظواهر الجديدة التي أفرزتها الرأسمالية في المرحلة الاحتكارية، كما أسهم غرامشي في تطوير الماركسية من خلال التركيز على دور البنية الفوقية واستقلالها النسبي، ودور العامل الثقافي في التغيير ..الخ.
٤
قامت الماركسية علي نقد الرأسمالية، وطالما ظلت الرأسمالية قائمة بكل ركائزها، فإن مشروعية النقد تظل قائمة، وبالتالي لايمكن تجاوز الماركسية لأن الظروف التي ولدتها مازالت قائمة ، كما كان يقول الفيلسوف الفرنسي سارتر، وبالتالي مهم تكثيف نقد الواقع الرأسمالي المشوه الذي نشأ في السودان، باحصاءات دقيقة، وتوضيح التفاوت في توزيع الثروة والتفاوت في التطور بين الأقاليم المختلفة والتفاوت في النوع ..الخ، كل ذلك ضروري من اجل التنمية المتوازنة بين اقاليم السودان المختلفة، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وتوفير احتياجات الناس الأساسية (تعليم، صحة، خدمات" مياه، كهرباء.. الخ" ، وتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل،.. الخ. فكلما كثفنا النقد للواقع الرأسمالي المؤلم في البلاد باحصاءات دقيقة ، كلما اقتربنا من جوهر المنهج الماركسي.
٥
خلاصة ما نود أن نقوله أن المنهج الماركسي أو منهج الديالكتيك المادي، يدرس الواقع من اجل فهمه واستيعابه وتغييره، وأنه يعتمد علي الدراسة الباطنية الملموسة، على الارض، للواقع، واستخلاص نتائج من الواقع لا من تصورات ذهنية مسبقة، ويتعامل مع الظواهر والمستجدات في الطبيعة والمجتمع بذهن مفتوح، ويخصب بالحوار، دون الاستعلاء، مع التيارات السياسية والفكرية الأخرى، وأنه في جوهره نقدي وثوري، كما أنه لا يدعي الحقيقة المطلقة والنهائية، وهو ينظر للظواهر في شمولها وحركتها وتغيرها الدائم، وهو طريقة في البحث ، ويصل للحقائق من الواقع و بذهن مفتوح ، ولا يخضع الواقع للنظرية، بل تخضع النظرية للواقع، النظرية ترشد الممارسة والممارسة تغنى وتخصب النظرية، كما يأخذ في الاعتبار الخصائص والظروف التاريخية لكل بلد في الاعتبار، وأن هذا المنهج يتم تطبيقه تطبيقا خلاقا ومستقلا حسب واقع وظروف كل بلد، بالتالي هو في جوهره المنهج العلمي في أوسع معانيه



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية ودراسة الواقع
- تعقيب على عماد حسب الرسول الطيب
- بعد تأجيل اجتماع الرباعية ما زال مفتاح الحل في الداخل
- في ذكرى رحيل جون قرنق كيف تراجعت الحركة الشعبية من هدف الوحد ...
- أكدت التجربة أن الانفصال ليس الحل
- الرباعية وخطر التسوية الهشة
- حكومتان وتزايد خطر تقسيم السودان ونهب ثرواته
- من اين اكتسبت الطبقة العاملة السودانية الوعي؟
- في ذكراه الثامنة دور هاشم السعيد في الحركة النقابية والوطنية
- تصاعد الصراع من أجل انتزاع حرية العمل النقابي
- تزايد خطر المليشيات
- الرباعية ووقف الحرب وضمان عدم تكرارها
- الحرب وتفاقم تدهور الأوضاع المعيشية والامنية
- كيف فرط البشير والسيسي في مفاوضات سد النهضة؟
- مصالح طبقية تقف حجر عثرة أمام تسليم السلطة للمدنيين
- الذكرى ال ٥٤ لانقلاب ١٩ يوليو ١ ...
- وهم حكومة التكنوقراط وتجربتها خلال فترة نظام مايو
- كيف أسهم انفصال جنوب السودان ففي إشعال ثورة ديسمبر؟
- كيف قاد خرق اتفاقية نيفاشا لانفصال جنوب السودان؟
- وقف الحرب وضرورة التوافق على الحل الداخلي


المزيد.....




- العفو الدولية تطالب نيجيريا بمحاسبة قتلة المتظاهرين
- ماذا تعرف عن الاشتراكي الأخير في بكين الذي يحارب الديمقراطية ...
- العدد 615 من جريدة النهج الديمقراطي
- تـحـيـة وتـهـنـئـة حزب الشعب الفلسطيني في الذكرى الـ 90 لا ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين بتل أبيب
- بيان مشترك.. لفصائل المقاومة الفلسطينية
- كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي في تأبين الر ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28يوليوز 2025
- -الشيوخ- الأمريكي يحبط محاولة بيرني ساندرز لمنع بيع الأسلحة ...
- بلاغ الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - ما هي سمات المنهج الماركسي؟