أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزات رزق - هل سيكون اقتحام السويداء في 13 تموز نهاية أحمد الشرع؟















المزيد.....

هل سيكون اقتحام السويداء في 13 تموز نهاية أحمد الشرع؟


فوزات رزق

الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحديث عن هذا العمل الأخرق الذي قام به أحمد الشرع بتجييش العشائر السورية واقتحام السويداء في الثالث عشر من يوليو/ تموز الماضي بقوات الجيش والأمن العام؛ هذا الحديث يقتضي بنا أن نعود إلى بداية وصول هيئة تحرير الشام والفصائل المنضوية تحت لوائها إلى دمشق بتوافق دولي معروف. فقبل وصول هذه القوات إلى دمشق كانت فصائل السويداء ودرعا قد سبقت إلى دخول دمشق في الثامن من ديسمبر/ أيلول 2024، ما يشير إلى أن جميع القوى الوطنية في سورية كانت أفراس رهان في سبيل الخلاص من نظام الأسد. ولم تبذل هيئة تحرير الشام من الجهد أكثر مما بذله غيرها في هذا المجال، حتى أن القوى الوطنية في السويداء خرجت عن سيطرة نظام الأسد قبل عام ونصف من دخول هيئة تحرير الشام في الثامن من ديسمبر الفائت. وقد شهدت ساحة الكرامة عدداً من الوطنيين السوريين من مختلف المحافظات السورية، وفدوا لمشاركة أبناء السويداء تنديدهم ومطالبتهم برحيل نظام الأسد.

ومنذ الأيام الأولى بدأ النشطاء في السويداء بالتواصل مع سلطة الأمر الواقع كشركاء في صنع هذا النصر الذي ساهم بإزاحة الكابوس الذي تربّع على قلوب السوريين طوال أكثر من نصف قرن. وكانت دمشق منذ بداية حراك السويداء هي القبلة التي يتجه إليها الجميع في ساحة الكرامة، وكان شعارهم الجامع يصرُّ على وحدة الشعب السوري. ومنذ أن بدأ أحمد الشرع بزياراته إلى حلب واللاذقية وطرطوس ودرعا أخذ نشطاء السويداء بمناشدته لزيارة المحافظة، لكنه أعرض صفحاً ولم يلقِ بالاً لهذه المناشدة استكباراً، ولو فعل لوفر تلك الدماء التي سالت في قرى وبلدات الجبل، ولما دُمّر قرابة أربعين بلدة وقرية بعد أن هجر سكانها يتلمسون مأواهم في بيوت من حالفهم الحظ ونجوا من المجزرة.
وحين بدأت حكومة الشرع تتواصل مع السويداء لبسط نفوذها على كامل البلاد، توجهت نحو الهيئات الدينية والزعامات التقليدية، وتجاهلت القوى السياسية الفاعلة التي حملت على عاتقها المشروع الوطني السوري، وترجمته في ساحة الكرامة بشعار: واحد... واحد... واحد. الشعب السوري واحد. ولم يرتفع في بداية الحراك غير هذا الشعار ولم يرفع غير العلم السوري. لكن سلطة الأمر الواقع التي جعلت من الشيخ الهجري خصماً لها، أرادت بذلك أن تسلمه مقاليد الأمور في سورية كي يكون الخصام بين السويداء ودمشق خصاماً طائفياً، وسحبت البساط من تحت جميع من يتعاطون السياسة، وحوّلت خطابها باتجاه الهيئة الدينية متمثلة بمشيخة العقل، دون أن يكون لمشيخة العقل أي دور ساسي في الساحة السورية عامة وفي السويداء بخاصة. وسرعان ما تحول الخطاب بين السلطة في دمشق وبين السويداء إلى خطاب طائفي "سنة ودروز" وأخذوا يتعاملون مع الشيخ حكمت الهجري على أنه الشخصية الدرزية الفاعلة والناطقة باسم الدروز، بعيداً عن القيم الوطنية التي ينبغي أن تحكم العلاقة بين دمشق والسويداء.

وشيئاً فشيئاً بدأت العلاقة تتعقد بين السويداء ودمشق. وهذا طبيعي لأن رجل الدين حين يتعاطى السياسة يخرج من الدين والسياسة بخفي حنين. وعلى الرغم من محاولة النشطاء في السويداء مد جسور التواصل مع سلطة دمشق، وجعل الخطاب بين السويداء ودمشق خطاباً وطنياً بعيداً عن النزوع الطائفي، بيد أن النزعة الدينية الأصولية لدى السلطة في دمشق أبت إلا أن ترى أهل السويداء دروزا لا سوريين. وقد برز هذا النزوع الطائفي بشكل سافر حين كشّرت السلطة في دمشق عن أنيابها بعد هذا الفيديو المفبرك الذي افتعلته السلطة لتبرر ما قامت به من مجازر في الأشرفية وصحنايا وجرمانا. وعلى الرغم من الطابع الطائفي لتلك المجازر التي حصلت، فقد ظلت السويداء بنشطائها وسياسييها على تواصل مع السلطة في دمشق. فقد اشتركوا في الحوار الوطني المزيف على الرغم من قناعة الجميع أن هذا الحوار لم يتعدَّ كونه ذر الرماد في العيون، وتقاطرت الوفود من السياسيين في السويداء إلى قصر الرئاسة في دمشق يقدمون أنفسهم بديلاً عن رجال الدين والزعماء التقليديين. وتعددت المحاولات لعدم قطع هذا الخيط الواهي مع السلطة دون فائدة، حتى كانت الواقعة في الثالث عشر من تموز المنصرم بداية الهجوم على السويداء.
ولن نحاول الدخول في تفاصيل الأسباب التي أدت إلى هذا الهجوم الشرس على محافظة آمنة مسالمة. لكن حكاية الذئب الذي قال للخروف: "ليش عم تعجج" أجابه الخروف: "أنا ما عم عجج لكن أنت متحجج" هذه الحكاية هي التي أوقعت السلطة في دمشق بالفخ. لقد حفرت السلطة بهذا الهجوم الأخرق هوة كبيرة بين دمشق والسويداء لا يمكن ردمها بالكلام المعسول. ومن الغريب أن وسائل الإعلام المحلية والعربية بدأت تتعاطى مع ما حدث وكأنه خلاف بين الدروز والبدو، دون النظر إلى ذلك الحشد الطائفي الذي تجلّى بالفزعة البدوية التي استقطبت العشائر من كل أنحاء سورية للهجوم على السويداء "الكافرة"، ولم يحاول أحمد الشرع ولو بقليل من الدبلوماسية أن يبرئ نفسه مما جرى حينما أعلن بفمه الملآن، ودون مواربة، مباركته لهذه الفزعة البدوية، وأشادته بوطنية هؤلاء الذين خاضوا بدماء مواطنيهم السوريين دون أدنى شعور بالذنب حينما بادروا يصورون بطولاتهم وينشرونها على وسائل التواصل، فخورين بما أنجزوا من بطولات تضمنت حلق الشوارب وإهانة الشيوخ، وقتل الأطفال والنساء.

والشيء المؤلم في الأمرهذا التجاهل الذي اعتمدته جميع محطات الإرسال، وجميع المعلّقين السياسيين الذين مع النظام والحياديين على حدٍ سواء، إذ أن جميع هؤلاء لم يأتوا على ذكر حصار السويداء القاتل لمدة تجاوزات ثلاثة أسابيع وما يزال حتى اليوم، تعطلت فيه جميع الخدمات، وفرغت المحلات التجارية من البضائع. وفقدت الأفران مخزونها من الدقيق. وتعطلت كل حركة تعتمد على الوقود. فالطريق الرئيسي بين دمشق والسويداء وهو الشريان الحيوي الذي يربط السويداء بالداخل ما يزال مقطوعا. فهل خطر ببال أحد من الذين يناقشون الأزمة السورية من المحللين الإستراتيجيين في كل محطات الإرسال؛ هل خطر ببال أحدهم أن يسأل مجرد سؤال: لماذا لم يفتح طريق السويداء دمشق؟ ولماذا يختار الصليب الأحمر والهلال الأحمر طريق بصرى الشام الذي يمتد بطول ما يقارب 200 كم بدلاً من الطريق الرئيسي بين دمشق والسويداء الذي لا يتجاوز 100 كم. وبعيداً عن ذلك؛ فما دامت القوى الدولية قد ساهمت بوقف أطلاق النار، فلماذا بقيت قوات الجيش والأمن العام تحتل القرى الغربية والشمالية من المحافظة، وتمنع المواطنين من لمِّ شهدائهم ودفنهم، عملاً بما جاء في المأثور: "إكرام الميت دفنه". إذ ما زالت جثامين الشهداء موزعة في طرقات القرى التي تحتلها الآن قوى الجيش السوري والأمن العام، تنهشها سباع الفلاة. وهل من نية لتمكين الأهالي من دفن موتاهم؟!

وبالعودة إلى العنوان الذي بدأنا به مقالنا: هل سيكون اقتحام السويداء في 13 تموز نهاية أحمد الشرع؟ في عام 1954 اقتحم الرئيس السوري ذلك الوقت أديب الشيشكلي السويداء. وارتكب فيها مجزرة كبيرة. لا تقل هولاً عما حدث في السويداء هذه الأيام. واللافت أن أول محافظة أعلنت رفضها واستنكارها لاقتحام السويداء هي محافظة حماة موطن أديب الشيشكلي، وتبعتها بقية المحافظات السورية التي هبت بوجه أديب الشيشكلي واضطرته لمغادرة سورية، والأكثر من ذلك فإن من قاد الانقلاب على أديب الشيشكلي هو المقدم مصطفى حمدون ابن حماة. وبعيداً عن السياسة فإن أديب الشيشكلي من ناحية أخرى يحسب له في ذلك الوقت انسحابه من المشهد السياسي. مع أنه كان بإمكانية المقاومة على الأقل وهو يملك جناحا لا بأس به من الجيش السوري، وعلى الرغم مما قام به من مجازر إلا أننا لا بد أن نحسب له أنه جنّب البلاد من مواجهة بين من كان يناصره من قوات الجيش ومن كان ضده. ولدى مقارنة ما حدث عام 1954 بما حدث في هذا العام مع فارق سبعين عاماً، ينبغي أن يكون المجتمع السوري قد قطع في هذا المدة الزمنية الكثير من المراحل باتجاه الاندماج الوطني بدلاً من الاندماج الطائفي؛ غير أن ما حدث كان مفاجئاً لمن يحاول قراءة عجلة التطور. لن نتحدث عما يكتب في وسائل التواصل من تجييش طائفي وحقد دفين من المكونات السورية على بعضها، وما يفعله الذباب الإلكتروني من تأجيج للفتنة؛ لكننا سنتحدث عن الفعل على الأرض. فما عدا بعض الأصوات التي استنكرت وأدانت الهجوم البربري على السويداء من نشطاء ومتنورين سوريين؛ فإننا لم نر مظاهرة استنكار في أي بقعة من سورية. فإذا كان التعتيم الإعلامي قد ساهم في طمس ما يجري في سورية، وتغييبه عن أنظار العالم، فالسوريون كانوا شهوداً على تلك الاستباحة لدماء الأطفال والنساء والشيوخ. أم أن ما سال من أجساد المواطنين في أزقة وشوارع القرى والمدن في محافظة السويداء إنما هو صديد أو مياه فاسدة؟! لقد مضت مجازر الساحل دون إدانة، وبعدها مجازر الأشرفية وصحنايا، وهذه هي مجازر السويداء لم تحرك شعرة في مفرق السوريين إلا من رحم ربي. فإلى أين نحن ذاهبون؟! نحن لا نطالب بمواجهات مسلحة. فقط نطالب بالإدانة لما يجري ليس بحق الدروز، وإنما بحق سورية التي ننتمي لها جميعاً. أم أن السكوت إقرار والساكت عن الحق شيطان أخرس.

من يقرأ المشهد السوري الآن بعين باصرة يستطيع أن يرى أن أحمد الشرع يكتب نهايته بخط يده. فإذا كانت وسائل الإعلام المحلية وبعض وسائل الإعلام العربية تساهم في طمس الحقيقية. فإن العالم اليوم مفتوح بكل الاتجاهات. وما يجري في أي بقعة في العالم يصل إلى أقصى نقطة في الكرة الأرضية بالصوت والصورة. ومهما حاول إعلاميو النظام الذين أتقنوا لعبة إعلاميي نظام الأسد أن يطمسوا ما يجري؛ فهم كمن يحاول أن يغطي وجهه بإصبعه. فالمجتمع الأوروبي والأمريكي والذي فقد بعض مواطنيه في مقتلة السويداء بدأ يقرأ المشهد بصورة جيدة. والعقوبات التي كان من المتوقع أن ترفع عن سورية، أعادها الشرع بيده. لا نقول ذلك تشفياً ولا نحن فرحون. فالشعب السوري هو المتضرر الوحيد مما يفعله أحمد الشرع فهل يدرك السوريون أين يتجه أحمد الشرع بسورية. ليست شعري؟!



#فوزات_رزق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا لست نادماً لكنني حزين ومحبط
- الخيميائي بين استحضار التراث والقيمة المضافة
- هل بتنا في عصر ما قبل الدولة؟


المزيد.....




- مصر.. علاء مبارك وفيديو لوالده عن -المقاومة فوق أشلاء الشهدا ...
- ما خطة نتنياهو العسكرية لاحتلال غزة؟ وكيف ستواجهه المقاومة؟ ...
- وكالة تسنيم: إرهابيون حاولوا اقتحام مركز شرطة سراوان جنوب شر ...
- مقابر القدس تاريخ عريق ينهشه التهويد
- -الحركة العالمية نحو غزة- مبادرة شعبية لكسر الحصار وتعزيز ال ...
- غسل الأموال جريمة مالية معقدة عابرة للحدود
- فيديو لحظة سرقة معدات قناة سعودية في لندن خلال تقرير عن السر ...
- مصر.. إعادة فيديو حماس المحذوف من يوتيوب بعد شكوى وساويرس يع ...
- محمد بن زايد يهنئ أرمينيا وأذربيجان باتفاق السلام
- لندن وباريس تتعهدان بدعم زيلينسكي وتحقيق سلام عادل بأوكرانيا ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزات رزق - هل سيكون اقتحام السويداء في 13 تموز نهاية أحمد الشرع؟